تضحية

77 3 0
                                    

وصلت لتلك المرحلة من العشق أن لأ تكون التضحية بشئ، بل بالاستعداد أن أضحي بكل شيء سواها.🤎🍂
ادعوا لأهلنا في فلسطين و السودان و سوريا.
_________ الفصل السابع عشر _________
النوم براحه هو أجمل ما تقدمه لإنسان بعد ليلة متعبة من الألم... لكن ليس بهذا المنزل و في هذا اليوم تحديداً... دخلت والدتها توقظها بصوت ناعم و لم تطرق الباب حتي لأ تستيقظ مفزوعة، لكنها الآن و بعد تلك الصرخة الناعمه استيقظت بكم من الراحه لأ مثيل لها، هي فقط ستصاب بنوبة قلبية بسيطه، لكن رغم هذا ابتسمت و هي تقول بصوت تحاول جعله طبيعي من اللهفة و الخوف و الكثير من الفرحة لرؤيتها لوالدتها و أنها هي من توقظها، معني هذا أنها لن تتجاهلها مجدداً ، لكنها ذهلت من حديث والدتها الذي كان فحواه باللهجة الريفية المعروفه باعطاء هيبة لبعض الحروف أي تفخيمها: قومي يا بت بقينا الضهر...
جعلتها تنهض جالسه حيث تصرخ بها والدتها مكملة وصلة صراخها: بت يا نوران قومي اغسلي وشك و تعالي عشان تخبزي معانا و متتأخريش .
ضربت كف بأخر و هي تردف بحسره اثناء خروجها: ياتها نيله اللي عايزه تخلف بنات، ياتها نيله اللي عايزه خلف أصلاً  .
كل هذا تحت نظرات نوران التي لم تردف الا ب: صباح النور يا حبيبتي.
و هي لازالت لم تستوعب ذاك الاستقبال من والدتها ثم أمسكت بهاتفها تري الساعه به فوجدتها التاسعه صباحاً لذا أردفت بضيق: الضهر هنا بيأذن بتوقيت الكويت باين.
بينما بالخارج كانت نور تعجن العجين و والدتها تشرف عليها و هي تشرب شايها و لا يعكر صفوها سوا الحركات الخاطئه من نور لتردف بغضب:لتي عدل يا بت أنتِ و بطلي مياعه.
أردفت نور بتذمر:يا ماما كتير اوي هو أنتِ هتخبزي لعيله؟.
أردفت ولدتها بضيق:أنتِ عايزه أهل أبوكي يأكلوا وشنا و يقولوا إن احنا ناس بخلاء بنأكول اللقمة بحساب و لا بنحسب الانفار؟ و بعدين ستك جايه النهارده عشان حنة البت سما و أكيد عماتك هيجوا،يجو بقى ساعة غداء منلقوش عيش فنروح لفولانا نقلولها رغيف يا خاله؟.
صمتت نور و لم تجد رد على الرواية التي ألفتها والدتها إلا الصمت، تعلم أن حديثها صحيح خاصةً هنا في الارياف  لكن يديها حقاً بدأت تؤلمها بالاخص عندما يتماسك العجين أكثر،اقتربت منهما نوران و هي تتماطأ بكسل مردفة:صباح الخ...
لم تكمل حديثها عندما وجدت والدتها تصرخ بها:غطي الكوته بتاعتك بسرعه يا بت هتنزل على العجين و نتفضح و الناس تأكل وشنا.
كانت نوران تفتح عينيها بصدمة بينما نور كانت تقلب عينيها بملل لتردف يسرى مجدداً(والدتهما):أنتِ اتصنمتي مكانك ليه؟... اخلصي هاتيلك طرحه من جوه بسرعه و تعالي.
لوت نوران شفتيها بحركه تدل على قرب البكاء:هتمرمط.
بينما نور ضحكت علي تعابير توأمتها متمتمه:هتتمرمط.
لكن ما لبثت حتي سمعت صوت والدتها مردفه:لتي عدل يا بت أنتِ كمان اخلصي.
عضت على شفتيها بغيظ متمتمه:نفس مرمطتي.
___________
بعض القرارت إذا اتخذت بتهور و قلة خبرة و قلة تفكير عقلاني...ستؤدي بك حتماً للهاوية.
هذا ما فكر به فارس و هو يستنتج مستقبل ولده،  ليس صغير له قراراته المستقله التي لم يتدخل هو يوماً بها يتركه ليجرب ثم يختار، لكن قرار كهذا لأ رجعة به و لا فرصة للنجاة منه أيضاً و لا بديل قد يعوضه عن ما سيفعل، الامر غير محلول بالنسبة له كذالك، لن يمنعه إن أحبها بصدق لكن عليه أن يتأكد ليس منه أيضاً بل من الاثنين على حد سواء...
بينما في مكان اخر و على مقود السيارة كان ينام شريف مغلق العين واعي الفكر مهموم البال، هو يحبها لأ يعلم، كيف؟، و متي!؟ و لما؟، لم يأخذ وقته في شيء، حتي عندما قرر أنه قد يترك عمله لأجلها لم يفكر كثيراً، لكن بالله هذا عمله الذي سعى به حتي يصل لأعلى المراتب!؟ أ تأتي احداهن و تضرب بكل مبادئه عرض الحائط!؟ نعم تأتي بل هي أتت بالفعل و وقع بحبها و حدث ما حدث، و الآن ينتظرها و للحق لأ يعرف ما يقول، رفع رأسه عن المقود و بدأ يهدأ نبضات قلبه عن طريق التنفس المستمر، لكنه كان يفعلها بهدوء، و بدأ يملس على رقبته بتعب، حتي خرجت له هي و معها خديجه، اجلستها بالخلف و ربطت لها الحزام، ثم طالعته باستغراب من وجهه الشارد، جلست بجواره و هو يبتسم يستدير لخديجة: اخبارك ايه يا جوجو؟.
ابتسمت له الصغيره بتميز لصوته و قالت بلهجة مصرية بها شيء من التحريف في النطق: كويسه، الحمدلله.
ابتسم لها و هو يعلم أنها لأ تراه، لكنه أحب تلك المراهقة الصغيرة المسالمه و يشفق عليها مما عاشته، ليكمل و هو يطالع سر و يقول بابتسامة مشتاقه لتلك الفاتنة أمامه التي لم يرها منذ أيام: اربطي الحزام.
فعلت كما طلب، لكنها لم تبعد عينيها عنه، فقال و هو يبتسم لها بمشاكسة: عارف إني قمر ،بس غضي البصر يا مسكره.
قالت له و هي تضحك: مسكره يا عشوائي!؟.
قال لها يجيبها بسخرية: خلاص يا أم السرور و لا تزعلي.
تنهدت بصبر ثم طالعت ابتسامته الباهته،و قالت: مالك!؟ في حاجه مضيقاك!؟.
هز رأسه بلا، و قال و هو يطالع خديجه بالمرآه و كانت النظره ذات مغزى فهمتها سر: لأ، أنا تمام.
انتظرت حتي يذهب بهم حيث مكان يمكنها أن تترك خديجة به و تستطيع التحدث معه براحه، إلى أن ذهب بهم لأحد الحدائق العامة، ترجل من السيارة و أخرج خديجة منها بعد أن فك لها حزام الأمان، ثم امسك يديها و بدأ يلعب بخصلاتها الحرة المنسدل كما خاصة شقيقتها التي فعل بها الهواء الأفعال و لعب على وتيرة قلب شريف و هو يطالعها بشرود، لتستدير له سر و هي تطالع تحديقه بها باستغراب، ثم انقلبت لابتسامة خبيثه و هي تمسك يد خديجة منه و قالت: عارفه إني قمر، بس غض البصر يا مسكر.
قال شريف و هو يطالعها يمثل الاشمئزاز: مسكر يا عشوائيه!.
ضحكت سر و هي تسبقه إلى الداخل و معها خديجة، و بعد أن دخلت استغربت تأخره و أنه ليس خلفها، ثم عادت ابتسامتها مجدداً و هي تراه  مقبل عليها، سار معها حتي وصلا لنقطة معينه، انحني للصغيرة و أعطى لها كيس به الكثير من البالونات الملونه و قال و هو يبتسم لها: دي بلالين، هتقعدي جمبنا هنا و تنفخيهم و بعدها تلعبي بقي...
ثم أكمل و هو يبتعد عنهم قليلاً تحت أعين سر المستغربه و أخرج صفيراً عالياً من فمه يثير انتباه المتواجدين ثم قال بصوت عالى يستهدف نخبة من الاطفال الذين حوله: عاملين مسابقة نفخ بلالين يا ولاد تعالوا العبوا، و اللي هيكسب ياخد البلالين اللي نفخها.
ضحكت سر عليه بعدم تصديق،ثم ابتسمت بامتنان.
عرض مغري بالنسبة للأطفال، و لاقى روجاً من فئه معينة منهم، قرب خديجه من موضع تواجد الامهات حتي يكن مقتربين من أبنائهم و لا يحسبون الامر سرقه، و هو و سر جلسا على مقربة تسمح لهم برؤية خديجة التي بدأت تتفاعل مع الاطفال بابتسامة مشرقه، على الرغم من أنها ليست طفلة بذاك المعنى المتعارف عليه بل كانت أكبر من بعضهم بسنوات، لكنها و على الرغم من تربيتها وسط أجواء ممتلئة بالجفاء العاطفي، إلى أنه و للعجب بغياب و حضور سر كان جدها عطوفاً لطيفاً معها، لكنه لم يعطيها طفولتها، و ذاك فاقد الطفوله، يفرح بأقل مجهود يشعره بالاهتمام، و يعيد طفولته ليعوض ذاك النقص بها، و يظهر أنه سعيد أو لن يظهر، و كانت الصغيرة تظهر بكرم.
انتبه شريف لسر و أعطاها كماشة مطاطية و بعد أن أخذتها قالت باستغراب: ليه دي!؟.
قال و هو يطالع خصلاتها: لمى شعرك.
ابتسمت بسخرية و كانت ستدخل ما أحضره بجيبها، فأمسكه منها، و جذبها من شعرها بلين يديرها لصدره، تحت مقاومتها و عدم استسلامه، إلى أن قالت بصراخ جذب أنظار الناس لهم: خلاص، هات هحطها.
أخذتها منه، اعتدلت لتكون بمقابلته مرة اخري و هي تتأفف بضيق فقد خرب شعرها، و بدأت في فعل ما يطلب، ثم قالت بحده: ايه ده بقي!؟ احنا فينا من كده!؟.
هز رأسه بابتسامة بريئه و قال: فينا من كل حاجه يا أم السرور... و دلوقتى بقي اسمعيني شوية!؟.
طالعته بانتباه ليقول هو بعد تنهيدة طويله: أنتِ معاكي كام جنسية؟.
قالت له و هي تطالعه باستغراب: اتنين، المصرية و التانيه...
و قبل أن تكمل قال بهدوء: جدك كان مهتم يديكى الجنسية التانيه...
أكمل بسخرية:  تحسي إن جدك دماغه كانت تعبانه... ما كان خطفك زاي ما بيعمل علطول ايه اللي كان هيحصل.
تأفف بضيق لتطالعه هي باستغراب و سألته: أنا مش فاهمه حاجه، هو أنت مضايق ليه!؟.
تنهد بصبر ثم سألها سؤال أخر غير مكترث بسؤالها ذاك: أنتِ دلوقتى كان إسمك سرينا، ايه اللي اختلف لما حولتيه لسر و باقي كل حاجه زاي ما هي؟.
قالت هي بجدية و ضيق من كل تلك التحقيقات معها: مش كل حاجه زاي ما هي، أنا سبق و قولتلك إني معرفش إسم أبو بابا الأصلي، اللي مكتوب عندي في اوراقي الشخصية إسم مش مشهور بيه، أما إسم الشهره و لقب العيلة أنا معرفهمش، و لما رجعت مصر تاني مختصرتش غير إسمي، و دي كانت حركة غبيه منى، بس أنا فكرت علشان سفرت و محدش سألني منهم عن أي حاجه ليها علاقه بالاوراق الشخصية يبقي محدش يعرف حاجه.
قال لها شريف بهدوء: تفتكري يعني كانوا ادوكي الجنسية ازاي و هما ميعرفوش حاجه عن اوراقك الشخصية!؟،و لا سفروكي ازاي بطريقة قانونية!؟.
شعرت بغباءها للحظات، لتحمحم بحرج، ثم سألته مجدداً بضيق: أنت بتسأل الاسئله دي ليه!؟.
قال و هو يبعد أنظاره عنها مطالعاً الاطفال و ابتسامة خديجة بشرود: بحاول أطلع أي ثغره تفيدني... ثم أكمل بتذكر و قال: إسم جدك في اوراقك ايه؟.
قالت هي بدون تفكير رغم استغرابها من حديثه: راشد السوهاجي.
انكمشت ملامحه باستغراب، يشعر أنه سمع الاسم قبلاً،لذا قال و هو يرجع خصلاته التي خرجت عن صفها المرتب: السوهاجي...يعني أنتِ إسمك سر حسن راشد السوهاجي؟.
هزت رأسها بنعم ثم قالت: أكملك؟.
قال هو يجيبها: من الاخر!؟.
هزت رأسها بلا و قالت: من النص.
هز رأسه بلا ثم قال بشرود و تنهيدة عميقة من ما هو قادم عليه: شكلك طلعتي سر بجد يا سر.
____________________
جلسة عائلية ركزت النظر على فرد واحد و كان أمير، الذي جلس يرد كل سؤال و تشكيك عليه حين قال لوالده: خلاص كده المفروض إني أخدت الاجازه، الباقي هيبقي تحقيقات محدش من الفريق ليه علاقة بيها.
سألته نورسين و هي مستمتعة و متحمسه بتلك القصة المثيره: يعني انتوا كده قبضتوا على المتهم و اعترف، بس في واحد هرب منكم و يدوب من الناس اللي بيشيلوا و يحطوا بس!؟.
ضحك أمير و هو يجيبها: ايوه من الناس اللي بيشيلوا و يحطوا بس يا نور.
سأله رامي بشك: يعني الواد اعترف و لورا دي كمان اعترفت عليه!... ده ايه السهوله دي!؟.
طالعه أمير بحده بينما رامي أكمل غير مهتم بنظراته: من كل اللي حكيته ده يبان إن الواد أهبل و صغير في السن، و ملهوش في جو المافيا و العصابات ده، في حد أك...
ضربه أمير بكوعه في بطنه بالخفاء ليصمت الاخر و هو يقطع حديثه متأوه بصوت عالي، جعل والده يزداد شكاً لكن رغم هذا راعى نظرات نورسين القلقه و هي تنهض لترى ما به رامي، ففعل المثل و هو ينحني على إبنه الكبير قائلاً بخفوت قصد أن يسمعه لأمير بجوار رامي: ما بلاش الشغل ده يا ولاد الكلب...ده أنا بابا برضو.
ضرب رامي على ظهره كأنه يربت عليه و قال:ابقى روح حلل.
قال رامي و هو يطالع والده: و الله يا حاج ما اعرف أي حاجه.
هز سليم رأسه بسخرية و سحب ابنته خلفه قائلاً: يلا يا نور علشان تكملي مذاكره، و سيبي اللي متدفي في حضن صاحبه يمكن لو طلع ياخد برد و لا حاجه.
ذهبت معه نور و هي لم تفهم تلك الشفرة التي القاها والدها تواً... و من فهم كان أمير و رامي كذالك الذي قال بضيق: الحكاية اللي حكيتها دي متدخلش عقلي، أنا عايز الحقيقه المتدفيه يا أمير.
قال أمير بسخرية و هو يطالع شقيقه: مش خايف لتاخد برد و لا حاجه!؟.
هز رامي رأسه ببرود و قال: إن شاء الله تموت بس بعد ما أسمعها.
قال له أمير بعد تنهيدة عميقه: الصفقة كانت برعاية ممدوح.
صدم رامي من الاجابه ثم سأل شقيقه: و ايه اللي دخل مذموم على رأي شريف!؟ هو راشق في أي حاجه كده و السلام!؟.
ثم أكمل باستغراب: طب لورا شهدت على الواد ازاي، و ازاي المحققين صدقوا كده على واد زاي ده!؟ أنا حاسس إن دماغي هتنفجر.
قال أمير و هو يخرج أحد لفافته و يشعل بها النار: و الله موضوع لورا ده اسئل في شريف، هو اللي اتكلم معاها قبل كل ده ما يحصل، مش عارف بقي قالها ايه، أما ازاي صدقوا، ممدوح رتب كل حاجه شكله كان حاسس إنه هيتمسك، و فارس باشا كملها.
طالعه رامي بملامح مذهوله و هو يقول: فارس باشا ساعدكوا في التزوير!؟.
قال له أمير بضيق: متقولش تزوير بس، هو ساعدنا علشان الموضوع كان في ممدوح، و أنت عارف اللي بينه و بين ممدوح أكبر من السجن، عدى مرحلة الاعدام كمان.
هز رامي رأسه، و قال و هو يربت على كتف شقيقة بمؤازرة: خير... إن شاء الله اللي جاي كله خير.
ابتسم له أمير، ثم قال بهدوء رغم قلقه: رامي، أنت عارف إن بابا تعبان!؟.
قال رامي بعد لحظات صمت قليله مرت على الاخر كأنها دهر طويل: عارف بموضوع تعبه، نور قالتلي لما رجعت... و أنا كلمته في موضوع العملية و موافقش، بيقول عايز يقعد معانا كمان شويه، و إنه كفاية عليه لمتنا و الكلام ده.
بدى على ملامح رامي الحزن الشديد، و أمير وضع يديه على وجهه يخفي وجهه و كأنه ما فعلها إلا ليخفي حزنه هو الاخر، و كأن الحزن يمكن أن يخبئ و إن وضعت مئات الأقنعة و اخفيته بأيدي من حديد سيظل الحزن و طاقته الكئيبة طافية على السطح.
_____________"'

قيد النسيانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن