Part 1

12.1K 206 18
                                    

(جمانة)

ظلم يحطم حياة شخص ليبدء بحياة شخص أخر ... صدفة واحدة تفتح الاف الابواب وبصدفة أخرى تظن بأن حياتك قد واشكت على الانتهاء.
لقاء أحدهم يقلب جميع موازين حياتك لتبدء شيء لم يكن في الحسبان كسندرلا تماما! يأتي ذاك الملك لينقذها من حياة كانت لها مأساة .. ربما كنت كسندرلا لكن شاءت الاقدار وجعلتها قصة مختلفة تماما فليست البداية كبدايتها وليست تلك النهاية!
خطوة واحدة الى الامام بدون ادراك من هو الذي يقف امامي. نظرة أعجاب يصوبها نحوي غير مدركة بأنني سوف اغرق في بحر لا اعلم ان كنت سأخرج منه وانا استنشق الهواء ام جثة بدون روح بسبب قرارات سوف اقع بها بسببه!
ربما كاللغز, او حلم لكن لا بد من حله وتحقيقه مهما كانت العواقب صارمة.
"الحقيقة الوحيدة هي أنك كنت جاهزة للحب. وكان يمكن أن اتيك متنكرا في أي شخص, وفي أي زي, أن أقول كلاما كنت تنتظرينه, أو لا أقول شيئا. كنت ستحبينني." #أحلام مستغانمي
كان الصمت يعم أرجاء القرية .. سرت على أطراف أصابعي لاخرج بهدوء من المنزل كي لا يستيقظ أحدا مستوقفني من الخروج.
بينما كنت أسير هناك متسحبة كي أصل الى الحانة صادفت أحدهم في طريقي وهو يغني بصوتا مرتفع متوجه نحوي.
لم أستطع رؤية ملامح وجهه بسبب الضلام الدامس الذي كان يعم الارجاء, برغم هذا شدني طول قامته و هيبته برغم عدم اتزان خطواته. تقرب نحوي حتى كاد ان يسقط أرضا, مددت يدي له بسرعة متكئ علي, قال بصوته المخملي ذو رجولة كادت ان تذوبني, "منو أنتي؟"
"أنت منو؟" لم يجبني, استرسلت, "زين وين عايش حتى اوديك؟"
لم يقل شيء وأستمر يغني بذات النبرة التي اسرتني.
قلت لنفسي, "هسة شنو الي اسوي!"
في هذه الاثناء رفع رأسه بينما كان متكئ على كتفي حتى أًصبحت نظراتنا تقريبا بنفس المستوى فكان أطول مني قليلا, تلعثمت تاركته حتى سقط أرضا بتلك اللحظة ممسك بفستاني "المنفوش" الاحمر.
نحنيت بصعوبة بسبب الفستان كي اساعده للوقوف, "اني اسفة."
قال وهو تحت تأثير الشراب, "عادي عادي مصار شي."
"زين وين اوصلك؟"
لم يجب ووضع يده على كتفي وهو ما زال يتحدث بكلمات غير مفهومة! سرت به الى داخل القرية حتى وصلنا الى الغابة!!
كان يوجد منزل لامرأة عجوز أعرفها وكنت أتردد عليها كثيرا. بعد وفاتها وعندما أشعر بالتعب من هذا العالم أذهب الى هناك كي أصفي ذهني قليلا وانعزل عن هذا العالم اجمع. هو لم يكن منزل بمعنى الكلمة انما كوخ صغير ذو غرفة نوم ومطبخ صغير مع غرفة مطلة على المطبخ أصغر من الغرفة الاخرى! كان الكوخ محوط بأشجار كثيرة وعشبا من كل جهة لان لا احد يذهب الى هناك فقد كان وسط الغابة بالضبط وبعيد عن القرية ذاتها!
عند وصولنا الى هناك فتحت الباب بصعوبة بسبب تشبثه بي ووضعته على أقرب أريكة موجودة بالقرب. أخذه النوم بعيدا بينما وقفت بجانبه وانا اناظر تفاصيل وجهه. سماره الذي يطغى عليه ذاك البياض الناصع, عيناه الكبيرتان, شعره الاسود. أبتلعت ريقي وأنا ادقق به وهو يتنفس بينما كان غارقا في نومه. تعجبت حول تجوله في هذه القرية الفقيرة وهو بهذه الملابس التي كانت تبدو غالية الثمن! لماذا يا ترى كان هو هنا وبهذه الحانة؟!
تركته وتوجهت الى غرفة النوم خالعة ثوبي الاحمر وقبعتي السوداء ونمت بسروالي الابيض الداخلي و"الفانيلة". انسدحت على الفراش وغفوت نائمة حتى استيقظت على صوت أحدهم بجانبي!
فتحت عيناي الناعستين وانا أنظر له, فوجئت وقمت من مكاني بسرعة واضعة الغطاء فوقي, "انت شجابك هنا؟"
أبتسم حتى سحرني بتلك الابتسامة العريضة, "ليش مستحية؟"
"انت يا اخ اطلع منا شنو ليش مستحية؟"
قال وهو رافع حاجبه, "ليش مصار شي البارحة بيناتنة؟؟"
صرخت قائلة له, "استحي على روحك واطلع منا شيصير يعني؟ اني صوجي ساعدتك وجبتك لهنا!"
أبتسم بذات الابتسامة ولم يقل شيئا ثم خرج من الكوخ تاركني لوحدي!
أشخاص نلتقي بهم ولا نعلم أن كان ذاك اللقاء سيكون ذات تأثير على حياتنا ام لا. نظن بأن هذا اللقاء عابر وانها مرحلة وستمر كأن شيئا لم يكن حيث نكتشف بعدها بأننا مخطئين وأن هذا الشخص هو الذي سيغير موازين هذه الحياة.
تبدء بصدفة وتنتهي بشيء لابد من أن نتخذ قرار صارم بسببه! "أينما حلقت أطير صوبك, وقلبي بوصلة تشير اليك." #غادة السمان
كأي فتاة تحلم بالحب ولم تذقه من قبل وتود أن ينقذها ذاك الامير من هذه الحياة التي لطالما حلمت بتغييرها. يأخذها من يدها أمام العالم أجمع كي يثبت لها ذاك الحب اللؤلؤي النادر الوجود. صدف متقاربة تبدء بقصة حب متشعللة وتنتهي اما بعلامة تعجب او علامة أستفهام!
أرتديت ملابسي وعدت بسرعة الى المنزل فبل أن يستيقظ والداي ويكتشفوا أمري حول خروجي من المنزل ليلا. دخلت الى الداخل وخلعت حذائي وانا امشي على اطراف اصابعي متوجهة الى غرفتي بسرعة مغلقة الباب خلفي.
غيرت ثيابي وتضاهرت بأنني نائمة في الفراش حتى أتت والدتي لتوقضني من النوم. "جمانة, جمانة يلا كومي كعدي."
قلت بصوت قد بدى ناعسا لها, "اي ... اي .. كمت."
"يلا ابوج ديكسر الحطب برة واني دا احضر الفطور. كومي ساعديني."
أبعدت الغطاء عني وقمت من الفراش كي أقوم بمساعدتها كما أرادت أو ربما فقط كي أجلس بجانبها وانا استمتع معها بتلك الاحاديث الصباحية. تربعت على الارض بجانب المائدة في وسط غرفة المعيشة التي كانت مفتوحة على المطبخ الصغير. كانت المائدة ذو ارجل قصيرة جدا لا تستطيع الجلوس بجانبها الا على الارضية.
"جمانة كتلج تساعديني مو تكعدين."
"يلا حبيبتي دا اباوع عليج منا واصلا بابا بعد مخلص شنو اسوي وانتي مفاتحة النار."
"اويلي عليج ابقي اخذيني بالحجي."
أبتسمت لها مرسلة قبلة في الهواء. بادلتني تلك الابتسامة الجميلة. في هذه الاثناء دخل والدي وهو يحمل الواح الخشب مناولها اياها.
"صباح الخير باباتي شونك؟"
"صباح النور حبيبتي."
غسل والدي يداه وجلس بجانبي بينما كان ينتظر والدتي لتنتهي من اعداد الطعام. "اليوم يحيى اجة كلي هو معجب بيج ويريد يتقدملج."
قلت له وانا في حالة غثيان, "هذا المزعج الشايف روحة؟"
ضحكت والدتي, "أصلا كل بنية تحلم بي هنا شنو شايف روحة؟"
"اصلا غثيث وما احبة."
بادر والدي, "شنو يعني مموافقة؟"
قلت ببساطة, "اكيد لا."
اجابني, "بس هو رايدج وحالتة زينة."
"أصلا ماكو واحد عايش بهذي القرية حالتة زينة." قلت بنبرة حالمة, "اني اتمنى ازوج واحد مو منا وينقذني من هذي القرية."
ضحك والدي, "ابقي بنتي حلمي."
في هذه الاثناء كنا قد انهينا تناول الفطور .. قبلت كلاهما وقمت من مكاني متوجهة الى الخارج, "اني اروح اشوف تالين."
تالين كانت صديقتي التي التقي بها في كل يوم ونجلس امام البحيرة القريبة من القرية نتحدث عن أمور ونحلم معا متمنين بتحقيق ذاك الحلم الجميل الذي نود ان نخطي سلالمه الواحدة تلو الاخرى ونحن مع بعضنا.
وأنا في طريقي الى هناك صادفت يحيى في طريقي, "شون الحلوة اليوم؟"
قلت له غاضبة, "ممكن تترك الحلوة بروحهة. وبعد لتروح تكول لبابا تريد تتزوجني لان ما اقبل اني سمعت."
ضحك قائلا, "معلية بحجيج بس نهايتج راح توافقين بية."
ناظرته بعين حادة ومن دون نطق كلمة اخرى تركته وسرت في طريقي متوجهة الى تالين. كانت تنتظرني في ذات المكان امام البحيرة وهي واضعة ارجلها في المياه وهي تتمتم بأحدى الاغاني بصوتها الجميل.
"صباح الصوت الحلو."
"زعلانة روحي. ليش مجيتي البارحة بالليل انتظرتج؟!"
جلست بجانبها, "متصدكين الي صار البارحة!"
"اي اي قشمريني."
وضعت يدي على كتفها, "ولج اسمعي مدا اقشمرج."
"بالله احجي خلي اسمعج!"
قلت مبتسمة, "لا لا هاية هي ما احجي."
ضربتني بخفة على كتفي, "احجي ولج ترة ازعل."
ضحكت قائلة, "اوكي اوكي."
وبدأت أسرد لها ماحدث وانا اصادف في طريقي ذاك الشاب الوسيم الذي سلبني بسبب ابتسامته الجميلة, طول قامته, لون بشرته, ضخامة جسده.
بعد انتهيت قالت لي, "جذب؟ زين معرفتي منو؟"
"لا! بس متأكدة مو منا لان جان مبين غني من لبسة وكلش حلو. هنا بالقرية ماكو حلوين."
قالت بأصرار, "يحيى حلو."
"ويع ويع ويع يحيى شنو؟"
ضحكت, "هدي شوية والله حلو ليش معاجبج؟ فوكاها يلحك وراج منا ومنا وانتي مو راضية."
"اصلا حاجي وية بابا وكايلة يريد يتقدملي."
اجابتني وقد لمعت عيناها, "راح توافقين صح؟"
رفعت حاجبي مجيبة بغرور, "اكيد لا. يحيى شنو؟ اني احلم بشي اكبر من يحيى."
"ها مثلا ذاك الغني الي شفتي البارحة صح؟!"
ضحكت وقلت بذات النبرة الحالمة متمنية ان اكون معه ويأخذني بعيدا من هنا, "ياريت. بس واحد مثلة وين راح يشوف وحدة منا اكيد عندة كم وحدة وكم جارية داير مدايرة."
"كومي كومي ام خيال الواسع لازم نروح وارضي بيحيى احسن."
"عابتلج اصلا يحيى مخليتة الج."
أبتسمت, "اتمنى يتقدملي بس انتي متقدرين النعمة."
ناظرتها وضحكت من دون نطق كلمة. قمنا من مكاننا وتوجهنا الى داخل القرية لكن قبل ان ارد الى المنزل ذهبنا الى المكتبة التي تقع في الوسط وقمت بشراء كتاب عن اساطير الحب الجميلة. كان الكتاب مكتوب عليه بالخط العريض على الواجهة, "روميو وجوليت." راق لي وقمت بشراءه اما تالين فقامت بشراء كتاب أخر.
عدت الى المنزل ودخلت الى غرفتي بسرعة وبدأت اقرء قصتهم بشغف. اكان من السهل الحظي ب"روميو" ام من السهولة ان اصبح "جوليت" في نظره؟ اهو سيستطيع التضحية من اجلي ام انا التي ستضحي وهو يقوم بتركي من اول المطاف؟
حب ينبع في داخلي ولا أعلم الى من سأهديه بالرغم من وجود الكثيرين حولي, لكن ربما كنت أنتظر ذاك الفارس الذي يأتي على الخيل أخذني من حياة لا أود العيش بها ويجعلني أربى بذاك القصر الذي لطالما حلمت به!
مر الوقت وانا في غرفتي اقرء الكتاب لدرجة انهم نادوني على الغداء لكني لن اود تناول شيء حينها فقد كنت مشغولة بتلك النهاية التي جعل حبهم يحكى على كل لسان ويكتب بكتب كالاساطير تماما. أنتهيت والدموع ممتلئة في أعيني كأنني كنت بتفاصيل هذه الحكاية الجميلة التي أنتهت بقتلهم لنفسهم وتضحيتهم الملموسة التي أبكت الاف بل ملايين القراء لهذا الحب المتشعلل.
مسحت دموعي وقمت من مكاني وادركت بأن الليل قد حل تماما. فتحت باب غرفتي وكان والداي قد ناموا. غيرت ملابسي وخرجت للذهاب الى الحانة. عند دخولي الى هناك كان الجميع يشرب ويغني بصوت مرتفع. وجدت تالين تجلس على أحدى الطاولات تنتظرني, "عبالي هم متجين اليوم."
أبتسمت قائلة, "لا جيت لان حرامات مشفت أحد بالطريق."
"خبلة كعدي هسة اطلبلج مشروب."
جلب النادل لي الشراب وبينما كنت أحتسي الشراب واتراقص وانا جالسة في مكاني رأيته يدخل من الباب لوحده وهو بتلك الهيبة التي لم تبتعد عن تفكيري لحظة رؤيتي له. أردت الوقوف كي القي عليه التحية لكن فاجئني وهو يذهب الى الطاولة المحاذية التي كنا نجلس بها انا وتالين. تظاهر بأنه لن يراني, أشتطت غضبا واعتدلت في جلستي وعاودت شرب المشروب.
شعرت بأنني في عالم بعيد عن هذا الخصب الموسيقي الذي كان يملئ الارجاء حتى نادتني تالين, "جمانة, جمانة."
"ها؟؟"
"شبيج جنتي صافنة؟"
"ولا شي كومي نركص."
أخذت رشفة اخيرة من الشراب وتوجهنا انا وتالين الى وسط الحانة للرقص. كنت اراقبه من بعيد دون لفت انتباهه كما كان يفعل هو. كانت رقصتنا اشبه بالدبكة مع مجموعة كبيرة من الناس على أنغام تلك الاغاني التي ملئت صدى الارجاء.
بينما كنت اتراقص مع أحدهم في الوسط, شعرت بيد تمسكني من معصمي بقوة. أدرت رأسي واذا بي أرى يحيى يحاول سحبي بعيدا عن الرجل الذي كنت ارسم خطواتي معه.
حاولت سحبي نفس منه لكنه كان أقوى بكثير مني. في هذه الاثناء التقى ناظري بناظر ذاك الرجل الذي سلبني من ليلة أمس. قام من مكانه وكان يشاهد بحذر مالذي يحدث.
مررنا بجانبه أنا ويحيى بينما كنت احاول أفلات يدي حتى أصبحنا بخارج الحانة. صرخ يحيى قائلا, "انتي شنو الي دسوي هنا بهذا الليل؟"
سألت بتعجب, "وانت شعليك؟"
"شنو شعليك؟؟" كان ما زال ممسكا بيدي. سحبني الى خيله وصعد هو بعدما وضعني فوقه رغما عني. جعله يجري مانعني من النزول على الارض. فوجئت وانا أرى ذاك الرجل خارج الحانة وهو يراقب ذهابي مع يحيى حتى انه قد استمع لحديثنا دون ادراكنا لذلك.
وصلنا الى منزلي. سحبني من يدي وطرق الباب بقوة حتى جعل والداي يستيقضان من نومهما العميق. كنت اتوسل الى يحيى ان يتوقف عن فعل هذا كله.
"اسكتي خلي ابوج يجي يشوف وين جنتي من همة نايمين."
"الله يخليك ليش هيج دسوي؟"
في هذه الاثناء فتح والدي الباب حيث صدم وهو يراني احاول الافلات من يحيى. صرخ قائلا, "شديصير؟"
قلت له بعين دامعة, "بابا الله يخليك لتصدكة."
اتت من هناك والدتي ووقفت خلف والدي. "جمانة شبيج؟؟ وين جنتي؟"
أجاب يحيى غاضبا, "جانت تركص بالحانة مال قرية!"
صرخ والدي متعجبا, "شنو؟"
"مثل ما سمعت!"
أخذني والدي من يدي الى الداخل وصفعني بقوة دافعني على الارض. كانت والدتي واقفة بجانبه تبكي وتصرخ, "مصطفى كافي لتضربها."
"تستاهل ليش هيج تسوي؟"
بينما كان يضربني امسكه يحيى من يده مستوقفه. "ارجوك استاذ مصطفى مجان هذا قصدي من جبتها من ايدها لهنا!" لم يجبه والدي بينما كان الغضب يتطاير من عينيه, استرسل, "اني مستعد باجر ازوجها بالكنيسة!"
صرخت قائلة, "بس اني مموافقة."
قالت والدتي, "جمانة اسكتي."
اضاف والدي, "مو بكيفج سمعتي باجر تزوجين من يحيى."
قمت من مكاني وتركتهم متوجهة الى غرفتي والدموع ممتلئة في عيني. رميت نفسي على الفراش لعلني أنام قليلا وتهدء دقات قلبي من وجعها حول ارغامي على شيئا لا اود ان أخوضه.
أستيقظت في صباح اليوم التالي و والدتي تدخل الى غرفتي ممسكة بيدها فستان أبيض. "جمانة يلا كومي تحضري اليوم زواجج!"
كانت كلماتها كسكين على رقبتي. ابتلعت ريقي وجلست على الفراش وانا اشاهدها, أسترسلت, "هذا يحيى قبل شوية جابة كال لان يدري كلشي صار بسرعة وملحكتي تشترين انتي."
قلت بنبرة باردة, "ماريد منة شي."
وضعت الفستان على حافة السرير, "ميصير هيج تحجين هذا راح يكون زوجج."
"واني ماريدة."
اجابت غاضبة, "نسيتي الي سويتي البارحة!"
قلت بأصرار, "لا منسيت وماريد ازوجة."
"نصي صوتج لا ابوج يسمع. يلا كومي حتى ورة شوية ابوج ويحيى يرحون يحجون وية القس علمود مراسيم الزواج."
عندما سمعت بخروج والدي بعد قليل وافقتها وقمت من مكاني دون قول كلمة. أخذتني هي الى الحمام كي تغتسلني كوني عروسة اليوم! شيء مضحك أن اكون انا زوجة لذاك الذي جعلني اقع معه بسبب ترتيبه للامر وجعلني اعيش معه رغما عني, مضحك أن البس ذاك الفستان الابيض لرجل لا استطيع النظر في وجهه!
عندما أنتهت والدتي خرجنا الى الغرفة وساعدتني في ارتداء الفستان. كان من الطراز الجميل ذو طبقات وشريط أبيض من الوسط. كان من فوق الصدر والاكمام مشبك. أنتهت والدتي ووضعت لي القليل من مستحضرات التجميل ورفعت شعري مرتدية قبعة بيضاء مع دانتيل يصبح امام عيناي.
بعد ان انتهت قبلتني من رأسي, "اروح اشوف ابوج يمكن طلع هسة."
جلست على سريري وانا افكر, واخبرت نفسي بأن هذا الزواج لا يمكن ان يتم. علمت بأن والدي قد خرج, تسحبت من غرفتي وعندما علمت بأن والدتي في غرفتها خرجت بسرعة من المنزل وتوجهت الى وسط الغابة!
ذهبت الى ذات الكوخ .. جلست على الاريكة التي تقع بقرب الباب واغلقت الباب خلفي وانا انهت محاولة التقاط انفاسي فقد اتيت الى هنا اجري بسرعة كي لا يستوقفني أحد.
بدء يمر الوقت وانا لا اعلم مالذي علي فعله حتى مر وقت مراسيم العرس في الكنيسة حتى حل الليل!
كنت مستلقية على الاريكة بفستاني بينما قمت بفتح شعري وخلعت القبعة واضعتها بجانب. فوجئت بدق الباب, شعرت بجسدي يتراجف, قلت بصوت كاد ان يكون غائبا, "منو؟"
دق مرة ثانية حتى قال احدهم, "اكو احد جوة!؟"
كان هو! ذات الصوت الساحر, قلت مستنكرة, "منو؟"
"افتحي الباب!"
فتحت الباب بتردد, قلت بفزع, "شدسوي هنا؟ همة دزوك مو؟"
ضحك ودفع الباب بيده وهو يخطي بخطواته داخلا, "شبيج؟ منو دزني!؟"
"لعد شدسوي هنا؟"
"هيج عجبني اجي!" ناظرته رافعة حاجبي, استرسل, "لا بس توقعت انتي هنا." جلس على الاريكة. أغلقت الباب في هذه الاثناء, اضاف قائلا, "منو هذا البارحة الي اجاج من جنتي تركصين؟"
جلست بجانبه, "واحد مكروه يريد يزوجني بس اني رافضة." ناظرت فستاني, "اليوم المفروض زواجي منة بس انهزمت." ضحك بصوت مرتفع, ناظرته وعيناه تلمعان حتى كادت ان تقطع انفاسي تلك الرجولة وجاذبيته, "شنو الي يضحك؟"
"اسف بس ماكو وحدة تنهزم بيوم عرسها."
"احلف!"
"والله شبيج؟ يعني مبين مجنونة انتي!"
أبتسمت بأستهزاء, "الية الشرف." استرسلت سائلته بعجب, "صحيح انت ممبين من هنا. شنو تسوي تجي يومية؟"
"لا اني قصتي طويلة وماريد ادوخج بيها."
"ماعندي شي. مثل مدشوف حاليا هذا وضعي الحالي ومناوية اطلع منا الة من تهدء الوضعية."
"صدك؟"
"اي والله. اكيد هسة همة ديدورن علية بس همزين محد يعرف هذا المكان. المهم هسة كلي شنو قصتك؟"
نظر لي للحظات ثم تقرب نحوي جدا. ارجعت نفسي الى الخلف, وضع يده من الجهة الثانية ونحن جالسين على الاريكة حتى اصبح يبتعد عني بشعرة فقط, ازدادت دقات قلبي تسارعا, انفاسي اصبحت بحرارة اكبر, اغمضت عيني وظننت بأنه سوف يقبلني. بينما كنت انتظر ان تلامس شفتي شفتيه وأستغرق الوقت اكثر من توقعي لحدوث امر كهذا فتحت عيني واذا به هو مبتسما, قال ببرود, "بعدين اكلج قصتي." ثم اعتدل بجلسته بعدما ذوبني بذاك القرب المفرط.
ابتلعت ريقي قائلة له, "انت ليش متروح؟"
قال متحديا, "ليش خايفة؟"
اجبته بتحدي اكبر, "وليش اخاف؟ قابل شكو؟"
"اوكي اذا هيج خليني كاعد اني شوية واروح."
"وليش شوية وتروح حتى شسوي؟"
ضحك قائلا, "ولا شي بس ماريد ارجع هسة وماريد هم اروح اشرب."
"مكتلي انت منين؟"
"مو من هاي القرية اكيد!"
"ادري مبين مو منا."
"مرات ننهزم من المكان الي كاعدين بي حتى نغير واقعنا يمكن."
فاجئني كلامه, لماذا واحدا مثله يود الهروب من واقعه. بالرغم من انني لم اكن اعلم مالذي يدور في حياته الا ان شيئا مختلف كان حول امره. شيء شدني لاول مرة رأيته به بالرغم انه كان تحت تأثير الشراب.
"وشنو واقعك الي تريد تهرب منة؟"
ناظرني مبتسما, "مثل الواقع الي انهزمتي منة ومردتي تزوجين ذاك الولد!"
"يعني انت تحب وحدة ومتكدر تزوجها؟"
ضحك, "مجنت اتوقع استيعابج بطيئ."
قلت منزعجة, "ليش هيج تكول؟"
قال بغرور, "مجنت اقصد زواج. بالعكس اي بنية اريد ازوجها راح توافق بسرعة والكل تتمنى اطلب منها هالشي."
"شكد مغرور!"
"من حقي ترة لان متعرفين اني منو."
"يعني منو قابل؟"
قام من مكانه قائلا, "بعدين تعرفين اكيد لتستعجلين."
قمت ووقفت بجانبه, "ليش حجيك كلة الغاز؟"
"لا مو الغاز بس ماريد احجي يمكن. حبيت اهرب من واقع حتى ما اكعد احجي بي."
مددت يدي مصافحته, "صحيح اني جمانة."
أبتسم قائلا وهو محتظن يدي بيده الدافئة, "واني تميم."
افلت يدي وفتح الباب وقبل خروجه من الكوخ قال لي, "عيونج كلش حلوة بيها هواية حجي." ثم اغلق الباب خلفه وتركني بكلماته متفاجئة!
أهو كلام العين يحمل فلسفة اكبر من الكلمات التي ننطق بها ونصوغ كلاما لا نعلم الى اين يود اخذنا؟ ام هو حوار قد جعله يفهم ما يدور في رأسي وقد فضحت بنضرات الاعجاب وانا اصوبه نحوه! كلاما كثير وكلمات قليلة لا تقال لاول مرة تلتقي بشخص. حلم كبير من الصعب تحقيقه وهروب من واقع لعله يكون في انتظاري واقع اجمل من الذي كنت اعيشه!
اكان ممكن ان ذاك الحديث سوف ينتهي الى تلك النقطة؟ ام هناك احاديث اكثر بكثير من التي انتظرها؟ تماما كاللغز ويجب ان تعلم الكلمة المفقودة او الحدث لمعرفة ما يدور معه. كلماته الغير مفهومة افعاله الغريبة, جريه خلفي كأنني كنت في رأسه منذ تلك اللحظة لكن ربما جميع هذه الافكار ليست الا سراب لا يوجد منها اية صحة وهو ذاك الامير الذي لا يريد ان يأخذ بيد فقيرة مثلي بعدما هربت من زواج لا تود ان تسير به! ايمكن ان تكون انت ذاك "(الرجل) بلا نقطة!" #ندى ناصر

رواية كش ملكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن