فتحت " آرام" عينيها، على أثر تسلل ضوء الشمس، من النافذة للغرفة، فتثاءبت برقةٍ، و تمدُ يديها للأعلى؛ لكي تمدد عضلات جسمها، فهي لم ترتح كثيرًا، في نومها على هذا السرير، ولمّا جلست ببطء، وإستردت نشاطها جزئيًا، أدارت رأسها؛ لناحية سرير الذي تنام عليهِ "جيندا"، فإتسعت عيناها وقالت بصوتها الناعس: تلك الصبية، تركتني لوحدي في مكان غريب، دون إكتراث؛ لإحتمالية تعرضي للإغتيال ..فوقفت بعدها، ومشت نحو النافذة؛ لترى ماذا يوجد في الخارج، فرأت القرويين بملابسهم البسيطة، و قبعاتهم المتواضعة، يمشون بعرباتهم بمختلف أشكالها، في أرجاء المكان، مُحملين ببضائعهم، فإبتسمت؛ لهذا المنظر الذي لم تعتد رؤيته من قبل.
مشت " آرام" صوب الأمتعة، التي اشترتها البارحة برفقة "جيندا" وبحثت عن فُستان بني، توجد بهِ شريطة سوداء، ملفوفة حول الخصر، حتى وجدتهُ، وقامت بتبديل ثوب النوم الأبيض، الذي كانت ترتديه، مع هذا الفستان، وقامت بلف شريطة بنية، حول شعرها كالطوق، وقالت لنفسها وهي واقفة أمام المرآة وهي مبتسمة: أبدو بسيطة...
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
وفي تلك الأثناء، كانت " جيندا" تتجولُ في السوق، مرتديةً لثامها الأحمر الداكن، ولا يظهر منهُ، سوى عينيها الخضراوين، فتوجهت، إلى ركن بيع السيوف؛ لتجد " دانزي" يخوض شجارًا لفظيًا مع أحد الزبائن، فاقتربت منهم وقالت من تحت لثامها: ماذا يحصل هنا؟
فرد الزبون بهستيرية: وما شأنك أنت يا هذا ؟
فغضب " دانزي" الذي كان هادئًا منذ نشوب الشجار، قائلًا: إن لم تذهب من هنا حالًا، فلن تعود للشراء مني معدات حدادة السيوف مجددًا..
فرد الزبون: ومن سيشتري معداتٍ تالفة؟
فقامت " جيندا" بإخراج سيفها من غمدها: إن لم تذهب من هنا، فلن تعود مجددًا، ليس لأنك لا ترغب بالعودة، ولكنك أيضًا لن تعود إلى أي مكان.
سكت الرجل وازدرد ريقه، فقال بتوتر: أنت، أنا لا نية لي بالقتال، أنا هنا لإسترداد مالي .
" دانزي" بغضب: لقد اشتريت مني الغمد الأسبوع الماضي، وتعيدهُ الآن؟ لو لم تتلفه أنت بنفسك، لعدتَ لي حينما اشتريته يا سيدي.
" جيندا" وهي ترفع سيفها: لا حاجة لأن توضح له، إن لم يذهب فهو يفضل المال على روحه.
سكت الرجل بحنق، وأخذ الغمد معهُ وغادر المكان...
ظل الاثنان يراقبان خطوات الرجل، حتى إختفى بين الناس في السوق، فقالت " جيندا" وهي تعيد سيفها ضاحكة: لقد إعتقد بأنني رجل.
إبتسم " دانزي " قائلًا: لأنكِ ملثمة يا قائدة
فقالت " جيندا " متسائلة: دائمًا تقول لي قائدة، على الرغم من أنك لست من أتباعي .
أنت تقرأ
نهضة الحُكم الراكد
Historical Fictionتصادم سيوف....صوت دبيب أرجُل الخيول..... في معركةٍ أقسمَ قائِدُها، أن لا للتراجع، حتى إنتزاع راية الفوز... تبدأ قصتنا، من وريثة العرش الشرعي " آرام"، حيثُ ينتهي بها المطافُ هاربة بعد خسارة حقها بالحُكم، إلى قريةٍ بسيطة نائية، فتمكثٌ في برجٍ قريب من...