جلست "جيندا" بثقلٍ شديد، تُفكر بصمت عن حلمها بالماضي الأليم، تتذكرُ كيف عانت يتيمة، لا تعرفُ أمها وأبيها، وفقدت من علمها الفروسية، وأخيرًا فقدت أخيها، الذي كان درعها وسيفها، فسالت دموعها على وجنتيها، فمسحتها بسرعة، ومن ثم تفقدت جسدها المصاب الذي تمت معالجتهٌ من قِبل" آرام"، وبعدها تتلفّت حولها بصمت، ثم قررت الإستلقاء حتى حين تستيقظ الملكة، ولكن لم يدم إنتظارها طويلًا؛ لأنهُ بمجرد أن إستلقت أحدثت بعض الضجيج الذي كسر هدوء المكان، فرفعت " إرام" رأسها، وابتسمت فور إدراكها أن " جيندا" قد إستفاقت، فوقفت ومشت بضع خطوات، وجلست بجوارها وقالت لها بحنان: كيفَ حالك؟ هل تشعرين بتحسن؟
فأجابت "جيندا" وهي تضع يدها على كتفها: نعم، الفضلُ يعود لك أيتها الملكة.
إبتسمت "آرام "ونهضت مغادرة الغرفة: سأذهب؛ لأحضر لكِ شيئًا لتأكليه، لابد أنكِ جائعة.
فأشاحت "جيندا" بيديها: لا يا جلالتك على العكس، لا رغبة لي بالأكل، بعد ما مررتُ به.
فعادت " آرام" وجلست على المكتب الموجود بجوار السرير: صحيح، لقد أتيتِ، إلى هنا وأنتِ في حالة صعبة، مالذي جرى لك؟
أخذت المحاربة " جيندا " نفسًا، ثم حكت ل" آرام" قصتها منذُ خروجها من القصر، وحتى عودتها إليها.
ثم شهقت " جيندا" بوجه أحمر، مستنشقة دموعها: سأنتقم من ذلك الملك!!.... سأقضي عليه.... س...س...فوضعت " آرام" يديها على كتفي المحاربة المكسورة وقالت لها: ذلك الرجل، سلب أغلى ما بقي لي أنا كذلك.
مسحت " جيندا " دموعها وقالت: ماذا تعنين؟زفرت " آرام" وأسندت ظهرها، عل ظهر الكرسي، وقالت شاردة الذهن: حسنًا.... ابن عمي هو بدوره كان غبيًا، لقد تزوج ابنة هذا المحتال، ولم يكن يعي أن حُب هذه الفتاة، مجرد طمع في الحكم، فبعد زواجهما، إغتالتهُ نائمًا، حتى ينال والدها منصب الحاكم، ولكن من حسن الحظ، أخبرني أحد الخدم الأوفياء بما يحصل؛ لذا هربت، وإنتهى بي الحال هنا.
فردت "جيندا" بتعجب: ولم تفعلي شيئًا حيال زواجه منها؟
"آرام": بلى، لقد عارضت الأمر بالتأكيد، ولكن وكما قلت لقد كان أحمق.
"جيندا": ولكن لمَ لم تحكُمي أنتِ؟ فوالدكِ كان الحاكم من الأساس!
"آرام" وهي تصفع خدي نفسها: لقد تنازلتُ لأبن عمي به.
عم الصمت قليلًا.
فكسرت "جيندا " الصمت بقولها: مع إحترامي لجلالتك، ولكنكِ غبية معه، كيف تتنازلين بسهولة؟زفرت" آرام " وقالت بحزن: ومن قال أنني تنازلت بالسهولة؟؟ لقد تم حبسي في سجنٍ أرضي، تحت القصر، وتعذيبي هناك، لما يقارب ستة أشهر، ولكن أدركت أنهُ سينال الحكم إذا مت، ففكرت أنني سأتنازل، وبعدها أدبر خطة؛ لأتمكن من إستعادة الحكم، ولكن سبقتني زوجته ووالدها.
أنت تقرأ
نهضة الحُكم الراكد
Historical Fictionتصادم سيوف....صوت دبيب أرجُل الخيول..... في معركةٍ أقسمَ قائِدُها، أن لا للتراجع، حتى إنتزاع راية الفوز... تبدأ قصتنا، من وريثة العرش الشرعي " آرام"، حيثُ ينتهي بها المطافُ هاربة بعد خسارة حقها بالحُكم، إلى قريةٍ بسيطة نائية، فتمكثٌ في برجٍ قريب من...