الحامي

73 2 0
                                    

صلوا على النبي💗
زيدوا الدعوات لأهل غزة و السودان 🇵🇸🇸🇩🤍
الفصل الواحد و العشرين.
______________
بعض الأماني لأ تتحقق بالتمني، فلو كان الأمر هكذا، لكانت تلك الأمنية البسيطة في أن تنسى ماضي مؤلم، تحققت منذ زمن، لكن لأ الأماني كانت يومًا رهن اليد، و لا الماضي له ألة زمنية فقط تعود بها لتنبه نفسها مجرد تنبيه أن ما تفعليه اليوم من أخطاء سوف يحيل حياتك جحيماً في الغد.
و ها هو الغد قد أتى محملاً بالكثير من رماد روحها و  قلبها المحترق.
تفكير نوران التي أرهقت به نفسها و هي تنتظر عمر في أرض عائلته البعيدة عن منزله و منزلها بمسافة ليست بالقليلة، شاردة البال تنظر إلى خط المياة الصناعي الذي يروي المزروعات الخضراء أمامها، ظلت على هذه الحالة إلى أن تحدث عمر الذي لم تلحظه بالجوار : براقة العين بها أذوب، جذبت قلبي و العين و الامعاء و الرئتين و الطحال و...
صمت قليلاً قبل أن يبحث بعينيه في الأرض عن ذاك الورد الصغير الذي ينمو على ضفاف الماء هنا، إلى أن وجدها فهبط بطوله يحضره لها، و قدمها لها بابتسامة لطيفة و هو يكمل: و الورود.

قالت له بغل و هي تمسك تلك الوردة منه و تلقيها بالماء: الجزار المهزأ بتاعنا، ازيك و ازاي أمك؟.
أجابها بابتسامة هادئة على الرغم من استغرابه، فمَن مِن المفترض أن يغضب الآن!؟.

: أنا كويس و هي كويسه الحمدلله، أنتِ أخبارك ايه!؟.

ما به هذا !؟ ألا يمتلك أي كرامة!؟ تتعجب منه و من حديثه و طريقته معها!؟ حليم في العادة، حليم عند غضبه أيضًا، حديث دار بينها و بين نفسها فقالته على لسانها ليسمعه و يجيب.

: أنت، في ايه بجد!؟ مفيش ذرة كرامة!؟ و لا شتيمة و لا أخدان حق! أنت محامي ازاي!؟.

حدق بها للحظات ثم قال بابتسامة لينة ماثلة حديثه.
:  هو معني إني محامي يبقى لازم مبقاش متربي و أخد حقي بطريقة اللي متربوش!؟.

هزت رأسها بنعم و كانت نظرتها تجاهه مستغربه، بينما هو أكمل يفهمها بهدوء و يحاول أن لأ يضحك من تفكيرها.
: ايه الفكرة الغريبه دي عن المحامين يا نوران!؟ ما أنتِ أختك في نفس مجالي و راسية و هادية أهي!؟.
بعد محاولات في أن يكبت ضحكته فشل و ضحك مكملاً .
:  أنا متربي و الله يا نوران مش ذنبي إنك متربتيش...
كادت تُسمعه حديثًا حادًا على أخر ما نطق به، لكنه استرسل يوقفها بابتسامة حنونة ظهرت بعينيه قبل لسانه الناطق بما يجول بخاطره الذي ظل منشغلاً بتلك العينين التي لن تفرق عن أي عين قد تراها بحياتك، لكنه لم يهتم فما يهمه هو تلك الروح التي تسكن العين.
: أنتِ قارورة يا نوران، قارورة صغيرة أخاف عليها تنكسر، و عايزه تتعاملي على كده،  مهما بينتي إنك حديد، اللي حتى هو كمان  قابل للإنصهار ، و سبق و قولتلك إنك وصية و أنا بروحي هصونها، و فوق كل ده بحبك.
توترت و ارتبكت للحظات و أبعدت عينيها عنه بخجل، تحتاج عقلها و لسانها الذي سُلبت منه الحروف، تنهدت تهدأ نفسها و كانت على إستعداد للنطق بابتسامة خافته و هي تتذكر معاملة و حديث والدها الذي سبق و أن كسر تلك القارورة، لكن ابتسامتها اختفت و لسانها انعقد مجدداً و جحظت عينيها بصدمة مما نطق به تالياً.
: و كمان أنا مش عايز أشيل مصيبة قتل إنسان، لأ دينيًا و لا قانونيًا.
حدقت فيه بذهول و لم تستطع أن تنطق إلا بي: ايه!؟.
أكمل ينظر لوجهها المصدوم بابتسامة مستمتعة.
: و خصوصاً لو كان الإنسان ده أنتِ يا نوران...
هنا و انتهت فترة ذهولها و كادت تصرخ فيه بغضب لكنه أكمل يستوقفها بابتسامة بريئة.
: أصلك أعز الناس و أحبهم لقلبي!.
طالعته بضيق من مراوغته لها، و اغتاظت من تلك الضحكات الصاخبة التي يصدرها مستمتعًا باغاظتها ، لذا قالت و هي تستعيد السيطرة على أعصابها مرة أخرى تحاول التذكر لما أحضرته هنا من الأساس.
: ممكن تسمعني بقى يا أبو سابعة و عشرين حرف أنت!؟.
هز رأسه و هو يبتسم لها ابتسامة سمجة ليغيظها  أكثر و أكمل عليها بالحديث قائلاً.
: و نص.
عضت على شفتيها تكبت تلك المشاعر التي ستفتك به إن أطلقت سراحها، ثم أخذت تتنفس بعمق قبل أن تقول بهدوء.
: أنت كلمت بابا!؟.
هز رأسه بنعم ثم قال بجدية و هو يجلس على العشب الدافئ.
: قالي إنه إدى الراجل كلمة خلاص و مينفعش يرجع فيها، و هيجي في كل الحالات.
طالعته بقلق و جلست بجواره، صمتت للحظات، ترى أن نار عمر أرحم من جنة ذاك الغريب، ثم رفعت رأسها له و قالت بنبرة يشوبها الحزن.
: طيب... و أنت عملت ايه؟.
تقهره تلك النظرة منها، لأ يتحملها، و لأ يريدها، لذا قال مبتسماً بحنان يطمئن قلبها المتهالك.
: لازم حد فينا يسيبك يا نوران... و الحد ده مش أنا...
أكمل ناظرًا لعينيها التي تُذيق عينيه ويلات السهر كلما ذهب يريح نفسه بالنوم.
: و لا عمره هيكون يا زوايد.
ابتسمت بخفة، لكن ما لبثت و أن تبدلت ملامحها للشك، فقال هو مستغرباً من انقلابها المفاجئ.
: ايه!؟.
لا زال الشك يُرسم بدقة على وجهها و هي تقول.
: بشوف هتغير أقوالك و لا ربنا هداك.
ضحك على حديثها بصخب ثم ابتسم براحة قائلاً.
: أقولك قصيدة؟.
رحمها الله من قصائده التي لأ تنتهي، كلما وجد نفسه يبتسم، صدع رأسها بتلك الكلمات التي يكتبها، لذا قالت ببرود توقفه قبل أن يبدأ.
: لأ، المفروض في كلام أهم دلوقتي.
ابتسم بحماسة و قال.
: كنت حاسس إنك مش هتكسفيني، طب اسمعي بقى...
جذبت شعرها إلى الخلف بعنف و هي تسمعه يقول بابتسامة فرحة متحمسة أغضبتها أكثر.
: أحببت ليلى بجنون، على الرغم من أنها ليست ليلى و لا أنا المجنون...
قالت له متعجبة من تلك الكلمات المبعثرة التي أسماها ظُلمًا (قصيدة).
: يعني ايه يعني!؟ احنا سارقين بطايقهم مثلاً!؟.

قيد النسيانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن