الفصل الثامن والعشرون

77 1 0
                                    

هزت رأسها بحزن وهي تتأمل صديقتها التي تدعي النوم بالرغم من يقينها أنها ليست نائمة ولكنها وسيلة تهرب بها من إلحاحهن عليها حتى تتناول الطعام أو تغادر الغرفة وتجلس معهن،فأغلقت باب الغرفة خلفها وهي تحمل صينية الطعام بإحدى يديها قبل أن تضعها بقوة على الطاولة غير مبالية بكوب العصير الذي تناثرت قطراته على الصينية،وإتجهت نحو صديقتها الأكبر عمراً ملقية بجسدها بغضب فوق المقعد وهي تتأفف بينما تنظر لصديقتها قائلة:"إلى متى سنتركها بهذه الحالة؟إنها بالكاد تتناول العصير وترفض الطعام،كنت أعتقد أنها بمرور الوقت ستهدأ وستثور كرامتها وتتغلب علي حزنها ولكن مر أسبوع وهي علي ذات الحال بل أسوأ"

هزت العنود رأسها بيأس من إندفاع صديقتها رنيم المعتاد وأجابت بنبرة متزنة هادئة:"رنيم,سلمى ليست إمرأة خانعة ولا هي ضعيفة وأيضاً كرامتها ليست هينة لديها ولكنها إمرأة عاشقة ومن حقها ان تبكي طفولتها وصباها وشبابها"

بغضب وإستهجان يعود لحزنها على صديقتها إندفعت تضيف:"عاشقة لإنسان حقير نذل،لا يستحقها ولا يستحق دموعها،لو كنت بوضعها لسحقت قلبي بقدماي بدلاً من النحيب على كائن من أشباه الرجال"

تنهدت العنود بقوة قبل أن تجيب رنيم:"أنتِ لم تعيشي حياة سلمى لتصدري أحكام حول ما كنت ستفعليه لو كنتِ بموضعها،تعلمت من خبراتي بالحياة أن أتفهم مشاعر الآخريين وأتقبل إختياراتهم حتى لو لم أكن مقتنعة بها"

تجهم وجه رنيم بحرج وشعرت بنبرة التأنيب في صوت صديقتها الأكبر عمراً فأجابتها:"إنني فقط أشفق عليها،يجب أن تفكر في نفسها وفي طفلها..أريد أن أساعدها ولا أعرف كيف"

"مساعدة صديقتك لا تكون وفقاً لرؤيتك للأمور،يجب أن نساعد الآخريين تبعاً لإحتياجهم..تلك هي المساعدة الحقيقية"قالت العنود ثم ربتت على ساق صديقتها الأصغر عمراً والتي لم تتجاوز الرابعة والعشرين من العمر ثم أضافت:"سأهبط الآن لشقتي فزوجي سيحضر الليلة فزوجته الثانية لديها عذراً شهرياً وسيبيت معي"

تابعتها رنيم بزفرة إستياء حتى غادرت العنود الشقة وما كادت تغلق الأخيرة الباب خلفها حتى دق هاتف الفتاة الشابة فأجابت على الفور قائلة:"وكأنكِ تشعرين بي،قسماً بربي أشعر أنني أعيش بين حمقاوات ولولا إمرأة مثلك لظننت أننا كائن درجة ثانية خلق للترفيه وتقديس الكائن السامي المسمى بالرجل"

"إهدئي يا فتاة ماذا حدث؟"هتفت زينة بها بينما تجلس في مطبخ شقة شقيقتها وهي تقطع الخضروات لإعداد السلطة والسماعة تستقر بأذنيها.

"أخبريني سبب واحد يجعل إمرأة مثل العنود تظل مع رجل متزوج من أخرى،لديها مبنى كامل ملكاً لها ولديها ميراث من والدها،ولديها يستكملون تعليمهم الجامعي في أمريكا..وتلك البائسة بالداخل تبكي رجلا حقير لا يستحقها،لن أصاب بالصدمة إن ألقت بنفسها بين ذراعيه فور رؤيته"

رواية صبا العمر الجزء الثاني من سلسلة حواء بقلمي نورسين (دعاء أبو العلا)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن