"مواجهة الصمت في المزرعة"

11 4 0
                                    

في اليومين التاليين، كان هيونجين مشغولاً بأفكاره، قلبه غارق في مشاعر متناقضة حول فيلكس. لم يستطع أن يتوقف عن التفكير فيه، في تلك اللحظات التي مرّ بها في الماضي، والكلمات التي تبادلاها، والقرارات التي اتخذها. لم يمر يوم دون أن يعيد مشهد اللقاء في ذهنه، ولم تكن فكرة فيلكس بعيدة عن تفكيره في كل لحظة.

قرر هيونجين أن يتصل به مرة أخرى، يشعر بأنه بحاجة لمعرفة ما يفكر فيه فيلكس، أن يسمع منه مباشرة. جلس على طرف السرير وفتح هاتفه، ثم ضغط على الرقم الذي حفظه عن ظهر قلب. عندما انتظر بضع ثوانٍ فقط، كان الصوت المعتاد في الطرف الآخر يجيب.

صوته كان هادئًا، أكثر استقرارًا هذه المرة. "مرحبًا، فيلكس. كيف حالك؟" قال هيونجين، الكلمات خرجت منه بتردد لكنه كان يسعى إلى الطمأنينة التي كان يبحث عنها.

"لقد فكرت في الأمر الذي قلته لي في المرة الماضية،" تابع هيونجين بصوت أهدأ من ذي قبل، "أنا أعلم أنك قد تحتاج إلى بعض الوقت، ولكنني فقط أريدك أن تعلم أنه مهما كان قرارك، فأنا هنا."

كانت كلمات هيونجين تحمل طمأنينة وبصدق، وكان يعرف في أعماقه أنه لن يخذله، حتى وإن مرّ الوقت. مرّت لحظات من الصمت في الطرف الآخر قبل أن يأتي رد فيلكس، صوته جاء مفعمًا بالتردد، ولكنه لم يكن خاليًا من الهدوء.

"كنت أفكر في كل شيء يا هيونجين. في كل لحظة... في كل كلمة قلتها." قال فيلكس بصوت منخفض، كما لو كان يحاول ترتيب أفكاره. "كنت أعرف أنك لن تتركني، وأنك ستظل موجودًا هنا... لكنني كنت خائفًا، خائفًا من أن أكرر نفس الأخطاء."

هيونجين كان يستمع بكل تركيز، قلبه يزداد سرعة مع كل كلمة يخرجها فيلكس. كان يعلم أن فيلكس يعاني داخليًا، وكان يعرف أيضًا أن هذا الصراع كان يشمل أشياء أكبر من مجرد مشاعرهما. لكنه كان مستعدًا، ومستعدًا أن يكون هناك من أجل فيلكس، مهما كانت الأمور.

"لا تقلق بشأن الأخطاء، فيلكس. نحن كلنا نتعلم." قال هيونجين وهو يغمض عينيه للحظة، مستشعرًا كل ما مرّا به معًا. "إذا كنت بحاجة للوقت، فأنا مستعد للانتظار. لكنني أريدك أن تعرف أنك لست وحدك في هذا."

كانت كلمات هيونجين بمثابة وعد، وعد بأن يقف بجانب فيلكس مهما طال الزمن، وأنه لن يتخلى عنه أبدًا.

صمت طويل مرّ بينهما، ثم جاء رد فيلكس، صوته هذه المرة أقوى قليلاً، وأقل ترددًا.

"أحتاج لبعض الوقت، هيونجين، لكنني... سأحاول. لا أريد أن أخسر هذه الفرصة."

عندما قال فيلكس هذه الكلمات، شعر هيونجين بأن وزنًا كبيرًا قد زال عن قلبه. كان يعلم أن الوقت الذي يحتاجه فيلكس هو فقط فرصة للشفاء، لتجاوز الخوف، ليتمكن من اتخاذ القرار الذي سيغيّر حياتهما.

"وأنا هنا من أجلك، دائمًا." قال هيونجين أخيرًا، والابتسامة التي ارتسمت على وجهه كانت تعبيرًا عن الأمل الذي استعادته من جديد. أجاب هيونجين بصوت هادئ ومتفهم، وقد بدا عليه أنه قد فكّر في هذا الاحتمال من قبل:

"بالطبع، إذا كنت تشعر أنه يمكنك قضاء بعض الوقت مع جَدّك، فأنا لن أوقفك. ولكنني سأكون هنا عندما تحتاجني، وفي الوقت الذي تشعر فيه بالراحة لملاقاتي، سأكون في انتظارك."

نظر هيونجين إلى هاتفه للحظة وكأنما يحاول أن يتخيل الصورة التي رسمها في ذهنه عن فيلكس، وكيف كان يبدو في تلك اللحظة، محاطًا بالقلق والتردد، ولكنه كان يعرف في قلبه أن الوقت سيأتي الذي سيعود فيه إلى حياته.

في لك الوقت، سكت فيلكس قليلاً كما لو كان يحاول التفكير في الخيار الذي قد اختاره، ثم قال:

"أعتقد أنني بحاجة لبعض الوقت بعيدًا، لأتمكن من ترتيب أفكاري جيدًا. سأخبر جدي أنني أحتاج للراحة لفترة قصيرة."

كان هناك شيء في صوته ينم عن ارتياح جزئي، وكأن هذه المسافة الزمنية ستكون فرصة له ليجد ما يبحث عنه في نفسه.

"لا تدع الأمر يثقل عليك. افعل ما تحتاجه، وسنلتقي حينما تكون مستعدًا." قال هيونجين وهو يغلق عينيه للحظة.

في تلك اللحظة، شعر هيونجين بالسلام الداخلي. كل شيء كان يعتمد على الوقت، وكل ما كان عليه فعله هو الانتظار. تنهد فيلكس ببطء، وكأن كل كلمة كانت ثقيلة على قلبه. ثم قال بصوت هادئ، لكنه كان يحمل شعوراً بالتحفظ:

"ربما يمكننا الألتقاء مجددًا، ولكن في المزرعة. ربما يكون المكان الأنسب، حيث لا يوجد أحد يراقبنا أو يضغط علينا."

كان صوته غير واثق بشكل كامل، لكنه كان يبدو مترددًا بين رغبة في التواصل ورغبة في البقاء بعيدًا قليلاً.

هيونجين استمع إلى كلماته بهدوء، وابتسم بشيء من الحزن. كان يعلم أن المزرعة، رغم أنها مكان معزول، إلا أنها كانت تربط فيلكس بذكرياته القديمة، وأيضًا كانت تضعه في مواجهة مع نفسه.

"إذا كان هذا ما تريده، فأنا مستعد. المزرعة ستكون مكانًا هادئًا لتتحدث عن كل شيء، وعندما تكون مستعدًا، سأكون هناك."

قال هيونجين بصوت مطمئن، على الرغم من أن قلبه كان يعتصر ألمًا بسبب القلق على فيلكس. لكنه كان يعرف أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكنه من خلالها احترام رغباته ومشاعره.

فيلكس لم يرد على الفور، بل أخذ لحظة، ثم قال أخيرًا بصوت منخفض:

"حسنًا، إذاً. سأخبرك عندما أكون جاهزًا."

كان هناك صمت قصير بينهما، ثم أغلق فيلكس المكالمة بهدوء. شعور من الغموض والحيرة لا يزال يحيط بالمستقبل الذي قد يجمعهما، لكن فيلكس كان على الأقل قد سمح لهيونجين بأن يكون جزءًا من قراره في المستقبل.

في تلك اللحظة، شعر هيونجين بمزيج من الأمل والحزن، يعلم أن الانتظار قد يكون طويلًا، لكن في قلبه كان لديه يقين واحد: سيظل يحاول، حتى وإن كانت الطريق مليئة بالغموض.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 21 hours ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ذَكرى دِيسمبر البارِدةَ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن