Part 1

245 18 6
                                    


ذات شروق هاديء .. يضيء ببطء سماء كيوتو ..
ذات الطابع التراثي ،المنتظمة شوارعها، المصفوفة بناياتها بحذاقة هندسية ..
ترى أين ومن أكون .. سؤال خطر في ذهن لم يتحاوز السابعة عشر
يحس لأول مرة بوجوده في هذا العالم الكبير بدون أية قصة ولا مبرر يفسر هذا الوجود
ماذا يفعل الشخص حينما يتم إيقاظه فجأة منذ الصباح من امرأة يخال أنه يراها لأول مرة
وتطلب منه الذهاب إلى المدرسة
والأدهى أن كلمة "مدرسة" هذه  تخترق العقل وكأنها طلاسم صعبة الحل
هذا ما تفكر به تلك الفتاة أو قل الطفلة القابعة في سريرها والمتشبثة به كغراء من فرط ما ينتابها من غثيان وغربة
: انهضي حبيبتي كفاكِ كسلاً، الجميع انتهى من فطوره عداكِ، هيا فإذا غادر ساني ستذهبين لوحدك
وبنظرةٍ بلهاء ترمقها الفتاة قائلة: ما هي المدرسة!؟
فتعبر موجة قلق سريعة وجه الأم التي شردت في حديث مع نفسها
تدخل الغرفة فتاة قصيرة الشعر جدًا، تبدو في الثالثة عشر من عمرها بكامل هيئتها المدرسية مرتدية حقيبتها تقول: صباح الخير سايا
عرفت الفتاة أنها تقصدها وكما يبدو أن اسمها سايا فهمّت بأن تتحدث ولكن قبل أن تنطق ترد الأم بقلق: لقد نسيَت المدرسة يا ساندرا،
هذ.. هذه المرة الثانية منذ ذلك اليوم عندما استيقظت بنفس الطريقة..
وغطت الأم وجهها بكلتا يديها فبدأ خوفها يتسرب إلى ساندرا..
قالت بصوت خافت: رباه ما عساي أفعل !
ساندرا: ستكون بخير متأكدة ستكون بخير أبي قال هذا يومذاك -وتهرع خارج الغرفة مناديةً على والدها
أما سايا تحدق بهم فاغرة الفم، ولا تفهم مالذي يجري
لحظات حتى عادت ساندرا بصحبة كايدرون الرجل الذي يبلغ التاسعة والثلاثين من عمره مبتهج المحيّا رغم شكله الرسمي الهاديء
: كمانيا مابال وجهكِ الشاحب يا عزيزتي
اقترب من سايا قليلا ووضع يده على رأسها وبشيء من اللطف قال : المدرسة يا سايا مكان نذهب إليه في الصباح نأخذ بعض الأشياء القليلة وهناك نلتقي بالرفاق..
وبابتسامةٍ أردف: ستشهدين أنها مكان جميل على ضمانتي يا فتاة
ويا كمانيا كل شيء بخير فلتبتهجي
...
أما الباب فكان يقف عنده ذلك الفتى يتابع كل شيء بصمت
انفرجت أسارير سايا بعض الشيء وقررت أن تنهض وبذلك تهلل وجه كمانيا مع خروج كايدرون
وبمساعدة ساندرا في تجهيز ملابسها وتمشيط كمانيا لشعرها الطويل يبدو أنه صباح مليء بالدلال كيف لا يكون كذلك...
........
قالت في نفسها: أظنها ممتعة تلك المدرسة وليس من أمري إلا أن أهتدي بهم وأتبع ما يقولون
يظهر أنها أخذت فكرة عن أن هذه عائلتها تلك أمها وذلك أبوها تلك أختها وهذا أخوها الذي كان في انتظارها
ثمّ خرجت رفقةَ ساني الذي يكبرها بسنة واحدة ويدرس بنفس الثانوية
رغم أنها أرادت الذهاب مع ساندرا إلا أن تلك الأخيرة أخبرتها أنه لا يجب أن ترافقها إلى المتوسطة..،
فهمت قليلا وتابعت المسير، لا تدري إلى أين فقط سترافق ساني إلى حيث ينتهي بهما المطاف
كانت تقول في نفسها: يوجد خطأ ما بالتأكيد لكن بغض النظر عن كل شيء، معهم أظن أنني بخير
وساني يتابع السير وكعادته يحتار جدًا في مثل هذه المواقف
يقول فجأة : سايا كيف تشعرين؟
نظرت إليه وكأنعا المرة الأولى التي يتكلم فيها، ثم قالت في تردد:
ل.. لا أدري ف..قط عندما استيقظت أو قبل أن أستيقظ شعرت بالخواء العميق وكان المكان يدور بي.....
صمتت قليلاً وتابعت: لا أذكر سوى أنني كنت نائمة ولكن قل لي.....
لا تؤاخذني أعلم أنك أخي فهلا أخبرتني باسمك
رد ساني وهو يحبس ضحكته: اسمي ساني
ساني يا سايا!..
وأفلتت منه ضحكة مكتومة وتابع : اعذريني، لا تقطبي حاجبيك هكذا وقولي من الذي مشط لك شعرك اليوم
قالت سايا منفرجة الأسارير وهي تمسك بإحدى ضفيرتيها المتدليتين
: إنها أمي أليست حاذقة، في البداية خلتها لن تنتهي إلا بعد ساعة وسرعان ما ربطته وأنا لم أنهي فطوري حتى..
بالمناسبة ذكرني ما كان اسمها..!
ساني : كمانيا
: وتلك الفتاة أقصد أختي!
ساني: ساندرا وأبي كايدرون وأنتِ ما اسمك؟
سايا : سا ... أليس سايا
ساني بتعجب يمازجه قليل من الارتباك : نعم نعم.......... سايا
كان يفكر شاردًا تمامًا مثلما حدث منذ سنة لما كانت سايا بنفس الحالة، وعودة كل شيء كما كان بعد يومين..
لكن تكرار الموقف الآن بث القلق في أفراد العائلة..

قالت سايا محدقةً بأخيها: في أي فضاءٍ صرت الآن قل لي مالذي تتخيله لهذه الدرجة
ساني : ههههه لاشيء انظري وصلنا المحطة دقائق وتصل الحافلة
....
لكن متى ستصل الذكريات المفقودة! .. الذكريات التي نريدها بشدة إذا ذهبت ونبغضها إذا بقيت ..
هل بغيابها تكون الحياة بخيرٍ فعلا أم أنها ليست سوى ترهات زائلة
ثمتَ آلام تُدخلك في دوامات أبدية
يهون أمامها النسيان ليصبح أمنية بعيدة المدى
ترسم في الخيال شكل الحياة باللون الأبيض لا سواه
لترحل معها كل المواقف السيئة والجيدة ويختفي كل الأشخاص وكل شيء لا بأس بذهابه في سبيل محو تلك الآهات المزمنة
********************************
في مكان ما من هذا العالم الكبير، وفي أو ساكا بالتحديد
********************************

في وقت ما ..
فتاة تعيش لوحدها كان آن لها منذ الآن أن تنتقل وتغيّر المدرسة، فور خروجها من الملجأ
تحت وصاية سيدة في الخمسين من عمرها
تدرس الفتاة في الصف الثاني الثانوي تدعى كاميليا
تراءى لها أن تشغل محل موظفة سابقة في مطعم كبير
لأنه حان الوقت لأن تعتمد على نفسها بالكامل
********************
وقفت سايا مع ساني أمام مبنًى مرتفع بلون السكّر تتخلله خطوط بنية..، قال لها بعد أن رآها محملقةً فيه: لندخل..
وفي أثناء صعودهما درجات السلم ظهرت فتاة تلى بُعدِ أمتار تلوّح لسايا.. !!
قال ساني: سنفترق هنا.. امضِ أنتِ، وأنا سأصعد...
يتبع
********************

أنا بخير !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن