«من وجهةِ نظر الكَاتب»
أسندَت مرفقيهَا على ركبتيهَا وهِي تحمِل رأسهَا، لازمَت نظراتُها الأرضيّة وهِي تحاولُ التّفكير فِي حلٍّ ما، حلُّ ينتشِلها من دوّامة ما يحدُث معها لكنّ رأسهَا مُرهق، وصُداع البارحة اجتاحهَا تارةً، فقرّرت أخد قسطٍ من النّوم.
___
استيقظَت ألِيس إثرَ طرقاتٍ علَى باب غرفتِها، فتحَت جفنيهَا على مصراعيهِما والنّعاسُ لا زالَ يتلاعبُ بهما وبشفاهِها المتثائِبة، طلبَت من الطّارق أن يدلفَ فقد اعتقَدت أن يكُون والدهَا أو والدتَها، لحظاتٌ حتّى فُتحَ البابُ ببطءٍ مصدرًا صريرًا قويًّا واستغربَت ألِيس من كونِ لا أحدَ خلفه، وكأنّ الهواءَ من فتحَه، تجمّدت كلّ ذرّةٍ بها إثر الخوفِ الّذي تملّكها وازدرَدت ريقهَا لتستجمِع شجاعتهَا كي تنهضَ وتمشِيَ بقدميهَا الحافيتينِ ناحيةَ باب الغرفَة، خطَت بضعَ خطواتٍ حتّى طلعَ جسدٌ فارعُ الطّول، بأسنانٍ ومخالبَ حادّةٍ ومتّسخة، وتجاعيدٍ على جبهتهِ وحوافِّ أعيُنهِ السّوداء الدّاكنَة، يرتدي بدلةً أنيقة كزيِّ العمل.
تسمّرت ألِيس بمكانِها، والذّعر أكلَ نصيبًا من تقاسيمِ وجهِها الّتي غدَت شاحبة، أرادت الفرارَ فورًا لكن ذلك لم يُكن في صالِحها لأنّ هذا الشّخص المُخيف يقفُ عند البَاب ويسدّه بجسدِه.
حاولَت ألِيس إيجادَ حلِّ يخلّصها من وضعِها الّذي لا تُحسد عليهِ، لكنّ هلعَها جعلَ من قلبهَا يخفقُ بسرعةٍ وكأنّه يودّ الانفجارَ وتفرِيغ نفسهِ من المشاعرِ الّتي اكتنفتهُ، والّتي لم يتحمّل وجُودها أو تأثيرهَا عليهِ.
انقضّ الوحشُ ذو الجسدِ الفارعِ على ألِيس وسطَ صراخِها، فدفعَها لتسقُط وتتّكأَ بكوعيهَا على الأرضِ محاولةً الزحفَ للوراءِ والابتعادَ عنه، وأخدَ الوحشُ ينهشُ عنقهَا وكتفهَا الأيمنَ بشراهةٍ فِي حين لطّخت الدّماءُ جسدهَا وشعرهَا، ووسطَ أنِينِها وصراخِها حشر يدهُ ومخالبهُ بصدرِها ليقتلِع قلبهَا النّابض، وكانَ آخر ما رأتهُ بعينيهَا هُو رقّاسُ المنبّه الّذي يُشيرُ إلى السّاعة ١٦:١٣.
___
أطلقَت شهقةً عاليةً وطويلةً أثناءَ استيقاظِها، مُدركةً أنّها قد خاضَت حلمًا مرعبًا كادَ يقتلُ روحهَا، استدرات لجانبِها الأيسرِ بسرعةٍ لترَى المنبّه فوجدتهُ يشيرُ للساعةِ ١٦:١٢ فسَرَت ببدنِها قشعريرةٌ أرعشَتها، لذا دفعَت نفسهَا لتقعَ أرضًا وتُحاوِل الاختباءَ تحت سرِيرها.
سمعَت البابِ وهُو يُفتحُ ثمّ دوى صوتُ خطواتِ أقدامٍ تطأُ أرضيّة غرفتها، تجمّعت الدموعُ على مقلتيهَا وأخدت ترتجِف خوفًا، بحثَت عن أي شخصٍ داخلَ غرفتها وذلكَ بإلقاءِ نظرهَا من الفرقةِ الّتي بين السّرير والأرضيّة الخشبيّة، حتّى وقعَت حدقتاهَا على يدِ أحدٍ ما قد أسندهَا ناحيتهَا ليُساعِدها على النّهوض، تجنّبت إمساكَ كفّه وخرجَت من الجهةِ الأخرى للسريرِ حيثُ لا يتواجدُ هُو، اتّكأت بظهرِها على جانبِ السّرير وضمّت ساقيهَا لصدرِها بانكماشٍ.
أنت تقرأ
شهقاتُ ما قبلَ الشّرُوخ
Horrorوقُوع ألِيس بأحضانِ الموتِ كان أمرًا لم تتوقّعه من دونِ شكٍّ، فبالرّغم ممّا تلقّته من عتاباتٍ لسعت قلبها إلّا أنّه لم يشأ أن يكُون رحيمًا بها، لأنّ قلبهَا فقد عقلهُ بكلّ موقفٍ مرعبٍ جرَى لها بسببهِ. تصنِيف الكتاب: غمُوض، رعب، إثارة. تنوِيه: قد يحتوِ...