و حين بزوغ فجر جديد كنت اتمشى في هذه الحديقه الواسعه التي لم ارى اجمل منها و لا اعلم كيف اتيت اليها ايضاً و لكنني كنت مستمتعه جداً انعم بهذه المناظر الرائعه .
كانت صحوة العصافير و زقزفتها تملأ السماء بنغمات لا تريد ان تتوقف و تجذبك الورود و الازهار للأقتراب و استنشاق رائحتها الجميله و روعه هندسة هذه النوافير و صوت خرير المياه يمنحك احساس بالاسترخاء و النعيم .
وفي غمرة سعادتي و استمتاعي بكل هذا الي من حولي اذا بي ارى حمامتان في السماء تقتربان مني بهدوء فتبينت جيداً ما كانتا تحملانه.. لقد كانت كل واحده منهما تحمل بمنقارها طفلاً ملفوفاً بالحرير الابيض و منقوش عليه باللون الوردي اسمي { هنــد} .
انخفضت الحمامتان بالقرب مني ففتحت ذراعيّ تلقائياً لإستلام ما تحملانه و ارتسمت على شفتي إبتسامة حنان .. التقطت واحده و جعلت ذراعي الاخرى مفتوحه لألتقط الاخرى و لكنها استمرت في التحليق مبتعده حينها اظلمت السماء و تحولت الارض الخضراء الي صحراء قاحله و تلك الحمامه تغيرت الى صقر جارح تزداد سرعته الضعف في كل خطوه اخطوها اليه محاولتاً اللحاق به لآخذ طفلي .. اصبحت اجري بسرعه لم اعهدها مسبقاً في حياتي و صوتي يرتفع بـ< أعده إلي .. أعد طفلي .. أعده ارجوك > ..ابتعد و ابتعد ثم اختفى و لا زالت احدى يدي ممدوه ترجوة بأن يعيد ما ذهب به و الاخرى تحتضن الطفله الاخرى خوفاً من فقدها ايضاً ..
إستيقظت مفزوعة مما حلمت به و شعرت ببلل في و سادتي إثر دموعي .. بدأت بالاستيعاب بطيئاً بانني قد انجبت مولوداً جديداً رفعت ناظري حولي في تلك الغرفه القديمه باحثة عن طفلي و لكن جذبني ذلك الصوت الهامس الغاضب الذي لم افهم منه شيء سوى < غادري .. و لا أريد رؤيتك مرة اخرى > سمعت ايضاً صوت بكاء خافت و توسل و لكن الطرف الاخر لم يغفر .. إختفت تلك الاصوات تدريجياً بعد لحظات و فُتح باب غرفتي و دخل بطوله الفارع و وسامته المعهوده و الارهاق يتخلل ملامح وجهه نظر إلي بنظرات لم استطع تفسيرها ثم اقترب و صحبته ابتسامة متعبه دنى الي و احتضنني بحب ثم قبل جبيني و هو يمسح على شعري الاسود الفاحم .. تأملت ملامحه الجميله و في داخلي افتعل مقارنة بيني و بينه ...هو ( بشرته بيضاء بشعر اشقر ذهبي و عينان زرقاوتان و جمال غربي بحت اسنان تكاد تكون كالالماس عند ابتسامته تلك الابتسامه التي لو رأيتها لوددت بالقاء النكات عليه في كل حين حتى تراها .. قالت لي امه مرة انه ينحدر من اصل تركي و هذا هو سبب جماله الغربي ) ... انا ( بشرتي بيضاء تغزوها بعض الحمرة اللطيفه لدي شعر اسود فاحم بالغ النعومه يكاد يصل الى منصف فخذي و عينان كسواد شعري و اسعتان و جمالي كما تصفه امي جمال عربي اصيل و لكنني بدون سبب لا اجده كذلك ) .
فقت من تحديقي به على صوته الرجولي قائلاً : الحمدلله على سلامتك عزيزتي .. اتمنى انكِ افضل حالاً الان . نظرت اليه بوهن و ابتسمت : نعم لقد تحسنت قليلاً بعد ان غفوت و لكن لا يمكنني تجاهل هذه الالام فوراً .. نظرت الى الطفل البعيد عن متناولي و قلت : اريد ان ارى الطفل .
نهض من جانبي و تناول الطفل .. لقد كان صغيراً جداً بين ذراعيه الضخمتين لقد كان منظراً ابوياً رائعاً .. لم استطع تبين نظراته الى الطفل و لكنني استنتجت نبرة الحزن التي ليس لها مبرر عندي حين قال :
انها فتاه ...
لمعت عيناي بفرح و مددت يديّ اليه بلهفه : أميرة اخرى .. ناولني اياها .
ناولني اياها و جلس يتآمل جمالها معي .. لقد شعرت بشيء غريب لم اعهده من قبل و لكن قبل ان اسال نطق قائلاً : أمل .. ما رأيك ان نسميها أمل .
اجبته : اسم رائع .. لقد احببته .
قبل خدها ثم نهض مسرعاً و هو يلف وشاحه على وجهه و قال : لدي امر مهم علي فعله .. اعتني بنفسك و الطفله ريثما اعود.. إلى اللقاء .
لم اهتم كثيراً فأحد جوانب شخصيته هو الغموض و لقد تعودت عليه .. ارجعت نظري الى { أمل } و شعرت بالحزن و الخوف يعتري قلبي فجاءه و امسكت ايسر صدري بقلق من ان يكون حدث لأحد صغيريّ الاخرين مكروه و لكن ترائى الي منظر ذلك الصقر و هو يبتعد بالطفل و انا ابكي اريد عودته .. ذلك الحلم الغريب ...
أنت تقرأ
قيل بأن القمر هو الشاهد
Misterio / Suspensoحين تغفو المشاعر و يصبح الغضب و الحزن هو الميسطر .. ..حين يمنع الحقد الحب من ابداء رأيه .. .. حين نمضي قُدماً دون التفكير في عواقب ما نحن مُقبلين عليه .. ... هنا و في هذه اللحظات سيبقى الندم حليفاً الى الابد مرافقاً و محباً لنا مبتسماً بفخر لعثوره...