الأمير عاصم والمسيو سنتورلي كاتب قلم إفرنجي في الدائرة، اختليا في إحدى غرف القصر.
- مهمة جديدة مهمة يا مسيو سنتورلي.
- خير إن شاء الله.
- خير لنا وشر لبعض الناس.
- إذن خير.
- نعم، مآله عمومًا للخير.
- تفضل يا مولاي قل.
- أنت تعلم أن جوزفين زوجة شرعية للأمير نعيم.
- نعم، وأعلم أيضًا أن زواجهما لم يزل سرًّا، والذي يعلمه الجمهور أنها محظية عنده.
- نعم، وهو لا يزال يكتم زواجه هذا حتى الآن لأنه يخالف وصية أبيه.
فابتسم سنتورلي ابتسامة المتهكم وقال: نعم.
- ولا يخفى عليك أن الأمير نعيمًا متعلم متنور، فما هو ممن يعبأون بتقاليد القدماء، ولا ممن يقيِّدون أنفسهم بالقيود السخيفة، فهو إن كان يحترم وصية أبيه الآن لا لأنها أمر مقدس واجب الإطاعة، بل لأنه يتجنب اندلاع الألسنة عليه باللوم والتثريب، ولكنه يريد أن يستبقي جوزفين.
- وأنت تخشى أن يعلن زواجه الشرعي بها شيئًا فشيئًا، كذا تريد أن تقول؟
- نعم، كأنك تقرأ ضميري.
- ثم ماذا؟
- ولا أظنك تجهل أن أختي بهجت هانم تحبه جدًّا.
- وهو يتجاهل محبتها.
- ولكنه لا يكرهها، وأظن أنه لولا جوزفين لكانت زوجته الآن.
- صدقت؛ لأني لم أنسَ أيام كان يتحبب إلى الأميرة بهجت في عهد صباهما.
- نعم نعم، لا تزال تذكر إذن.
- نعم أذكر جيدًا، وأؤكد لك أنه لو لم يرتبط بحب جوزفين ...
- لا تقل حب جوزفين؛ لأنه لو كان قريبًا من بهجت هانم حين عرف جوزفين لما كانت هذه شيئًا يُذكر عنده.
- كذا كذا، ولو لم يكن نعيم من الناس الثبوتين على ولائهم المحافظين على عهودهم لهجر جوزفين من زمن ...
- هو عين الحقيقة ما تقول ...
- والأمير نعيم يفضِّل أن يدفن حياته إلى جنب أمه، على أن ينكث عهده مع أحد من الناس.
- هذا هو الصواب.
قال الأمير عاصم ذلك متوسمًا الخير من سنتورلي.
- ولا بد أن يكون نعيم الآن نادمًا على علاقته مع جوزفين.
- ليس ببعيد.
- ومع ذلك يعظم عليه جدًّا أن ينكث عهده معها.
- بل يجتهد أن يوطده ولو كان خلاف رغبته الحاضرة.
- ولهذا يخشى أن يعلن زواجه قريبًا.
- عجبت يا مسيو سنتورلي، ما بدأت جملة حتى أكملتها، فما أشد توافق أفكارنا!
أنت تقرأ
أسرار مصر ✔
Historical Fictionحدث أن تتواطأ الاثرة وحب المال على حياكة الأسرار ودفنها لسنوات طوال، لكنَّ انكشاف المستور وارتداد البَغْي على الباغي، لربما يحتاج لترتيبات قدريَّة استثنائيَّة، فتكون أرواح ومصائر معلَّقة بجوائز الغيب والمصادفة. يروي لنا «نقولا حدَّاد» في روايته الت...