١ ~ ما وراء الإضواء ..

422 23 12
                                    


استفاقت أسيل على صوت منبهها الذي لم يتوقف عن الرنين. نظرت إلى الساعة بعيون نصف مغمضة، واتسعت عيناها حين أدركت أنها تأخرت. "يا الله!" تمتمت، وهي تقفز من السرير. ارتدت ملابسها بسرعة دون أن تعير انتباهًا لما كانت تختاره، فقد كانت فكرة التأخير تسيطر على ذهنها.

أسرعت إلى المطبخ، حيث فتحت الثلاجة بعجلة وأخذت قطعة خبز وبعض الجبن. "ما في وقت للفطور!" قالت لنفسها وهي تأخذ لقمة وتضع الباقي في حقيبتها. اليوم لم يكن يومًا عاديًا؛ كان اليوم الذي ستعلن فيه الدكتورة عن موضوع مشروع التخرج، وكانت كل الأفكار تتراقص في ذهنها.

انطلقت من المنزل وهي تجري، مستنشقة نسيم الصباح الذي لم يكن كافيًا لتهدئة توترها. عند وصولها إلى الجامعة، هرولت نحو قاعة المحاضرات، وصلت قبل أن تبدأ الدكتورة بالكاد.

في القاعة، كان الجو مليئًا بالترقب. جلست أسيل في مكانها، تتنفس بصعوبة وهي تحاول استعادة أنفاسها، بينما تتساءل في نفسها: "وش بتتكلم عنه محاضرتنا اليوم ؟"

بدأت الدكتورة بالحديث أخيرًا، والقاعة هادئة تمامًا.
"اليوم بيكون عندكم مشروع مهم، مشروع التخرج. بتسوون مقابلة مع أيّ شخص مشهور، لو كان فالرياضة، الأدب، أو الفن."

انقلبت أفكار أسيل رأسًا على عقب. مقابلة مع شخصية مشهورة؟ فكرة مثيرة لكنها أيضًا مرعبة. لم تعرف من تختار، ولم تكن على دراية كافية بأي مجال، لكن فكرة الرياضة بدأت تلوح في الأفق.

بعد انتهاء المحاضرة، جلست أسيل مع صديقتها حنان في الكافيتريا. كان هناك شعور من القلق والارتباك يملأ المكان، لكن حنان بدت مرتاحة. "وش فكرتي لمشروعك؟" سألت حنان وهي ترتشف شايّها.

"ما أدري والله... كل الخيارات غريبة وما عندي أي فكرة واضحة." ردت أسيل، وهي تحرك كوب العصير أمامها دون أن تشرب.

"ليش ما تفكرين تسوين عن الاتحاد هو نادي كبير بمنطقتنا يعني .. والناس تتكلم عنه كثير هالأيام، مو بس عن اللاعبين حتى عن إنجازاته وتاريخه."

"صح كلامك!" قالت أسيل، وقد بدأ الفضول يتسلل إلى قلبها. "نادي الاتحاد عنده شعبية بجامعتنا .. ويمكن يعجب نص الشعبة؟ والرياضة بعد مجال مثير، حتى لو أنا مو متعصبة  .. أقدر أتعلم."

حنان ابتسمت وقالت: "وأنا أقدر أتوسط لك تحضرين تدريب !، عندي واسطات فالنادي يمكن تسهل عليك المقابلات!"

شعرت أسيل بنوع من الحماس يتسلل إلى قلبها. كانت فكرة نادي الاتحاد تبدو أكثر منطقية الآن، ولم يكن أمامها سوى خطوة واحدة للبدء: الحصول على بطاقة الإعلام من المشرفة الخاصة بالتخصص للسماح بالدخول إلى مقر النادي كصحفية وإجراء المقابلات اللازمة.

في اليوم التالي، استيقظت مبكرًا هذه المرة، مصممة على ألا تتأخر. ارتدت ملابسها بهدوء، تناولت إفطارًا سريعًا، ثم انطلقت إلى الجامعة. كانت الأجواء هادئة في الحرم الجامعي صباحًا، لكنها كانت تشعر بأن يومها سيحمل شيئًا جديدًا.

وصلت إلى مكتب المشرفة، طرقته برفق قبل أن تدخل. كانت المشرفة، الدكتورة مها، جالسة خلف مكتبها الكبير، تراجع بعض الملفات. رفعت نظرها بابتسامة عندما رأت أسيل.

"صباح الخير يا أسيل، كيف أقدر أساعدك؟" سألتها المشرفة بنبرة لطيفة.

أسيل ابتسمت بتوتر وقالت: "صباح الخير دكتورة. جيت أطلب بطاقة الإعلام قدمت اوريدي على طلب بطاقة إعلام بموقع الجامعة .. عندي مشروع تخرج وأحتاج لإذن دخول نادي الاتحاد كصحفية لإجراء مقابلة."

رفعت الدكتورة حاجبيها بإعجاب. "اختيار جريء. عندك تنسيق مع النادي أصلًا ؟"

"عندي .. ، وصديقتي بتساعدني." أجابت أسيل بثقة أكبر.

أومأت الدكتورة مها برأسها وهي تقلب بعض الأوراق. "حلو، بصدر لك البطاقة الحين. بس تذكري، خليك احترافية فكل خطوة. الإعلام مسؤولية، ولااازم تكوني مستعدة لأي شيء."

بعد دقائق قليلة، كانت أسيل تحمل بطاقة الإعلام الخاصة بها، ناعمة ولامعة، تحمل اسمها وصورتها. شعرت بثقل المسؤولية، ولكن أيضًا بحماس لا مثيل له. هذه البطاقة كانت بوابتها إلى عالم جديد تمامًا، عالم مليء بالقصص التي تنتظر أن تُروى.

خرجت من المكتب وهي تشعر بأن اليوم بدأ بشكل رائع.

نَجم في مرمى الأسئلة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن