الفصل الرابع
بعض اللحظات جميلة كأصحابها والكثير منها يحمل بين طياته ألم لن يحتاج سوى تضميده حتى لا يتفاقم وينتشر بباقي الجسم.
وألمها لم يكن إلا ضعف في لحظة أربكت حساباتها وجعلتها تعاني هي وذاك الواقف أمامها مندهشًا من وجودها أمامه ثانية بعد مدة قصيرة ليصيح باستنكار متفاجيء
- صاحبة العكاز!
- إنتَ!
هي لم تختلف عنه كثيرًا وتلقائيًا احتضنت عكازها قبل قرارها بالمغادرة فهي بالمكان الخاطيء وتلك المرة لن يثنيها عن قرارها غضب صديقتها أو حتى خرق وعدها.
نظر لها بهدوء قبل جلوسه على مقعده محاولًا التصرف بعقلانية فهو اختبر حدة طباعها بالسابق ولا يريد لتلك التجربة أن تعكر صفو جلستهما ليخبرها بهدوء
- اتفضلي يا آنسة.
ضحكت باستخفاف على حديثه المسالم نحوها وهي لن تسقط في فخه الذي نصبه لها لتتحدث بغضب
- مش هيحصل.
حاول إيقافها بالعدو تجاهها مانعـًا إياها من الخروج لتزداد وتيرة أنفاسها قبل دفعها له بحنق تلاه قولها بتوتر
- انتَ مجنون وانا لو فكرت أفضل دقيقة كمان أبقى مجنونة أكتر منك.
تفوهت بها وقررت المغادرة ليغلق الباب قبل سحبه إياها للداخل، حاولت التملص من بين يديه لكنه أحكم قبضته عليها لتخبره بنبرة صوت مرتفعة
- ابعد عني.
- لأ.
قالها بإصرار تبعها محاولة السيطرة على نوبة غضبها تلك ليقول بمهادنة
- ممكن تقعدي!
- لأ.
أخبرته بها بعناد قبل محاولتها في رفع عكازها ناوية الهجوم عليه ليتفادى ضربتها مع انتشاله للعكاز من بين يديها، أمرها بالجلوس لكنها أبت الاستماع إليه لتتحدث باختناق بسبب سقوط دموعها أمامه
- انا مش ضعيفة وانت مش هتبقى الدكتور اللي هيعالجني حتى لو هتجنن وأبيع مناديل في الشارع.
ضحك على حديثها ليزداد إحساسها بالعجز فهي تشعر بأنه يسخر منها ودون أي مقدمات انهارت أرضـًا مع ارتفاع صوتها الباكي ليقترب منها سريعًا ليجلس جوارها مع نبرته الهادئة
- أنا مش هأذيكِ.
قالها وأراح رأسه على المكتب خلفه لتنظر له بشك وصمتت دون التفوه بالمزيد.
ظلا على صمتهما فترة دون أن يجرؤ أحدهم عن النشاز عن تلك المقطوعة المسالمة ليقول سليم بهدوء بعدما مل من عدم حديثها
- شكرًا.
نظرت له بتساؤل صامت ليُجيبها بخفوت
- إنك كنتِ السبب إني أرجع للعيادة تاني.
تلك المرة لم تفهم مقصده كذلك ليبدأ في سرد ما حدث له بالفترة الماضية وعزوفه عن عمله المنفصل دون إيجاد شريكته بالعمل.
أما في الخارج فقد حاول يوسف منع دخول صديقته آية بعدما استمع لصوتهم المرتفع في المكان لتحدجه بنظرة حانقة قبل تحدثها بغضب
- هشوف بس بيعملوا ايه واخرج بسرعة.
- ولو مفيش دخول.
قالها بإصرار لتتنهد بحنق من عناده الغير مبرر لتسأله بهدوء مصطنع
- ليه!
- لأنها محتاجة تتعامل مع الموقف بنفسها مش بمساعدتك لها.
تحدث بها يوسف موضحًا موقفه، راوغته قليلًا حتى تتمكن من الفرار فهو لن يساعدها في أي شيء حتى لو أخبرته بأنها على استعداد بوضع يدها على اللغم أملًا في معرفة ما يحدث مع صديقتها ففضولها وصل إلى أعلى درجاته، وضعت رأسها بين يديها تحاول تخفيف حدة الصخب داخله لتقول بألم
- ليه بتحاول تمنعني أكون معاها.
صمتت قليلًا قبل إخباره بحزن استشعره من كلماتها الصادقة
- دي صاحبتي يعني لا يمكن اتمنى أذيتها.
- اللي بتعمليه دا أذية لها.
قالها يوسف بقلة حيلة فهي عنيدة وهو لن يتنازل عن مبدأه في ضرورة تحرير صديقتها لتتخذ قرارتها بنفسها ليخبرها بهدوء محاولًا إيصال وجهة نظره
- بصي يا آية.
- لا مش هبص.
قالتها بإقرار ليضحك ضاربًا كفيه ببعضهما البعض بقلة حيلة من غضبها الغير مبرر من منظوره الخاص ليتحدث معها بهدوء
- دلوقت صاحبتك محتاجة تثق في دكتور سليم عشان تقدر تتعالج.
- ما هما كانوا بيزعقوا جوا و.....
- لازم دا يحصل.
قالها مقاطعًا إياها تبعه شرحه بإسهاب للمتوقع حدوثه بالداخل
- صاحبتك شخصيتها قوية جدًا فكون إنها تتعامل بأريحية مع دكتور وخصوصًا نفسي لازم يحصل بينهما صدام واتنين لحد ما يكون فيه ثقة بينهم.
وضع هاتفه على وضعية الصامت بعدما صدحت نغمته في الأرجاء ليتحدث بعدها بهدوء
- ثقة إنه هيحافظ على أي حاجة تقولها لأنها هتكون السبب في ثقة أكبر إنه هيقدر يعالجها تتجاوز أزمتها.
اقتنعت..
من صمتها يبدو بأنها اقتنعت بحديثه ليعود إلى جلسته السابقة يتابع ما يحدث في مباراته المثيرة التي يتابعها، أما آية فلم تقتنع بمعظم حديث يوسف فهي ترى بأن الصدام الأول بين الطبيب ومريضه لن ينتج عنه سوى انفجار كليهما بوجه الآخر محاولًا كل منهما إثبات وجهة نظره.
الصداقة ثقة قبل اهتمام لكن إن زادت عن الحد ستصبح قيود تخنق الطرفين برحابة صدر وآية لن تقتنع حتى ترى بعينيها ما يدور في الداخل حتى لو تسببت في أذية كل منهما، هكذا أقنع يوسف نفسه فهو ظاهريًا يتابع شاشة هاتفه لكنه بحقيقة الأمر يراقب تلك الجالسة جواره ورد فعلها على كل انفعال تُبديه.
قررت المخاطرة لتقف مسرعة لكن يد صديقها كانت لها بالمرصاد حيث جذبها ثانية لتظل بمكانها قبل قوله بعبث
- هتجوزك لو قعدتِ هادية.
اختتم كلماته بغمزة من عينه وضحكة متسلية بانفعالاتها المختلفة لتعود إلى مكانها وتلك المرة دون رفع نظرها نحوه فقط على وضعية الصامت كما وصفها ليبتسم متمنيًا وضعها جوار قلبه لتستمع إلى صخبه الفَرِح بوجودها جواره لكنها لم تكن ساكنة من فراغ فداخلها يرتعش من حديثه الغير صريح متذكرة وعدها بالماض بضرورة الاجتهاد لتذهب إلى منزل والدته تطلب منها أن تزوجهما دون تضييع المزيد من الوقت.
ضحكت على سذاجتها فهي أحبته منذ زمن وهو لم يشعر بها واصفة إياه على حد قولها "باللوح" كما أخبرت صديقة لها ذات مرة لذا آثرت الابتعاد عنه حينما صرحها بأنه معجب بفتاة لكنه ينتظر الوقت المناسب للاعتراف لها بمشاعره مؤكدة بأنها رفضته ومع بؤسه في إقناعها بحبه قرر أن يغير إتجاه السهم إلى قلبها لتقسم بأنها لن تتأثر به أو بمشاعره تلك فهي ليست بحاجة لها.
حيرة القلب ما هي إلا انعكاس لزوائد مشاعر تجبرك على التوتر قبل الخوف من المستقبل، طاقة سلبية في هيئتها تجعلك تشعر كما لو أنك أسير لقبضة تلتهم استقرارك قبل نهشك بالبطيء لتتخلى عن كل شيء عدى حذرك الذي سيودي بك نحو الهاوية دون مجهود.
********
العائلة كنف نحتمي به وقت الإعصار ونشد من أزر أفراده وقت المحن حتى نخرج إلى بر الأمان دون أن يمس أيًا منا السوء.
العائلة إطار إن خرج أي من أفراده عنه يصبح غير مكتمل الأركان وصورتها مع العائلة لم تكن سوى منقوصة بغياب طفلتها عنها فالزوج لا يرى سوى أبنائه وكيفية الاهتمام بهم أما ابنة زوجته فهي زائدة وجب التخلص منها في أسرع وقت حتى لا تتفاقم وتصبح صداعًا يصيب الرأس.
اجتمعوا جميعًا على مائدة الطعام حيث ابنتيه قررتا القدوم فلا ضرر من تناول وجبة معهما وقضاء بعض الوقت قبل المغادرة وانشغال كل واحد منهم بحياته، حمحمت الأم قليلًا قبل تحدثها بصوت هاديء حاولت جعله متزنًا لإصرارها على المُضي قِدمًا فيما شرعت بفعله
- انا ووالدكم قررنا ننفصل.
نظرت الكبرى نحوها باستخفاف قبل تحدثها بسخرية من هذا القرار المفاجيء
- فجأة كدا!
ابتسمت بألم من حديث الفتاة فهي نسخة مصغرة من والدها في التعامل مع الجميع لتخبرها بلامبالاة من أهمية رأيها في إصلاح تلك العلاقة من عدمه
- لأ مش فجأة...
وقبل أن تُكمل حديثها سألتها الصغرى بحنان في محاولة منها لاستيعاب تلك الصدمة
- ايه اللي حصل يا ماما!
نظرت لها سمية بألم قبل أن تنفجر في موجة بكاء حادة فيبدو بأن الصغيرة قد ضغطت على زر وجعها لتغرق بين أمواج حزنها برحابة صدر، حاولت التماسك لتتحدث بعدها بهدوء
- باباكِ طرد بنتي آخر مرة كانت هنا ورفض إني أكمل الأكل.
لم تسعفها الكلمات في وصف مرارة شعورها فآثرت البكاء عوضًا عن ذلك لتحتضنها الفتاة للتضامن معها قبل توجيه كلماتها إلى والدها قائلة له بعتاب
- من أمتى يا بابا واحنا بتتعامل مع الضيوف كدا.
تلك المرة لم تستطع التمالك أكثر من ذلك فالجميع يعامل ابنتها كالضيفة لا شقيقة لهم لتُزيل دموعها بقهر قبل قولها بعتاب لكل واحد منهم
- طول عمر رؤى غريبة عنكم وهتفضل كدا مهما عملت.
وجهت حديثها إلى زوجها مشيرة إليه بحنق وكأنه بعد مرور الكثير من سنوات زواجهما قد اكتشفت بأنه لم يكن الزوج المناسب لها ولا الأب الحنون لابنتها لتخبره بألم
- كان ممكن أقول لك بناتك جايين لك واعمل لهم الأكل اللي يعجبهم زي ما عملت مع بنتي ورفضت إني أقدم لها حتى واجب الضيافة.
ابتسمت بسخرية من حماقتها فهو لن يشعر بما تمر به الآن والسبب أنه غير مهتم لا بطفلتها أو حتى هي لتُكمل بسخرية
- طول عمرك بتعاملها على أنها زائدة في حياتك..
ارتفعت صوت ضحكاتها لينظر لها باندهاش مقررًا بأنه ربما أصابها الخُبال لتقول بلامبالاة
- كنت شايفها عشبة ضارة ولازم تتخلص منها.
وجهته إلى كل إثم اقترفه في حق صغيرتها وهي مشتركة معه لصمتها عن كل هذا طوال تلك الفترة لتُخبره بسخرية
- أي حاجة بتبقى عايزة تعملها ترفض على عكس بناتك لو طلبوا حاجة ممكن مش هيستفادوا منها لكنها مجابة ولازم تكون عندهم.
أشارت بإصبعها نحوه قبل قولها بغضب
- كان نفسي في مرة تغير سلوكك وطريقة تعاملك معها بس إنت كنت شايف إن الجانب الكويس دا لولادك بس وهي تخبط دماغها في الحيط.
- اهدي يا ماما.
تفوهت بها الفتاة الصغرى لتُزيح سمية يدها عنها تبعه قولها الساخر
- كان نفسي تعاملي بنتي على أنها أختك زي ما أنا عاملتِكم كأم وفي النهاية بنتي كانت ضيفة في البيت دا زي ما إنتِ قولتِ من شوية.
- خلصتِ!
قالتها الفتاة الأخرى بتساؤل بارد كصقيع ديسمبر لتخبرها بعدها بإقرار
- مفيش حد طلب منك تلعبي دور الأم لنا زي بابا بالظبط مش مضطر يلعب دور الأب لرؤى.
جملتها قتلتها وأحيتها ألف مرة فهي محقة من وجهة نظرها المحدودة لكن الزواج احتواء لا التصرف كغرباء يعيشون تحت نفس السقف، ابتسمت لها ببرود قبل قولها بهدوء
- إنتِ صح يا أشرقت.
ثم نظرت إلى الزوج نظرة عتاب تبعه قولها الهازئ
- عشان كدا انا مش مضطرة ألعب دور الأم من دلوقت قررت إني ووالدك ننفصل.
اختتمت كلماتها لتتركهم وترحل إلى غرفة ابنتها حتى تذهب مع زوجها إلى المأذون في الصباح ليتم الطلاق بينهما، نظرت أشرقت حتى اختفت وبدأت في تناول الطعام قبل تعليقها بسخرية
- كُلي يا شروق الأكل هيبرد.
ولم تنظر نحو والدها فهي منذ البداية لم ترغب بتلك الزيجة لعدم حاجتها إلى آخرى تزاحم حياتهم بالكثير من المشاعر المصطنعة فالأم تركتهم في نهاية المطاف وهي فعلت مثلها الآن لتبتسم ببرود على تلك الظروف التي جمعتهم كعائلة مهترئة وكل طرف منها انفصل عن الآخر ليبقى في نهاية المطاف عدة قصاصات لن تفيد مالكها بشيء فقط تذكره بما اقترفته يداه من إثم وما جنته روحه من عذاب.
******
اللطافة قد تُزيل حاجز الجمود لكن الإفراط منها قد يجعل منك مهرجًا في نظر الآخرين.
وسليم ليس بمهرج بل طبيب أراد اتخاذ درب الثقة لمريضته حتى يُزيل غشاء إن ظل سيتضخم أمره ويصبح مشكلة لن يستطيع التحكم في درب سريانها أو حتى كيفية حلها لكنه يُطبق مثله الأوحد في أن التعامل مع العاقل بجنون مرح يُنتج شخصية سوية في مشاعرها حتى لو كانت أفكارها مشوشة بحاجز لن يصلحه سواه.
اختتم كلماته قائلًا بود وكأنهما يعرفان بعضهما البعض منذ زمن وليس من دقائق مضت
- بس يا ستي هي اختفت وانا اتشقلب حالي لحد ما وصلت لنقطة مش عارف أخرج منها ازاي.
- بإصرارك إنك تقف على رجلك تاني حتى لو هتطلب المساعدة من شخص سواء تعرفه أو لأ.
قالتها بهدوء ليبتسم على حديثها الشبه مقنع إلى حد كبير فهي تُعطي نصائحها ببزخ على الغير لكنها لم تستطع تطبيقها على نفسها، صمتت تستوعب كم الحماقة التي تفوهت بها لتدرك بأنه نفذ إحدى نظرياته العابثة لاستدراجها إلى رحلة علاجه بالفعل لتضع يدها على جبهتها في محاولة منها لتخفيف وجع بدأ في غزو رأسها دون هوادة.
تنهد سليم براحة فيبدو بأن مشاركة هموم تثاقلت على كاهله أشعرته بالراحة ولو قليلًا، دوَّن عدة أدوية بورقة كانت جواره سابقًا، مد يده بها متحدثًا بهدوء
- الدواء دا.
وأشار إلى أحد الأصناف الموجودة ليُكمل بعدها بعملية
- لصداعك اللي بتعاني منه.
لم تخبره بأمر وجع رأسها لكن كيف علم ليقاطع أفكارها المتسائلة بقوله الناهي حتى لا تُسرف في استخدام أيًا من تلك الأدوية
- بتوقع إن عندك مشكلة الأرق فالنوع دا هيفيدك الفترة الجاية بس..
قالها وصمت لتنظر له بتساؤل ما لبث أن أجابها بهدوء
- الإسراف في الأدوية دي إدمان فأنتِ هتلتزمي به فترة قبل ما نسحب أثره من جسمك تاني.
ضحكت باستخفاف على ما تفوه به قائلة بعدها بسخرية
- مين قال لك إني هلتزم معاك أو هاخد الدوا دا.
- هتلتزمي.
قالها بتأكيد لتنظر له بغيظ ما لبث أن تحول إلى غضب حينما استمعت إليه يُخبرها بثقة
- وهتاخدي الدوا كمان.
حاولت النهوض لكنها لم تستطع فجلستها أرضـًا أضرت بقدمها المصابة وجعلت منها ضحية لوجع بدأ يلتهمها بشراسة، وقف وأعطاها عكازها قبل محاولته في مساعدتها لتجلس على نفس المقعد الذي أمرها سابقًا بالمكوث عليه ليتحدث إليها بنوع من التذمر
- قولنا كدا من الأول بس لازم نعند وخلاص.
لم تفهم مقصده بالبداية لكنها أدركت الأمر حينما أشار إلى مكان جلوسها لتكتم غيظها مجبرة فهو لغم واقترابها منه يوترها أكثر من توترها بوجودها في هذا المكان.
طلب استعارة هاتفها لتعطيه له، سجل رقمه واستمعت لنغمة هاتف آخر بالغرفة لتندهش من إجراء اتصال من هاتفه لهاتفها بسماجة لتعلق عليه بسخرية
- بلاش تشوف هندي تاني.
اختتمت كلماتها بانتشال الهاتف من بين يديه قبل قرارها بالرحيل، ناداها لتلتفت له بتساؤل ليخبرها بهدوء
- هستناكِ الجلسة الجاية.
- مش هآجي.
قالتها بإقرار ليجيبها بإصرار
- هستناكِ.
خرجت من الغرفة دون التفوه بالمزيد فهي بحاجة إلى الإختلاء بنفسها بعيدًا عن أعين الأقربون منها لتفكر بخطوتها القادمة دون إجبار من أحد.
استقبلتها صديقتها بالمَسكن وكذلك صديق الأخرى لينظرا لها بقلق لتنظر إلى آية بحزم قبل قولها بإصرار
- أول وآخر مرة تحطيني في موقف زي دا.
تركتها ورحلت دون إضافة المزيد تنتظرها بالأسفل حتى تُنهي أمورها العالقة مع هذان الأحمقان بالأعلى.
العناد لن يصل بك سوى لطريق مسدود نهايته تكافح على العبور من خلاله إلى الجهة المقابلة لكن دون نتيجة تُذكر فالحائل أكبر من آمالك، أشد من ضعفك، أطول من طموحك لكنك لم تدرك ذلك إلا عندما أصبحت محاصر بكائنات مفترسة تتغذى على خوفك من ناحية وخلفك جدار بارد لن تستطيع تجاوزه إلا إذا تخلت عنك روحك لتبقى جثة هامدة تبحث عن مَن يدفنها تحت الثرى.
ومريضته عنيدة يعلم ذلك جيدًا فمنذ أول جلسة لهما وهي نفذت وعدها ولم تعد مجددًا حتى أنها لا تجيب على اتصالاته المتكررة لينغلق هاتفها نهائيًا دون كلمة وهو لازال على حالته ينتظرها بعيادته كل يوم في نفس الموعد الذي أتت به والنتيجة أنه يُغلق المكان ويعود أدراجه من حيث أتى خالي الوفاض.
استمر الأمر هكذا لما يقارب الأسبوعين حتى أتاه اتصال هاتفي من رقم مجهول في منتصف الليل وحينما فتح الخط استمع إلى صوت بكاء لفتاة ليسأل عن هوية المتصل وما إن طال الصمت وارتفعت صوت الشهقات أخبرها بقلق
- آنسة رؤى.
استقام في جلسته قبل قوله بتساؤل مضطرب عما حدث لها ليُتابع حديثه مستائلًا
- إنتِ فين!
أخبرته بمكان وجودها ليحذرها بالمغادرة وهو لن يتأخر عنها بل سيكون عندها في الحال ولزيادة طمأنتها ظل يثرثر معها في مواضيع عدة حتى لا تغلق المكالمة ولا يستطيع الوصول إليها مجددًا مقررًا بذلك حمايتها حتى تستطيع مواجهة خوفها ثانيةً والمضي بحياتها دون ذيول من الماض قد تعرقلها بتشفي.
*******
أنت تقرأ
نوفيلا "رُهاب"-"أسماء رمضان"
Romanceماذا يحدث لو ظهر أمامك فجأة فتاة في الظلام ودون مقدمات تهوي على رأسك بعكازها ثم تخبرك بعدها بمنتهى البرود "أنها آسفة" وتهرب بين طيات الظلام كما أتت منه..