صدمة كبيره

76 2 0
                                    

يا اللي حبك حبيبي و اتغريت...
ده أنا اللي اخترته و أنت اللي بايديك رميت...
بس العيب مش عليك العيب على قلبه اللي حب كل اللي يتحب و اللي ما يتحب
أما اللي اتمناله الرضا يرضى!؟
هده و نسى قبلها يدقله باب البيت
رجع و بكى و قال يا ريتني ما نقيت!
الله! ما أنا قدامه!!!
_____________________
الفصل التاسع عشر

مر يومين و لم يلقاها فيهما، حدثها و أخبرته أنها تحتاج أن تكون وحدها قليلاً، رغم عدم ارتياحه إلى أنه احترم رغبتها، فقط اكتفى بتلك المحادثات القليلة بينهما في الدردشات، كما يفعل الآن و هو يكتب لها: طب ايه، مش هنتقابل؟ في أخبار محتاجك تسمعيها.
كتبت له و هي تملس على رقبتها بتعب: خديجة تعبانه يا شريف، و أنت قولتلي نتقابل بره أحسن و أنا مش هينفع أسيبها .
تكذب، هي المتعبه من كثرة التفكير في حديث فارس، لأ تعرف هل كانت موافقتها على هذا الحل صحيحه أم لأ، و تخاف أن تخبره بالامر، لأ تعرف ردة فعله، الامور تتعقد.
رد عليها شريف بجملة بسيطة و قال: ألف سلامة عليها.
أغلق هاتفه و لم ينتظر ردها، يريد أن يراه وجهها الفاتن و عينيها المسحوبة الآن ، هكذا يستطيع أن يتحدث بجدية و يتفق معها على أشياء كثيرة، و يخبرها بما توصل إليه، نهض عن فراشه و أحضر ما يرتديه من خزانة ملابسه، وقع الاختيار على أحد القمصان الغامقة لديه ذو لون كحلي، و سترة من الجينز الأسود لأ حاجة لها في هذا الجو المائل للحرارة، لكن من باب الاحتياط عل إعصار يقوم فجاءه و تلك السترة هي من ستحميها و تضيف رشة من العاطفية الفاسدة لهما، و بنطال أبيض يكسر تلك الاجواء المعتمة، و بعد أن انتهى من كل المتطلبات لاستحمام ملوكي، دلف إلى دورة المياة...
في تلك الاثناء كان سليم بغرفة أثير يجلس معها هو و سلوى، يطمئنون على صحتها يخرجونها من تلك الحالة التي تلبستها من بعد أن جاءت من المشفى، و هي كانت شارده شاحبة الوجه، لازالت خائفه، لا زالت تحلم بكوابيس، ذكرياتها تراودها و هي تجيبها إما بالبكاء أو الانطفاء، ربما كان الامر قد قل قليلاً، لكن بعد ذاك اللقاء بينها و بين حليم،  و نظرات أمير الشائكه بالمشفى، الذي لم يوضح لها فيه شيئاً، زاد خوفها و توترها و حزنها، و كل هذه المشاعر عندما تراود الانسان، يصبح نصف ميت، لأ هي تشعر بنكهات الحياة المختلفه، و لا هي تشعر أنها تريد الحياة من أساسها.
قال سليم يخرجها من شرودها الغريب ذلك قائلاً: أثير، أنتِ كويسه؟.
طالعته بملامح هادئه و هي تهز رأسها بنعم، بينما سلوى قالت تجذب انتباه الاخرى: تعالي هنروح نزور مامتك و باباكي في المقابر أنتِ من يوم ما جيتي مروحتيش.
بدأت الدموع تترقرق في عين أثير، فها هي سلوى ذكرتها و جذبت انتباهها مرة أخرى لهما_و كأنهما يذهبان من باله_ بينما قال سليم لوالدته بضيق هامساً: دي سيره يعني يا ماما؟.
شعرت سلوى بخطأها الفادح و قبل أن تتحدث قاطعها هاتف سليم و هو يرن، فأجابه بعد أن علم هوية المتصل قائلاً: الو...
أنت تحت!
طب أطلع...
خلاص أنا جاي أهو.
قال بعد أن أغلق معه و هو يحدث والدته التي كانت تملس على ظهر أثير برفق لكن كانت أمارات الفضول على وجهها : ده أمير.
لوهلة شعرت أن دموعها توقفت من أثر الخوف و القلق الذي حل على قلبها و هي تسمع إسمه.
قالت سلوى بابتسامة لسليم: طب انزل هاته، زمانه اتكسف يطلع.
ابتسم سليم بسخرية و هو يفتح باب الغرفة ليخرج و هو يتمتم: أمير بيتكسف!.
يقصد أنه جرئ، لكنه يعلم أن صديقه نسى و جاء دون إذن فالامر مختلف، بسبب نبله و احترامه لغيره.
______
كانت نور تصور غرفتها و ما فعلوه بها من تعديلات و هي تبتسم بنشاط، شكل الغرفة يبعث البهجه بالنفس، فقد زينة هي و نوران بعض الاركان بها بشكل جذاب و لطيف، الكثير من المقولات الشعريه، و أقوال مأثورة، و غيرها من الاشياء، و الاهم ركن للصور الخاصة بها هي و صديقاتها و الاكثر لها هي و نوران.
بعد أن التقطت الصوره من الركن الذي أحبته و كان خاص بصورهم هي و الأصدقاء و نوران، أرسلتها على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي_WhatsApp_ و علقت على الصورة بعدة كلمات بسيطه.
جاء لها عدة تعليقات على الصورة و حديثها اللطيف، و كان أكثر تعليق صدمها لعمر فهو نادراً جداً ما يعلق لها على شيء و كان حديثه كالتالي (الشكل لطيف، بس هيبقى الطف لو خدتي فرع النور اللي عندي و علقتيه على الصور)
انتهت فترة صدمتها لتقول بابتسامة متحمسه بالكتابة:أنت مش محتاجه يعني؟
و قبل أن يجيبها ارسلت رسالة أخرى ضحك على أثرها: ابعتلك حد يخده و لا تجيبه أنت!؟.
رد عليها بعد لحظات و هو يمسح ما كتبه أول مره و أنه لأ يحتاجه ليجيبها ب: مش فاضي و الله يا نور أنا فاتح الخمس دقايق اللي برتحهم، حتى هادي مش هنا، تستني لحد ما هادي يجي؟.
قالت بعد تفكير لم يكمل الخمس ثواني: لأ هبعتلك نوران عشان ممكن العيال يبوظوه في السكه.
انتظرت حتى تعرف ردة فعله على حديثها فوجدته يقول: هي نوران لسه هنا؟.
قالت بعد أن تنهدت بابتسامة هادئه بها شيء من الحزن: ايوه، عمي أحمد قال أنه أخد اجازه النهارده كمان، و هينزل بكره.
رد هو باختصار: تمام، ابعتيها.
أغلقت التطبيق و هي تتنهد بحزن، لكن رغم هذا تبسمت و قالت: وضحت، هو بيحب أختك، و أنتِ مش هتجبري حد يحبك يا نور، لعله خير.
نهضت و هي تسير إلى خارج غرفتها و هناك ابتسامة راضيه ارتسمت على فمها، ماذا ستفعل إن كان يحب غيرها، ما باليد حيله، لتنسى، هذا أكثر حل مريح على الرغم من صعوبته.
و عندما خرجت سمعت والدتها تقول: اه أنتِ جايلك عريس، و كلم أبوكي.
رأت تعابير وجه نوران المصدومه و هي تجيب لتفهم الموضوع أكثر: أكيد مش ليا، يمكن لنور طالما بتقولي من البلد.
قالت لها والدتها بنفاذ صبر و هي تحاول أن تقنعها للمرة الخامسة أن ذاك العريس جاء لها هي: لأ مش لنور، قال نوران أم شعر، و أنتِ الوحيده اللي بذعرورتك دي في العزبة.
قالت هي بعد لحظات من التفكير الجاد و حديث قد تجده منمقاً: بصي يا ست الكل أنا مش مجنونه بس، وقت بحس إني محتاجه أقعد مع دماغي و كفايه عليا الدوشه اللي فيها،فمش هجيب حد يدوشني أكتر ...
و وقت بقول  كفاية بؤس السناجل ده، و فيها ايه لما اتجوز و لو معجبنيش أتطلق، ده لو وصلت لمرحلة ما بعد القاعده الاولى يعني و مطفش...
بس، كل الاوقات محتاجه فلوس!
فايه بقى، نلغي كل الهري اللي قبل الفلوس ده و نركز على الفلوس و مصادر الدخل، أصل البنت ملهاش غير شركتها و مصانعها و عربيتها و شنطتها الجوتشي، أما بيت جوزها ده تبقى تطلبه مع النفقه في بيت الطاعه.
قالت يسرى ببرود و هي تجيب السيدة القادرة على التحدي و المواجهة بداخلها: و الله أنتِ مش محتاجه غير إنك تتربي من أول و جديد...
أكملت و هي تطالع ابنتها الاخرى التي انتبهت لوجودها تواً و كانت تضحك على حديث شقيقتها بخفوت: و أنتِ يا نور مش عايزه شركة و شنطة أنتِ كمان!؟.
قالت نور بهدوء : لأ أنا عايزه اتجوز.
ابتسمت لها يسرى بفرحة و قالت:أخيراً وافقتي، و الله و عرفت أربي، ماشاء الله يا حبيبتي ربنا يكملك بعقلك يا هاديه يا راسيه يا عاقله... ها بقى عايزه عريس مواصفاته ايه؟.
طالعتها نور بخجل و ابتسامة هادئه، و كل ما قالته هو إسم أذهل والدتها: أبو هشيمه.
قالت يسرى بذهول: اللي عنده مصانع و شنط كتير!
هزت نور رأسها بنعم، لتقول نوران بفخر من تفكير شقيقتها: مش هتضطر تشتغل، تطلق بس و تاخد كل حاجه، جدعه يا بت يا نور.
بعد أن استفاقت والدتها من صدمتها و قالت بحده و هي تمسك لهم المكنسة: يلا يا مصديه منك ليها من هنا، قال مصانع و أبو هشيمه...
أكملت و هي تجدهم يهرولون إلى الغرفه: ده انتوا اخركم الواد بطاطا و علي تسلخات، ده لو وافقوا عليكم أصلاً.
____________.
: احنا هنعمل فرح امتى!؟
_ ممكن تسأل إلياس.
: الاسهل اسأل عبدالله،لأن إلياس هيقولي لما علامات الساعة الكبرى تبان.
_ عبدالله أخويا في الرضاعه أما إلياس أخويا الشقيق و هو اللي مسؤول عني يعني عبدالله مش هيتكلم في حضور إلياس.
: يعني بقيت عمري هعيش على أمل كداب.
تأففت بانزعاج و قالت: خالد احنا متجوزين فعلاً، عايز ايه تاني؟.
رد عليها خالد بذهول: و الله! متجوزين بجد!، ده أنا باخد إذن مره في الاسبوع علشان أخرج معاكي!.
كبتت ضحكتها و قالت: معلش يا حبيبي، أنا لو في إيدي حاجه كنت عملتها، بس أنت عارف اللي فيها.
قال هو بضيق و غضب مكبوت: لأ مش عارف، أنا اللي اعرفه و اللي شايفه، إنك مش عايزه تبعدي عن أخوكي و لا تبقي معايا.
هزت رأسها برفض و قالت: لأ، أكيد لأ...
تابعت و هي تمسك يديه تبتسم بحب: أنت عارف أنا بحبك قد ايه يا مخلل، بس برضو عارف إن إلياس محتاجلي.
قال و هو يطالعها بحزن: ما أنا برضو محتاجلك، وعد أنتِ مش ملاحظه إنك بتفضلي أخوكِ عليا دايماً؟.
بعد صمت رهيب استجمعت به قوتها في قولها التالي و هي تطالع ملامحه الحزينة بحزن أكبر: لو أنا على قصاد كل عيلتك كنت اخترت مين يا خالد؟.
صمت و لم يجد ما يقول لتكمل هي بابتسامة مكسوره: العيلة هي الدافئ و السند و كل الحاجات الحلوه دي، و أنا مش هلومك على سكوتك، حقك، بس متقولش أنا بفضل عنك إلياس، لأن لو فضلت فرد من العيله عن التاني هتتفكك العيله، و أنا عيلتي بسيطه، أنت و إلياس و عبدالله، بس أنت و إلياس مش عيله، فأنا لو بعدت عن إلياس و سكنت في بيتك و ده اللي طبيعي بيحصل، إلياس مش هيبقى له عيله و هو و عبدالله مش دايماً سوا لأن عبدالله له عيلته و احنا الفرع الصغير منها، و أنا مش قادره احققلك اللي أنت عايزه علشان أنا مش في الحكم الطبيعي... أنت بتحبني اوي يا خالد أنا عارفه، و أنا كمان بحبك اوي اوي، بس إلياس...
قاطعها هو بقوله الهادئ: عارف و مقدر كل ده، و سبق و اديتلك الحل، إلياس هيقعد معانا.
قالت له بهدوء مماثل لهدوءه: ما أنت سبق و قولتله و موافقش.
قال لها بمنتهى البساطة و الهدوء: خلاص هخطفك.
قالت له بابتسامة بها الكثير من الحنين: هتخطفني توديني القدس!؟.
ابتسم لها و قال بحنان و هو يجذبها نحو صدره بخفة: لأ ده مش هنروحه خطف، هنروحه مرفوعين الراس، و هنصلي كتير...
قاطعته و بعينيها دموع على الرغم من ابتسامتها: و نعيط كتير.
ضحك على حديثها و هو يبعد خصلاتها عن عينيها بحنان و قال: و نعيط كتير يا ستي.
و اثناء سرقتهم لتلك اللحظة السعيدة من الزمن، طرقت والدته الباب و قالت: هات وعد يا خالد و يلا علشان تتغدوا.
اجاب خالد والدته، ثم جذب خمار وعد و قال بابتسامة و نبروة يخطفها بهما كما عادته دائماً: هلفلك أنا الخمار.
ضحكت و هي تجيبه: ما بلاش يا مخلل...
قال و هو يكبت ضحكته ليركز على ما سيفعل: خليت ماما تجرب على الواد مازن و علمتني متقلقيش.
ضحكت و تركت نفسها له،تطالعه بأعين محبه، فهو دائماً كان مراعي متفهم حكيم حتى وقت غضبه، و دائماً ما يقلب تلك اللحظات الحزينه إلى ابتسامة كبيره،معه كل الحق في أنه يريدها في بيته، و ستحاول جاهدة مع شقيقها في أن يسكن معها على الرغم من أنه أمر مستحيل،أو تجعله يتزوج... تعرف أنها سوف تشتاق لكن عليه أن يتذوق ذاك الشئ الذي تعيشه الآن.
___________
  مر شريف على طاولة الغداء بعد أن انتهى من ارتداء ملابسه و مشط شعراته التي دائماً ما تخرج عن صفها فتزيده وسامه، و القى السلام ثم قال و هو يبتسم لوعد: البيت زاد نوره و الله يا وعد.
ابتسمت وعد له و قالت: بنور أهله يا حضرة الظابط.
كانت ابتسامته بمثابة رد لها، ثم طالع أمير و قال ببرود: أنت و اللي جمبك بقى يا حبيبي الركن الضلمه في البيت.
طالعه سليم بضيق فهو من كان بجوار أمير و لم يجيب، و اجاب أمير بابتسامة باردة غطت على ابتسامة شريف: من بعدك يا حلو.
ضحك شريف بصخب و كان على استعداد للخروج دون أن يرد عليه، لكن سألته سلوى باستغراب من خروجه هكذا على الغداء و هو من قال لها أنه سيمشط شعره و يأتي: رايح فين كده؟.
ابتسم و قال: عندي مشوار صغنن كده يا ست الحبايب هخلصه و اجي، ابقى شيلي من الأكل بقى، أنا ابنك برضو.
طالعت خروجه بضيق،ثم تنهدت و قالت: مش مريح قلبي خالص الواد ده.
ثم طالعت أمير و قالت بابتسامة ماكرة اخفتها خلف وجهها البشوش: هو لازم أثير تتعب يعني علشان نشوفك يا ميرو؟.
من صدمتها طالعته بتلقائية،فوجدت ابتسامة بريئة تزيين وجهه و هو يجيب سلوى: هو احنا عندنا كام دكتوره أثير يعني يا سلوى؟.
ابتسمت سلوى عليه بغير تصديق هل قال هذا حقاً!؟، و كان سليم غير مرتاح لتعابير صديقه البريئة و لا تلميحاته التي بدت حديث عادي، طالع مازن بجواره فوجده يطالع أمير بضيق ، لذا اخفض صوته و اقترب منه و قال هامساً له: المشكله إن تحس كلامه عادي، فمش هينفع نتخانق.
أجابه مازن بضيق: ترضى حد يقول لأخ...
صمت مازن بحرج،ليبتسم له سليم قائلاً بهدوء: لو الحد ده أمير، صحبي اللي متربي معايا من صغري
، و يخاف على أختي زاي أخته و هو دايماً كان بيعمل كده، و له حدود في كل تعاملاته بعيداً  عن الانشكاح اللي حصله مره واحده ده و الجملة اللي طلعت من غير سابق إنذار دي!، فممكن أقول اه، بس سبق و قولت كل حاجه ليها حدود...
ثم نظر لأمير، الذي كان يبتسم فقد سمع حديث سليم الخافت: فين حدودك صحيح؟.
ضحك أمير ثم ابتسم بهدوء و قال بصوت مسموع: عايز أحددها مع فارس باشا أول لما يرجع.
كانت أغلب النظرات مستغربه من الحديث، إلا سليم كان مذهول، أ يقصد صديقه أنه...
________

قيد النسيانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن