الفصل السادس... لماذا ؟
مضى ما يقارب الساعة منذ أن اكتشفت ماسة تلك المصيبة التي هبطت على رأسها كالصاعقة، كانت مستلقية في الفراش كتمثال حجري تحدق بسقف الغرفة دون أن تطرف تقريبًا، عقلها كالبحر الهائج تتلاطم به أفكار عاصفة غير مترابطة، كل ما يلح على رأسها في الوقت الحالي هو كيف تتأكد أن عمر هو الفاعل!
عادت وتذكرت أنها قد وجدت ملابس المتسلل في غرفة جمانة، إذًا لابد أنه من فعلها عندما كان يبيت معها أو قبلها بوقت من الأوقات دون أن ينتبه له أحد، كما أن سيارته رمادية حديثة الطراز كالتي أخبرهم الحارس أنه رآها ليلة الحادث، هل هي التي رآها تتحرك من أمام البناية ليلة مقتل عمها؟ سؤال مؤرق عاصف يضرب أفكارها فيشتتها في كل الاتجاهات.
أخيرًا تنهدت وهي تنقلب على جانبها ثم همست لنفسها قائلة: يبدو أنه قد جن! لكن ما دافعه لتلك الفعلة الشنعاء؟ أيعقل أن يكون قد علم...
بترت تساؤلها ونهضت كالملدوغة، تمسك الأوراق التي كانت في غرفته تقلبها سريعًا علها تجد ما يؤكد تلك الفكرة في رأسها؛ وهي أن عمر قد اكتشف شيئًا له علاقة بالماضي، لكن الأوراق كانت غير ذات قيمة فعلية لها.
تصفحتها بتأن علها تجد ما يثير ريبتها، هناك تقارير طبية عديدة بتواريخ قريبة تحمل اسم عمها لكنها لم تفهم محتواها، فأمسكت هاتفها تلتقط صورًا واضحة لتلك التقارير، تحتفظ بها علها تعرف ما تحتويه فيما بعد، أنهت تصوير التقارير الطبية فوضعتها جانبًا ثم عادت تتصفح باقي الأوراق، هناك شهادة ميلاد لعمر الذي يصغرها بشهر واحد ووثيقة زواج مطبوعة لعمها وزوجته، لم تلتفت إليهما ووضعتهما جانبًا ثم عادت تنظر لبقية الأوراق. لم تلفت نظرها أية ورقة منها. خيّل لها أنها كلها تخص عمل عمها لذا اكتفت بأن التقطت لها صورًا على هاتفها من باب الاحتياط ثم جمعتها استعدادًا لإعادتها إلى غرفة عمر كي لا تثير شكوكه.
نهضت ببطء تراقب ساعة يدها تتأكد أن موعد عودته لم يحن، ثم جمعت الأوراق ونظمتها سريعًا كي تخرج بها من الغرفة متسللة نحو غرفته، لم يصادفها أحدٌ لحسن الحظ. دلفت إلى الغرفة سريعًا ثم أغلقت الباب خلفها بحرص، سارت نحو الفراش ترفع الحشية لتضع الأوراق تحتها كما كانت لكنها وجدت هناك مفاجأة أخرى، مفكرة صغيرة سوداء من القطيفة الفاخرة مخبئة أسفل الفراش، لم تقاوم فضولها فالتقطتها لتسقطها في جيب تنورتها ثم تعيد الحشية مكانها وتستدير لتهرب من الغرفة.
عادت تلهث لغرفتها بفعل التوتر، وتلتقط أنفاسها بينما تمسح قطرات العرق المتكونة على جبينها، أحكمت إغلاق غرفتها من الداخل مرة أخرى فلا تريد مفاجآت من أي نوع أثناء تصفحها تلك المفكرة.
ارتمت جالسة على فراشها ثم فتحت الصفحة الأولى لتجد فيها كلمة واحدة بخط عريض "آسف!"
تطلعت نحوها بحيرة ثم قلبت الصفحة لتجد رسالة بخط عمها موجهة نحو جمانة.