سَرَابُ الأَمَان

23 3 11
                                    

"لا يوجد أمان حقيقي دون ثقة متبادلة، فلا طمأنينة لمن يعيش في شك وريبه."

ابن سينا

في عالمٍ تكتنفه الأسرار وتنسج فيه الظلال خيوطاً من الغموض، تتهادى النفوس بين مد وجزر، تبحث عن ضوءٍ يهدئ روعها ويمنحها الطمأنينة. في هذا الكون الواسع، حيث تتلاطم أمواج الشك والريبة، تتجلى الثقة كواحةٍ خضراء في صحراء قاحلة، وكأنها نجمٌ بعيد يضيء الدروب المظلمة.

في زمنٍ تتسارع فيه الخطى نحو المجهول، يُصبح الأمان ملاذاً يتوق إليه الجميع، ملاذٌ لا يُدرك إلا حين تُسدل الستائر وتنكشف الوجوه عن أقنعةٍ لم تكن تُرى. وكما قال جلال الدين الرومي،

"في قلب الظلام، يكمن الضوء"

فإننا نبحث عن هذا الضوء الذي ينير طريقنا، والذي لا يتحقق إلا بالثقة التي تُمنح وتُكسب، والأمان الذي يُبنى بالحكمة والصبر.

في أدبنا العربي العريق، نجد أن الحكايات تتشابك كخيوط الحرير، تحمل في طياتها أسراراً عن الثقة التي تنمو في قلب الليل، والأمان الذي يُولد من رحم الخوف. في "ألف ليلة وليلة"، تتوارى شخصياتٌ خلف حجب الغموض، تسرد لنا حكاياتٍ من الماضي البعيد، حيث كانت الثقة تُمنح بقطرةٍ من دم القلب، والأمان يُكتب بدماء المحاربين.

ولكن، هل يمكن أن نعيش في عالمٍ لا نعرف فيه معنى الثقة الحقيقية؟ وهل يمكن أن نشعر بالأمان في ظل غياب الوضوح والشفافية والنزاهة؟

هذه الأسئلة تظل معلقةً في هواء الليل، تنتظر إجاباتٍ تخرج من عمق الروح وتجارب الحياة. كما قال الشاعر الفارسي حافظ الشيرازي،

"العالم مليء بالأسرار، ولكن القلوب الشجاعة فقط هي التي تكتشفها".

في هذه الرحلة الأدبية والفكرية، نغوص في أعماق الثقة والأمان، نحاول أن نفهم كيف يمكن أن نصنع من الخوف طمأنينة، ومن الشك يقيناً. دعونا نبدأ هذه الرحلة، نفتح الأبواب الموصدة، ونكشف عن الأسرار التي تحملها الرياح في همساتها الليلية.

**

في غُرفة الذئب، حيث يتداخل ضوء القمر مع ظلال الستائر المخملية الثقيلة، وعلى سريرٍ مصنوعٍ من الحرير الفاخر، تائهةً في ضياع علومهما معًا، تنظر إليه بعيون تتوهج بالفضول، وتبدأ بسؤاله، "إلى ماذا تنظر؟"

"إليك بالطبع. هل هناك غيرك في هذه الغرفة؟" ردّ بصوتٍ يحمل في طياته التحدي والحنان.

"يكفي، ألم تملّ من النظر إليّ؟ هيا، اذهب حيث تشاء."

ابتسم وهو يجيبها، "لم ولن أملّ من النظر إليكِ. هل يمل المحب من النظر إلى محبوبه؟ ولن أذهب، سأبقى معكِ. ثمّ إن تشارلز سيهتم بكلّ شيء."

My Refuge - مُتَنَفَّسِيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن