إلتفت ذراعه حول جسدها حينما غفت عينيها وسقطت رأسها وما أن فعل حتى فتحت عينيها بسرعة ببعضٍ من التيقظ فهمس لها بينما بيده الأخرى يثبت رأسها لكتفه:"لازال الطريق طويل يا ضي العين يمكنك أن تغفي قليلا"
"لا...أنا بخير"تمتمت بإرتباك وخجل محاولة رفع رأسها من فوق كتفه ولكن يده لم تمنحها الفرار واستمر بتثبيت رأسها على كتفه جاذبا جسدها أقرب إليه بذراعه التي تلتف حولها حتى استسلمت.
"علي توقف عن تمسيد شعري سأنام"تمتمت ما بين اليقظة والنوم.
فواصل تمسيده بإبتسامة أضاءت وجهه كما أضاءت قلبه وهو يجيبها:"استسلمي للنوم إذاً لأنني لن أتوقف"
لم تمض دقائق وقد شعر بإنتظام أنفاسها وثقل رأسها على كتفه فأدرك أنها بالفعل قد غفت،تنهد بإرتياح بينما إنخفضت عينيه يتأمل وجهها على ضوء السيارة الخافت وسط ظلام الطريق وعادت إبتسامته وهو يتمتم بصمت:"وكأنني إنتظرتك دهراً يا ضي العين،إنتظرت أن يبدأ العمر معكِ..سنوات طويلة إرتضيت بنبضات قلبي الرتيبة فتجربة واحدة كانت كافية..الشعور بأنكَ حِملاً ثقيلاً،ضيفاً غير مرغوب به فى منزلك،غرفتك،فراشك..شعور لم أكن على إستعداد لتجربته مرة أخرى أبداً"
تحرك قليلا ليصبح أقرب لها لتصبح رأسها على صدره وإنخفضت شفتيه يقوم بتقبيل قمة رأسها ملقياً نظرة على مصطفى الذي يركز تماماً بالطريق أمامه فقد أصر أن يقود هو السيارة أثناء طريق العودة بدلاً من السائق..نظراته لا تحيد عن الطريق المظلم والذي يحتاج لإنتباهه كاملاً.
"لم يكن عليك إرهاق نفسك يا مصطفى"قال علي بإمتنان وللحظة الآن شعر أنه ربما كان مخطئاً فأمنيته بقضاء أول ليلة له مع زينة بالبلدة أرهقت الكثيرين.
نزع مصطفى سماعات هاتفه التي يستمع عبرها لموسيقاه المفضلة وأجاب:"لم أكن لأشعر بالإرتياح إن لم أفعل يا دكتور،الطريق ليلاً يحتاج اليقظة وما كنت لأترك القيادة لسائقك"
إبتسم علي بإمتنان ولم يجيب الشاب فهو يعرف أن مصطفى لم يكن ينتظر إجابته،ولا حتى الشاب الأسمر ذو الملامح الحادة الذي يتبعهما بسيارته كان يستطيع علي إثناؤه عن قراره الذي إتخذه باللحظة الأخيرة أن يتبعهما بسيارته للحماية.
"الطرق مظلمة ولا ندري ما يتربص بها يا دكتور،سنكون أنا وسائقك بسيارتي خلفكما على الطريق"
تذكر علي كلمات سعد والتي لم تكن خاضعة لأي جدل فطبيعته السوداوية تجعله يتنبئ بالأسوأ دائماً وكأن قطاع طرق أو متربصين سيهاجموهم فقد لمحه يُعد سلاحه ويضعه أمامه بالسيارة بعد أن أكد على مصطفى عدة مرات ألا يتوقف لأي سببٍ كان..إنه يشفق عليه كثيرا من أفكاره التشاؤمية التي تستنفذ روح الشباب بداخله وتجعله يبدو أكبر من سنوات عمره.
إمتدت يدها لتستند إلى ساقه فقاطعت تفكيره وأخفض عينيه نحوها..كانت تتململ قليلا بين ذراعيه متخذة وضعاً أكثر راحة ولكنها تغفل عن جسده المتيقظ لكل حركة من جسدها رغم محاولاته أن يذهب بتفكيره بعيداً عنها..ورغما عنه عادت له ذكرى زواجه الأول،أرملة عشرينية بعينين متورمة من البكاء وزينة أفسدتها الدموع كانت بإنتظاره بغرفته بعد أن إنتهي عقد القران الهادئ بدون أي مظهر من مظاهر الزواج إحتراماً للحداد على زوجها الأول الراحل..دموعها طعنت رجولته بالرغم من أنه يُقدر أنها مجبرة مثله تماماً على تلك الزيجة ولكنه شعر بتلك اللحظة وكأنه مغتصب..لم يلمسها ولكنه إغتصب مكاناً لم يكن له سمعها تصرخ لوالدها أنها تريد أن تموت وهي إمرأته زوجته لم يمسسها رجل سواه،لتلقاه بعد الفناء وهي زوجته.
أنت تقرأ
رواية صبا العمر الجزء الثاني من سلسلة حواء بقلمي نورسين (دعاء أبو العلا)
Roman d'amourضحية أم داهية ماكرة!! جعلتونى ضحية فتغلبت عليكم جميعاً فلا تطلبوا منى الآن الشفقة التى طالما طالبتكم بها..اصمتوا فها قد آن آوان أن تستمعوا لصوت رنين أساورى الذهبية الشجى فقد إنتهى آوان صرير القيود الصدئة. معذرة لا تلوموها فلم أكن أفضل منها حالاً،الف...