البارت الاول

123 14 4
                                    

---

الجزء الأول

في زحام المدينة، حيث تتشابك الأحلام مع القيود، كانت إيفا تجلس في مكتبة الجامعة، تتأمل الكتب المصفوفة حولها. كانت الأضواء خافتة، والهواء معبأ برائحة الورق القديم، وهو المكان الذي تجد فيه سكونًا بعيدًا عن صخب الحياة. إيفا، الفتاة التي تبلغ من العمر تسعة عشر عامًا، تحمل في قلبها شغفًا لا ينطفئ، حلمًا عزيزًا يتمثل في أن تصبح مهندسة. كانت تضع أمامها كتب الرياضيات والفيزياء، تأمل في كيفية تحقيق ما تريده.

لكن مع كل ورقة تقلبها، كانت تشعر بعبء التقاليد التي تُحاصرها. كانت والدتها ووالدها دائمًا يتحدثان عن العادات والتقاليد التي يفرضها المجتمع، ولا يكفان عن مقارنة إيفا بأخيها الذي يحظى بكل الدعم والاحترام، لمجرد كونه "الرجل" في العائلة. "أنتِ بنت، ولا يُفترض أن تتجاوزي حدودك!" كان هذا هو المعنى الكامن في كلماتهم.

تذكرت إيفا كيف كان أخوها دائمًا يتعامل معها بفوقية، وكيف كانت تتلقى الضربات كلما حاولت الخروج عن الإطار الذي وضعوه لها. كان يراها كأنها لا تستحق شيئًا، وكأن أحلامها لا تعني شيئًا. وعندما كان يضربها، كانت تتحمل، مع علمها أن ذلك لم يكن صحيحًا. كانت تحاول أن تُقنع نفسها أنها قوية، وأنها ستواصل السعي وراء حلمها، مهما كانت الظروف.

في تلك اللحظة، تذكرت صديقاتها، إيما ورين. كانت إيما تمثل القوة والشجاعة، الفتاة التي لا تخشى مواجهة العالم، دائمًا تتحدى القيود المفروضة عليها. أما رين، فقد كانت أكثر حذرًا، تبحث دائمًا عن الحلول الأكثر أمانًا، لكنها كانت تدرك جيدًا أن دعمها لإيفا هو أمرٌ أساسي.

"إيفا، هل أنتي هنا؟" جاء صوت إيما حماسيًا، وكأنها أشعلت شعلة من الأمل في قلب إيفا. كانت تدخل المكتبة بخطوات سريعة، تحمل معها طاقة إيجابية لا تُقاوم. "لقد وجدت كتابًا رائعًا عن التصميم الهندسي! يجب أن تريه!"

"إيما، أرجوكِ، لا تُشغليني. أنا أحتاج إلى التركيز." ردت إيفا، رغم أنها كانت تبتسم، تعرف جيدًا أن حديث إيما ينم عن حبها ورغبتها في مساعدتها.

"لكن عليكِ أن تعرفي أن الحياة ليست مجرد دراسات وكتب. هناك أيضًا متعة!" قالت إيما، مما جعل إيفا تضحك. كانت تسعى دائمًا لإخراجها من قوقعتها.

في هذه الأثناء، جاءت رين بهدوء، ووضعت يدها على كتف إيفا برفق. "لا تنسي أننا هنا من أجلك، مهما كانت الضغوط. علينا أن نكون معًا، خاصةً في هذه الأوقات."

أحسّت إيفا بشعور من الأمان يكتنفها، وعرفت أن صداقتهن هي السند الذي تحتاجه لمواجهة جميع التحديات. "أتعلمان، لقد بدأت أشعر أنني أستطيع تحقيق حلمي. رغم كل شيء، أريد أن أكون مهندسة."

"بالتأكيد، أنتِ قادرة على ذلك. يجب أن تقاومي الضغوط وأن تؤمني بنفسك." أجابت إيما بحماس، بينما كانت رين تراقب بقلق.

  صَوْتٌ فِي الظَّلامِ  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن