البارت الثانى: صراع الواقع

79 12 2
                                    


---

الجزء الثاني: صراع الواقع

عادت إيفا إلى منزلها بعد يوم طويل وشاق في الجامعة، حيث كانت تشعر بالسعادة والتفاؤل. اجتازت امتحانها الأول بنجاح، وكان الأمل يشرق في قلبها مثل شمس جديدة. ولكن، سرعان ما تبخرت هذه السعادة عندما دخلت إلى غرفة المعيشة. كان والدها يجلس هناك، وعلامات الجدية تظهر على وجهه، بينما كان أخوها يتحدث بصوت عالٍ ويبدو أنه في منتصف نقاش حاد.

"أين كنتِ؟" صرخ والدها بصرامة. "من المفترض أن تكوني هنا، في المنزل."

شعرت إيفا بقلق يزحف إلى داخلها. حاولت أن تفسر له أنها كانت في الجامعة، لكنها لم تستطع أن تتفوه بكلمة واحدة أمام تلك النبرة الغاضبة. والدة إيفا، التي كانت تجلس بجانبه، أضافت بنبرة حادة، "أنتِ لا تحتاجين إلى الدراسة. يجب أن تتذكري أن دور الفتاة هو البقاء في المنزل ورعاية العائلة."

تراجعت إيفا خطوة إلى الوراء، وكأن كلمات والدتها كانت تنغرس في قلبها كخنجر. كيف يمكنها التحدث عن أحلامها في وقت يتعرض فيه إحساسها بالقيمة الذاتية للخطر؟ شعرت بالدموع تتجمع في عينيها، لكنها تمالكت نفسها. كانت تلك اللحظة من أشد اللحظات التي مرت بها.

"لكني أريد أن أدرس! أريد أن أحقق أحلامي!" قالت إيفا، متجاهلة الدموع التي تكاد تنفجر. كانت كلماتها تخرج كصوت همس بين صراخ الواقع الذي كان يحيط بها.

لكن والدها كان أكثر صرامة. "أنتِ لم تفهمي. مكانك في المنزل، وأخوك هو الذي يجب أن يُشجع على الدراسة. إنه الرجل في العائلة."

توجهت إيفا إلى غرفتها، ودموعها تتساقط. كانت تتساءل في أعماقها: لماذا لا يرون قيمتي؟ لماذا يشعرون بأن أخيها يستحق كل شيء بينما هي ليست سوى عبء؟ كان قلبها مثقلاً بالألم، وكأنها محاصرة في زنزانة من العادات والتقاليد.

في اليوم التالي، شعرت بأن الأمل يتلاشى، لكن ذاك الشعور باليأس لم يمنعها من التفكير في صديقاتها، إيما ورين. كيف يمكنها أن تتحدث معهما؟ تواصلت معهما عبر الرسائل، وأخبرتهما بكل ما حدث في المنزل. في المكتبة، كان اللقاء معهما بمثابة النسمة العليلة التي انتظرتها.

"يجب أن تقاومي، إيفا!" قالت إيما بحماس. "لا تدعيهم يحطمون أحلامك. نحن هنا من أجلك."

بينما كانت رين تفضل اتخاذ الأمور بحذر، لكن كانت تتفق أيضًا مع إيما. "يجب أن نخطط بشكل جيد. علينا أن نُظهر لوالدك أهمية التعليم."

أصبحت أيام إيفا في المنزل أكثر تعقيدًا، وكأن الحياة تتحول إلى كابوس متكرر. والدها قرر أن يمنعها من الذهاب إلى الجامعة لمدة أسبوع كامل، ومع كل يوم يمر، كان يشدها الواقع أكثر إلى قاع اليأس. وكانت تعيش كل لحظة تحت ضغط كلمات والدها: "في أقرب فرصة، سأزوجك."

  صَوْتٌ فِي الظَّلامِ  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن