الفصل الرابع... شك لا منتهي.
شارف ضوء النهار على الانبلاج ولم تكن ماسة قد نامت بعد، ظلت طوال الليلة تتقلب على جانبيها بتململ بانتظار أن يحل الصباح كي تبدأ بما خططت له، فكرت بطريقة تتواصل بها مع محامي عمها حتى تعرف ما خفي عنها من تحقيقات الشرطة دون أن تثير ريبته، تعرفه كشخص التقت به عدة مرات في مكتب عمها حينما رشحها عمها للعمل كمتدربة في مكتبه أثناء إجازاتها الصيفية في الأعوام الماضية، لذا عقدت عزمها على محادثته علّها تعرف ملابسات موت عمها الخفية.
عادت تفكر في الأحداث المريبة التي مرت عليهم هذه الليلة، بداية من الإبرة الغامضة التي حقنت بها وحتى الضربة القاسية على رأس زوجة عمها. تذكرتها فنهضت من فراشها بحذر تتسلل مرة أخرى نحو غرفتها لتطمئن عليها وترى إن كانت بحاجة إليها.
طرقت باب الغرفة بخفة فلم تجد ردًا، عادت تطرق مرة أخرى فلا مجيب، لذا قررت أن تفتح الباب بحذر فربما كانت جمانة مريضة أو تعاني من أثر الضربة على رأسها، ثم تذكرت أن عمر يبيت ليلته معها كي يراعيها ويطمئن عليها، توقفت لوهلة تفكر ماذا تفعل ثم عادت أدراجها نحو غرفة عمر تطمئن إن كان بها أم لا. سمعت صوت حركة خفيفة منبعثة من الغرفة دفعتها للتوقف بحذر أمام الباب لتتنصت على تلك الحركة، تعجبت من بقاء عمر في غرفته وقد كان من المفترض أن يبقى في غرفة والدته.
شعرت بالفضول فطرقت الباب بخفوت هامسة بحذر: عمر هل أنت هنا؟
صوت حركة خفيفة في الداخل أعقبه صمت تام دون مجيب، لذا غادرت متجهة نحو غرفة جمانة وقد عصف بها القلق، يبدو أنها تبيت ليلتها وحيدة بعد أن تسلل ابنها الجاحد من جوارها لينام في غرفته.
فتحت مقبض الغرفة بهدوء ثم تسللت على أطراف أصابعها بحذر داخل الغرفة، تقدمت من الفراش لتجد أنها ليست به فاعترتها الدهشة ونادت عليها بقلق فلم تسمع ردًا. اتجهت نحو الحمام الملحق بالغرفة فوجدته مغلقًا، طرقته منادية إياها بقلق وحينها سمعت صوتًا خافتًا يشبه صوت التقيؤ. فزعت ففتحت الباب دون انتظار ردها متسائلة بذعر: خالتي ما بك؟
أشارت بيدها في إعياء قائلة: شعرت بالغثيان الشديد ثم تقيأت.
سألت ماسة بقلق: هل هذه أول مرة؟
أجابتها بوهن: هذه ثاني مرة أتقيأ، ناهيك عن الصداع الشديد الذي أشعر به الآن.
ساعدتها ماسة لتغتسل وتبدل ملابسها بأخرى نظيفة تصلح للخروج من المنزل، استفسرت بصوت متعب: لِمَ تلبسينني ملابس الخروج؟
- لأنك ستخرجين معي إلى المستشفى الآن.
- لا أريد الخروج، سأصبح بخير.
- لا يا خالتي! لن أبقيك في المنزل إلا حين يخبرني الطبيب أنك بخير بعد تلك الضربة التي نالت من رأسك.