فتحت "آرام"، عينيها فجرًا، ووجدت رِجل "جيندا"، على وجهها، فقالت في نفسها: يبدو أن فتاة البراري، مرتاحة في نومها، ولا تضعُ في الحسبان إحتمال وجود قطاع طرق يمكنهم أن يسرقوا خيمتنا المنحوسة هذه، بعد قتلنا نائمات.
فدفعت رجل المحاربة، وخرجت من الخيمة، حيثُ إستقبلها الهواء العليل، يُداعبُ خصلات شعرها الأبيض القصير، المموج، فمشت لمكان الذي وضعت "جيندا"، فيه الزاد و الماء، فلم تجد سوى آثار معركة البارحة، فقالت وهي تُمسكُ بطنها الذي يُقرقر من الجوع : يالهم من أوغاد، أتمنى أن يحترق الطعام الذي هرب به السارق في بطنه، حتى شريطة شعري سرقها!!.
فقررت "آرام"، أن تحبث، في الأشجار المجاورة، عن بعض الثمار، فإقتربت من إحداها ورفعت رأسها؛ لتتأكد من وجود شيء يؤكل، حتى تتسلقها، فلم تجد شيئًا، فتعمقت لداخل الغابة أكثر، دون أن تشعر، أثناء تفحصها لتلك الأشجار، وعندما وجدت شجرة تَحمِلُ بين أوراقها، بعضُ التُفاحات الحمراء، إبتسمت إبتسامة عريضة قائلة: أنها تفاحة حمراء، كشعر تلك المحاربة الجريئة.
تسلقت "آرام"هذهِ الشجرة الكبيرة، ولم يكن صعب عليها فعل ذلك، فقد إعتادت أن تأكل من الغابة، التي كانت بجوار قصرها، الذي عاشت فيه لسبع سنوات، بعد هروبها من الملك الحاليّ، وعندما إستقرت قُرب التفاحة الحمراء، قامت بقطفها، ثم المسح بكُمّ فستانها الأخضر، مُزيلة الغبار من على سطح التفاحة، فأخذت قضمة كبيرة منهل وتتلذذ بطعها، بوضع يدها على خدها و القول بصوت عالٍ نسبيًا: ياااااه ..... كم أحب التفاح..
************
وفي أثناء إستمتاع "آرام" بأكل التفاح فوق أحد الأشجار، كانت "جيندا" ترى مشهدًا ساحرًا للعيان، فقد كانت تجلسُ في بستان كبير، مُزين بزهور من كل الألوان، وسماء مفتوحة على الكواكب، التي حلت مكان النجوم، فقالت بذهول: أين أنا؟ هل... مت؟......
فسمعت صوتًا مألوفًا يقول لها: ليس بعد.
إلتفتت "جيندا"؛ لناحية الصوت، فرأت شابًا ذو عينين خضراوين، أصهب الشعر، يبتسم لها بحنان.
فسالت دموعُها وقالت مبتسمة بصوت مخنوق: ليرال.... أخي ليرال..
فقال لها "ليرال" و المكان بدأ يُشع: لا درع بلا سيف..... ولا سيف بلا درع.... أنتِ سيف، أو درع؟
لم تلحق "جيندا"للرد، فقد أضاء المكان بقوة، مُعلنًا عن موعد الإستيقاظ، وعندما فتحت عينيها بقيت شاردة تنظرُ لسقف الخيمة، بينما تقول: مجددًا؟ كم مرة على ليرال أن يسأل هذا السؤال؟..... ولكن ماهي إجابتي؟ هل سأختار سيف؟ أو درع؟.
فزفرت ونهضت بثقل، ولكن لمّا أدركت، أن "آرام"ليست موجودة في الخيمة، تعجبت، وخرجت؛ لتتأكد أنها موجودة في الجوار، وعندما فتحت باب الخيمة، وأطلت برأسها للخارج، ولم ترها، قالت وهي تمشي حول الخيمة، بينما تربطُ شعرها الأحمر الطويل: ربما ذهبت؛ لتلبي نداء الطبيعة.
أنت تقرأ
نهضة الحُكم الراكد
Historical Fictionتصادم سيوف....صوت دبيب أرجُل الخيول..... في معركةٍ أقسمَ قائِدُها، أن لا للتراجع، حتى إنتزاع راية الفوز... تبدأ قصتنا، من وريثة العرش الشرعي " آرام"، حيثُ ينتهي بها المطافُ هاربة بعد خسارة حقها بالحُكم، إلى قريةٍ بسيطة نائية، فتمكثٌ في برجٍ قريب من...