توقعات منسية : Chap31

564 57 132
                                    

ومازالت ليليان تحدق في حروفه المتناسقة و كلامه السلس العنيف ، فهي لم تكن تتوقع ان يرسل لها سطورا مصبوغة بدماء حبه.

تمسك بالورق المخطوط بيديها المرتعشتين.

تيار غريب يسري في عروقها ، يجعل الدم يتدفق اسرع فاسرع ، يهلك القلب نبضا متعبا.

حائرة في اختيار محبها ، تائهة بين السطور التي رغم وجود نقطة انتهائها ، تبقى عديمة الختام و مجهولة المحرر.

صبورة بقلبها الفتي ، و بعقلها الخصب الذي حفظ محتوى الكلمات.

قوية لعدم سقوطها مغشا عليها ، بعد معرفة ان المرسل يراقب خطواتها .

تقف ليليان متوجهة نحو درج مكتبها ، و تضع الرسالة في كراس ذكرياتها .

هاهي تساعد زاد في تزيين غرفة الجلوس بينما يسيطر هو ببعده عليها.

تتنهد ليليان و تتحدث مع صديقها علها ترتاح:

- لقد ارسل احدهم رسالة هذا اليوم.

- حقا !؟ و ماذا استنتجتي ؟ سألها زاد

- لا اعلم ، هو يجيد اللعب بابجديته ، كلامه يتركني حائرة بين شيئين ، اما ان يعود قريبا او يزدادا بعدا ، اجابت.

- قلبك ، بماذا اخبركي ؟

- قلبي تائه في هاوية الافكار المتراقصة ، فقد اضاع المعاني منذ زمن طويل .

- اتركيها للقدر !

- و ماذا تراني افعل غير هذا ، و تضحك اخيرا .

يجهز الفرح حقائب ابنائه و يرسلهم نحو وجهة جديدة ، لكن ابناء الفرح صغار و اخشى ان يضيعوا الطريق او ان يتوهوا و لا نلمح لهم وجودا.

يكتمل القمر في آخر ليلة من السنة ، يتوسط الفضاء بردائه المغبر ، و ترى النجوم تحيط به من كل جهة .

نحن نمثل نجوم الارض ، نظهر مشعين بنورنا، مشبعين بالحياة ، بينما داخلنا العكس تماما.

ان النجوم رغم قدرتنا على رؤيتها تلمع ، تبقى منطفئة الى ان يتلاشى ظهورها شيئا فشيئا .

القمر وحيد هذه الليلة رغم وجود اقرانه ، عيناه لامعتان ، أنفه يرشح و لكنه رغم المه لا يقدر على مخاطبة اهل الارض.

حزين هو القمر على حالنا ، على ما وصلنا اليه، مال هو القمر من امانينا التي لم تعد تعني شيئا ، ضجر هو من احلامنا التي نقذفها على سطحه كل ليلة بعد جلسات البكاء و التحسر و الاشتياق ، حذو النوافذ التي لعن خشبها دموعنا المنهمرة عليه كالسيول .

نحن لا نأبه بأوجاع القمر ، هو فقط اراد مرارا و تكرارا ان يوقظنا من غفوتنا التي طالت عن حدها .

يشفق القمر على حالنا ، فعيوننا مفتوحة و قلوبنا مشرحة ، و آذاننا مصغية بينما عقولنا مغلقة بسلاسل لم يعرف احد معدنها .

صنم الذكرياتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن