بعد يوم طويل ومثقل بالقلق، عاد هيونجين إلى منزله، منهكًا من المحاولات التي بذلها، وأفكاره تغرق في بحر من السلبية. شعر بالخيانة والخذلان، ليس فقط من فيلكس، بل من نفسه أيضًا. كيف وصل إلى هذه النقطة؟ كيف انتهى كل شيء بينهما بهذه الطريقة؟
دخل إلى المنزل ببطء، وكأنما لا يستطيع تحريك قدميه من شدة التعب. لم يكن لديه طاقة حتى للحديث مع نفسه. دفع نفسه نحو الأريكة، ثم استلقى عليها، عينيه تحدقان في السقف. كان اليوم طويلًا، لكن الحيرة التي شعر بها كانت أطول من ذلك.
بينما كان يحاول إيجاد بعض الراحة، شعر بشيء يختلج داخله، وكأن شيئًا لم ينتهِ بعد. لا يستطيع الاستسلام بهذه السهولة. لكن، ماذا عن فيلكس؟ ماذا لو كان قد اختار الحياة هناك مع جده ولم يكن مهتمًا بما حدث بينهما؟
شعر بالارتباك مرة أخرى، لكن فجأة، قرر أن يذهب خطوة أخرى. مد يده نحو هاتفه، أزال قلقه عن نفسه وأخذ نفسًا عميقًا. "ماذا لو كان يجيب؟" فكر في نفسه. كان يساوره القلق، ولكن في نفس الوقت، كان يرغب في معرفة الحقيقة، ما إذا كان فيلكس سيكون صريحًا معه أم سيكذب عليه مرة أخرى.
أخذ هيونجين الهاتف، وعيناه تركز على الرقم الذي اعتاد أن يتصل به. أغمض عينيه لفترة قصيرة، وأخذ ثانية للتفكير قبل أن يضغط على زر الاتصال. كان صوت الهاتف يرن في أذنه بصوت متسارع، مثل دقات قلبه التي بدأت تزداد سرعة مع كل ثانية تمر. كل رنة كانت تزيد من توتره، وكل لحظة كان يشعر وكأنها ساعات. أخيرًا، جاء الصوت المألوف في الطرف الآخر، وكأنما الزمن قد توقف في تلك اللحظة.
"ألو؟"
كان الصوت منخفضًا، لكنه كان واضحًا. فيلكس، دون شك. قلب هيونجين كاد يقف في صدره، لكنه كان يعلم الآن أنه عليه أن يتحدث.
"فيلكس... هل هذا أنت؟"
بدا الصوت في الطرف الآخر مترددًا للحظة، ثم جاء الرد بصوت منخفض، غير واثق:
"نعم، هذا أنا."
كانت الكلمات كالطعنة في قلبه، لأن هيونجين شعر بالكثير من الغموض في نبرته، وكأن فيلكس ليس هو نفسه. هذا الصوت لم يكن الصوت الذي كان يعرفه، لم يكن الصوت الذي كان يطمئن له. بدا الصوت ضعيفًا، متعبًا، كما لو كان يحمل عبئًا ثقيلًا لم يعد يستطيع تحمله.
"لماذا؟ لماذا تركتني؟" قال هيونجين، كلماته تخرج بمرارة وألم. "لماذا اختفيت فجأة؟ كنت بحاجة إليك، كنت أبحث عنك في كل مكان."
توقف الطرف الآخر للحظة، ثم جاء الرد الهادئ، لكن الحزين:
"أنا آسف، هيونجين. لا أستطيع العودة. حياتي هنا مع جدي هي ما أحتاجه الآن. لقد تغيّرت كثيرًا... وأنا لا أستطيع أن أكون الشخص الذي كنت عليه."
كانت كلمات فيلكس ثقيلة على قلب هيونجين. كأنها تعني شيئًا أكبر من مجرد تبرير. شعر وكأن كل شيء كان يهدم أمامه، لكن في الوقت ذاته، كان هناك شيء في صوته، شيء يعبر عن ألم عميق.
"فيلكس..." قال هيونجين بصوت منخفض، متألمًا. "هل حقًا تريد أن تبقى هناك؟ هل حقًا ترغب في الهروب من كل شيء، من كل ما كان بيننا؟"
أجاب فيلكس بتردد، وكأن الكلمات كانت تشق طريقها بصعوبة:
"لا أستطيع العودة إلى الماضي، هيونجين. لا أستطيع أن أعيش في ذلك العالم بعد الآن. كل شيء أصبح صعبًا جدًا."
في تلك اللحظة، شعر هيونجين بعجز غريب. كان يعلم أن الكلمات التي يقوله فيلكس كانت تعني أنه لا يوجد شيء يمكنه فعله الآن. كان القرار قد اتخذ، والفجوة بينهما باتت أكبر من أن تُجسر.
"إذا كان هذا ما تريده، سأحترم قرارك." قال هيونجين، بصوت عميق، مليء بالحزن. "لكن لا تنسى، فيلكس، أنني كنت دائمًا هنا من أجلك. لا تنسى أننا كنا معًا، وأنك كنت جزءًا من حياتي."
أخذ فيلكس نفسًا عميقًا، ثم قال بصوت ضعيف، "أعدك أنني لن أنساك."مع تراجع الصوت في الهاتف، شعر هيونجين بأن اللحظة كانت مثالية ليكشف عن مشاعره التي كتمها طويلاً. كان قلبه ينبض بشدة، وعقله مليء بالأفكار المتناقضة. لكنه علم أن هذه هي فرصته الأخيرة.
"فيلكس..." قال هيونجين بصوت متردد، ثم تنهد عميقًا قبل أن يواصل. "أريد أن أخبرك بشيء. منذ وقت طويل وأنا أخفي مشاعري عنك. لكن الآن، بعد كل ما مررنا به، أحتاج أن أخبرك الحقيقة."
صمت لفترة، وكأن الكلمات كانت تثقل لسانه. قلبه كان يدق بسرعة، وكأن هذا الاعتراف هو كل شيء بالنسبة له، وهو قد لا يحصل على فرصة أخرى.
"أنا... أنا أحبك، فيلكس. أكثر من أي شيء في هذا العالم. وأعرف أنني ربما لم أكن دائمًا كما كنت يجب أن أكون، لكن كل لحظة قضيتها معك كانت تعني لي الكثير."
كان هناك صمت طويل في الطرف الآخر. شعر هيونجين كأن الوقت قد توقف. ولكن فجأة، جاء الرد من فيلكس، وقد جاء الصوت خافتًا ولكنه يحمل قدرًا من الهدوء.
"هيونجين..." قال فيلكس، ثم تنفس بعمق. "أنا... أنا أعرف ما تشعر به. وأنا ممتن لك على كل شيء. لكن الأمر ليس سهلاً بالنسبة لي. أنا الآن في مكان مختلف، في عالم مختلف. وأحتاج وقتًا لأفهم مشاعري."
كان هناك شعور غريب في نبرته، كأن الكلمات التي قالها كانت محملة بمزيج من الحيرة والحزن. شعر هيونجين بقلبه يوجعه. كان قد انتظر هذا الاعتراف طويلاً، ولكنه أيضًا كان يعلم أنه لا يمكن فرض مشاعره على فيلكس.
"هل هذا يعني أنك لن تكون مستعدًا أبدًا؟" سأل هيونجين بصوت ضعيف، يشعر بحزن عميق، لكن في داخله كانت هناك بقايا أمل.
أجاب فيلكس بلطف، رغم أن صوته كان مليئًا بالقلق: "لا، هذا ليس ما أقصده. فقط... أعني أنني أحتاج بعض الوقت. لأفهم من أكون، وأين يجب أن أكون. لكن لا تقلق، لن أبتعد عنك أبدًا. وسأكون صريحًا معك عندما أكون جاهزًا."
للحظة، لم يعرف هيونجين كيف يرد. كان عقله مليئًا بالتساؤلات، لكن قلبه كان يعرف أنه مهما طال الوقت، هذه كانت خطوة نحو شيء جديد. لم يكن يريد أن يضغط عليه، لكنه شعر بأن هذا هو الطريق الذي يجب أن يسلكه.
"أفهم." قال هيونجين، بصوت منخفض. "أحتاجك أن تعرف فقط أنني هنا، مهما حدث. سأنتظر، فيلكس. سأنتظر حتى تكون جاهزًا."
ثم، انتهت المكالمة بهدوء، وعاد كل شيء إلى صمته، لكن تلك الكلمات بقيت في ذهنه، وفي قلبه.
أنت تقرأ
ذَكرى دِيسمبر البارِدةَ.
Storie d'amoreهل تعتقدَ أننا قادِرون على تغيير شيء في حياتِنا،في هذا العالمَ الذي يرفضُنا أحياناً؟...