### في منزل "مريم"استيقظت "مريم" ببطء، فتحت عينيها على ضوء الصباح الذي يتسلل من نافذة غرفتها. مدت يدها بتثاقل إلى الساعة على الطاولة الجانبية، قرأتها بصوت خافت وهي تهمس لنفسها، "الثامنة صباحًا". شعرت بكسل يغمر جسدها، لكنها أدركت أنها لا تستطيع التأخير. سحبت غطاءها ببطء، ونهضت عن سريرها رغم ثقل التعب الذي يلفها، وبدأت تستعد.
بعد أن ارتدت ملابسها، خرجت من غرفتها بخطوات هادئة متوجهة نحو غرفة الجلوس. هناك، رأت "عمتها"، و"والدتها"، و"أختها"، و"علي" أخوها و"زوجته"، يجلسون في دائرة، يتبادلون الأحاديث والذكريات.
ما إن رأت "عمتها" حتى ابتسمت تلك الابتسامة الدافئة وفتحت ذراعيها بانتظارها. أسرعت "مريم" نحوها بفرح، واحتضنتها بحرارة. قائلة: وحشاني يا عمتو! محدش بيشوفك ليه!
ردت عمتها وهي تربت على كتفها بحنان: أديكي شوفتيني أهو، يا قلب عمتو.
استمر العناق لثوانٍ، شعرت "مريم" أن فيه دفء لا يضاهى، لعلها لحظة قصيرة، لكنها جعلتها تشعر بأنها محاطة بالأمان. قاطعت "والدتها" تلك اللحظة الحميمة بلهجة مازحة: خلصتوا سلام طيب؟! يالا بقى، لسه قدامنا مشوار كبير!
ابتسم الجميع موافقين، وبدأوا في تجهيز أنفسهم للرحلة. اتجهوا معًا إلى المقابر حيث يرقد "والد مريم"، يسيرون بخطوات ثقيلة، وكأنهم يحملون معهم كل الذكريات، كل الشوق، وكل الدموع المخفية. كانت "مريم" تسير بجانب عمتها ووالدتها، عينيها زائغتين، وكأنها في عالم آخر.
حين وصلوا، وقف الجميع ليقرأوا الفاتحة، وعندما شرعوا في الأدعية، وقفت "مريم" وحدها، تأمل بضع لحظات، تتعمق في مشاعرها، وتمر بداخلها ذكريات تعود بها سنوات إلى الوراء. في أعماق قلبها، كان هناك حديث صامت.
قالت لنفسها: كده عدت 8 سنين على وفاتك يا بابا... وكأنك لسه جنبي، فارقتني من يومين مش من سنين. اللهم لا اعتراض... بس ياريت كنت هنا، وكنت بتسمعني، ولما أرجع أتألم وأترمي في حضنك. كنت كل حاجه بالنسبالي... ربنا يرحمك يا بابا.
بقيت "مريم" غارقة في تلك الذكريات، رغم أنها لم تنطق كلمة واحدة، كانت مشاعرها تتحدث. عينيها تلمع بدموع لم تسقط، فهي كانت تعلم أن تلك الذكريات لن تعود، وأنها لن تسمع صوت والدها من جديد، لكنها كانت تتمسك بذكرى صوته، بذكرى احتضانه، وبكل لحظة عاشتها بجواره.
في الوقت ذاته، كان الجميع حولها يقرأون الأدعية، ولكنها ظلت عالقة بين الحاضر والماضي، تلك اللحظات القليلة التي تبكي فيها روحها دون دموع، تتحدث فيها لنفسها بصمت، تتمنى لو كان بوسعها العودة ولو للحظة.
---
### في الشركة
دخل "يوسف" و"أحمد" مبنى الشركة معًا. بدا الجو مليئًا بالبهجة، حيث استقبل الموظفون "أحمد" بابتسامات عريضة وترحيب حار، وكأنهم يحتفلون بانضمامه إلى فريق العمل. كان "يوسف" قد اتفق مع "بتول" على تجهيز مكتب "أحمد" بشكل يعكس شخصيته الشابة والمرحة.
أنت تقرأ
ذكريات وقرارات
Romanceالبطلة تحمل ذكريات جميلة عن حبها القديم للبطل والذي انتهى بشكل غير مرضي لها. بعد خمس سنوات، تتخرج وتبدأ البحث عن وظيفة. البطلة تتفاجأ عندما تجد وظيفتها الجديدة في نفس الشركة التي يعمل بها البطل وبعد عدة مواجهات محرجة، يزداد التوتر بينهما. يظهر (صديق...