الفصل التاسع « الحياة الأخرى ...»

23 4 0
                                    

الفصل التاسع
« الحياة الأخرى ...»

محظوظ من يحظي بفرصة ثانية للحياة ، ومن منا لا يتمناها ...

تطلع كلاً منهما بالآخر يتأكد أن ما يراه هو ما تراه هي أيضًا ، فمن يعقل ذلك ، لابد أنه خيال ما ، فكيف يتوهمان معًا ...

إبتلعت "دليلة" ريقها بإضطراب وهى تحدق بباب الشقة قائلة بنبرة مرتجفه ...
_ هل ترى ما أراه ، أم أنني أهلوس ؟!!

أومأ بقلب مرتجف فلابد أن ما يراه شبح يتعدى حدود المنطق والعقل ..
_ نعم ، أرى ، بالتأكيد هذا شبحها ، لا يمكن أن تكون حقيقة ، فلقد ماتت !!

تهدجت أنفاس "دليلة" وهى مازالت تنظر بهلع تجاه "جنات" التى ظهرت أمامهم من جديد تبدو حية للغاية ، فكيف تكون مازالت على قيد الحياة وقد ماتت منذ بضعة أشهر وقاموا بدفنها ...

رجفة جسدها جعلتها تنتفض بقوة وهي تدفع به قائله ..
_ قلبي سيقف من الخوف يا "حاتم" ، هل نركض أم ماذا ؟؟؟

إلتف بوجهه دون أن ينحى عيناه عن "جنات" محاولاً بث القوة بها وبه أيضًا ..
_ لا تخافي ، لن تؤذنا بشئ بإذن الله ...

تشبثت "دليلة" بكفيها بذراعه وهى ترتجف بخوف حين تحلى "حاتم" ببعض القوة الزائفة ...
_ ماذا تريدين يا "جنات" ...؟!!

كانت مستمتعة للغاية برؤية خوفهم وإرتجافهم من وجودها فهى تعلم أنهم يظنونها شبح عاد إليهم من الحياة الأخرى ...

لم تطل الأمر كثيرًا وإن أعجبها الوضع لكنها يجب أن تنهى هذا اللقاء الذى أعدت له جيدًا لتردف ساخرة من خوفهما ...
_ هل تظنون أنني شبح ؟؟!  لا .. إطمئنوا ، إنني بشر مثلكم حية أرزق ...

مع إنتهاء كلماتها إعتدلت وقفة كل منهما متحليان بالقوة لتتبدل نظراتهم الفزعة لأخرى مستنكرة بدون فهم ...
_ ماذا تقصدين ؟!! كيف حية ترزقين وأنتِ قد مُتِ منذ بضعة أشهر ودفناكِ أيضًا ...

لم تندهش لوجود "دليلة" ببيتها ، لم تشعر حتى بالغيرة والإشتعال لوجودها مع زوجها بل تحدثت بكل برود ولا مبالاة ...
_ لم أكن أنا .. إنها صديقتي وأنتم ظننتم أنها أنا لأنها كانت تجلس بسيارتي ، لقد كنت مصابة بالحادث وقد فقدت الذاكرة ولم أتذكر من أنا ، وعندما تذكرت ، ها أنا هنا جئت مرة أخرى ...

ظهرت "دليلة" بعدما إطمئن قلبها إنها لا ترى شبحًا بل سعدت لعودة أختها من الموت لتهتف ببعض السعادة ...
_ "جنات" ، حبيبتي ، حمدًا لله على سلامتك ، لا أصدق عيناي حقًا  ..

زمت "جنات" شفتيها بإستياء وهى تطالع "دليلة" بتقزز لتجيبها بذات البرود ..
_ صدقي ، أنا هنا ( ثم رمقتها بإتهام وقد علت عيناها ونبرة صوتها علامات التهديد ) ... ولا أسمح لأحد بأن يأخذ ما هو حقي ...

قالتها لتظن "دليلة" و "حاتم" أيضًا أنها تتكلم عنه وعن زواجها منه ، شعرت "دليلة" بأنها مذنبة بزواجها من زوج أختها وهي محقه بكل ما سوف تظنه بها لتنكس عيناها بتوتر قائله ..
_ صدقيني لم أكن أريد ذلك ، لولا "عنبر" وأنكِ غبتِ عنها وظنناكً قد مُتِ ..

ربيع بلا زهور ( لقد كانت أيامنا جميلة لكنها .. كانت)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن