صعدت درجة واحدة من الدرجات المؤدية لسطح الدار الصغيرة المتواضعة والتى شُيد سقفها من عروق الخشب وجريد النخل،وقبل ان تصعد الدرجة الثانية للدرج المُشيد من الطين حتى سمعت صوت زوجة عمها وهى تهتف بأسمها:"صبا"التفتت بحرج ووجنتين تخضبت بالدفئ والإحمرار،لتقابلها عيني زوجة عمها الباسمة بمكر قائلة:"إلى أين صبا؟"
"سأساعد رابحة وأطعم الطيور"تمتمت ورفعت الإناء الذى بيدها لتبرهن على كلامها.
"حسناً،لكن إذا اقترب منك ذلك الديك إخبريه أننى سأصعد إليه بنفسي واكسر مُنقاره "
ما ان انتهت زوجة عمها من كلامها حتى كانت ضحكتها الهادئة تزين وجهها فكلتاهما تعرفان أنها صاعدة لتلتقى بأحمد إبن عمها وخطيبها منذ عامين.
لاحت ابتسامة خجلة على وجه صبا وهى تحلم باليوم الذى ستكون هذه الدار دارها،وحينها ستتخلص من إذلال زوج والدتها وقسوته ونظراته التى تكاد تشعر بها تخترق جلبابها وتعريها.
"هيا اصعدى الديك ينتظرك ولكن لا تتأخرى،لا نريد مزيد من المشاكل مع زوج والدتك،ما هى إلا ستة أشهر يا ابنتى تحمليها،وبعدها ستكونين هنا بيننا"
اومأت الصبية ذات السبعة عشر ربيعاً بإستسلام وأمل وهرولت صاعدة الدرج نحو سطح المنزل الذى ما ان خطت قدميها أرضه حتى التفت ذراع نحيلة سمراء حول خصرها فشهقت بقوة:"أحمد!!"
"افتقدك صبا،كدت اعانقك امام شقيقتك ووالدتى عند رؤيتك"همس أحمد وهو يجذبها نحوه فتمنعت بدلال واضعة كلتا يديها فوق صدره تدفعه بعيداً.
"تأدب أحمد،والدتك تعرف أنك بالأعلى،ماذا ستظن بنا الآن؟"
"إنها تعرف أن ولدها أضناه الشوق يا حبيبة الفؤاد"همس وهو ينحنى سارقاً قبلة خاطفة من وجنتها قبل أن تدفعه بعيدا وتهرب لتضع الطعام أمام الطيور.
فلحق بها وتحولت نبرته إلى الجدية وهو يسألها:"كيف حالك صبا؟هل هناك جديد مع زوج والدتك؟"
"لا تقلق،اعتدت قسوته،ربما ضربه يؤلم جسدى ولكن ما عاد يستطيع أن يؤلم روحى..فروحى أصبحت لا شاغل لها سوى إحصاء الأيام المتبقية على الخلاص"
"الصبر يا ست البنات،ما عاد سوى ستة أشهر على إنتهاء فترة التجنيد وسأعود ونتزوج ولن يكون له سلطان عليكِ،مثلما تحررت رابحة من قسوته"قال بينما يديه تداعب جديلتها البنية بلون العسل الجبلى.
"جميعنا ننتظرك يا أحمد،والدتك تنتظرك ليستعيد هذا المنزل عافيته،وهاشم وكأن الحياة تعود إليه حينما تكون بعطلة وحتى رابحة وطفلها ينتظران بأمل عودتك حتى تنتشل هاشم من ذلك التيه والشرود الذى يَهيم فيه"
"هذه العطلة سأنتهى فيها من بناء غرفتنا،إنظرى ستكون هناك فوق غرفة هاشم ورابحة"قال محاولاً دفع الحزن بعيداً عن ملامح وجهها الجميلة الناعمة.
أنت تقرأ
رواية صبا العمر الجزء الثاني من سلسلة حواء بقلمي نورسين (دعاء أبو العلا)
Romanceضحية أم داهية ماكرة!! جعلتونى ضحية فتغلبت عليكم جميعاً فلا تطلبوا منى الآن الشفقة التى طالما طالبتكم بها..اصمتوا فها قد آن آوان أن تستمعوا لصوت رنين أساورى الذهبية الشجى فقد إنتهى آوان صرير القيود الصدئة. معذرة لا تلوموها فلم أكن أفضل منها حالاً،الف...