ملامحها هادئه على عكس النار المشتعله داخل جوفها ... تمشي بخطوات بطيئة متجهه لخارج هذا المكان المشبع بالموت ... لتوها انتهت من زيارة حبيبها و والدها ... لم تبكي كثيرا هذه المرة استغربت من نفسها لعدم بكاءها ككل مرة ..
في هذا المكان حيث يرقد احبابنا ... هنا حيث يرقدون و نبقى نحن نتعذب على فراقهم ... نتمنى ان نعانقهم لكن لا نستطيع لماذا ؟؟ لأنهم لم يعودوا في عالمنا .. مهما اشتاقنا لهم فهذا لن يغير شيء لأنهم ببساطه رحلوا و نحن بقينا ..
لم يبقى لنا منهم الا اشباح ذكريات تحوم حولنا ... اشباح ترفض المغادرة مهما طاردها النسيان ....
لمحت ليلى ذلك الشاب الذي يقف امام احد القبور .. يقف بتقاسيم وجه ملأها الانكسار و طغى عليها الحزن .. وجنتيه ملئتهما الدموع ... لم تستطع تجاهله اقتربت منه حتى وقفت بجانبه همست بأسمه " احمد " ... بمجرد ان سمع صوتها مسح دموعه لم يردها ان ترى ضعفه ... التفت اليها و قال محاولا تعديل صوته المخنوق من البكاء " ماذا تفعلين هنا ؟؟" كان يمكنها ان تعطيه رد ساخر على حماقة سؤاله لكن رؤيته بهذه الحالة منعها من ذلك قالت بهدوء " جئت لزيارة والدي " لاحظت عيناه الحمراوتان صوته المبحوح عرفت لحظتها اهمية الشخص الذي جاء لزيارته التفت لتقرأ اسم صاحب القبر والذي يبدو انه توفي منذ 12 عام ...
سئلته بهدوء " من هو ؟؟" بمجرد سماع سؤالها انزل رأسه محاولا استجماع نفسه .. نفسه المشتته .. سحب نفسا عميقا و قال " اخي " استغربت ليلى جوابه فكما تعرف ان لديه اخوان فقط و ليس لديه احد متوفى .. لاحظ استغرابها لذلك قال " انه صديقي لكن تعودت ان اعرف عنه كأخ لي ".. ساد الصمت بينهما كان تريد و بشدة سؤاله عن صديقه هذا الذي بكى هكذا من اجله لكن لم تستطع ذلك ربما لأنها لم ترد تذكيره بمواجع الراحلين ...
" ما رأيك ان نذهب لشط العرب الجلوس هناك مريح للاعصاب " اندهشت من طلبه لكن الفرح تسلل لها لعله ينقذ روحها من قيود الحزن وافقت على طلبه و ذهبت معه
طوال الطريق لم ينطقا بحرف واحد كلاهما الحزن يتملكه رغم ان جلوسهما مع بعضهما ازاح شيء من هذا الحزن على الاقل علاقتهما لم يكتب لها النهاية بعد ...
وصلا لوجهتهما ... جلسا على تلك المقاعد التي اسطفت على ضفاف شط العرب ... الهدوء ساد هناك ... كلاهما التزم الصمت يحدقان بمساحات الماء التي امتدت امامهما حتى قطع الصمت كلام احمد بذلك الصوت الذي خطفه الحزن رغم محاولاته العديدة لأسترجاعه ...
" تعرفت عليه في اول يوم لي في المدرسة .. كان ملاك يمشي بين شياطين البشر ... روح طاهره وسط قذورات الأنفس ... كان لا يرفض طلبا مهما كانت صعوبته ... يساعد الجميع .. كل من عرفه يحبه و انا كنت منهم ... اصبحنا اصدقاء و بتنا نقضي اليوم كله معا ... " كانت تراقب ملامحه بينما هو ينظر للفراغ ... اكمل " كان هو مهربي الوحيد كلما تشاجرت مع عائلتي .. امكث معه وسط عائلته لم يحسسوني يوما انني غريب ... عائلة فقيرة و بسيطه رغم ذلك كانوا اسعد منا نحن الذين غرقنا بأموالنا ... كبرنا معا ... تعلمنا معا ... كان يتحمل عقاب الاساتذه معي حينما أقع بورطه ... احببته اكثر من أي شيء في هذه الدنيا ... لا اذكر انني رأيته عبوسا ذات مرة كان ومهما عذبته الحياة يبقى دائم الابتسامة ... لكن و لأن الحياة حقيرة قررت سلبه مني "
أنت تقرأ
من أي جنس أنت يا امرأة ؟؟
Romanceلم يحدث ابدا...ان اوصلني حب امرأة حتى الشنق ... لم اعرف قبلك واحدة ... غلبتني ...اخذت اسلحتي ... هزمتني ... داخل مملكتي ... نزعت عن وجهي اقنعتي ... لم يحدث ابدا سيدتي ان ذقت النار ... وذقت الحرق ( نزار قباني ) ...