في أرضٍ بعيدة، فوق التلال الجليدية، يقعُ قصر مزين بتفاصيل تراثية، وتتسلل من نوافذها عزف كمانٍ عميقة؛ لتتغزلُ بالبحيرةِ النائمة، الواقعةِ أمامها...
************************************
وفي الجانب الآخر من تلك البحيرة، تعيشُ فتاةً بسيطة، في قريةٍ خضراء ساحرة، كانت تلك الصبية تتألقُ بفخامة بساطتها، فالكل يعرفها بإبتسامتها الصداقة، محبة للمرح وعاشقة للمغامرة، كانت تقطفُ التوت كل يوم وكأنها تقطفها أول مرة في حياتها، من شدة سعادتها وهي تقوم بذلك، ولكن على الرغم من إشراقة تلك القرية، إلا أن وجود ذلك القصر عند البحيرة النائمة، يفسد صفو سعادة أهالي القرية؛ لكون تلك المنطقة تتساقط فيها الثلوجُ كل يوم، كأن شمسها هي رقاقة ثلجٍ كبيرة، ونارها عواصف قارسة، فكيف لها أن تعترف بوجود شمسٍ من حمم بركانية؟، ولم يسبق لها رؤية نارِ لهيبٍ حارقة.
فحتى وإن نفذ ماء بئر أهل القرية، فإنهم يفضلون العطش على أن يسقوا أرواحهم بماء البحيرة النائمة، وهذا ما حذرت أم تلك الفتاة من أن تفعلهُ يومًا، ولكن بالفعل جاء ذلك اليوم الذي ترا الفتاة أن هناك طابور بلا نهاية عند البئر، فتأففت ووقفت منتظرة ممسكها بدلوها الخشبي الفارغ، لم تطل الوقوف، حتى إتخذت قرار أن دلوها سيمتلئ بماء البحيرة المنهي عنها.فمشت الفتاة بإتجاة السوق الشعبي، الذي بنهايته ستجد أمامها الغابة التي تتواجد بها البحيرة المنشودة، ولكن وهي في منتصف السوق، سمعت صوتًا ينادي عليها من يمينها، فإلتفتت لتجد شابًا بإبتسامة عريضة، فلما حضرت إليه، قال لها بسرور كبير: روجدا، لم أرك منذ مدة، كيف هي أحوالك؟
بنسبةِ لروجدا، هذا الوقت ليس الوقت المناسب للتحدث مع أحدهم، ففضولها يناديها بالفعل، ولكن مع ذلك أبتسمت لذلك الشاب وقالت له: كالعادة إنني ألبي طلبات أمي، وبعد أن أنتهي أتجول في السوق.
فقال لها الشاب باسمًا: ما رأيكِ بصحن مثلجات؛ لتستمتعي به أثناء تجوالك؟
صفقت روجدا بكلتا يديها وأومت رأسها بالموافقة، فقام ذلك الشاب بإعداد لها واحدًا وقدمه لها، فشكرته، وعندما وضعت يدها في جيبها، قال لها: لا لا أنهُ مجاني، بما أنكِ الوحيدة التي في القرية من نفس عمري.
فضحكت روجدا قائلة: أنها ليست أول مرة تعطيني مثلجات مجانية، دعني أدفع هذه المرة.
ولكن الشاب أصر وبشدة على رأيه، شكرته روجدا مجددًا وذهبت بعد أن تبادلا أطراف الحديث لربع ساعة تقريبًا..
وهنا زفرت وإستأنفت طريقها للبحيرة، ودخلت الغابة بهدوء، وبكل حذر خطوةٍ تليها خطوة، للأمام باغية، حتى سمعت صوت صندوق موسيقي خافت من بعيد، فخافت أن تكمل طريقها، ولكن إستجمعت شتات نفسها، أكملت بحذر، حتى رأت من بين الأشجار، بحيرة عادية، ولكن لاحظت ماهو مختلف، فقد رأت أن ذلك الماء راكد ولا يتموج مع تحركات الهواء العليل، وكأنهُ متجمد، رغم أنه ليس كذلك، فإقتربت منه، وجلست تنظر لإنعكاسها، الصافي وكأنه مرآة.
أنت تقرأ
نهضة الحُكم الراكد
Historical Fictionتصادم سيوف....صوت دبيب أرجُل الخيول..... في معركةٍ أقسمَ قائِدُها، أن لا للتراجع، حتى إنتزاع راية الفوز... تبدأ قصتنا، من وريثة العرش الشرعي " آرام"، حيثُ ينتهي بها المطافُ هاربة بعد خسارة حقها بالحُكم، إلى قريةٍ بسيطة نائية، فتمكثٌ في برجٍ قريب من...