الفصل الأول « الليلة الموعودة »

53 6 0
                                    

الفصل الأول
« الليلة الموعودة »

_ لأجلي فقط يا "حاتم" ، تراجع عن زواجك بها ، إن كنت كما تقول تُحبني حقًا !!
قالتها بنبرة متوسلة تتمني لو تغمض عيناها ليعود الزمن إلى الوراء ويعود ربيع حياتها للإزهار مرة أخرى .
فقد ذبلت حياتها منذ هذا التحول المفاجئ ،  لتنقلب سعادتها لتعاسة قاسية أطاحت ببقايا قلبها المحطم .

وجهها المتوهج وعيناها المتورمتان المحتقنتان الباكيتان ، شفتيها المرتعشتان اللاتى تتوسلانه للتصرف وألا يكمل بما سيُقدم عليه .

بقلب مرتجف لدموعها الغالية فلم يكن ليتخيل أن يكون هو سببًا لتلك الدموع ، نظر إليها مطولاً محاولاً السيطرة على قلبه المفطور مثلها تمامًا ، ثم أجابها بنبرة مختنقة كمن يُقتلع من جذوره لينهي حياته الغدية ..
_ يكفيكِ بكاء يا "دليلة" ، يا ليتني أستطيع فعل ذلك ، أنتِ تعلمين أننى لا أملك حيلة لهذا الأمر ...

زادت شهقاتها وإرتجاف جسدها فماذا إقترفا لينالا هذا العقاب القاسي ، حاولت لمرة أخيرة فربما يستطع أن يثور على ما فُرض عليهم لتنقلب أيام ربيعهم الوردي لذبول الخريف ..
_ تكلم مع جدي "أمين" ربما يُعدل عن قراره ، إنه يحبك ، أنتَ حفيدة المفضل ..

تنهد بضيق يماثلها لكن لا حيلة له بالأمر .
_ حدثته كثيرًا ، أقربهم اليوم ، لكنه مازال مُصرًا على أمره ، لقد بدأت أشك فى أمر أنني حفيدة المفضل هذا ، لقد حطم قلبي متعمدًا  ...

أغمضت عيناها بتألم لتنسحب دون وداع فكل شئ قد إنتهى ، وذبلت زهور الربيع ، ليعلن هذا الربيع بلا زهور .

كتبت نهاية تلك القصة قبل أن تسرد بدايتها ، حتى حلاوة البدايات حُرمت منها ، فكيف ستكون النهاية ..

بخطوات متثاقلة جرجرت ساقيها الطويلتان تبتعد مُعلنة وداع مؤلم ، لن تعود إلى المنزل الآن فقلبها محمل بعبء وأثقال تود إخراجها من صدرها .

تريد الصراخ لما تشعر به من ألم لكن أين المهرب من تلك الصرخات بين ضلوعها ، لن تلتفت ولن تنظر إلى الوراء ، لن تضعف له فلابد أن تبني هذا الجدار الفولاذي الفاصل بينها وبين حبيب عمرها الذى أعلنت اليوم خسارته للأبد ..

رفعت عيناها العسليتان تجاه السماء لتجد به ملجأً لضيق صدرها ، لتدعى بتضرع ..
_ يا رب ، هونها على قلبي الموجوع ، لقد تعبت ، فراقه صعب للغاية ، وقلبي ضعيف للغاية ، وأنا ... لا أتحمل ..

تنهدت بتحسر لتجلس بأحد المقاعد تلملم حطام قلبها قبل أن ترتدي قناع اللامبالاة خاصتها فليس لديها خيار آخر .

لم يكن التحسر بقلبها فقط ، فهو أيضًا لم يمر فراقهم على قلبه بسلام ليتابع خطواتها المبتعده بأعين تعيسة فلا يقوى على التشبث بها ولا يقدر على فراقها .

فراق محتوم وقلب مفطور هذا ما حصل عليه كلاهما .

"دليلة القمحاوي " فتاة بنهاية عقدها الثالث طويلة القامة ذات ملامح هادئة محببة وأعين بلون العسل الشهي ، تتمتع بضحكة خلابة ونفس راضية تعمل كمنسقة للزهور بأحد المحال المتخصصة لذلك ، محل أعطاه له والدها لتقضي به أوقاتها كما تحب ، كما أنه إرثها من والدتها بعد وفاتها ..

ربيع بلا زهور ( لقد كانت أيامنا جميلة لكنها .. كانت)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن