كان وصول "يوسف" إلى الشركة أشبه بعبور ساحة معركة صامتة، حيث تسود أجواء التوتر الواضحة على الوجوه. الموظفون يتحركون بخطوات سريعة ولكن حذرة، كأنهم يخشون من شيء لا يريدون مواجهته. توقفت خطواته لحظة أمام مكتبه، ليتنفس بعمق، يحاول أن يجمع شتات أفكاره. لم يكن يتخيل أن يصل الأمر إلى هنا، إلى هذا الشعور بالضغط الشديد الذي يكاد يخنق أنفاسه. قرر أن يواجه كل شيء، أن يدخل مكتبه دون تردد، ليرى بعينيه ما ينتظره من إجابات وحلول لهذه الأزمة.
فتح الباب بهدوء، وجد اثنان من الشرطة يقفان على الجهة اليسرى، في ملامحهما علامات الجدية التي تعكس عمق المسؤولية التي يحملانها. وعلى الطرف الآخر، وقف موظف من الإدارة، و"أحمد" كان يجلس بصمت، يحاول التماسك بينما يراقب "يوسف" لحظة دخوله، "كمال" يبدو متوترًا، نظراته تتنقل بين "يوسف" وأفراد الشرطة، تعكس قلقًا دفينًا.
جلس "يوسف" ببطء على كرسي مكتبه، محاولًا أن يظهر رباطة جأشه، رغم أن قلبه ينبض بسرعة تكاد تكشف كل ما يحاول إخفاءه. التفت أخيرًا إلى المجموعة من حوله، ثم تنهد ببطء، وصوته يحمل مزيجًا من الصرامة والهدوء قائلاً: أنا عايز أفهم إيه اللي حصل بالظبط.
تحرك "الموظف" من الإدارة ببطء نحو "يوسف"، وكأن خطواته تحمل ثقل الإجابة. أخرج لابتوبه ووضعه أمام "يوسف"، وأشار إلى الشاشة. ظهرت مجموعة من الشكاوى، تتضمن صورًا لأشخاص بوجوه متورمة وحمراء، تعبيرات الألم واضحة، بينما بعضهم يعرض عينات من المنتج المزعوم أنه تسبب في هذا الوضع.
تكلم الشرطي، بنبرة تحمل قلقًا بالغًا: أستاذ يوسف، مقدر جدًا حساسية الوضع اللي حضرتك فيه، لكن لازم حضرتك تيجي معانا عشان التحقيق.
حاول "كمال" أن يتماسك، لكنه لم يستطع أن يمنع كلمات القلق من الخروج. بصوت منخفض، لكنه حاد بما يكفي ليقطع الصمت قال: مع احترامي، بس لسه ما فيش أي دليل يثبت إن منتج الشركة هو اللي سبب ده. الطب لسه ما قالش كلمته، والمفروض ننتظر النتيجة بدل ما ندخل في تكهنات.
نظر "يوسف" نحو "كمال"، ثم التفت للشرطي، محاولًا أن يسيطر على نبرة صوته كي لا يظهر ارتباكه وقال: حضراتكم جايين تفهموا الوضع، مش عشان تاخدوا إجراء قانوني بدون دليل. ادونا فرصة إننا نحقق ونتعامل مع الموضوع. أنا متأكد إن فيه حاجه غلط.
تبادل أفراد "الشرطة" و"الإدارة" النظرات بينهم، وكأنهم يحاولون فهم ما إذا كان بإمكانهم منحهم المزيد من الوقت. ثم تحدث أحدهم بلهجة أكثر ليونة قال الشرطي: تمام، هنسيبكم لحد ما تظهر نتيجة المعمل، بس لو الطب أثبت إن فعلاً المشكلة من المنتج بتاعكم… هنضطر نتخذ إجراءات.
بمجرد مغادرة الشرطة، زفر "يوسف" زفرة طويلة، ووضع يده على وجهه، محاولًا استجماع شتات أفكاره. بمجرد خروجهم دخل كل من "مريم" و"بتول" واصدقاء "مريم" وبدا "كمال" عليه الحزم، وتحدث بنبرة حاول أن يجعلها مطمئنة: احنا بعتنا عينات للمعمل، والنتيجة هتطلع كمان 24 ساعة. ما تقلقش، أنا متأكد إن الموضوع فيه حاجة غلط.

أنت تقرأ
ذكريات وقرارات
Любовные романыالبطلة تحمل ذكريات جميلة عن حبها القديم للبطل والذي انتهى بشكل غير مرضي لها. بعد خمس سنوات، تتخرج وتبدأ البحث عن وظيفة. البطلة تتفاجأ عندما تجد وظيفتها الجديدة في نفس الشركة التي يعمل بها البطل وبعد عدة مواجهات محرجة، يزداد التوتر بينهما. يظهر (صديق...