اوه سهيون!

471 37 14
                                    

كيم كاي،" تمتمت بصوتٍ جاف وهادئ لتُغلِق الكتاب وترفع نظرها للأعلى بينما عينيها تبكيان، على الحالةِ ذاتها.
"أجل؟ هل ناديتني للتوّ؟"

مرحّباً أيها الوحش.
نبضاتٍ قلبيه تسارعت داخل صدرها لتستدير ببطءٍ وخوف لتتفاجئ بعدم وجود أحدٌ بالغرفةِ سوى تلك السِتارة التي باتت تتطاير في الهواء بِفعل الرياح ، هُناك من فتح النافذه لكنها لا تُدرِك ما يحدُث حولها.
جففت دموعها لتتذوق طَعم الهواء البارد بينَ ثغرها حينما شهقت بهدوءٍ لتزفر هواءً ساخِناً أشعل سحابةٍ دُخانيه لهبت هذا البَرد المُحيط بها.
وضعت الكِتاب فوقَ ذلك الرفّ القريب لتعود إلى النافذةِ لإحكام غلقها وإبعاد تلك السِتارة التي حجبت الرؤيه عمّا يحدث بالخارج.
شَرِدت بتلك الأضواء الكريستاليه المُتراصه كعمودٍ طويل في الطريق، عينيها تُراقِب تلك المباني المُهترِئه من حولها.
ركّزت بنظرها فوقَ تلك البِنايةِ الحاِلكه خاصةً على هذا الظِل الرفيع.
هُناك من يقف فوقَ البِنايةِ مُحدقاً بنافذتها ، إلى عينيها تحديداً وهي بالأصل لا ترى سوى الظلام الذي على وشك إبتلاع الجُزء الآخر من المدينه ، مُنتصف الليل قد حان ، تلك الأصوات حتماً ستعود لتُيقظ النفوس.
وحوشاً مُتناثره حول المدينه في أماكنٍ بعيده عن الأنظار ، خوفاً من أن يتم رؤيتهم مِن قِبل المُستكشفون في القريةِ.
وهُناك فقط فرداً واحِداً، مصاص دِماءٍ مُحترف يجول في الأنحاء دون أن يتم التعرف عليه بتاتاً.
لعقت شفتيها وهي تُحدِق في ذلك الظِل الغريب لتستدير بعد ثوانٍ وتلتقط مِعطفها من فوقَ ذلك الكُرسي الذي كُسيت حشوتهِ بجلد النمر الأسوّد.
تأكدت من عدم وجود أي شخصٍ في الجِوار لتتخطى بوابة المَنزل دون أن يدري أحدٌ من الحُراس.
بالطبع والدها أو ذاك الشخص الذي تبنّاها لن يسمح لها بالخروج في ساعةٍ كَتِلك.
كونها فتاةً ومِن قبيلةٍ مُخضرمه عاصرت كُل أحداث القريةِ فلن يتم السماح لها بالخروج والتعرُّض للخطر ، خاصةً وأن هُناك من يتخفى في الأرجاء ليسلب أرواح الناس.
لفَحها الهواء البارِد ليُقشعر بدنها جاعلاً إياها تُحكِم مِعطفها حول جسدها النحيل، ألقت نظرةٍ إلى تلك البِنايه التي كانت تُحدق بها مُنذُ قليل لتجد أن هذا الظِل قد أختفى.
نظرت حولها بحيرةٍ ، لا تعلم لِمَ قد خرجت ولكن هُناك وسواسً داخليّ يُحرك حواسها.
أكملت السير في تلك القريةِ التي بدت وكأنها مسحورةٌ وقد خَلت منها البَشر.
الطُرقات خاويه وتلك الأنوار قد بَدأت بالإنطفاء واحدةً تِلو الأخرى.
إن حان مُنتصف الليل في قريةِ بِجون إذاً قد حان الوقت لإتخاذ الحذر وهذا لِسلامة القائمين في القريه.
صوتُ ذئبٍ يعوي صدأ في المَكان لترتجف قدامها وهي تَسير ، لا تعلم إن كانت خائِفه أم مُتحمسه لخوض مُغامرةٍ لا تعلم عنها أيُّ شيّء.
جُرعات الأدرينالين تسير بأورِدتها حالما وجدت نفسها في ذلك المكان المُغطّى بالأشجار من كلِ جانبٍ.
هيئة الأشجار الضَخمه قد جعلتها تجفل وتتنفس بصعوبةٍ ، على الأرجح يُوجد خلفها العديد من الكائِنات التي لا تَعلم عنها شيء !
سَحقت تلك الوُريقات الصغيره أسفل قدمها بينما تسير وتُحدِق بكل شيّءٍ حولها، هُناك أشجارٌ عِملاقه تَحجب رؤيتها عن القَمر ، وهُناك بِضع ظِلالٍ في الأنحاء.
لا تَعلم ما هذا المَكان وكيف هي فكرتها عن ما ستُقابِلهُ.
الزَمن قد توّقف حيِنما سَطع كائنٌ وحشيّ أمامها ، إبتلعت ريقها بخوفٍ لتقابل أعينها مع أعين ذلك الذئب.
صرير أسنانِه أرسل موجاتٍ مُرعِبه داخِلها، إضطرب نَفَسُها حينما زمجر الذِئب أمامها.
عادت عدة خطواتٍ إلى الخلف بِظهرها لتصطدم بجِدر شجرةٍ ضَخمه بالكاد توازنت وتوقفت بِمكانِها.
إرتعش ذقنها خوفاً ولمعان عينيها قد إزداد لم تَعلم أنها قد تُقابل شيئاً كهذا بحياتِها.
لقد كانت تقرأ بعض الأساطِير عن الذِئاب وسِر ظهورهم بعد مُنتصفِ الليل لكنها لم تُجرب الخوض في مرحلةٍ كهذه التي تحدُث لها.
مصيرها على المَحكّ وهي فقط تَجهل كيف تتحكم بأعصابها وكيف تَهرب من هذا الوَحش.
ألم يكفي ما قد رأته منذ ساعاتٍ ؟ أيضاً تُقابل وَحشاً أخر ومن فصيلةٍ أخرى باليوم ذاتِه.
يوجد ما يُحدث حولها لكنها جاهله عن أمرهِ فقط لا غَير.
"ما الذي تفعلهُ فتاةً جميله مثلكِ في مَنطِقتنا ؟"
مهلاً لحظه –تصادم عقلي– ما الذي حدث للتو ؟
عينيها كادت أن تخرُج من مكانِها حالما تفوَه هذا الذئب بتلك الكلمات التي كانت مُخيفه بقدرٍ يجعلك توّد الموت بمكانُك.
ذئبٌ مُتكلِّم ؟ هل يوجد ما يُعرف بذلك في الحياة العادّيه أم أنها تُهلوِس ؟
أغلقت عيناها مرتان على أمل أن تكون في حُلمٍ ، أو رُبما كابوسٍ ، لكن مُحاولتها باتت بالفَشل.
لم تُنكِر تلك الصرخات الداخليه لكن ما أثار الرّيبه ظهور شخصٌ آخر بِجانِبها.
شخصٌ بالكاد تعرّفت عليه منذ وقتٍ قليل ، ما الذي يفعلهُ هُنا بحق الجحيم !
عيناهُ مُلتهبه بلونٍ أحمر قانيّ بينما يُحدِق بذلك الذئب ساخِراً."وو يي فان ؟ لقد مرّ وقتٌ منذ أن إلتقينا."
فلينجدها شخصٌ رجاءً.
هي بينَ شخصان أو كائنان لا تعرف عنهما شيء وفوقَ كل ذلك يمتلكان القُدره على الحَديث !
يي فان ؟ هل هذا إسمُ ذئبٍ.
وضعت يدها فوقَ فمِها عندما إرتعش ذقنها من جديد لتبكي بصمتٍ ، خائفه من أن تُصدر أي رد فعلٍ قد يؤذيها.
توقف ذاك الشاب أمامُها والذي بالأصل ليس طبيعياً ، إنه خارقٌ للطبيعه.
كلَ شيّءٍ حولها خارقٌ للطبيعه ، ذئبٌ مُتكلم ، وشابٌ بأعينٍ قانية اللون.
طيور الظلام قد حلّقت في السَماء فوق ثلاثتهم.
شعرت وكأنها أُصيبت بشللٍ في جسدها ، يجعلها عاجزه عن النُطقِ أو التحدُّث.
هذا جزاء مَن يتسلل من منزلهِ في مُنتصف الليل ليتبع هلوسات شخصٍ آخر مُدمِناً بها.
يبدو أن اللقاء سيصبح حاراً في ليلة السقيع تِلكَ !
هذا الذِئب وذاك الشاب يحومانِ ببطءٍ حول دائرةٍ صغيره لم تلحظها سوى الآن.
"كاي ، ألازلت فخوراً كونُكَ مَنفياً من مَنطقتكَ؟" إستهزاءٌ قد أُصدِر لتوهِ من هذا الذِئب لتتخذ سومين خُطوةٌ أخرى إلى الجانب لتبتعد ولو قليلاً ، لكنها تجمّدت حالما إستدار برأسهِ لينظُر إليها.
كادت أن تُقسم بأنها رأت صفّ أسنانِه الأماميه تَلمع ، وأنيابهِ بدت وكأنها سيفٌ حاد جاهزٌ لتمزيق أي شيءٍ أمامهِ.
قضمت شفتيها عِندما تراكمت الدُموع أكثر بعينيها ، ما هذا البلاء الذي وُضِعَت فيه.
صوت شخيرٍ ساخر قد تردد في الأنحاء عِندما تحدث الشاب الذي يُدعى كاي ، هو ذاته لاميا ، هو ذاته الشاب الذي قد قبّل عُنقها بشغفٍ ، وهو قاتِل من كانت تُحبه.
"حسناً ، حسناً..يبدوَ أنك تُحاول إستنفاذ غضبي الآن." إبتسم بأسفٍ وأضاف."يؤسفني قول أنني لم أعد أشعر بالغضب حيال أي شيء، لذا فلتوَّفِر مجهوداتكَ إلى وقتٍ أفضل مِن هذا !"
نظرةٌ مليئه بالتحدي برزت في أعين هذا الذِئب، رُبما عليّ قول المُستذئب، بما أنه يمتلك أسماً وقُدره على الحديث، فبكلِ تأكيد هو هذا المُستذئب الذي تتحدث عنهُ الأساطير.
لقد بات الأمر مُنتشراً في الأونةِ الأخيره.
"هل أنتَ مُتأكِد ؟"
لمَح كاي تلك الفتاةِ بطرفِ عينيهِ ليجدها تبكي بصمتٍ بينما شفتيها على وشك الإختفاء بين أسنانِها من شدةِ التوَتر والخوف.
عَلِمَ ما يجول بِذهن يي فان لتتسع عيناه بخفةٍ.
بحركةٍ سريعه كان قد إستخدم قوتهُ ليُبعِد يي فان الذي هَجم على سومين جاعلاً إياه مُرتطماً بالشجرةِ.
برز فكِّه حالما أصرّ بأسنانهِ ، عيناه توهَجت ليتحدث بصوتٍ أجشّ."لا تُفَكِر حتى !"
قبل أن ينقضّ هذا المُستذئب عليها من جديد كان لوهان قد إحتضنها ليختفي في لمح البَصر، ويرتطم يي فان من جديد ولكن تلك المرةِ بالشجرةِ التي كانت سومين مُستندةً عليها.
الأمر بات وكأن الحرب قد إندلعت لتوِها !
"لنرى مَن الرِابح، كاي."
=
فُتِحَ الباب ليُصدر صريراً عَتيقاً ويُنثر ذرات عُفارٍ مُتراكمه حولهُ.
تقدم كاي حامِلاً سومين بين يداه التي قد أُغشى عليها من هولِ المَنظر ، حمداً لله أنها لم تُصاب بذبحةٍ قَلبيّه إثر ما رأتهُ من مُشاحناتٍ.
الباب قد أُغِلق من جديد بمفردهِ ، هذا المَنزِل المسحور الذي يقطن فيهِ لاميا كوريا الجنوبيه ، يمكننا الإستغناء عن اللقب لنستبدله بإسمهُ فقط ، كيم كاي
لقد خرجت بعد أن تلفّظت بإسمهُ وإنتهى بها المَطاف في فِراشهِ مَغموسةٌ في عالمٍ آخر يملؤهُ حكاياتٌ أُخرى يُخرجها عقلها الباطنيّ.
على الأرجح ستستيقظ في الصَباح ، قد تستغرق دَهراً لتستفيق من تلك الصدمةِ من الأساس.
سحب الغِطاء فوقها ليُغلِّف جسدها بهِ، لقد كان يحلم باليوم الذي يُراقبها فيهِ عن قربٍ ، لكنّ الأمر قد تحقق لتصبح الآن داخل مملكتهُ.
إن موسِمُ الشَبع لدى مصاصي الدمِاء ، في تلك الفتره التي تكون بِداية عامٍ جديد ، يَمتنع مصاصي الدِماء عن إحتساء الدِماء ، أو قتلِ أيُّ شخصٍ.
هذا غير هامَاً الآن.
جَلسَ إلى جانِبها لترتفع يدهُ إلى خُصلات شعرها ليُداعِبها برفقٍ، لابُد وأنها ترتجف مِن الخوف إلى الآن ، لكنها ستعتاد معَ الوقت ، في النهايه على كل شخصٍ تحمُّل نتيجة أخطاءهِ.
شَرِد بتلك التفاصيِل الصغيره بدايةً من خًصلاتِها الناعِمه ، إلى عينيها المُبلله بالدموع ليسحب يدهُ الأخرى ويُجفف تلك الدموع ببطءٍ.
مَلمس بشرتها أشبه بملمسِ الأطفال الصِغار ، أو حديثي الوِلاده.
ناعمةٌ ورقيقه تجعلك ترغب في مُداعبتها طَوال الوقتِ ، وتلك الأنف الصغيره وصولاً إلى شفتيها التي تُشبه حبّة الكَرزِ الناضِجه.
تنهد بعمقٍ وأقترب ليطبع قُبلةً فوقَ جبهتها لتُخفف من تقطبات حاجبيها وقد نجح بالفِعل في تهدِأتُها.
"طابت ليلتكِ، أيتها الجَميله !"
=
صوت تحطيمٍ للكؤوس والأثاث وصرخاتٌ تصدعت في أرجاء هذا المَنزِل الضَخم.
قطّب كاي حاجبيه بغرابةٍ وإنزعاج ليفتح عيناه بعد ثوانٍ، ما الذي يحدُث.
إنه صوتها !
تذكر أمر وجود سومين لينهض على الفورِ ويذهب ليرى ما الذي يحدُث معها ، فتح باب الغرفةِ ليتفاجأ بزجاجةٍ تطير تجاهه ليغلق الباب سريعاً لتُلقي مصيرها مُنكسره إلى أشلاء بعدما قابَلت الباب الصَلب.
ضحك بخفةٍ ونفى برأسهِ ، قبل أن يختفي بثوانٍ ليُصبِح داخل الغرفةٍ.
خلف سومين تحديداً.
"هل يمكنكِ التوَقُف عن الصُراخ!" تحدث ببرودٍ لتستدير سومين بصدمةٍ.
ثانيه ، إثنان.
أغلق عيناه بإنزعاجٍ حالما صرخت في وجههِ بهلعٍ.
حسناً ، هذا رد فعلٍ طبيعيّ قد يحدُث لشخصٍ في حالتِها.
هي لا تتوقف عن الصُراخ في وجهه ، حنجرة صوتها ستبوح بكل تأكيد إن لم تتوقف عن ذلك.
"توقفي!"
تستمر بالصُراخ.
"توقفي رجاءً !"
لا يوُجد فائده من ذلك ، رُبما عليه التعامل معها بنفسهِ !
أمسك بكلتا ذراعيها ليدفعها إلى الحائِط ويتحدث ببرود."ألم أقل لكِ توقفي؟"
توقفت سومين عن الصراخ بصدمةٍ لقُربهُما المُفاجئ، لقد إختفت تلك الفتاة الهادِئه وأُستبدلت بأخرى على وشك الجنون.
حملقت بعيناه وإرتجف جَسدها ، ولسببٍ ما عيناه تكتسب لوناً طبيعياً ، اللون البُنيّ الذي يُضاهي قهوةً لذيذه في صباحٍ جَميل.
إستطاع سماع نبضات قلبها لذا إبتسم بداخلهُ وتركها ببطءٍ لتستعيد وعيها بعد لحظاتٍ من الصدمه.
بدأ يُعيد كل شيءٍ إلى مكانٍ وقد ألقى نظرةً على بعضِ الأشياء المُنكسره لتستعيد هيئتها من جديد وكأنهُ ساحرٌ يُلقي الخدع على المُشاهدين.
رمشت عدة مراتٍ وحاولت التمالُك ، أغلقت عينيها لتكتسب سلاماً داخليّ بينما تسائلت."ما هذا بحقّ الله !"
ألقى نظرةٍ إليها قبل أن يتجاهل سؤالها ويُرتِّب الفِراش."هل أنتِ جائِعه؟"
نظرت إليهِ بعدم تصديقٍ وتهجّمت بالقولِ."أين أنا ! ما الذي فعلتهُ بي؟"
إبتسم إبتسامةً جانبيه حالما إنتهى وإستقام بظهرهِ ليلتفت برأسهِ إليها."هل أنتِ فضوليه حول ما فعلتهُ بكِ؟"
أومأت بترددٍ وهي تقبض على يديها بخوفٍ ، ما الذي يكون قد حدث على كلِ حال ؟
لا يُمكِنُها التنبؤ.
"إذاً فلتتبعينني!"
أمرها وهو يخرج من الغرفةِ لتنظر إليه بغرابةٍ ، البارِحه وحشاً واليوم إنساناً عادّياً ؟ هل يُعقل هذا ؟
تتبعتهُ بحذرٍ بينما عينيها تُراقِب كل شيّءٍ حولها.
هذا المنزل جميلاً للغايه ، يوجد العديد من الأنتيكات في كل مكان ، كما أن مساحتهُ شاسِعه ليكون ملكٌ لفردٍ واحد !
نظيفٌ ومُنظّم أيضاً ، هذا مثيرٌ للإهتمام.
وجدتهُ يتجه نحو اليَمين ليصبح في جِناحاً آخر أكثر جمالاً من التي كانت بهِ.
توقف بعد لحظاتٍ عندما فتح ذلك الباب الوَرديّ لتضّح الرؤيه لهُ.
غرفةٌ تُناسِب الفتيات ، غُلِّفت جُدرانها باللون الورديّ والأبيض.
وكأنها غرفة أميره !
شعر بجسدٍ يصطدم بهِ من الخلف وقد إستطاع التنبؤ بأن سومين تسير بذهولٍ من هذا الجمال القابع في كل رُقعةٍ من المكان.
إبتسم بخفةٍ وإستدار ليراها تفرك جبينها بتألمٍ."لم تريّ شيئاً بَعد !"
نظرت إليه بعدما توقفت عن فرك جبينها قبل أن تسرق تلك الألوان إنتباهُها ، سارت بعدم وعيٍّ منها إلى داخل تلك الغُرفةِ التي تتراوح مساحتها ما بينَ خمسون إلى تِسعون مِتراً تَقريباً.
إنها شاسعهٌ بِحق.
"أغلقِ فمكِ!"
إلتفت لتنظر إليه ووجدته يضحك وهو واضعاً يداه داخل جيبا بِنطالهِ ، لا تزال لم تعلم سبب قدومها إلى تلك الغرفةِ.
تعلم جيّداً ما قد حدث بالأمس ،لكنها تجهل ما حدث بعد أن أُغشى عليها في تلك الغابةِ بعدما حاول ذاك المُستذئب الهجوم عليها.
"حسناً، هذا لا يهُم الآن. ما الذي أفعلهُ هُنا ؟" تسائلت بهدوءٍ بعدما بدأت بإستعادة شخصيتها الهادِئه والرزينه.
"إنها غُرفتكِ الجديده،"
أومأت بتفهمٍ ، سُرعان ما إتسعت عيناها بخفه وهتفت."ماذا ؟ غ-غرفتي الجديده؟ هل تمزح الآن !"
تنهد كاي بمللٍ ليتقدم ببرودٍ من تلك الخِزانةٍ الكبيره ، إنها أكبر من تلك التي بِغُرفتها الأصليّه بمراحل.
فتحها لتظهر منها العديد من الفساتين العديد والتنانير والقُمصانِ ، وما إلى ذلك.
كُل ما قد تحتاجهُ أي فتاةٍ ستجدهُ هُنا ، بِتلك الخِزانةِ التي تمتلك العديد من الأدراج التي تختزن بها مُستحضرات التجميل والأدوات الصحيّه ، وبعض المُستلزمات.
كادت أن تبتلع لِسانها من جَمال ما رأتهُ ، كيف لشابٍ أن يمتلك تلك الأشياء.
كيف لهُ أن يمتلك ذوقاً رفيعاً كهذا ؟
"سأنتظركِ بالأسفل، لابُد وأنكِ تتضورين جوعاً !"
لم تُدرك أن بالفعل قد تخطاها وأختفى من أمامِها ، بينما هي واقفه تتصارع من جَمال ما تراهُ أمامها.
هي الآن برفقة مصاص دِماءٍ غريب أطوار.
إبتلعت ريقها ببطءٍ حالما تركّزت فكره إلى عقلها وهي أنه يجذبها إليه ويحاول أن يكون لطيفاً لتكون وجبتهُ في النهايه.
لم تكن ساذجه من قبل مثلَ تلك المرةِ التي صدّقت بها هذا الفتى الذي هجرها يومَ إعترافها لهُ.
شيءٌ بداخلها يدفعها لعدم تصديق هذا المُلقّب بلاميا وبالوقتِ ذاتهُ ، ما الذي سيستفيدهُ مِنها إن كان هذا غرضهُ؟
يوجد بالفعل العديد من الأشخاص ويمكنهُ فقط إنتقاء واحدٌ ليتغذى على دِماءه.
لكن ، لا يُمكنها أن تنسى ما قد فعلهُ معها البارحه ، لقد أنقذها من هذا المُستذئِب الذي كان على وشك إنهاء مسيرة حياتها.
هي مُمتنه وبالوقتِ ذاته ، في حيرةٍ من أمرها، ما الذي سيدفعه ليُبقيها معهُ؟
بالتفكير كفتاةٍ ، يجب عليها أن تخاف من بقائها في منزلٍ كهذا بِمفردها مع شاب يتحوّل في ليلةٍ وضُحاها إلى مصاص دِماءٍ قاتِل.
عليها أن تدع القدر يلعب دورهِ.
إستدارت لتنزل إلى الأسفل في حذرٍ وخوف من أن تفعل شيئاً خاطِئاً وبالوقتِ ذاته تتفحص المنزل بنظرها.
الطابِق السُفلي يتضمن في غرفة جلوسٍ واسعه ، ومكتبةٌ على الجانِب الأيسر والتي لم تُفكر في إستكشافها على الإطلاق ، من يدري كيف ستكون ردة فعل هذا الشاب إن تعرّضت لممتلكاتهِ؟
لمَحتهُ مِن على بُعدٍ جالِساً بملل فوقَ مائدة الطَعام.
حدقت بهِ لثوانٍ قبل أن تتقدم لتقف أمام المائده مما لفت نظرهُ إليها.
تواصل الأعين كان قائماً بينهما بصمتٍ ، هو ينظر إليها بفراغٍ وهي تنظر إليه بشكٍّ وحذر.
"ماذا ؟ هل وجهي جميل إلى هذه الدرجه؟" قطع الصمت بصوتهِ الساخِر مما دفعها لتقليب عينيها بملل.
أشار إلى الطعام بلامبالاه."هيا ، سيبرُد الطعام!"
نظرت إليهِ من جديد قبل أن تعقد ذراعيها معاً بغطرسةٍ."وما الذي يجعلني مُتأكده من أنكَ لم تضع به شيء!"
"شيءٌ مثل ماذا؟"
"هذا الذي يضعونهُ في الدرامات ، ربما يُسمى مُنوِّم؟"
أنفجر كاي ضاحِكاً بعد ثوانٍ من الذهول لمَ تقولهُ، بدَت ساذجه بطفوليه.
نظرت إليه بعدم تصديقٍ بينما بات يُلوِّح بيديه في الهواء مُستمراً في الضَحِك.
أمسك بمعدتهِ التي ألمتهُ من الضحكِ ونظر إليها بصعوبه بعدما أكتسب وجهه بعض الحُمره."يا إلهي، هل أنتِ سليمةٌ ذهنياً؟ تبدين مُضحكه."
جلست بضجرٍ فوقِ المِقعد المُجاور لهُ ، هي جائعه حدّ الموت لذا ستأكل أولاً ثم سترى ما الذي يُمكنها فعلهُ مع هذا النرجسيّ.
"حسناً، هذا ليسَ مُضحكاً ، ما الذي يجعلني أثق بك؟"
تنهد كاي ليُهدئ من ضِحكاتهِ ويمسح تلك الدموع الوهميه."رُبما لأنني مُنقذكِ!" أشار بسبابته إليها."تذكري،إن كنتُ أريد أذيتكِ لكنتُ تركتكِ في البارحه لينهش الذئب لحمكِ!"
قشعر بدنها بخوفٍ لمُجرد تخيّلها للمنظر مما أجبره على الإبتسام بإنتصارٍ.
ألقت نظرةٍ على الطعام لتتفحصه وقد وجدتهُ طعاماً عاديّاً ، ليس كما توقعت أن يكون.
يوجد شرائحٌ لحمٍ مُقدد مع مشروب حليبٍ ساخِن وبيضٌ مع بعض الخُبز المُحمص.
أصدرت مَعِدَتُها صوتاً مُزعجاً وما كان سوى صوت الجوعِ المُحرِج ، الطعام يبدوَ شهيّاً بالفعل.
"لا تقلقي سأُقدِم لكِ حساء العظِام البشري على الغداء ، لا تدعي هذا الطَعام يُفقدكِ شهيتكِ!"
وضعت يدها فوقَ فَمِها وكأنها على وشك التقيؤ ليضحك هو بأسفٍ ويُنفى بيديه."حسناً أمزح ، لكن هذا ما يجول في عقلكِ المَحدود بالفِعل."
نظرت إليه بحنقٍ بعدما حاولت محو تلك المشاهد من عقلها ، بالفعل هذا ما فكرت بهِ ، لم تتوقع أن يكون مصاص دماءٍ وماهرٌ بالطبخ أيضاً.
أمسكت بالعيدان بترددٍ لتبدأ في تذوق شريحة لحمٍ وُضِع فوقها بعض الجُبن ليُكسبهُ مذاقاً خاصاً ولذيذا.
لاحظ إتساع عينيها بخفّه ليستنتج أنها قد أحبّت الطعام ، أسند ساعديهِ فوقَ المائدةٍ التي تسع أكثر من عشِرون فرداً مُحدقاً بها وبتلك الحركات الخفيفه التي تُصدرها وهي تتلذذ من الطعام، يبدو بأنها لم تتناول الطعام منذ مُدّه.
إبتلعت الطعام الذي كان في فمُها ببطءٍ عندما أستنتجت أنه يُراقِب أفعالها، رمقتهُ لتتنحنح بتوترٍ جذب إنتباهه إلى الواقِع.
تسائلت بغرابةٍ لتُخفي ذلك الإحراج الذي تربّع بداخلها."لمَ لا تأكل؟"
أجاب ببساطةٍ."لستُ جائعاً."
هو لا يأكل هذا الطعام على الإطلاق ، وبما أنه في موسمِ الشَبع إذاً نسبة تعطّشِه للدِماء مُنعدمه.
لقد كانت الليله الماضيه هي آخر ليلةٍ يمتص بها دِماء أحدَهُم.
وهذا لِحُسنِ حظها !
أومأت بتفهمٍ لتبتسم بإمتنانٍ وتنهض."حسناً، شُكراً لكَ على الطعام ، عليّ الذهاب الآن!"
"إلى أين؟" نهض بالمِثل وهو يرمقها بإستنكارٍ.
أشارت إلى الخارج بلامبالاه."عليّ العودةِ إلى المَنزل،" أبتسمت برقيٍ ودِراميه لتُضيف."شُكراً على إنقاذكَ لي البارحه ، أنا مُمتنةٌ لكَ. وداعاً !"
إستدارت لترحل لكنهُ توقف أمامها بغضون ثوانٍ لتفزع من جديد.
هذا كثيرٌ جداً ، أن ترى شخصاً يمتلك قدرات خارقه للطبيعه ، يُمكنهُ التنقل حيثما شاء ، إستعادة الأشياء والتخاطر الذهني أيضاً ، بجانب كونهِ مصاص دِماءٍ ، فهذا بالفعل مغامرةً خطيره.
"بهذه البساطه؟" ضحك بغرورٍ وأضاف."نسيتُ أن أقول لكِ شيئاً وهو أنكِ لستِ بقريتكِ حتى ، أنتِ في مملكتي!"
"اللعنه عليك كاي"
إستدار كلاهُما إلى مصدرِ الصوت ليجدان شاباً طويلاً بجسدِ عارض أزياءٍ وفكٌّ حاد ينظر إلى كاي بفراغٍ.
شعرهُ الذهبيّ مُصفف بِعنايه ، بينما عظمة الترقوّه الخاصه بهِ بارِزه لتُعطيه مظهراً مُثيراً وجذّاباً.
عيناهُ البُنيّه تبدوُ ثاقِبه بلمعةٍ غريبه ، هو فقط يبدو كتمثالٍ لا تشوبهُ شائِبه !
"أوه سيهون !"

دِماءٌ تسير بالوريد لا تُعني بأنها مُفيده.Where stories live. Discover now