بسم الله والصلاة على رسول الله
"ترددنا وندمنا"
صباح النعناع عليكم يا أحبابي... أسبوع جديد مكنش فيه حاجات مهمه عشان أقولها...المهم نرجع للنهاردة... أخدت إجازة أقعد مع نفسي فيها واستجم...وقولت خلاص يالا على جارتي اللي فوق...(اينعم أصغر مني ومتجوزة..بس مش بيفرق السن طول ما الصحبة حلوه)طلعت فوق (ومدخلتش بأيدي فاضية متقلقوش أنا مش بخيله!)قعدت معاها وفضلنا نرغي(نثرثر)وننتف ريش كل اللي نعرفه واللي منعرفهوش(نتنمر) وفجأة لقيتها بتقولي:
_"بقولك يا لولي محتاجه منك خدمه!"
موسيقى تصويرية صادمة في الخلفية...وانا واقفه في المطبخ وهيا قصادي...وانا شايله أبنها الرضيع طارق(مايه عشان شرقت)(#هاشتاج_تريند)...طارق عمال يزن(يبكي)... وأخيراً وشي مصدوم مستني الطلب دا:
_"اكيد طبعاً...قولي يا سوسن عايزه إيه؟"
اتكلمت بهدوء...لقيتها سابت تقليب الطبيخ وبصتلي:
_"بنت خالتي جايه كمان شويه عايزاكي تشوفيلي هيا بتعاني من إيه...بما أنك دكتوره نفسانية"
ياريتك ما اتكلمتي يا سوسن...منك لله يا سوسن! بقي أنا واخده إجازة عشان أبعد عن المرضى...تجيبيلي مرضى؟
هزيت راسي وانا مضطرة.. أصل سوسن دي من نوع الأصدقاء اللي مينفعش نفرط فيهم...وحقيقي بجد مش بهزر سوسن من النوع دا...لذا قولت ماشي ومالو شغل في الاجازه ميضرش...بعد شويه لقيت بنت خاله سوسن... طبعاً سوسن حكيالي عنها قبل ما تيجي...بس قالتلي بالحرف كدا (أنتي أدري عني)لذا ركزت على البنت دي ودققت في كل تحركاتها... لاحظت أنها بتمسك الفون الخاص بيها كل شوية كأنها بتستشير حد في كل حاجه...طبعاً عرفنا المرض من إسم البارت...بس مرضها كان مبالغ فيه وخصوصاً أن أي خطوة لازم تتكلم في التليفون أو تتكلم واتساب...لذا عرفت عن نفسي ليها وقولتلها إني دكتوره نفسيه لقيتها قعدت قصادي كدا على الأرض (اصلي بحب أقعد على الأرض.. وأحياناً النوم) المهم بعد ما صرفت سوسن تعملنا شاي...سألتها:
_"مالك مترددة ليه كدا؟...بتكلمي مين كل ثانيه؟"
حاولت تداري التوتر دا وقفلت التليفون بتاعها... ثم بصتلي وقالت بكل تأتأه:
_"لا أنا مش مترددة... أنا بس بستشير أمي وعمتي عشان دول أهلي "
رفعت حاجب من حواجبي بمعني افندم لقيت البت برضوا بتبرر أن عادي...لذا قررت أرزعها سؤال يجيب الناهيه:
_"وعادي يختاروا كل حاجه في حياتك...من غير ما يدولك فرصه تثبتي شخصيتك؟"
كانت بتفرك أيديها وباصه في الأرض...مش لاقيه أجابه تقولي عليها...هيا نفسها مش عارفه أنها بتعاني لذا حاولت أتكلم بهدوء معاها وافهمها أن دا مرض عادي وليه علاج:
_"اسمعيني يا وعد... الأهل مش هننكر أهميتهم في حياتنا وأننا لازم نشاركهم كل حاجه تخصنا..بس مش كل حاجه بمعني كل حاجه لازم يكون ليكِ شخصيه...لازم يكون عندك اختيار لأي حاجه في حياتك عالاقل لبسك"
حسيت أنها بدأت تقتنع أنها تحكيلي وبالفعل حصل:
_"انا حقيقي الموضوع بيضايقني بس انا معنديش ذوق في حاجة...بخاف أختار غلط!"
أديتها كل اهتمامي عشان تقدر تكمل...بس عيونها بدأت تجمع دموع...كأنها حابسه كل الكلام جواها...لذا قررت أكلمها بحنيه عشان تقدر تحكي بثقة:
_"ايه اللي خلاكي تخافي تختاري غلط؟"
تردد...تردد...تردد...ثم نفس عميق...كل دا كانت وعد بتعمله لحد ما بدأت تحكي والدموع مبتفرقش عيونها:
_"ارتبطت قبل كده...وقبل ما يدور في بالك إني وحشه اسمعيني للآخر"
هزيت راسي وركزت كل انتباهي لقصتها:
_"من تلات سنين...كنت رايحه المول أشتري شويه حاجات لوحدي...قابلت شاب هناك ونشأ بينا نظرات إعجاب وطلب رقمي... قالي ثقي فيا وأنه بيحبني...وعايز يتعرف عليا أكتر عشان نشوف هل هننفع لبعض أو لأ... قولت ماشي مش مشكله وهو شاب محترم عنده أخوات بنات...بيشتغل وبيعامل والدته كويس...عرفني على أخته وقالي لما يبقا فيه بينا حاجه رسمي هتعرف بأهلك وأعرفك بأهلي...وافقت برضوا وقولت الصبر حلو...قعدنا تلات شهور بنتقابل وبنخرج...قعد فتره كويس ومحترم وبعد كدا بدأ يقرب مني بشكل مش لطيف نوعاً ما...وقفته عند حده...لحظتها اكتشفت قد ايه أنا مغفله"
أنا كاليلا القصه شدتني وقولت بحماس طفل صغير كملي يا وعد وهيا كملت بس بدأت شهقاتها تزداد:
_"طلع بيتسلي! مش عارفه ليه... وأنا عملت ايه عشان يبعد عني ويواجهني بالشكل دا... قالي فوقي لنفسك ياماما انا بتسلي وبختبر البنات... وأنتي الصراحه رغم اني اتسليت بيكي بس مش هقدر أكمل تسليه...مش حباً فيكي...لكن أنتي لا ذوقي ولا اختياري أصلا... انا لقيتك مدلوقه عليا وعينيكي بتطلع فراشات وأنتي شيفاني...قولت مش مشكله أما أجرب النوع دا كمان"
سوسن خرجت من صوت العياط وانا حاولت اطبطب عليها...بعد نص ساعة وعد بدأت تهدأ:
_"خلاص يا وعد مش لازم تكملي دكتورة ليلا استكفت بكدا...صح يا لولي؟"
وافقتها في الرأي...لكن وعد رفضت:
_"معلش يا سوسن لازم أقولها كل حاجه عشان ارتاح...المهم يا دكتورة قعدت فتره منهارة وخصوصاً أن أهلي عرفوا...عمتي ووالدتي عايشين مع بعض في نفس البيت... لأن والدي وجوز عمتي متوفيين...المهم ملامحهم لحد دلوقتي لسه فاكراها...كسره...خذلان... إنهيار... وكله بسببي...فقدت الثقة في نفسي من كلامه... وبس كدا بدأت بقي أعيش على رأيهم في كل حاجه وبالتدريج مبقاش ليا لا ذوق ولا رأي"
خلصت كلامها وأنا بدأت أقولها اسماء دكاترة تروح عندهم... وبدأت بقي اشرحلها هيا بتعاني من إيه واطمنها عشان أمشي:
_"بصي يا وعد أنا مش هقولك أن دا حرام... ولا غلط ولا هاجي جمب الموضوع نهائي لأني في النهاية استشارية نفسيه...لذا نتكلم عنك أنتي...البني ادم طبيعي يتخذل في حياته ولو خمسين مرة في السنه...طبيعي يتخان...طبيعي كل دا لكن اللي مش طبيعي أنك توقفي حياتك عشان شئ زي دا... دي ورقة فيها إسم دكتورة هتتابعي معاها وأنا هتطمن عليكي عن طريق سوسن... نصيحتي ليكي لما تختاري متختاريش بقلبك بس... اختاري بقلبك وبعقلك"
خلصت...سلمت عليهم...ثم مشيت إلي شقتي...وكما جرت العادة... دفتر مذكراتي العزيز... صفحه جديده بعنوان
(التردد)
"يمكن تعريف التردد...بأنه نوع من المماطلة المزمنة عند اتخاذ القرارات...حيث يسبب التردد صعوبة عامة في اتخاذ القرارات...عندما نكون مترددين...فإننا نعيد تقييم مجموعة المعلومات نفسها...ومع تردد الخيارات...قد يصبح تحديد الخيار الذي يناسب احتياجاتنا أمراً مرهقاً للغاية... وبسبب التردد قد يتجنب الشخص بشكل تام اتخاذ قرار صعب او حتي سهل!"
والسؤال كالعادة...
_كيف نعالج الشخص المريض بذلك المرض؟
بصي يا ست الكل ورقه وقلم وورايا(والرجاله تقعد على القهوة مفيش مكان ليكم)...(بهزر)
_كيف يتم التعامل مع الشخص المتردد؟
"عندما يصبح أحد الأشخاص متردداً فهدفك هو مساعدته على تعلم التفكير بحزم...فأوجد له منطقة راحة...واستوضح الخيارات المتاحة... أستخدم نظاماً لاتخاذ القرار...وقم بأشعاره بالطمأنينة على صحة قراره... وتأكد من متابعة تنفيذه"
_وفي النهاية نصيحتي اللطيفة الخفيفة بلغتنا المصرية
وبكل اختصار...مفتاح أنك تتخلص من ترددك...هو أنك تكون...خالي الذهن...يعني قليل التفكير...متفكرش كتير... وانك لما تتردد تبدأ تقيم خياراتك...تشوف عواقب كل خيار بشكل عقلاني...وتختار خياراتك على معرفة وعلم... وأنك تفكر بشكل إيجابي... وتكون واثق في نفسك في أي خيار ومش مشكله لما تقع مره واتنين طالما عندك القدرة أنك تقف تاني
لذا عزيزي القارئ كن دائماً إيجابي
والسلام...
يتبع.....
أنت تقرأ
حكاياتي مع المرضى
Historia Cortaقصص قصيرة ممتعة ومفيدة لكل الأعمار يوجد بها حالات نفسية... يوجد بها مواضيع وقضايا مجتمعية... اتمني أن تعجبكم...