(تميم)
كل شيء ينقلب عن حده الطبيعي ينقلب ضده!
ربما هي كانت تنتظر المزيد لدرجة لا أستطيع تقديم ما تريده .. ربما انا هربت من واقع ولم افكر حينها ما كان يحدث حتى فوجئت بأنقلاب الاحداث هكذا. مهما كانت الشجاعة التي يحملها القلب وذاك البرود الا انها تأتي تلك اللحظات لتجعلك تشعر بالانكسار وتلبي ما يريده المقابل, ربما حتى نستطيع ان نطلق عليه الخصم .. اكثر أولائك الذين يكونون بالقرب ويودونا قربنا يصبحوا كالاعداء لدرجة تنقلب جميع حركات اللعبة من أجلهم وتصبح شخص مختلف من اجلهم أيضا!
ربما كان يجب علي تحمل ما يحدث واي شيء يحدث كي اطرد تأنيب الظمير, فكرت بالمواجهة فكما قال محمود درويش, "وكن من أنت حيث تكون واحمل عبء قلبك وحده." #محمود درويش
غادرتهم وتوجهت الى غرفتي احتسي بعض الشراب لكن لم أستطع التفكير بما سوف يقوله والدي لها لذا بعد دقائق وبعد ادراك ما سيحدث ذهبت اليها كي اعلم ما حدث. عندما نزلت السلالم لمحتها وهي تساعد الخدم في تنظيف المكان بعد الحفلة, "جمانة شدسوين؟"
كأنها لن تسمعني او تلافت اجابتني, ذهبت نحوها بخطوات متسارعة وسحبتها من يدها, "دا احجي وياج."
سحبت يدها مني وابتعدت قليلا حانية رأسها لتحيتي, "أأمرني استاذ تميم. تحتاج شي؟"
صرخت على منصور, "اني مو كتلك محد يأمرها هنا تشتغل؟"
"اسف سيدي بس الملك احمد طلب هالشي!"
"حتى ابوية ميأمرها سمعت واني بعدين احجي وياه."
"اسف سيدي."
وجهت الكلام لها وانا شعلة من الغضب, "انتي مو مريضة شدسوين هنا؟ اني مو كتلج بس هنا تخدميني؟"
كان باقي الخدم يمرقوني بنظرات كأنهم لا يصدقون اهتمامي "بخادمة" فهذه اول مرة لي لافعل شيئا كهذا! لذا أخذتها من يدها وتوجهت بها الى فوق. تبعتني وهي تناظرني متعجبة من دون نطق كلمة. اغلقت الباب خفلنا, "انتي ليش هيج دسوين؟"
"اسفة استاذ تميم. بس هذي اوامر الملك احمد."
"جمانة احجي وياية عدل مثل مدا احجي وياج!"
كأنها فقدت صبرها وبدأت تتحدث بسرعة, "شون تريدني احجي وانت اليوم خاطب الملكة دارين واني هنا بس الخدامة! واذا حجيت راح يعدموك وابوك اليوم يهددني ما اتقرب منك. شنو رايك اروح واكللهم احب تميم وهو زوجي حتى يعدموك؟ تريد هيج الامور توصل؟"
شعرت بأنني فقدت عقلي تماما وتوجهت نحو الباب كي اذهب لابي, "اوكي هسة رايح اكلة اذا جان هذا يريحج."
جرت نحوي وامسكت بيدي كي تمنعني من الذهاب جالسة على ركبتيها وهي تبكي, "الله يخليك انتظر."
"ليش؟"
قالت بين دمعاتها, "تميم دا اكلك انتظر."
أخذت نفسا عميقا وجلست امامها على ركبتي ثم أحتظنتها بقوة, "اسف اني لان خليتج بهذا الوضع."
"تميم اني أحبك وما ادري شيصير بية اذا صارلك شي."
شعرت بدقات قلبها كأنها كانت داخل اضلعي من شدة قوتها. قبلت رأسها, "شون صرتي؟"
"احسن."
"وجهج شاحب."
"عادي."
"لا مو عادي وبعد لتسمعين حجي احد حتى لو ابوية."
"شون ما اسمع كلام ابوك؟ اصلا اذا عارف هنا راح يكتلني!"
ضحكت, "معليج بي اني راح احجي وياه."
قمت من مكاني واوقفتها معي, "تعالي نامي يمي."
"تميم لاحد يجي ويشوفني يمك."
"خايفة من هالشي؟"
وضعت يدها على وجنتي وهي تنظر في عيناي قائلة, "خايفة عليك. ماريد يصير الك شي."
تعجبت من كلامها, "يعني عاجبج الي عايشة انتي بي؟"
"ممكن اطلب منك طلب؟"
"كولي!"
"تخلي زواجنة سر."
سألتها بحذر, "ليش؟"
"ماريد اخسرك."
قلت بنبرة غرور, "تحبيني؟"
"اي احبك."
سألتها متعجبا, "حتى بعد خطوبتي من دارين؟"
فاجئتني قائلة, "كلت انت متريدها."
"صحيح بس هذا الزواج لازم يتم لان شغل بين عائلتين وامور ملكية يعني صعب ارفض بعد! وبالذات بهذا الموضوع صعب اكول لبابا لا."
كانت تحرك هذه المرة خطواتها في الوقت والمكان المناسب وتتخذ حركات مناسبة لكي تجعل قلبي يذوب بها غير قادر على الاعتراف بهذا الشيء لنفسي ايضا.
"خليني يمك وميهمني بعد شي حتى دارين."
أبتسمت لها ساحبها نحو الفراش, "لحظة خلي اقفل الباب ماريد احد يعرف اني هنا."
أبتسم, "سوي الي يعحببج."
اقفلت الباب بالمفتاح ثم سحبتها نحوي, أخذتها بين احظاني كأنني في غيبوبة لا اريد ان اصحى منها أبدا.
نموت أحيانا عندما لا نتخذ تلك القرارات المجنونة لانه لا يكون متعة في هذه الحياة أبدا. كأن الحياة تكون من دون طعم ومهما حاولنا تجميلها نفشل لكن يحدث وان ننعطف عن ذاك الطريق لنتفاجئ بأمور أجمل تأتي من باب الصدفة وترصع حياتنا بألوان مختلفة جميلة وتصبح جميع حركات اللعبة أجمل بكثير ومتعة أكثر لخوضها فيوجد بها ذاك الحماس والتحدي, ولغز لا نعلم ان كان حله سوف يكون هو القرار المناسب ام ترك الامور مجنونة هكذا!
"أفتش عنك هنا .. وهناك .. كأن الزمان الوحيد زمانك انت .. كأن جميع الوعود تصب بعينيك أنت .. فكيف أفسر هذا الشعور الذي يعتريني صباح مساء." #نزار قباني
أستيقظت في صباح اليوم التالي وهي بجانبي تضع يدها حولي. غريب بأن تلك الفتاة البسيطة تشعلل في داخلي مالم تفعله الاخريات!
حاولت أبعاد يدها كي اترجل من الفراش لكن أستيقظت لحظتها, "كعدتي؟"
أبتسمت وعيناها ناعستان, "صباحو."
"احلى صباح عليج. تردين رجعي نامي بعد وكت."
"لا هاي هي خلي اكوم قبل لا احد يجي."
قبلت رأسها, "اوكي اني راح افوت اسبح وانتي حظري الريوك وصعدي لهنا حتى ناكل سوة."
"اوكي."
أرادت ان تذهب لكن سحبتها لي قبل خروجها وقبلتها من شفتيها. ابتسمت لي ثم خرجت من الغرفة. لم أتحرك لدقائق من الفراش وكنت اناظر السقف. فكرت كثيرا حول هذه اللحظات التي اعيشها بجانبها وشعوري وانا معاها, فكرت لماذا يكون امري بيد والدي بينما تركي لدارين هو جعل ابي احد المتضررين ايضا! ربما عقد صفقة معه او حتى تهديده تجعله يترك جمانة. فوجئت والباب يفتح بقوة.
دخل والدي, "شنو جانت تسوي جمانة هنا؟"
استلقيت على جهتي اليمنى وانا اناظره دون الترجل من الفراش والوقوف امامه, "مساعدتي الخاصة عادي تلكاها هنا."
قال غاضبا, "جمانة راح تنطرد من هنا. اذا دارين عرفت بلي ديصير راح يصير شي ميعجبك وانت تعرف كلش زين هالشي!"
أجبته ببرود, "اوكي اذا طلعت جمانة اني هم اطلع وخلي دارين اتسوي الي تحبة لان مراح تلكالي اثر لا انت ولا هي ولا ابوها حتى."
اجاب وقد بدت عليه نبرة التعجب, "انت شون تحجي هيج وياية؟"
"هذا الي ديصير. طول عمرك تسوي عكس الي اريدة اليوم اتركني اسوي الي يعجبني! اذا تريد علاقتك بالملك فايز تستمر طلع جمانة من راسك ولتأمرهة بشي."
أخذ نفسا عميقا, "تميم لتتهور بسبب بنية فقيرة متسوة شي."
"رجاءا انتبه على كلامك! هذي البنية الفقيرة مساعدتي الخاصة."
"شنو الي صار؟"
تعالت نبرة صوتي ورفعت رأسي قليلا من الفراش مخبره, "الي صار حجيت ومسمعتني والبارحة جمانة مريضة وامرتها تشتغل وكتلك محد يأمرها بهالبيت غيري ولتقرر من كيفك بالشي الي اني اسوي."
"انت منين جبتها؟"
"مو مهم هالشي!"
صمت قليلا كأنه كان يفكر بالذي سوف يفعله, "اوكي خلي جمانة براحتك بس دارين متزعلها ومتعرف شي دتسمع واذا عرفت راح يصير الي ميعجبك وراح تندم يا تميم."
"ملك احمد لتهددني!"
اجتاحه الغضب, "انتبه على كلامك."
"منتبه اني وما اتوقع بعد السكتة تنفع. واذا معاجبك كلامي كتلك راح اخربها وية دارين وهالشي مراح يعجب فايز."
لم يقل شيء وخرج غاضبا من الغرفة.
نظن بأننا سوف نخسرهم وان كل شيء سوف ينتهي عندما نختبئ خلف جدار الخوف. نخاف ان نحرك احد الجنود كي لا يقتل لكن ندرك بعدها بأنه يموت ويطرح ارضا بسبب صمته وعدم حركته كأن وجوده لا يهم!
لا يوجد شيء مستحيل والاحتفاظ بشخص هو من نسج الخيال, لكن حركات عقلانية تستطيع ان تجعلك تملك الدنيا اجمع. كلام اما يكون كالمبارزة ويجعلك تنتقيه بحرفية او تنطق مالا تعرفه لدرجة تجعلك تخسر جميع ما تملك وترمى طريحا حتى تصبح كلمة "كش ملك" لا تكسر بك جدا لانك كسرت الاف المرات قبلها!
