إلتفت يتبع بنظراته الفتاة ذات العينين التي تترقرق بها الدموع ويملأها طوفان حزن عميق يهدد من يحاول الاقتراب ان يبتعد ويظل على الشاطئ حتى لا يغرق في عاصفة مظلمة لا رجعة منها ورغم ذلك ود لو غامر وخاض العاصفة وكأن مجهولاً يهتف به ويناجيه..
"مصطفى؟!" همهمت فضيلة بينما هو يعقد حاجبيه بدهشة ويستدير لينظر نحوها.
"من كانت تلك الفتاة؟"سأل مصطفى ببعض من الشرود محاولاً تذكر إن كان رآها من قبل ولكنه علي يقين أنه علي الاقل لم يراها منذ عاد للبلدة فهو لم يكن أبداً بينسي تلك النظرات التى تخترق الروح بسهام من الحزن.
"إنها صبا"تمتمت فضيلة وهى تتبع الفتاة بعينيها للحظة ولكنها لم تستطع سوى أن تلتفت مرة أخرى لمصطفي وتسأله بنبرة مزيجاً بين اللهفة والخوف وهى تتلفت حولها وعينيها تبحث عنه وحينما لم تجده:"كيف حال هاشم؟لما عدت وتركته؟ألم تعاهدنى أنك ستكون بجانبه دائماً؟"
"هاشم بخير حال خالتي اقسم لك،لقد عدت حتى اطمئن عليكن وعلى جدتي وكان لدىّ بعض العمل ثم سأعود للقاهرة الليلة إن شاء الله"
ربت مصطفى علي كتف فضيلة وهو يحدق بوجهها الذى بدا مهموماً وحزيناً وعينيها التى بدت شرايينها حمراء من أثر النحيب فألقى بنظره نحو الداخل ليجد زوجة صديقه أيضاً صابها من الهموم جانب فهز رأسه بآسى وبالرغم من انه لا يريد أن يتطفل ولكنه يعرف ان تلك العائلة لديها من الهموم اكثر بكثير من صديقه المريض بالاكتئاب..
"هل هو بخير حقاً؟هل سيعود؟"هتفت رابحة التي انتفضت من مكانها واتجهت نحوه.
"قسماً بالله انه بخير حال،وسيعود لكم قريباً"
كان يعرف انه لازالت تتحكم بهم تلك الأفكار المغلوطة عن المريض النفسي،لديهم تلك المعتقدات عن ان المريض النفسي يوضع بمشفى الأمراض العقلية ويتعايش اهله مع فكرة انهم فقدوه للأبد،لكن هل يستطيع أن يلومهم على ذلك؟لا بالطبع فهي ثقافة مجتمع كامل..ثقافة ومعتقدات رسختها الدراما التلفزيونية والسينمائية على مر السنوات،وللأسف تلك الوسائل المرئية هى وسيلة التثقيف الوحيدة لملايين البسطاء.
"اريد ان آراه..إن كان بخير حقاً،فأنا اريد رؤيته"تمتمت رابحة بنبرة توسل مختنقة بالرغم أنها لم تتوقع استطاعة مصطفى ان يلبي طلبها لذا اتسعت عينيها حينما استمعت لموافقته.
"ولما لا،يمكننى ان اصطحبك انتِ وخالتي معى للقاهرة...ثم انتظرا"
اخرج هاتفه ومرر أصبعه ليظهر لهما صورة له هو وهاشم وهما يقفان فوق تلة خضراء عالية بحديقة الأزهر (إحدى المتنزهات والتي تقع بالقرب من القلعة).. اتسعت أعين فضيلة وهي تمسك الهاتف بسرعة من بين يديه وتنهال علي الصورة بالقبلات بينما تنهمر الدموع من عينيها..
![](https://img.wattpad.com/cover/371614883-288-k146358.jpg)
أنت تقرأ
رواية صبا العمر الجزء الثاني من سلسلة حواء بقلمي نورسين (دعاء أبو العلا)
Romanceضحية أم داهية ماكرة!! جعلتونى ضحية فتغلبت عليكم جميعاً فلا تطلبوا منى الآن الشفقة التى طالما طالبتكم بها..اصمتوا فها قد آن آوان أن تستمعوا لصوت رنين أساورى الذهبية الشجى فقد إنتهى آوان صرير القيود الصدئة. معذرة لا تلوموها فلم أكن أفضل منها حالاً،الف...