في الصباح الباكر من يوم مشرق تتخلله نسمات الشتاء الباردة و هي تودع مدينة سويت التي تنتظر قدوم الربيع بدفئه و زهرهتقدم هاري بخطوات واثقة إلى المشفى، يمشي بشرود ... يحمل بين ضلوعه قلبا مهموما أرهقته متاعب و مسؤوليات هذه الحياة
هو لم يتمنى الكثير في حياته ... فقط عائلة سعيدة ، يعود من عمله ليجدهم ملتفين حول بعضهم يضحكون و يتمازحون بسعادة، ليشعر بالأمان و الحنان بين أسرته ... بعيدا عن الأحزان و الصدمات ، بعيدا عن الفراق و الإشتياق ... فقط الهناء ...
هذا فقط ما تمنى ....لكن الأماني لا تتحقق ...
جلس بمكتبه بعد أن وضع حقيبته في مكانها، و إتجه إلى خزانته الصغيرة الموضوعة في زاوية الغرفة ، ليخرج مئزره و يقوم بإرتدائه
بينما هو يقلب ملفات المرضى المسؤول عنهم يدرس حالتهم، منتظرا موعده مع أول مريض سيقابله في هذا النهار ... أخذ تفكيره بالإنحراف من عمله إلى الشيء الوحيد الذي يأرق نومه، يشغل عقله
و يعتصر قلبه بألم كلما تذكر مأساة أمه التي أرهقتها حياة الفقر و الذل ...
راح يفكر في سبل إنهاء هذا الإنتقام ! كيف، أين و متى ؟
بالتأكيد هو لن يفكر في قتله، هو لن يقبل أن يلوث يديه بدماءه و لن يقبل أيضا أن يريحه بهذه السهولة .. بل يجب عليه أن يذيقه من نفس الكأس بجرعة مضاعفة، يجب أن يرى الندم بين عينيه .. أن يرى ملامح الضعف ، الذل و الألم تكتسي وجهه
لن يسمح أبدا أن يضيع حقه و حق أمه، أبوه و أخته ... لذلك قرر أن عليه التأني و التفكير بعمق ليضع خطة محكمة يفرغ عن طريقها كل حقده و يسترجع بها حقهأعاده للواقع طرق خفيف على الباب ، ليظهر بعد إذنه لهم بالدخول رأس الممرضة اللطيفة "أنجلينا" و هي تبتسم إبتسامتها المعتادة قائلة :" المريض الأول ينتظر إذنك بالدخول سيد ستايلز ."
"أدخليه من فضلك آنستي " أجابها بينما يقوم بترتيب ملفاته بعد أن عدل جلسته في إنتظار مريضه ...*********************
||10:49 ||يمشي في أروقة المشفى متجها إلى غرفة الإشعاعات ليقوم بوضع ملف أحد مرضاه هناك، في الحقيقة هذا عمل ممرضته أنجلينا لكنه قد قام مسبقا بتوكيلها لفعل شيء أخر ..
في طريقه إلى وجهته كان عليه المرّور على قسم التحاليل الدموية و التبرع بالدم و ما إلى ذلك .."شكرا لك" سمع صوتا أنثويا رقيقا مألوف له جدا لكنه لم يستطع التعرف عليه و لم يكلف نفسه حتى عناء رفع رأسه عن الملف ليعرف صاحبته .. لابد و أنه شخص خالي من الفضول
"لا شكر على واجب سيدتي هذا عملي، أتمنى لك الشفاء " كان هذا ردّ الممرضة بالتأكيد ، لكن ...ما لفت إنتباه هاري هو ذلك الصوت الرجولي -المنحوت بعمق في ذاكرته و من المستحيل له نسيانه- و هو يخاطب تلك المريضة صاحبة الصوت الرقيق قائلا :" داني حبيبتي هيا بنا "
هنا فقط رفع هارولد رأسه إنصياعا لكل جوارحه التي عصفت و هي تسمع صوت روبيرت المقرف
لكن ما رآه جعله يندهش ... عقد حاجبيه و توقف عن سيره، حملق في روبيرت وهو يحاوط بيده كتف تلك الداني، الفتاة التي لم تغادر عقله يوما ..
الفتاة التي رسم عقله صورتها ملاكا، يراها الآن بين يدي عدوه اللذوذ تبتسم له بوّد و حنان !بينما ما لا يعرفه أن تلك المسكينة عانت كثيرا مما جعلها خاضعة لكل الأوامر منها : تمثيلية الأب الحنون و إبنته المطيعة ...
إلتفت مباشرة إلى تلك الممرضة بعد أن إختفى الإثنان عن ناظره ليشبع فضوله بسؤالها
طرق الباب المفتوح من باب الأدب ليُعْلِم الممرضة أنه هنا، عندها إلتفتت إليه مبتسمة " كيف أساعدك سيدي ؟"
رفع نظره إليها و هو ينظف حلقه " في الحقيقة أنا أردت مقابلة العمدة فأخبروني أنه هنا "
تقدمت إليه توّد حفظ ملامحه الروجولية الفاتنة جيدا و هي تجيب " للأسف سيدي، لقد رحل مع إبنته قبل لحظات "
بمجرد أن قالت 'إبنته' تدفقت الظنون و الإستنتاجات إلى عقله المرهق بغزارة
"إن أردت لقاءه فيمكنك القدوم غدا في نفس الوقت لكن مبكرا قليلا " ختمت كلامها بإبتسامة في محاولة أن تجعله يكسر القليل من ملامحه الجامدة، لكن محاولاتها فاشلة ... جدا .
"هل يأتي إلى هنا دوما ؟" سأل أول سؤال أتى من أجله إليها ... أومئت الممرضة بنعم
" لا أحاول أن أكون فضوليا، لكن أليس من الغريب أن يأتي العمدة بإستمرار إلى المشفى إن لم يكن مريضا ؟" حاول أن يبدوا طبيعيا و أن لا يظهر فضوله المنفجر فجأة
" آه لا تقول لي أنك لم تسمع عن مرضه هو و إبنته !" قالت بدهشة بينما هاري أومئ بحيرة
"إنه مصاب بفقر الدم المنجلي و قد ورثت إبنته منه هذا المرض،و منذ أن بدأت العمل هنا و أنا أقوم بنقل الدم لهم يوميا في هذا الوقت .. المساكين " كانت تشرح له بينما فكر هو أليس من الغباء أن تخبره بكل شيء و هذه أول مرة تراه
"حقا، إنهم مساكين ... أشكرك على إخباري بموعده، أمل أن أوافيه غدا " أعطاها إبتسامة باردة و إستدار مغادرا دون سماع ردها، بينما عاد عقله للرحيل مجددارحل حيث روبيرت و إبنته ...
سجل مرضه كنقطة مهمة يمكن عن طريقها الإنتقام منه، للإحتياط ...
لكنه فجأة توقف عن التفكير بروبيرت و هو يتذكر إبنته التي كانت تبدو مطيعة و سعيدة بوالدها .. تلك الظنون التي تفجرت برأسه سابقا عادت للتكاثر بشكل مضاعف هذه المرة ..
تذكر يوم رآها للمرة الأولى كيف قامت بفتح النافذة لتلتقي عيناهما، و للمرة الثانية عندما حضرت جنازة أمه .. حين مسحت دمعته و واسته بعطف ...مسبقا .. كان يظنها صدفة ... ظن أنها ملاك بعتها الله لتخفف من ألمه و ترأف بحاله
لكن الآن ... قد كثرت الظنون ...
فكيف له أن يلتقي بإبنة روبيرت في لقاء كذلك فجأة، ثم يقول عنه صدفة !
أو ليس ذاك الشبل من ذاك الأسد !!
إذن .. فهي من الممكن أن تكون مثله
فبما أنهما متوافقان هي و والدها، خاصة و أنها تبدو مطيعة له بشدة فهذا يعني شيئا واحدا فقط ..كما قضى روبيرت على آني و جيمس .. فهو الأن يريد القضاء على الثمرة الوحيدة الباقية منهما ...
و هكذا خرج هاري بتحليل منه، أن داني أرادت التقرب منه بنوايا خبيثة بتحريض من والدها ..
و ما عمل الشيطان هنا ؟
-أن يكون الوسواس الخناس .. فرسخ في عقل الشاب تفكيرا أسوداً جعله يحقد على تلك الجميلة التي لا ذنب لهاحينها آلمه قلبه لمجرد التفكير في كم كان غبيا عندما رغب بإرادته أن تسكن قلبه .. حمد الربّ مجددا لإنقاذه من بين يديهما و جعله يدرك ما يدور من حوله.
و هنا .. في هذه اللحظة .. إنحصر فكره على كلمة واحدة ...
... "الإنتقام" ...
أراد من الزمن أن يعيد نفسه .. فقرر أن يجعله بنفسه يتكرر ...
لتكون الضحية مرة أخرى ..."فتاة"
أنت تقرأ
ملاك إنتقامي |H.S|
Fanfictionعندما تقسو الحياة .. و يتألم القلب .. ينحصر الفكر على كلمة "الإنتقام" .... و قد تكون الضحية أقرب الناس إليه ... هي ..... ( تِلْكَ الَتِي كَانَ يُلَقِبُهٓا قَبْلَ أَنْ يَهِيمَ فِي حُبِهَا ) *"* مَلاَكَ إِنْتِقَامِي *"*