Three

27 6 2
                                    






بعد مرور شهر

مستلقي على جانبه الأيمن بوهن شديد، الغثيان والإرهاق لم يفارقانه ولو لثانية، يشعر بدموعه تتساقط بضعف على وجنتيه. عاد الى جلساته العلاجية بعد انقطاع لمدة اشهر بعدما أخبره الطبيب أن حالته الصحية تحسنت ولم يعد يحتاج الى المزيد من الجرعات الكيماويه لكن دوام الحال من المحال. رغم تعبه الشديد وشعوره السيء تجاه كل شيء، لم يكن يشغل تفكيره الا سارة، كان واثقاً أن غيابه أزعجها وربما أحزنها ايضاً، فهي كانت أمامه كالكتاب المفتوح، بالنسبة له لم تخفى عنه مشاعرها تجاهه ابداً لأنه بالمقابل أيضاً كان يملك نفس تلك المشاعر والأحاسيس تجاهها. يتوق لرؤيتها والتأمل في ملامحها التي اشتاق إليها، ويود أن يعتذر منها ويتحدث معها، لكن ضعفه الشديد كان يقف حاجزًا أمامه. لم يشأ أن تراه في هذه الحاله، ولم يرغب أيضاً أن تتعمق مشاعرها تجاهه أكثر من ذلك.

منذ اللحظة التي رأته فيها لأول مرة، شعرت أن دخوله إلى حياتها كان كالبدر المنير الذي يضيء عتمة ليلها لم تستطع انكار مشاعرها نحوه أكثر من ذلك فمنذ تلك الليلة التي قضتها برفقته أدركت أنها واقعة في حبه، وقعت بالحب حتى مع ابسط حركاته، مغرمة بطريقته في التركيز وكيف يقطب حاجبيه، مغرمة بطريقة نطقه لإسمها، مغرمة بإبتسامته التي عندما تراها تتساقط جميع احزانها وتفكر كيف انتصرت على الحزن بثواني، مغرمة بأحاديثهم اليومية التي تبدو ممله لأي احد غيرهم، لن تنسى سهرهم وضحكاتهم التي كانت كل يوم تزداد علواً، مغرمة انه لازال يرتدي وشاحها، تعشق كيف عندما تلتقي أعينهم تنسى جميع افكارها، تعشق انه سرها الصغير، تعشق عندما يظهر لها انه غير مهتم لكنها كانت تعلم مكانتها بقلبه لم يقل شي لكن الأفعال يمكن ان تتحدث، كانت دائماً تصفه بالبحر بسبب غموضه الذي يثير فضولها، تكتشف فيه يومياً شيء جديد. استمرت بالغرق بهذا البحر دون ادراك، هي فقط أحبت كل شيء قد يجمعها به منذ البداية وحتى اليوم.

لكن الشيء الذي لم يطرأ على بالها ولم تتوقعه انه بعد مرور فترة لم يعد بدر كما عرفته بالبداية هو فقط بدا بتجاهلها ولم يعد يحضر لقائهما المعتاد هو حتى اصبح يغلق نافذته بدون اي سبب واضح لها. الشيء الوحيد الذي كان يشغل ذهنها. هل فعلت شيئًا يضايقه؟ أم أنه فقط قد ملّ من وجودها المستمر؟


الأربعاء، الرابعة عصراً

تجلس على الكرسي مقابله لمكتبها تحاول فهم الدروس لكن محاولاتها كانت فاشلة. فالأسبوع المقبل ممتلئ بالاختبارات النهائية، شعرت بالإحباط، تنهدت بيأس ووضعت رأسها على المكتب، عيناها تحدق نحو نافذة معشوقها، تفكر في سبب اختفائه. كأنها لم تفكر به طوال الأيام الماضية، كانت تتمنى فقط أن تفتح نافذته وتراه ولو من بعيد.
وفي منتصف تحديقها انفتحت نافذته استقامت بعدم تصديق لتحقق امنيتها، نظرت بترقب ولكنها لم ترى سوا والده الذي كان يتحرك في ارجاء غرفته بغضب ويخرج بعد فتحة للنافذة. اقتربت من ناذفتها تراقب غرفة بدر بحذر وتركيز شديد. كانت الغرفة في فوضى عارمة المناديل تتناثر على السرير، والملاءات ملقاة على الأرض بإهمال، الأوراق والكتب مبعثرة. يمكنها أن تقول إن هناك إعصارًا قد اجتاح تلك الغرفة.
فجأة ومن اللامكان خرج بدر نبض قلبها بقوه لرؤيته لكن منظره لم يكن كما اعتادت أن تراه كان وجهة يبدو شاحباً ملامح وجهة التي احبتها كانت تبدو ذابلة جدا! انقبض قلبها بألم على منظره، ولكن الذي ألمها أكثر أنه لم ينتبه لها، لم تتحمل النظر له بدون أي تواصل بينهم وبدون أي تردد نطقت بأسمه بصوت عالي ليسمعها، ارتعب ورفع رأسها وهو يتمنى انها فقط أوهامه وانه لم يسمع صوتها تناديه لكن رق قلبه عندما وقعت عينه عليها وهي تنظر له بقلق، ادرك انها علمت انه هنالك خطب ما معه، استقام متوجهاً نحوها ينظر لها بإبتسامة خفيفه كانت على وشك النطق لكن التفتت بسرعه عندما سمعت باب غرفتها ينفتح بقوه رأت سلطان ينظر لها ثم للنافذة، وهي تتمنى أن بدر تحرك من امام النافذة، نطق سلطان بعد صمت "سارة شفيك واقفه عند الشباك؟" ارتبكت وخرجت حروفها مبعثرة "مدري انخنقت من المذاكرة وقلت اشم شويه هواء وارجع اكمل" نظر لها بعدم تصديق فهو لقد رأى بدر يتحرك من امام النافذة بارتباك نطق موجهاً كلامة لها "طيب انزلي كلنا تحت وابوي يدورك" نطقت بتلعثم "ليه يدورني ما سويت شيء!" رفع حاجبيه مبتسماً بشك "مين قال انك سويتي شيء؟ انزلي بس".

Windowحيث تعيش القصص. اكتشف الآن