"الفصل الثالث عشر"
"بينهما وصال"
"سقوط إجباري"
_________________عجزت عن الهروب من الماضي،
والذكريات التي تفتك برأسي كل ليلة،
سِباق الدهر كان هزيمتي الأكبر،
وأكاد أُجزم أنه الأشق._ نوران أحمد.
_________________ترى انعكاسها في المرآة وبسمة خجولة تزين محياها، رفعت بصرها المتوهج في سعادة و مقلتيها تطوف على ثوبها المحتشم باللون الأرجواني بزهوره البيضاء والزهرية، ووشاحها الزهري يضفي لوجهها هالة من البراءة.
شعور لأول مرة يغمرها، ما بين السعادة والخوف أمواج تلاطمها، أمواج من التوتر تلاعبها، توتر من مستقبل مجهول مع شخص لا تعرف عنه سوى القليل بسبب خوفها من أخيها، تخاف ان يُغدر بها مثل أمها، وتخاف أن تكون مثل الغادرة الأخرى والعُقد تزداد تعمقًا بتذكرها لماضي بعيد.. بعيد جدًا لما يزيد عن العشرون عامًا.
حيث كانت هي في الخامسة من عمرها وأخيها في التاسعة، تتذكر خالتها بغنجها الفج وبصحبتها أبيها المسافر _ هكذا أخبرهم _ يدخلان المنزل متشابكين الأيدي في عدم وجود أمهما، تنظر لهما بعدم فهم وتتساءل بداخلها لما والدها يمسك يد غير أمها؟
جلست الخالة وبالأصل هي أم حُذيفة، وبجانبها الأب الخائن والذي قال بصرامة اعتادتها:
_ فين أمك يا ندى؟
_ انت ماسك ايد خالتو ليه؟
لم تقولها، بل قالها "عزيز" الشجاع والذي سأل دون خوف ينتظر إجابة ترتضي فضوله الطفولي، لم يجيبه الأب بل كرر سؤاله مرة أخرى فردت "ندى" بصدق:
_ قالت هتجيب أكل عشان توديه لخالتو، بس خالتو جت أهي، هتاكلي معانا هنا يا خالتو؟
سألت "ندى" ببراءة، فرنّت ضحكة الخالة بوقاحة وقالت بسخرية:
_ اكل يا حبيبتي ماكلش ليه مش بيت خطيبي.
خطيبها؟ أليس الخطيب هذا يكون غير متزوج! أبيها متزوج لما تقول هكذا؟ صمتت الصغيرة تفكر في تساؤلاتها لتجد إجابة.
قبل أعتراض "عزيز" على ما تقوله كان الباب يُفتح وتدخل منه "يسرية" يافعة في شبابها تربط شعرها بمنديل مزركش بنقوش الورود وبيدها تحمل العديد من الأكياس والعرق يلمع على وجهها
_ رنا؟ اهلا وسهلا يا حبيبتي، خير في حاجة؟
قالتها وهي تضم شقيقتها والصورة تكونت بأعين الأطفال بأمهم تضم أفعى سامّة لأحضانها!
جلست "رنا" مرة أخرى وتمسكت بيد أبو "عزيز" الذي رحبت به زوجته قبل شقيقتها، أثارت الحركة دهشة "يُسرية" وقبل تفوّها بشيء قالت "رنا" بدلال مقزز مع ميلة نحو زوج "يُسرية":