(( جاد ))
أقف بجوار النافذه الزجاجيه التي تتواجد في تلك الغرفة .. ذبذبات الصمت تعم المكان حتى أن صوت أنفاسي كان متباطئ وخفيف .. تلك الكلمات قد جعلتني اتواجد معها في غرفة واحده حيث لا احد سِوانا انا و هي والصمت ثالثنا الذي يحتل مرتبه الصداره في تلك الغرفة .. أنتشلت الافكار عقلي ليذهب بعيداً .. كانت تلك الدقائق قليله لكن تفكيري كان مشغولاً وكأن دهر قد مر لآصبح مسن غير قادر على الحراك
أنها لحظة واحده لكنها صعبه ..
صعبه جداً لتلك الدرجة التي تضعف أقوى شيء بداخلي .. ليهتز جوفي قلقاً خوفاً و وجعاً
هكذا هي لحظات التفكير المعتادة
طقوس من وجع و أفكار من حيث لا أعلم قد نحتاج للشعور بالاطمئنان لمرة واحده نحتاج لشيء يجعلنا ننسى بأننا خسرنا الكثير ونريد الراحة ..
في داخلي طفل مازال يحتاج لشخص يربت على كتفه تاره .. ليحميه تاره أخرى و ليهمس له بأن كل شيءٍ سيكون " بخير " تلك الكلمة هي من أكثر الكلمات كذباً نقولها بعدم أقتناع لنشعر بأن الحياة تسحبنا رويداً رويداً لـ حيث لا نعلم و نحن نغرق في اللاوعي بين دوامة تختصر مسار حياتنا ..
أستيقظت من شروي حين سمعت صوت متسائل يصلني منها ..
بيلين: هذا بيت منو ؟
دسست يداي في جيب سترتي لآقول بهدوء جاد: بيتي .. بيت المزرعة اكثر بيت ارتاح بي
مشيت قليلاً لآقف امام الباب قلت دون ان التفت إليها
جاد: تردين تطلعين ويايه نتمشى ؟
يبدو بأن الفكرة قد راقت إليها لتأتي وتقف بجانبي اتجهت برفقتها نحو الاسفل لنخرج قابلني الحارس قلت بهدوء ..
جاد: لا تقلق ستكون معي لن يحدث لها شيء ..
أتجهنا نحو الاسطبل كانت المزرعة كبيره فهناك جهة تؤدي للأسطبل وجهة أخرى تؤدي إلى الغابه وهي مقابله لجهة الاسطبل اما الجهة التي تقابل الشارع العام فهي جهة المنزل بالاضافة إلى وجود حديقه خلفيه في المنزل و ايضاً غرفة لحوض السباحه .. لآنني انا و لين نحب ممارسة السباحه بين الحين و الاخر حين وصلت إلى الاسطبل توجهت إلى حصاني .. اتذكر بأنني قمت بترويضة حين كنت ابلغ سن الخامسة والعشرون سنه أي قبل ثلاث سنوات من الان .. كان بني اللون ذو شعر أسود بينما يقابله الحصان الخاص بـ لين .. قالت بتساؤل مشيره إلى حصانها
بيلين: هالحصان لمنو ؟
قلت بمراوغة
جاد: لوحده أعرفها
لتجيبني بصيغة سؤال أخرى ..
بيلين: هالحصان لوحده تقرب ألك ..؟
ألتفتت إليها لآبتسم بهدوء اقتربت بخطواتي لآقول بهدوء ..
جاد: لتكونين فضولية بشكل زايد ممكن هالشي يضرج ما ينفعج
اجابت بنبرة تذمر ..
بيلين: لتنصحني ما أخذ بنصيحه شخص مثلك ..
صمت قليلاً لآقول
جاد: بالنهاية اني انسان ! الله خلقنا كلنا من طين ليش يعني ؟
أقتربت لتقول مشيرة لي
بيلين: مهما تكون انسان وعندك قلب انت بالنهاية مجرد مجرم شخص نهايته معروفة يا اما الموت يا اما الحبس ..
قبضت كف يدي ببرود اخرجت حصاني بدأت امسح على شعره بهدوء .. ركبته و نظرت لها
جاد: تركبين ؟
تناسيت ما قالته تواً فلا مزاج لي لكي تقوم بتعكيره
ترددت قليلاً وكانت عينيها تلمع وكأنها تود الركوب .. مددت يدي لآسحبها ركبت خلفي قالت بنبرة خوف وقلق
بيلين: مراح تكتلني بنص الطريق او تشمرني ؟
هززت رأسي بالنفي .. قلت بنبرة هادئة
جاد: انسي اني شنو وأي هوية عندي خلي ننسى ليوم واحد أحتاج شخص يشاركني ليوم واحد
كنت صادقاً بكل كلمة قلتها .. كنت اود نسيان كل شيء هويتي ، عملي و كيف وصلت إلى هذه المرحلة فقد كنت أحتاج لذلك .. أحتاج لشخص غريب ليشاركني بهمومي لآنه وكما يقال نحن نشعر بأرتياح حين نتشارك الهموم مع الغرباء .. ولآنني أعلم بأن في نهاية هذا اليوم حين أضع رأسي على الوسادة اتذكر هويتي لتتلاشى لحظات الراحة ويبدأ القلق بشق طريقة .. صمتت دون أن اتحرك بأنتظار إجابه منها خلال عده لحظات شعرت بيديها توضع على خصري لتتشبث بأحكام .. لآتجه بأتجاه الغابة أسير إلى أن وصلت لتلك البركة التي كانت تحتوي على الزهور من جميع الجهات بمختلف الالوان من جهة و الشجيرات التي تحتوي على الفاكهة من جهة أخرى نزلت و ساعدتها للنزول تركت يدي التي كانت ممسكه بها من أجل النزول .. لآقوم بدسها داخل جيوب بنطالي
تلتفت في المكان بعينان مندهشة لروعة المنظر و الروائح الزكية التي تخرج ، كان منظراً ساحراً مع نسمات من الهواء تهب بين حين و أخر لتطاير خصلات شعرها السوداء قالت بأعجاب وهي تستنشق الهواء من جديد كـ طفلة صغيرة لآول مرة تشعر بطعم الحياة
بيلين: المكان روعة .. يجنن يجنن
تربعت انا على الارض على ذلك العشب الاخضر بينما ذهب الحصان للبركة ليرتوي من المياة اشرت لها لتجلس بجواري امام تلك البركة وقلت
جاد: منظر الغروب منا كلش حلو
أتت لتجلس بجواري بصمت دون ان تتكلم قالت بتساؤل
بيلين: ليش خطفتني و جبتني لهنا ؟
تنهدت لآقول بهدوء
جاد: هالشي لمصلحتج حتى تبقين عايشه جان لازم اخطفج واجيبج هنا لان هالمكان محد يدري بي
كان ذلك جواباً كبيراً عليها كمية من الغموض في تلك الكلمات لم يستطيع عقلها أستيعاب جميع ما قلته لتقول بدهشة واضحة
بيلين: تحميني ! شلون تحميني و اني بمهمة رسمية حتى تروح للسجن تره مااكدر استوعب هالشي ممكن تفهمني ..!
قلت بهدوء و صبر
جاد: يا مشاكسة كل شي بوكته .
قالت بتردد وهي تضم ذراعيها لصدرها
بيلين: اريد اتصل بأهلي .. اريد اسمع صوت ماما مسمعته من يومين حباب
صمتت قليلاً لآقوم بأخراج هاتفي ناولتها إياها لآقول بينما ابتعد
جاد: احجي وياها براحتج بس لتكولين لآحد بمكانج
أشارت لي بالجلوس
بيلين: خليك كاعد يمي اخاف
علقت ساخراً
جاد: شلون شرطية وانتي هيج تخافين ؟
رمقتني بنظره غضب لتضغط على الارقام ثم تتصل
أستمع لحديثها مع والدتها بينما أقبض كف يدي .. ذلك الاهتمام لم يكن نصيبي ولو ليوم ، لا احد يسأل عني حين أغيب سواها وها هي قد أبتعدت بعيداً لآجزم بأنني أصبحت وحيداً بشكل كُلي .. حين أنتهت من المكالمه مسحت دموعها بباطن يدها كالاطفال لتتسلل دمعه طفيفة و متطفلة أخرى كان منظرها طفولي لتبدأ بمسح دموعها بكم قميصها من بعدها تنهدت لآقول بهدوء
جاد: كافي لتبجين
قالت من بين شهقاتها
بيلين: اطلب منك طلب واني ناسية انت منو ؟
نظرت لها لآقول مستغرباً: تفضلي !!
رفعت عينيها لتقول ببكاء وهي شبه منهارة بصوتٍ مرتجف
بيلين: احضني .. محتاجه لشخص يحضني أحس بضعف
قد شعرت بالشفقة عليها تخيلت لو كانت لين بمكانها لم اتردد حينها باحتوائها ولو كانت تلك الفتاة التي احبها أيضاَ لن أتردد .. وضعت يداي لآقوم بأحتوائها ليصبح رأسها على صدري تتمسك بيديها الصغيرة بقميصي .. لآقوم بالمسح على رأسها بحنان قد هزت شعور في داخلي لا أعلم لماذا بكائها لفقدان أهلها وكأنها قد تلقت خبر وفاة احدهما قد أثر بي .. لآنني أضعف في مثل هذه المواقف كثيراً ...
