الخطيبة!

21.5K 1.3K 70
                                    

كانت سوريل تتخذ طريقها نحو الباب، وهي غارقه في التفكير..لفتت انتباهها سالي وهي تركض وتصرخ باسمها:
"أمي...أمي!"
" رويدك صغيرتي، خذي انفاسك وبعدها تكلمي"
اطاعتها الصغيرة وهي تأخذ انفاس عميقة ثم اردفت بحماس:
"أمي لقد جاءت الآنسه دافينا"
" ومن هي الآنسه دافينا؟"
قالت سالي ببراءه طفولية:
"انها المرأة التى يحبها ابي وسيتزوجها"
وهنا، أختفى اللون من وجه سوريل مع وقع الصدمة وكأن احدهم سكب دلو ماء بارد عليها
" سيتزوجها! هل الآنسه دافينا مخطوبة لوالدك؟!"
فاجابت سالي وهي تقفز فرحا بطريقه وجدتها سوريل مضحكة وكانت ستضحك في غير هذا الموقف
" اجل، سيكون لي أمان..أنتِ وهي"
"هي تحبينها يا سالي..أكثر مني؟"
سألت سوريل وعيناها تفيض املا وتوسلا
"أجل احبها ولكني احبك اكثر بكثير منها، لانك تهتمين بي ، اما هي تهتم بملابسها الجميلة ومجوهرات، أريد ان أكون جميله مثلها عندما أكبر"
" هل هي جميلة جداً؟ " سألت سوريل بفضول
قالت سالي وكأنها تقص قصة :
"انها بيضاء مثل اللبن ، وعيونها خضراء كعيون قطتي ،شعرها قصير واسود وناعم كحصان ابي جاد ترتدي ملابس ضيقة وقصيرة مثل الدمية"
صمتت قليلاً ثم تابعت بحماس أكبر:
"أنت أجمل منها يا أمي! واريدك بقربي دائماً هل تحبيني مثلما احبك؟"
أحنت سوريل قامتها لتصل لسالي وتحتضينها وهي تضحك من وصف الفتاة لدافينا تلك
"نعم صغيرتي أحبك كثيراً"
أمسكتا أيادي بعضهما وهما تركضنا في اتجاه المنزل وصوت ضحكاتهما يعم المكان.
قال آدم الذي كان يراقبهما من شرفه مكتبه من دون ان يجعلهما تلاحظان وجوده
" يا له من مشهد مثير للاهتمام"
دخلتا الردهة والسعادة تشع من عينيهما، قابلتا السيدة تريزا عند الباب ، وعندما رأت ابتسامة كلتيهما قالت:
" ما الامر المبهج يا عزيزتي الصغيرة؟"
وبدأت سالي تخبرها بلهجتها المحببه بما حدث ونكات سوريل حتى قاطعها وكأنها نست شيئاً
" أصبحت أنسى كثيراً...سوريل أن السيد آدم يطلبك في مكتبة"
وقع الخبر كالصاعقة عليها، لقد كانا معا في الصباح فما الذي يجعله يريد رؤيتها الان.
قالت بهدوء لم يكن يعشعش داخلها
"أسبقيني الى حجرتك صغيرتي، وسأذهب لارى ما يريد أباك"

لملمت سوريل شتات نفسها، واستجمعت شجاعتها ثم طرقت الباب ، وعندما لم تسمع ردا، طرقت مرة...ومرتين وعندما طال الانتظار المربك فتحته ودخلت ، كان آدم هاموند يدير ظهره بتجاه النافذة وبدا يائسا لها من نظرتها لإنحناء كتفيه العريضين بعد ان كانا مرفوعين بإعتزاز، شعرت بطعنه في صدرها وتمنت دون ان تدري سبب ذلك ان تواسيه، لم تحب ان تراه مهموما... تمتمت بصوت واهن:
"سيدي...هل.."
"نعم تفضلي"
وأشار لها بالجلوس دون ان يستدير ثم تابع بمراره:
"سوريل، هل تعتقدين انني أب سيء؟"
" لا، لا أبداً" قالتها بسرعه وهي تهز رأسها بعنف
" أو تعلمين شيء عن زواجي؟"
وهنا استدار ، ونظر لها ببريق غريب في عينيه وهو ينتظر إجابتها، وعندما اشارت بلا، اكمل وهو يدير ظهره مجدداً :
" كان ذلك قبل تسع سنوات تقريباً عندما تعرفت على روشيل في حفله عمل، كانت جميلة جداً تتحرك بين الناس برقه تمازح هذا وتبتسم لهذا...فوقعت في غرامها او هذا ما ظننته في الماضي، رقصنا معا في تلك الليلة، وحدثت بيننا عده لقاءات..ثم سافرت في رحلة عمل لمدة شهرين كنت اتدرب تحت يد مساعد أبي لاني كنت مبتدئا ، لم أستطع التفكير باحد غيرها..سحرني أسلوبها،وعند عودتي طلبتها لزواج فوافقت دون تردد وفرحت جداً لقد كنت شاباً ولم اصدق ان فتاة بجمال روشيل ستوافق بتلك السهولة، تم زواجنا بسرعة كبيرة..واليوم اعلم انها عقدت زواجها على مالي وشهرتي...قضينا أجمل ثلاث شهور سويا وتجولنا في معظم دول أوروبا الساحلية ولكن بعد ان عدت لمنزلي قصر الأوراق المتساقطة تحولت...."
صمت قليلاً لينظر لسوريل ليرى اذا كانت تصغي له ووجدها تسمع بكل جوارحها وهي تضم يديها في حجرها وقالت :
"أرجوك اكمل...هيا أنا اسمعك"
ابتسم لها بحنان وتابع:
"كانت روشيل لا تحب الريف وهدوءه، بل تحب المدينة وصخبها وحفلاتها، لقد بنى جدي قصر الأوراق المتساقطة وعاش مع جدتي ايام جميلة، وانا أيضاً عندي ذكريات جميلة فيه، لكن روشيل لم تحب القصر، ولم تستطع أن تحبه...كانت تفتعل شجار وتقول انها لا تريد ان تعيش في مكان ممل وغير جميل"
قالت سوريل وهي مصدومة:
"ممل ويفتقر للجمال! هل هي عمياء ام ماذا؟!"
اقترب آدم منها ثم انحنى واضعا يديه على كتفيها وسألها بغموض:
"هل تحبين هذا المكان يا سوريل؟"
التمعت عيناها بحماس طفولي وهي تتجاهل ازدياد نبضات قلبها:
"أحبه! لا انا أعشقه انه أجمل مكان رأته عيناي واتمنى ان ابقى به كل ح..."
انتبهت لكلامها وحماسها الزائد أمام رب عملها فتوردت وجنتها ولاحظ آدم ذلك فضحك لخجلها وحماسها البرئ فابعد يديه وقال:
"لا عليك انا أيضاً احبه كثيراً"
نظرت اليه سوريل باندهاش وقالت:
"ولكن السيدة تريزا قالت بأنك لا تحبه لانك لا تأتي اليه كثيراً"
" نعم انا قلت ذلك ولكن هناك شئ غير رأي او لنقل جعلني افتح عيناي على الحقيقة"
" ولما كنت تكرهه مسبقاً؟"
سألته وهو تراه يجلس مقابلها
"حسنا سأخبرك ، روشيل بعد ان علمت بقراري عن عدم بيع القصر او الانتقال، حولت حياتي لجحيم فكانت تخونني مع كل رجل تقابله وتدعو احبائها السابقين في منزلي! عندما اسافر لعمل، وذات يوم وجدتها في الصالون برفقه رجل كانا يضحكان وهما في وضعية حميمية، كل الحب والاحترام الذي كنت أكنه له تحول لكره واشمئزاز ، ولكني ابقيتها معي لانها كانت حامل حتى انجبت سالي ، كنت احب سالي كثيراً واقول بفخر انها ابنتي، وفي يوم الحادث وهي على فراش الموت عندما كانت مع حبيبها اعترفت لي بان سالي ليست ابنتي! وعندما حاولت ان اسألها من هو لم تجب وصمتت للابد، ومن يومها كنت كلما انظر لسالي اتذكر خيانتها وحقارتها "
لم تعرف سوريل ماذا تقول ، فهي ظلمت آدم بتفكيرها انه رجل عديم القلب ، انه يتجنب سالي ولكنه لا يكرهها تحركت نحو النافذة لتستجمع شتات نفسها ، فأحست به خلفها تمام وقريباً منها، ابعد شعرها الطويل عن ظهرها ليظهر رقبتها العاجية الرقيقة وما لبث ان شدها نحو صدره في عناق دافئ ، وهي لا تزال تواجه النافذة والصدمة والارتباك عما وجهها، ولكنها ودون ان تعرف السبب شعرت بالامان...
والتفتت نحوه ليضمها اكثر نحوه، وهي امسكت بقميصه لتشعر بالدفئ وتمنع ارتجاف يديها، قبلها آدم في جبينها وقال بهدوء:
" والان اتعتقدين انني والد سئ؟"
رفعت رأسها نحوه وقالت بحنان :
" لا طبعاً، كل ما هناك ان عليك ان تتطلق العنان لمشاعرك الابوية ولا يهم ان لم تكن سالي ابنتك فهي تحبك جدا وتحتاج لمن يدفعها لتظهر مشاعرها"
"حسنا عزيزتي سأعمل بنصيحتك "
حدق في عينيهل اللامعتين ببريق لم يعرف كهنه، تلك اللحظة وهما قريبان من بعضهما لم تدم، واعادهما للواقع طرق الباب ، فابتعدت سوريل من بين ذراعي آدم..واحست بانها عادت موظفه لادم من جديد.....
فتح الباب لتدخل فتاة جميلة تضع كمية مبالغة فيها من المكياج، شعرها القصير الاسود المصفف بعناية ، وفستانها الاسود القصير الذي يظهر قدر كبيرا من فخذيها بطريقة رأتها سوريل مثيرة للاشمئزاز..وعرفت سوريل هذا الفتاة..هي خطيبة آدم..ولا تعلم لما قلبها آلمها عندما سمعتها تنطق
" هل ازعجتك يا حبيبي؟"

قصر الأوراق المتساقطةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن