٦) خطبة

81 5 8
                                    

شعرت بسكينة و إطمئنان و هدأت كثيرا بعد ذهابها له و تبرعها بالدم لأجله ، على الرغم من حالته الغير مستقرة إلا أن رؤيتها له أنعشت روحها المتلهفة للإطمئنان عليه، و الآن لا يوجد في يدها شيء سوى الدعاء له،الدعاء له و رغبتها في تعافيه سريعا متجاهلة أسباب كل ما تقوم به و تشعر به في تلك اللحظة.

جلست "جنى" في سيارة "رضوان" يقودها إلى الحارة ، و قد كانت حقا شاكرة له و شاكرة للوقت الذي لم يتأخر بعد، فهي إذا عادت إلى المنزل لن تثير الريبة على أي حال.

استندت على النافذة متنهدة بعمق ، لا تدري ما نهاية ما هي فيه ، تتسأل هل حبه في قلبها مازال حي ، أم أن كل ما تفعله هو فقط بدافع الإنسانية ليس إلا، أم أنها توهم نفسها بأسباب واهية كي لا تقع في براثينه يوما لعلمها بوضعه و نفسه التي غواها الشيطان إلى ذلك الحد.

تفكر و التفكير يفتك برأسها و لا تجد لمشاعرها تفسير و لا تجد لتصرفاتها تبرير ، كأن قوى خفية تخصه هو وحده تحركها نحوه في كل موقف يتعرض له!

خرجت من دوامة أفكارها عندما صف "رضوان" سيارته في مكان بعيد قليلا عن مدخل حارتهم ثم إلتفت لها قائلا: أنا ركنت هنا علشان محدش يشوفك و يفضلوا يستجوبوكي ، حمد لله على سلامتك يا بنتي ربنا يبارك فيكي ، مش هنسالك وقفتك جنب ابني دي أبدا، الف شكر يا جنى.

ابتسمت له بإرهاق مجيبة: الله يسلمك يا عمو، مفيش داعي للشكر أنا معملتش حاجة ، ربنا يقوم يوسف بالسلامة و يطمنك عليه، عن إذن حضرتك.

ترجلت من السيارة بعد توديعها له ، سارت لعشر دقائق تقريبا حتى وصلت إلى ناصية حارتها ثم توجهت إلى منزلها.

كانت متعبة بشدة فدلفت إلى شقتها بإنهاك و هي تزفر بتعب وصل إلى أشده بسبب جسدها الذي فقد الكثير من الدماء أثناء التبرع و مشقة السفر.

لحسن الحظ لم تجد أي فرد من أسرتها مُستيقظ فالجميع كان لديهم أعمال كثيرة اليوم و غالبا خلدوا إلى النوم مبكرا.

أغلقت "جنى" باب الشقة ثم توجهت إلى غرفتها كي تنام و ترتاح قليلا ، و أثناء سيرها ظهرت لها "فرح" بغتة أفزعتها فقالت: بسم الله الرحمن الرحيم، ايه يا فرح ،فزعتيني.

_ كنتي فين؟

سؤالها لم يكن سؤالا عاديا فنبرة صوتها كانت توحي بأنها على علم بشيء ما، ترددت "جنى" بخوف ثم تحدثت بقلق: كنت...كنت عند نهلة صاحبتي يا فرح منا قولتلكوا قبل ما أنزل.

على غفلة منها بعد أن أنهت حديثها سحبتها "فرح" بعنف إلى الغرفة الخاصة بها و أغلقت الباب ،دافعة إياها إلى الداخل ،من قوة الدفعة وقعت "جنى" على سرير "فرح" و أخذت تطالعها برعب، فجلست "فرح" أمامها قائلة: أنت عرفتي تضحكي على أمك يا محترمة بس لو فاكرة إنك هتعرفي تعملي عليا حوار و أنا هصدقه تبقي غلطانة و متعرفينيش ، فخليكي حلوة كده و قوليلي كنتي فين أو بمعنى أصح خرجتي روحتي لمين يا بنت راضي.

جوازة و السلام.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن