(وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ)
:-(لازم كلكم تعرفوا إن جهنم أهلكم أرحم من جنة الغريب ألف مرة)
الجملة خرجت من جوايا بانفعال شديد، أكاد أكون بكيت وانا بنهي آخر حرف...
أخفيت دموعي وقفلت اللايف الصوتي اللي بطلعه كل فترة مع مجموعة من أصدقائي على منصة من منصات التواصل الإجتماعي نتكلم في مواضيع عامة....
موضوع انهاردة تحديداً لمس جزء كبير من وجعي ورجعني عشر سنين لورا بتمنى إني أحذفهم تماماً من ذاكرتي...
بالعافية سيطرت على أعصابي وقومت اتسند على عُكازي لأن رجلي مُتأثرة بجلطة قديمة أصابتني نتيجة تعرضي لضغط نفسي أكبر من احتمالي كطفلة....
آه طفلة ماتستغربوش...
من عشر سنين كنت طفلة ماكملتش ١٥ سنة...خرجت من أوضتي لقيت ماما بتتفرج على التليفزيون وأول ماشافتني ابتسمت وقالت:-اتأخرتي ليه؟، انا مستنياكِ من بدري عشان نتفرج على المسلسل سوا..
ملامحها اتغيرت لما انتبهت لمشيتي بالعكاز فاتخضت وسألتني:-مالك ياحبيبتي؟!، انتِ رجلك تعبتك تاني؟!
قعدت جنبها بحذر ورديت اطمنها:-بتوجعني شوية بس انا كويسة ماتقلقيش
أمي بصت ليا بصة مليانة بالذنب وحضنتني وقالت بحنانها المُعتاد:-ألف سلامة عليكِ يانور عيني
استكانت في حضنها لدقايق..
ذاكرتي بدأت بالفوران واسترجاع لحظات مازالت بتنزف داخل راسي...
سنين عايشة مُتأقلمة مع جرح لم تُخلق له ضمادة...
جرح يشبه حية فحيحها مخيف...
حية بتقنعني إنها بتحبني ومش هتأذيني، وإن غايتها إنقاذي...
جربت اتجاهلها وانشغل بشيء تاني يبعدها عن تفكيري لكني فشلت...
بتظهر لي في أحلامي ونظرات أهلي وأركان البيت حتى لايف انهاردة شوفتها...
شوفتها لما البنت حكيت إنها لقيت اهتمام من الولد اللي بتحبه أكتر من أمها وأبوها واخواتها....
كان نفسي اخترق شاشة اللاب توب وامسكها أخنقها لأن البداية دي أنا عارفاها وحافظاها صَمّ وموتها هايكون أهون بكتير من اللي هاتعيشه بعد ماقالت الكلمتين دول...
بعدت عن أمي برفق لما تتر المسلسل اشتغل في محاولة مني لنسيان الأمر...وقعت عيني على البرواز المتعلق فوق شاشة التليفزيون...
البرواز ده والدي عمله لما اتولدت...
عبارة عن قماش جوبلان محطوط في إطار خشبي بلون الذهب ومكتوب عليه بخط عربي مُزخرف (وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ)...
بابا كان عنده يقين إن كل إنسان بيكون له نصيب من إسمه وتسنيم حسب تفسير الآية القرآنية هي عين في الجنة يشرب منها المُقربون...