ومازالت ليليان تحدق في حروفه المتناسقة و كلامه السلس العنيف ، فهي لم تكن تتوقع ان يرسل لها سطورا مصبوغة بدماء حبه.
تمسك بالورق المخطوط بيديها المرتعشتين.
تيار غريب يسري في عروقها ، يجعل الدم يتدفق اسرع فاسرع ، يهلك القلب نبضا متعبا.
حائرة في اختيار محبها ، تائهة بين السطور التي رغم وجود نقطة انتهائها ، تبقى عديمة الختام و مجهولة المحرر.
صبورة بقلبها الفتي ، و بعقلها الخصب الذي حفظ محتوى الكلمات.
قوية لعدم سقوطها مغشا عليها ، بعد معرفة ان المرسل يراقب خطواتها .
تقف ليليان متوجهة نحو درج مكتبها ، و تضع الرسالة في كراس ذكرياتها .
هاهي تساعد زاد في تزيين غرفة الجلوس بينما يسيطر هو ببعده عليها.
تتنهد ليليان و تتحدث مع صديقها علها ترتاح:
- لقد ارسل احدهم رسالة هذا اليوم.
- حقا !؟ و ماذا استنتجتي ؟ سألها زاد
- لا اعلم ، هو يجيد اللعب بابجديته ، كلامه يتركني حائرة بين شيئين ، اما ان يعود قريبا او يزدادا بعدا ، اجابت.
- قلبك ، بماذا اخبركي ؟
- قلبي تائه في هاوية الافكار المتراقصة ، فقد اضاع المعاني منذ زمن طويل .
- اتركيها للقدر !
- و ماذا تراني افعل غير هذا ، و تضحك اخيرا .
يجهز الفرح حقائب ابنائه و يرسلهم نحو وجهة جديدة ، لكن ابناء الفرح صغار و اخشى ان يضيعوا الطريق او ان يتوهوا و لا نلمح لهم وجودا.
يكتمل القمر في آخر ليلة من السنة ، يتوسط الفضاء بردائه المغبر ، و ترى النجوم تحيط به من كل جهة .
نحن نمثل نجوم الارض ، نظهر مشعين بنورنا، مشبعين بالحياة ، بينما داخلنا العكس تماما.
ان النجوم رغم قدرتنا على رؤيتها تلمع ، تبقى منطفئة الى ان يتلاشى ظهورها شيئا فشيئا .
القمر وحيد هذه الليلة رغم وجود اقرانه ، عيناه لامعتان ، أنفه يرشح و لكنه رغم المه لا يقدر على مخاطبة اهل الارض.
حزين هو القمر على حالنا ، على ما وصلنا اليه، مال هو القمر من امانينا التي لم تعد تعني شيئا ، ضجر هو من احلامنا التي نقذفها على سطحه كل ليلة بعد جلسات البكاء و التحسر و الاشتياق ، حذو النوافذ التي لعن خشبها دموعنا المنهمرة عليه كالسيول .
نحن لا نأبه بأوجاع القمر ، هو فقط اراد مرارا و تكرارا ان يوقظنا من غفوتنا التي طالت عن حدها .
يشفق القمر على حالنا ، فعيوننا مفتوحة و قلوبنا مشرحة ، و آذاننا مصغية بينما عقولنا مغلقة بسلاسل لم يعرف احد معدنها .
أنت تقرأ
صنم الذكريات
Romanceفي داخل كل منا تمثال من حجر ، يسمى صنم الذكريات ، يجمد عقولنا و أحيانا يفنيها. ليندثر رماد أرواحنا على أرصفة الحاضر ، رماد برائحة الكذب و الخداع ، رماد بمذاق الماضي . مجرد حجر يتحكم بمصارنا ، بمستقبلنا ، حجر ينبض ، و لا يخلف غير الوجع. لربما خ...