P :18 محاكمة الروح

128 12 8
                                    

بعد الضجة الكبيرة التي حدث خلال دقائق فقط تم رفع حالة طوارئ في جمعية الصيادين الوطنية لاونور.
تم عقد اجتماع لجميع النقابات الكبرى، اجتمعوا جميعا عدا نقابة العنقاء.
لم يجرؤ احد على ذكر ذلك، باعتبار زعيم العنقاء عائلة موضوع الاجتماع.
في قصر ارسيليا سول جالسة على طاولة الطعام يقف ليمان خلفها.
" تقريرك"
القت سول نظرة على ليمان بحدة.
" هدف السيد الشاب شخص ماكر باتصالات قوية.
بعبارة أخرى انها منظمة معلومات عالمية.
مع منظمة بهذا الحجم اجرؤ على القول ان السيد الشاب يهدف إلى امساك السماء"
" لا توجد معلومات عن رئيس المنظمة وكأنه شخص غير موجود.
لكن عدم وجود معلومات بهذه الدرجة من النظافة هي دليل على وجوده بحد ذاته"
ابتسم ليمان ابتسامة حميدة وأنهى تقريره.
" هاهاها، صغيري لديه عين ممتازة للناس"
دفعت سول شعرها الأحمر خلف اذنها، لامست قرطها على شكل فراشة بابتسامة تسحر الناس.
" يجب أن يحصل ابني على ما يريد، تأكد من ذلك"
رفعت سول فستانها الاسود الرقيق، ضوء الثريا تلألأ حولها كما لو كانت جنية أسطورية.
غادرت دون انتظار الرد، تحرك ليمان رئيس قسم المعلومات في نقابة العنقاء لتنفيذ اوامر سيدته.
*******
بعد أن غُمر أدريان وايزل في الضوء الأبيض وجدوا أنفسهم في بحر أخضر.
الأشجار تمتد إلى نهاية مرمى بصرهم من كل الاتجاهات.
( بشري نحن زنزانة ولكن في نفس الوقت ليست زنزانة....
همممم، كيف اقولها؟ المانا هنا صعنت بواسطة انسان...)
تحدث ايزل بعقل أدريان كما لو يثبت ان هناك من يراقب ويسمع.
" زنزانة اصطناعية"
تحدث أدريان بهدوء.
( صحيح وكل شئ في هذا المكان هو عيون وآذان صاحبه)
ثرثر ايزل بحماس وهو يستكشف المكان حوله.
لم يهتم أدريان.
نهض ونظر حوله كما لو كان صاحب هذا المكان.
مشى ببطئ ووصل إلى شجرة مع ظل لطيف، جلس تحت الشجرة متكأ عليها.
اخرج أدريان من مخزونه حجر بمزيج من اللونين الأحمر الداكن والأسود معا.
كان حجرا عاديا بدون مانا عدا مظهره الجميل.
نظر إلى ايزل وابتسم.
( واااه، هل ستجلب مساعدي الان؟
سأكون ملكا بمساعد شخصي من الان فصاعدا ! )
اغمض أدريان عينيه، قبض على الحجر بيده وارسل قوته الروحية إلى الحجر.
من يرى هذا المنظر قد يظن انه مجرد شاب وسيم ينام في متنزه لطيف.
********
في مساحة مفتوحة خضراء يوجد قصر ابيض وكأن كلمة الفخامة صممت خصيصا له.
داخل قاعة الموسيقى تحت الثريا العملاقة، سقط الضوء على جفون رجل يعزف البيانو مغلقا عينيه.
مرت ايدي الرجل المليئة بالعروق والندوب على لوحة المفاتيح بخفة وارتسمت ابتسامة مفاجأة على شفتيه.
كان الرجل الذي اختطفه وحبسه بزنزانه من صنع قدرته، حيث لن يستطيع الخروج ابدا الا اذا سمح له بذلك.
وبهذه القدرة كان قادرا على تعذيب ما لا يحصى من الناس والحصول على ما يريد بذلك أصبح زعيم نقابة المعلومات الأولى في دوليا.
لكن الرجل الذي اختطفه ناهيك عن محاولة الخروج، كان يتجول ببطئ وينظر حوله كما لو كان المكان ملكه، متمتما انها زنزانة اصطناعية بلا مبالاة كما لو كان يقول قائمة إفطار اليوم.
اتكأ على شجرة بظل لطيف وأخرج حجر عاديا بدون مانا لعب به حتى انه اخذ قيلوله...
على الرغم من انه تعمد صنع زنزانة لطيفة خصيصا لأجله على عكس ضحاياه حيث تكون صحراء قاحلة دون مياه او براكين متفجرة او هاوية.
حيث أن الصبي الذي اختطفه كان بمنظر حساس دون وعي أنشأ زنزانة لطيفة بما يتناسب مع مظهر الصبي الهش.
" بفت، هاهاهاهاهاها"
ضحك الرجل حتى انقطعت انفاسه متسليا بتصرفات الصبي.
كانت تلك المرة الأولى له التي يرى فيها ردة الفعل الهادئة تلك.
" هذا هو مستوى أسطورة ارسيليا، وهذه الاسطورة ستكون ملكي وحدي، هاهاهاها..."
*******
دخل أدريان المجال الروحي لحجر البركان.
نظر حوله فتجمد في مكانه...
كان الظلام دامسا والليل في كل مكان، نهر عظيم من الحمم المنصهرة يجري، اصدمت موجات الصهارة ببعضها البعض وكونت دوامات ضخمة.
الحرارة اللاذعة تلسع أدريان.
رغم الحرارة القاهرة، انبعثت طاقة روحية عظيمة من نهر الحمم.
" اعلم انه شئ مجنون ولكن....
شئ ما بداخلي يخبرني انني يجب أن اذهب للنهر واغرق نفسي فيه..."
تمتم أدريان بغير تصديق، لايعلم ان كان ذلك من المنظر أمامه ام الشعور المجنون الذي يجذبه.
" احساسك صحيح"
صوت عميق مألوف جاء من جانب أدريان، حول أدريان رأسه ونظر.
رجل بشعر ذهبي طويل مشع، مناقضا للظلام حوله بعينينف ورموش ذهبية لامعة.
توهج وسم الصولجان في يده.
عاد ايزل إلى هيئته الروحية، كل خلية منه تصرخ بهالة الحاكم.
حدق به أدريان ناسيا المنظر والحرارة اللاسعة حوله.
" لا استطيع الاعتياد على مظهرك هذا..."
" بالتأكيد لا تستطيع الاعتياد على مظهر هذا الحاكم الجليل"
رفع ايزل فمه بنبرة طفولية بفخر مخالفة شكله المهيب فعاد أدريان إلى صوابه.
" ماذا تقصد ان احساسي صحيح؟"
" هذا واضح، يبدو أن هذا المفتاح تابع للروح الأسمى للنار، وهذه محاكمته"
رد ايزل وهو ينظر حوله.
" محاكمة؟ "
تسائل أدريان.
" اييي أيها البشري الجاهل، بالطبع حتى تتعاقد مع روح يجب أن تمر خلال محاكمة تحددها الروح.
وكلما كانت الروح أقوى كانت محاكمتها أصعب، في هذه المحاكمة يجب أن تغرق نفسك في هذه الحمم حتى تقابل الروح لتتعاقد معها"
" اللعنة، هل جُننت؟ لن أفعل ذلك...
كان يجب أن سمح للمنظمة بتدمير الحجر وفق الرواية... "
' انا اناضل بالفعل حتى اشيخ بدون ألم، الان تطلب مني أن اواجه النار واحرق جسدي حتى اتعاقد مع هذه الروح...
بالطبع، لا شكرا...
انتظر، اذا كانت المحاكمة أصعب كلما زادت قوة الروح...'
" اذا لماذا تعاقدت معي بدون محاكمة؟... "
نظر أدريان إلى ايزل.
توتر ايزل، نظر جانبا واجاب بغرور مصطنع وقال بنبرة عالية.
" بشري جاهل، بالطبع قوة هذا الحاكم تسمح له بتخطي المحاكمة.
من خلال المعرفة التي ورثتها لم يسبق لحاكم الأرواح ان تعاقد مع احد قبلا.
لكن قوتك الروحية عظيمة بما يكفي لماذا اضيع الوقت في المحاكمة في حين استطيع الاستمتاع باستكشاف العالم البشري..."
" لقد فهمت توقف"
قاطع أدريان ايزل والا فأن ثرثرة الطفل لن تنتهي ابدا فرك أدريان صدغيه .
" اذا كنت تستطيع التعاقد دون محاكمة، هل تستطيع أيضا جعلي اجتاز هذه المحاكمة دون قتل نفسي فأنت حاكم عظيم بما يكفي لذلك ربما... "
قال أدريان كما لو كان شيطان يغري طفلا بصوته الجميل مع الحلوى.
" همف، بالطبع استطيع سأجعلك تشعر كما لو كنت في مياه باردة"
استجاب ايزل ونفخ صدره بفخر غير قادر على اخفاء ارتعاشة فمه من الابتسام.
منظر رجل بهذه الهيبة والحجم يتصرف كطفل محرج حقا.
مد يده إلى أدريان وانتظر، فهم أدريان لفتته فأمسك بيده.
قبض ايزل يد أدريان برفق ومشى للأمام، كان يبدو كرجل نبيل من الحكايات الخرافية ممسكا بجمال بين يديه للرقص تحت الثريا، لولا انهم يتجهون إلى نهر الحمم المنصهرة.
" اللعنة..."
شتم أدريان بداخله.
" فقط استرخي واغمض عينيك ستكون على ما يرام معي"
ابتسم ايزل برفق وثقه.
اغمض أدريان عينيه وتنفس بعمق متبعا خطوات الرجل الصغير الذي يقوده.
خطى الرجلان حتى وصلا الحمم، واصلا السير بدأ الرجلان في الغرق تدريجيا حتى لم يعد يظهر منهما شعرة واحدة.....

ان تكون في الهاويةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن