الفصل (15): مديونة له بحياتها

97 13 2
                                    

ارجوكم ادعموني بتصويت او كومنت لأستمر في تنزيل الرواية 😧
_______________________________

أما جوزفين فلما أنهضها سنتورلي من سريرها كانت صريعة الأفيون كما انتظرت، ولكن بما أنها كانت عالمة بذلك من قبلُ شعرت جيدًا بذراعين تحضنانها وترفعانها عن سريرها في حلك الليل، على أنها استسلمت وفعلُ الأفيون ساعدها على الاستسلام، فنزل بها من غرفتها ووضعها في مركبة مقفلة وعدا بها، وكانت في المركبة نصف نائمة؛ لأن الخوف قاوم فعل الأفيون، ولكنها كانت كالمصروعة حين حملها إلى ممشى قصر الأميرة نعمت، ولما وخز سنتورلي ذراعها بإبرة الحقنة اختلجت وقلبها خفق جدًّا؛ لأنها خافت أن يكون السائل الذي حقنها به مسمومًا، ولكنها استسلمت، وقد زاد الخوف تنبهها حتى تغلَّب على فعل الأفيون، فما إن خرج سنتورلي وأوصد البوابة حتى جلست وجعلت تجسُّ نفسها كأنها لم تصدِّق أنها حية، وعند ذلك سمعت وقع أقدام ضعيفًا جدًّا، فالتفتت إلى جهة الصوت فسمعت من يقول: «جوزفين!» فقالت: «نعم، أنا هي، أنا هنا.»
وعند ذلك تبيَّنَت القادم فعرفت أنه الشبح الذي خاطبها أول أمس عند الشجرة، ولكنها لم تعرف أنه أحمد بك؛ لأن معرفتها الشخصية به كانت ضعيفة جدًّا؛ إذ لم ترَهُ غير مرة حين كان يزور الأمير نعيمًا لشغل، فلم تحفظ صورته في مخيلتها، أما سنتورلي فكانت تعرفه؛ لأنه كان يراها أكثر من أحمد بك، ومع ذلك لم تعرفه حين نقلها؛ لأنها لم ترَهُ في النور، ولا سيما لأن الأفيون قد خبلها وأضاع صوابها.

ولما دنا منها أحمد بك أمسك بيدها، وقال بالإفرنسية: لقد نجوتِ …

– أكيد؟! أخاف أن تكون الحقنة سامة!

– لا تخافي، اطمئني، لم تُحقَني إلا بالماء البسيط، هاتي يدك ولا تبطئي في مماشاتي، أسرعي ما تستطيعين.

ولما وصلا إلى البوابة حلَّ أحمد بك المزلاج وفتحها وخرجا ثم أقفلها، وسار بجوزفين في ذلك الحلك وهي تستند إلى ذراعه إلى أن التقيا بمركبة للأجرة فركبا فيها، وأوعز أحمد بك إلى الحوذي، فجرى بهما إلى منزل حقير في حارة اﻟ …

ودخلا إلى المنزل ولم يكن فيه إلا عجوز شمطاء، فخرجت إلى غرفة أخرى حين دخلاه، ولما استقرَّت جوزفين في المقعد فتحت عينيها جيدًا، وقالت: أرى النور ضئيلًا … ألعل الحقنة سامة؟! إني خائفة جدًّا، ويلاه!

– النور ضئيل كما تقولين، ولكن ما تشعرين به من الخبل إنما هو فعل الأفيون، فتشدَّدي.

– أين نحن الآن؟

– نحن الآن في محلٍّ أمين بعيد عن أعدائك.

– متى أرى الأمير؟ هل يأتي إلى هنا؟

– ليس الأمير في مصر، فلا تنتظري أن تريه.

فاعتدلت في مكانها وأحدقت فيه قائلة: أين هو؟

– في أوروبا.

– أما أمر شيئًا بشأني؟

– أتظنين أن الأمير كان يعرف مقرك وأنه سعى بتخليصك؟

أسرار مصر ✔ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن