{ يوم اعتيادي }

406 110 43
                                    

⁩⁦

⁩⁦

   ⁩⁦

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.



تَستَلْقِي دومينيك على سَريرِها، وَعَيناها تُراقِبانِ سَقْفَ الغُرْفَةِ وكَأنَّهُما تَتَرَقَّبانِ إجابَةً لمْ تَعرِفْ سُؤالَها بَعْد. تَشعُرُ بالملَلِ يَجْثُمُ عَلى صَدرِها، يُثْقِلُ أنفاسَها، ويَبعَثُ شُعورًا غَريبًا بالاخْتِناق. مِنْ نافِذَةِ غُرْفَتِها، تَصِلُ إلى مَسامِعِها أَصْواتُ العالَمِ الخارِجيِّ؛ زَقْزَقَةُ العَصافِيرِ العائِدَةِ إلى أعْشاشِها، ضَحَكاتُ الأطْفالِ البَعيدَةِ، وحَفيفُ أَوْراقِ الشَّجَرِ في نَسيمِ المَساءِ اللَّطيف. ولَكِنَّ كُلَّ هذا الضَّجيج، كُلَّ هذا الصَّخَب، لا يُثيرُ فيها سِوى شُعورٍ عابِر.

تُغْمِضُ عَيْنَيْها، تَتَمَنَّى لَوْ كانَتْ هَذِهِ الحَياةُ حُلُمًا تَستَطيعُ الهُروبَ مِنْه. تَتَنَفَّسُ بِعُمْقٍ، كَأَنَّها تُحاوِلُ امْتِصاصَ ما تَبَقّى مِنْ سُكونِ العالَم، ثُمَّ تَلْتَقِطُ هاتِفَها. تَتَصَفَّحُ مَواقِعَ التَّواصُلِ الاجْتِماعِيِّ بِلا هَدَفٍ؛ صُوَرٌ لأشْخاصٍ لا تَعرِفُهُم، وأخْبارٌ لا تَهُمُّها. كُلُّ شَيْءٍ يَبْدو بِلا مَعْنى. تَمسَحُ الشّاشَةَ بِبُطْءٍ، ولَكِن لا شَيْءَ يُثيرُ اهتِمامَها .

" كَمْ هَذَا مُمِلٌ ... أَيَّامِي مُمِلَّة و مُتشَابهِة ، حتى عُطْلَة نهاية الأسْبُوع أُمْضِيهَا مُتَقَلِّبَةً على السَّرير " قالت بضَجَرٍ .

تَتْرُكُ هاتِفَها وتَتَّجِهُ نَحوَ رُفوفِ مَكْتَبَتِها الصَّغيرَةِ، حَيْثُ الرِّواياتُ الَّتي تُحِبُّها تَنْتَظِرُ بِصَبْرٍ أنْ تَحْمِلَها إلى عَوالِمَ خَيالِيَّةٍ. تَأْخُذُ إحْدى الرِّواياتِ بَيْنَ يَدَيْها وتَجْلِسُ بِهُدوءٍ، تَتَلَمَّسُ الغِلافَ بِأَصابِعِها كَأَنَّها تَتَحَسَّسُ بَوّابَةً سِرِّيَّةً تُؤَدِّي لِعالَمٍ آخَر . الكُتُبُ كانَتْ دائِمًا مَلاذَها ، طَوْقَ نَجاتِها مِنْ رَتابَةِ الحَياةِ الواقِعِيَّة. تَفْتَحُ الرِّوايَةَ وتَبْدَأُ في القِراءَةِ، تَشعُرُ بِشَيْءٍ مِنَ الحَماسِ يَتَسَرَّبُ إلى قَلْبِها. الحُروفُ تَتَراقَصُ أمامَ عَيْنَيْها، والمَواقِفُ تُثيرُ ضِحْكَتَها، واللَّحظاتُ الحاسِمَةُ تَجْعَلُ قَلْبَها يَنبُضُ بِشِدَّة .

تَسْتَمِرُّ بِالقِراءَةِ، تَغْمُرُها عَوالِمُ السِّحْرِ والمُغامَرَةِ، حَتّى تَفْقِدَ الشُّعورَ بِالزَّمَن. فَجْأَةً، يَثْقُلُ جَفْناها ويَسْتَسْلِمُ جِسْمُها للنُّعاسِ تَدْريجِيًّا. تُغْمِضُ عَيْنَيْها، غَيْرَ مُدْرِكَةٍ أَنَّها غارِقَةٌ في النَّوْمِ بِالفِعْل.

عِنْدَما تَسْتَيْقِظُ، تَشْعُرُ بِأَنَّ شَيْئًا غَريبًا قَدْ حَصَلَ . حَرارَةُ الشَّمْسِ الدَّافِئَةِ تَتَسَلَّلُ مِنْ نافِذَةٍ قَريبَةٍ، والصَّباحُ يَلُفُّ المَكانَ بِضِياءٍ ناعِم . تَفْتَحُ عَيْنَيْها بِبُطْءٍ ....

"هاه! سَقْفٌ أَبْيَضُ رُخامِيٌّ وزَخارِفُ ذَهَبِيَّةٌ فَخْمَةٌ؟!"، قالَتْ بِدَهْشَةٍ وَهيَ تُحَدِّقُ في التَّفاصيلِ حَوْلَها.

< نهاية الفصل الأول >

visionحيث تعيش القصص. اكتشف الآن