فتحت " آرام" عينيها أخيرًا، ورفعت نفسها ببطء شديد، وما إن إعتدلت في جلستها، حتى سمعت صوتًا يقول لها: وأخيرًا استيقظتِ.....لقد نمتِ كثيرًا.
وإلتفتت" آرام" لناحية الصوت، لتجد أنه شاب ذو شعرٍ حالك السواد، بعينين قرميزيتين، يقوم بشواء أرنب، على النار، وينظر لها مبتسمًا ويقول: إسمي أوجين..
" آرام" بتوجس: ولمَ تخبرني باسمك؟.....وماذا تفعل هنا لوحدك؟.....وماذا تكون يا هذا؟
قام " أوجين" برفع سيخ الأرنب، وتحريكهُ يمينًا وشمالًا؛ ليبرد: كلها أسئلة وجيهة، عاد سؤال ماذا أكون؟....ما المفترض أن أجيب؟
" آرام" وهي تزدرد ريقها: أنا لا أعرف.
قام " أوجين" بتقديم الأرانب لها، وهو يقول: لا يبدو أنكِ بخير، خذي هذا و كليه، ريثما أحضر لكِ الماء.
أخذت" آرام" السيخ بشكٍ كبير، بينما تراقب " أوجين" يتحرك ذاهبًا نحو حقيبته، ثم أبعدت عينيها عنه، ونظرت للسيخ بصمت، فتذكرت فجأة، عندما خرجت من القصر أول مرة برفقة " جيندا" وخاضت معها أول مغامرة لها، حيث إنتهى يومهما، بتقديم " جيندا" لها سيخ أرنب كعشاء.
عاد " أوجين" وبيده قربة ماء، وعلى وجههِ إبتسامة صغيرة، ولكن تلك الإبتسامة تبددت، عندما رأى الدموع تنهمر من عيني " آرام"، فقال لها بتعجب: لمَ تبكين؟
" آرام" وهي تمسح دموعها: ليس بالشيء المهم.
" أوجين" وهو يمد القربة لها: لا أحد يبكي حزنًا، دون قلبٍ مجروح، لذا ما الذي أحزنكِ؟
فردت" آرام" بعد أن أخذت القربة، وشربت كل ما فيها: سألتني عن حزني ولم تسأل، عن كيف إنتهى بي الأمر بهذا الشكل
" أوجين" وهو يأكل الأرانب الذي معه: صحيح، وجدتكِ فاقدة للوعي، ربما لم تحسني السفر.
" آرام" بوجه حزين، وهي تأكل: لقد أضعت رفاقي....ولا تسألني كيف.
" أوجين" بوجه مضمحل: غُبار الأبيض.
" آرام" بتعجب: غبار ماذا؟
" أوجين" باسمًا: هل رأيتِ طائرًا أبيض يشبه الغراب .
إتسعت عيني" آرام" ووقفت بهلع: كيف عرفت؟
" أوجين" وهو يضع السيخ جانبًا ويقول: هل تريني بوضوح؟
" آرام" وهي تجيب بتوجس: أجل؟
" أوجين": هل شعرتي بطعم الأرنب؟
" آرام": نعم.
" أوجين": هل ترين بؤبؤ عيناي؟
" آرام" وهي تمعن النظر: أجل أراها....لكن ما الهدف من هذه الأسئلة؟
" أوجين": يمكن للغراب الأبيض أن ينسج السراب للناس، سواءًا في التشكل على هيئة أماكن، أو بشر، ولكن عندما يكون على شكل مكان، يكون هناك بعض الضباب فيما يراه الإنسان، وكأنه في حلم، وعندما يتشكل كبشر، فلا بؤبؤ له...أما بالنسبة للطعام، فإنكِ لن تجدي طعمًا في سراب.
أنت تقرأ
نهضة الحُكم الراكد
Historische Romaneتصادم سيوف....صوت دبيب أرجُل الخيول..... في معركةٍ أقسمَ قائِدُها، أن لا للتراجع، حتى إنتزاع راية الفوز... تبدأ قصتنا، من وريثة العرش الشرعي " آرام"، حيثُ ينتهي بها المطافُ هاربة بعد خسارة حقها بالحُكم، إلى قريةٍ بسيطة نائية، فتمكثٌ في برجٍ قريب من...