الفصل الحادي عشر: الحصار يضيق

8 8 0
                                    






بدأت آثار المواجهة تتضح بشكل جلي، وأصبحت تحركات "لي وين" أكثر شراسة، وكأن قلقه من الدليل الذي حصلت عليه آية قد حوله إلى وحش لا يهدأ. كانت آية تشعر أن دائرة الخطر حولها تضيق مع كل خطوة، لكنها ظلت مصممة على كشف الحقيقة مهما كان الثمن.

بينما كانت آية تبحث في المستندات القديمة، وجدت وثيقة مشفرة تحمل توقيع "تشو فاي". كانت الوثيقة تحتوي على رموز وأرقام متسلسلة. حاولت فك الشيفرة بمساعدة زانغ، لكن الأمر بدا معقدًا؛ لم يكن للرموز أي معنى واضح. أدركت آية أن الوثيقة ربما تحتوي على أسرار دفينة عن أنشطة "لي وين" وشبكته.

قررت آية أن تتواصل مع أحد معارفها، "لياو"، الذي كان خبيرًا في تحليل الشفرات والوثائق المعقدة. كان لياو رجلًا غامضًا، يعمل في الظل، ويعرف طرقًا غير تقليدية لفك الشيفرات. تواصلت معه واتفقت على لقائه في مقهى بعيد في الضواحي حيث يكون من الصعب تتبع تحركاتهم.

في تلك الليلة، بينما كانت تستعد للذهاب، تلقى والد آية اتصالًا غامضًا من رقم غير مسجل. رد بحذر، وجاءه صوت هادئ لكنه يحمل تهديدًا مبطنًا:

"نحن نعرف كل خطواتكم، ونعرف ما تخططون له. استسلامكم هو الخيار الوحيد لتجنب الخسائر."

شعر يوسف بالخطر المحدق بابنته، وتساءل بقلق عما إذا كان من الأفضل التخلي عن هذه المعركة، لكن نظرته تغيرت حين رأى عزيمة ابنته وقرارها بمواصلة الطريق، فأدرك أنه لا خيار أمامهم سوى المواجهة.

في اليوم التالي، ذهبت آية إلى المقهى مع زانغ لمقابلة لياو. كان اللقاء يحمل توترًا مكتومًا، إذ أن آية كانت تشعر أن أنظار "لي وين" تراقبها من كل زاوية. دخل لياو بهدوء، وقدم لها ابتسامة خافتة قبل أن يجلس أمامها.

"آية، الشفرة التي أرسلتِها لي معقدة، وتحتاج إلى وقت طويل، لكنني سأبذل جهدي لفكها."

أجابته آية: "نحتاج إلى فك الشفرة بسرعة. هذه الوثيقة قد تكون الدليل الوحيد الذي يكشف حقيقية "لي وين"."

وافق لياو على الإسراع في العمل ووعدها بإرسال النتائج فور انتهاءه. بينما كانا يستعدان للمغادرة، لاحظت آية سيارة سوداء متوقفة على بعد مسافة قصيرة من المقهى، وبداخلها رجلان يراقبان المكان بترقب.

"زانغ، لدينا مراقبون. يجب أن نغادر بسرعة وبحذر."

خرجت آية وزانغ بسرعة من المقهى، وسارا في أزقة ضيقة متعرجة، محاولةً منهما تجنب مطاردة السيارة السوداء. كانت المطاردة على أشدها، وكأن "لي وين" قرر عدم السماح لهم بمغادرة المكان بسلام.

اتجه زانغ بسيارته إلى طريق جانبي وعر بينما كانت آية تمسك هاتفها بيدين مرتجفتين، تحاول إرسال رسالة استغاثة لأحد أصدقائها. وفجأة، ظهرت سيارة أخرى في طريقهم، مما أجبر زانغ على تغيير مساره مرة أخرى إلى طريق ضيق بين المباني القديمة.

في لحظة خاطفة، تمكن زانغ من مراوغة السيارة الثانية، وأسرع باتجاه مخرج المدينة. بعد دقائق من المطاردة المتوترة، تراجعت السيارتان عنهما، واختفتا في الظلام. تنفست آية الصعداء، لكنها أدركت أن هذا لن يكون آخر هجوم، وأن "لي وين" سيتابع مطاردتهم حتى النهاية.

عند عودتهم إلى المنزل، كانوا يشعرون بالإرهاق، لكن الأمل كان لا يزال حيًا بانتظار ما سيكشفه لياو من الوثيقة. في وقت متأخر من الليل، رن هاتف آية. كان لياو قد أنهى عمله، وأرسل لها الشيفرة مفككة جزئيًا.

بدأت آية تقرأ ما جاء في الوثيقة بتركيز. كانت تحتوي على أسماء بعض الشخصيات النافذة في الصين، ممن لهم علاقات وطيدة مع "لي وين"، بالإضافة إلى تفاصيل حول صفقات غير شرعية ضخمة، تُدار من أماكن سرية داخل البلاد. وأخطر ما وجدته هو مخطط يعكس توسع "لي وين" في شبكات دولية تُستخدم لغسيل الأموال.

ارتجفت آية، فقد كانت هذه الوثائق تحمل معلومات كافية لإسقاط "لي وين" وتدمير سمعته بالكامل، لكنها في الوقت ذاته أدركت أن "لي وين" لن يتوانى عن فعل أي شيء لإيقافهم عن كشف هذه الحقائق.

جلس يوسف بجانبها، وراقبها وهي تحاول وضع خطة جديدة. قال لها:

"آية، نحتاج إلى حلفاء أقوياء. وحدنا لن نستطيع مجابهة كل هذه القوة والنفوذ."

بدأت آية تفكر في كل الاحتمالات. كان عليهم تأمين الدعم من جهات دولية تُدين ما يقوم به "لي وين" وتضمن عدم التلاعب بالوثائق. فكرت في التواصل مع بعض الصحفيين الاستقصائيين الأجانب لكشف المعلومات على نطاق أوسع، لكن هذا الخيار كان محفوفًا بالمخاطر، فقد يضعهم تحت الأضواء ويجعلهم هدفًا مباشرًا.

تملكها القلق، لكنها أدركت أن هذه الخطوة هي الخيار الوحيد المتبقي. قررت التواصل مع الصحفيين وإطلاعهم على بعض أجزاء الوثائق، على أن يكونوا مستعدين لنشر المعلومات في الوقت المناسب. بهذه الخطة، سيكون لدى "لي وين" القليل من الوقت للتصرف، وستنقلب الطاولة عليه بطريقة قد لا يتوقعها.

وبينما كانت تستعد للتواصل، كانت تعلم أن هذه الخطوة ستشعل حربًا أخيرة، ربما تكون الأخطر، حيث تتواجه الحقيقة الكاملة ضد القوة المظلمة المتسلطة.

تدخل معه مجددا في حرب داخل مستودع
وتنجوا منها باعجوبة

صدى الرصاصة الأخيرة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن