مؤلم

289 31 6
                                    

الحيآة: بمفهوم البَشر هيَ دُنيا بلوّريه نُطمر بداخِلها ، نَعيش حُلوها ، نُمارِس جنونها ، نَتقارب بها ، نَفتعل أياً كان يَحلو لنا.
بِمفهوم مصاصي الدِماء هيَ حيآه حينما يَحصلون على الحُب الأبديّ.
=
تَجمدت الدِماء بِعروقها حينما لاحظت أعينهِ تتفتح ببطءٍ وبدأ بتفَحُص الغُرفه بعينيهِ دون الإقدام على تحريك إنشاً صغيراً مِن جسدهِ.
وَقعت عيناهُ على سومين التي غَلّفت فمها بيدها حينما بدأت تَبكي بخوفٍ وجسدها بات يَرتجف بشدةٍ.
هذا كان أصعب مِن تقابلهما للمرةِ الأولى ، على الأقل لم تَكن تعرف ماهيته ، لكن الآن الأمر مُختلفاً تماماً.
قطّب حاجبيهِ بإنزعاجٍ حينما لمَح نظرة الخوف والهَلع في عينيها ،جسدها مُلتصقاً في الجِدار من خَلفها في حال أن ساقيها ستخونها في أي لحظةٍ مِن الآن.
نَبض الألم بِجسدهِ ليَضعف نَظرهِ مع ذلك تَحدث."أنتِ، أقتربي!"
قد تَبدأ المُغامره مُنذ تلك اللحظةِ؟
إتسعت عيناها أكثَر مِن العادةِ، إنهُ يتحدث إليها الآن، يُخبرها بالإقتراب ، هل ستُضحي بحياتها وتقترب أم تُلملم خوفها وتفرّ هارِبه مِن هذا الوَحش الضَعيف.
ضَعيف ! قد تكون هذه النُقطه الوحيده التي قد تُساعدها على المَضيّ قدماً كاي أخبرها بأنهُ لن يؤذيها لذا لمَ لا تَثق بهِ؟
"أنا أثق بكَ."
هذه الجُمله ترددت كَثيراً على مسامِعها ، لقد باتت تثق بهِ وهو بكلِ تأكيد لن يَتركها إن كان هُناك خطراً عليها.
نظرتهِ الفولاذيه الثاقِبه قابلت نظراتها الخاطِفه ليُعيد تكرار جُملتهِ عِندما لم تُصدر أي رد فعلٍ يُذكر.
إرتجف جسدها لوهلةٍ مِن نظرةِ قبل أن تقضم شفتيها مَعاً لعلها تَكتسب بعضاً مِن القوةِ.
–حسناً، سومين لا داعي للخوف الآن، هوَ يحتاج إلى مُساعدتِك، رُبما إن ساعدتيه سيضع هذا بِعين الإعتبار ويَصنع عَهداً خاص بعدمِ الإقتراب مِنكِ أو إقتراف سوءٍ بِحقكِ.– أومأت لنفسها عدة مراتٍ ثمّ بدأت في الإقتراب شيئاً فشيئاً مِنهُ.
يتحتم عليها طوعهِ في تلك اللحظه ، لا تعلم ما الذي قد يفعلهُ إن إفتعلت شيئاً خاطِئاً أو أثارت جنونهِ.
أي مَريضٍ أو جريح ترتفع لَديه نسبة الشعور بالعصبيه والتوتر حولَ أي شيءٍ.
توقفت أمام السَرير بترددٍ ليَشرع يي هان بالحديثِ قائِلاً بحده وضعف."بالداخل، ستَجدين إسعافات أولّيه ، أحضريها وأحضري وعاءً بهِ ماءٌ فاتِر، هيا !" أنهى جُملتهُ بجديةٍ لتوميء سومين سريعاً وتُهرول نَحو دورة المياه التي قَبعت في الغُرفه مِن الجهةِ اليُمنى.
خُطوه جيَده هو لم يسألها عن شأنها ولم يُقدم على فعل أي شيءٍ خَطير، هذا ما تُريدهُ تَحديداً.
نظرت بعشوائيه إلى تلك الأرفف لتُحضر ما يَلزم وأمسكت بوعاءٍ فضيّ عَميق لتسكب بهِ بعضاً مِن المياه الفاتِره ، أمسكت بِمنشفةٍ صَغيره وعادت أدراجها لتَضع الوعاء أولاً برفقٍ أعلى تلك الطاولةِ الصغيره التي لا تَعلم متى وكيفَ جائت إلى جانِب السرير !
تَذكرت أمر الإسعافات الأوليه وأنها قد تَركتها بالداخل لذا سَحبت قدميها مُجدداً لتأتي بِها.
التوتر كان يُحيط بهالةٍ قوّيه نحو جسدها ، لقد لاحظ يي هان هذا الأمر فتنهد بِعُمقٍ.
بادر بعد أن توقفت سومين أمام السَرير وهي مُخفضةِ الرأس."ماذا؟ هل سَتقفين هكذا؟"
رَفعت نَظرها نحوهُ وأخلت حَلقها برهبةٍ، ما الذي يتوقع مِنها فِعلهُ؟
"ع-عُذراً؟" نَبست بعدمِ فهمٍ ليُغلق يي هان عيناهُ بإحباطٍ ثم فتحها مُجدداً ليَسخر."بالطبع لم أطلب مِنكِ جَلب تِلك الأشياء لتُحدقين بها، ساعديني على إيقاف النَزيف، أيتها البَشريّه!"
تسمرت بِمكانها حالما نَطق بِتلك الكَلمه التي لم تتوقع منهُ سماعِها ، كيفَ عَلمَ بالأمر ؟
هذا سَخيف إنهُ مصاص دِماءٍ هَجين يَستطيع مَعرفة كُل ما يُحيط حولهِ مِن بَشرٍ أو كائناتٍ أُخرى.
مِقدار إستنشاقهِ لرائحةِ الدَم عاليه ويَستطيع التَفرقه جيّداً بينَ تِلك الدِماء النَقيه التي تَسري بالأورده وغَيرها التي تَسترسل الطاعون بِداخِلها –بقصد الشَر–
كُل ما يَحوم بِجُمجمتها الآن هو :"أنا سأساعدهُ ليكتسب قُوهّ فعّاله ثم بَعد ذلك سيمتص دِمائي كما كان سَيفعل مُسبقاً."
"أنتِ!" هتف بنفاذ صبرٍ عِندما شَرِدت بذهنها مِن جديد ليرتجف بَدنها مِن نبرتهِ العاليه.
التظاهر بالقوّةِ الآن سيفي بالغَرض.
نَظرت نحوَ صدرهِ العاري ليزداد التَردد بداخلها ، بحق الله ، تلك هيَ المرةِ الأولى التي تُوضع فيها بموقفٍ كهذا !
جَلست إلى جانبهِ بعد صراعاتٍ داخِليه دامت لثوانٍ كَثيره وبَدأت في تَطهير جَرحهِ.
شعرت بالغثيان والدُوار لرؤية هذا الجَرح المَشين لكنها في حالةِ إضطرار الآن !
غَمست تِلك المِنشفةِ البيضاء لتتداخل الماء الفاتِره بينَ خيوطها القُطنيه، أعادت نظرها نَحوَ جرحهِ وضغطت على أسنانِها بشده، لا تعتقد بأنها ستتمكن مِن التَحمل، ماذا عنهُ؟ هذا الجَرح بجسدهِ هو وليس جَسدها.
إلتقطت نفساً عَميقاً قبل أن تُمرر المِنشفه حولَ الجَرح لتتقبع الدِماء عليها وكأنها كانت وَسيلة إنقاذٍ لتلك القطرات القانيّه للهروبِ مِن جسده.
تقطّب وجه يي هان بألمٍ وحاول الصمود ، إنهُ قويّ على كُل حال ، لكن عضّة ذِئبٍ لن تجعلهُ كذلك.
إستطاعت سومين رؤية قبضة يدهِ تشتد مع مرورِ الوَقت ، إن الوضع صعب ومؤلِم.
بعد أن أبعدت تِلك الدِماء إتسعت عينيها بخفّه مِن هولِ أثار تِلك الأسنان الحاده التي غُرِزت بِخصره، كيف تَحمل عضّةٍ كهذه ؟ إختلست نَظره إليه لتجدهُ يُصارع بتحملِ الألم الذي أصاب خِصره، تنفسهِ مُضطرباً كُليّاً وكأنه بالفعل يَحتضر.

"ل-لا بأس،" تمتمت بترددٍ لتُكسِبهُ بعض القوّه لتحملِ تطهير الجَرح ، خاصةً بعد أن أمسكت بذلك المحلول لتتقطر ثناياه فوقَ الجرح ، وكأنها تَحرقهُ ببطءٍ.
مع الوقت سيخفّ تأثيرهُ نِسبياً ، أمسكت بِقطعة شاشٍ كَبيره لكنها تحتاج إلى لفّها بأكملها حول خِصره ، أخلت ما بِحلقها بتردد حتى بادرت."يُمكنك النهوض لثوانٍ."
فتح يي هان عيناهُ لينظر إليها بذاك القُرب، تجعدات حاجبيه قد إختفت كُلياً حين تمّعن في تِلك الملامِح الهادِئه التي تُزيّن وجهها، مع ذلك هُناك شيءٌ ما بِداخله يُخبره بأنهُ قد رآى تلك الفتاةِ مُسبقاً، لكن لا يعلم مَتى.
أومأ بتفهمٍ ليُحاوِل النهوض لكن اللعنه هذا كان صعباً أكثر مِن تطهير الجرح بذاتِه!
تنهدت سومين بإضطرابٍ قبل أن تَميل بدرجة ثلاثون بالمائه نحوهِ بينما ترددت شفتيها."تشبث بي."
حتى وإن كان الخوف والورع يُسيطرانِ عليها لَكن جانِبها الآدميّ والذي يمتلك روح المُساعده لايزال يُحفذها.
نظر إلى قُربها نحوهِ وللحظةِ توقفت صرخاتِه الداخليه مِن شدةِ الجَرح ، شعر وكأنهُ قد سقط تحت تأثير سِحرٍ قويّ وعَميق ليُحدق بها بذات القُرب، تِلك الجينات البَشريه التي تَسري داخل أوردته تَعمل على تَجميل الوَضع بينهما.
نفى برأسهِ بخفه ، ما الذي يُفكر بهِ الآن ؟
وضع يديهِ بترددٍ حولَ عُنقها وبالمُقابل إزداد مَيلُها وكأنها تحتضنه ، لكن ما فعلتهُ هو أنها أحاطت خِصرهِ بحذرٍ لترفع جَسده برفقٍ وهو مُتشثباً بها كي لا يَفقد توازنه.
ما لم تَعلمهُ هيَ هو أنهُ قد إكتسب بعضاً مِن قوةِ سِحرها الداخليّ، إستطاع بجداره رؤية صفاء قلبها وتلك الهاله الطَيبه التي تُحيط بِها مِن الخارج ، أستند برأسهِ أعلى كَتفها وهيَ بَدت وكأنها تُتقن مُعالجة الآخرين.
وَضعت إحدى أطراف الشاش فوقَ جرحهِ بعدما تأكدت مِن أنهُ عالِقاً بها وببطءٍ بدأت بتغليف خِصرهُ بهذا الشاش الأبيض الذي نَسجت مِن بينهِ بعض نَزيف الدِماء، أعادت الكَرّه عدة مراتٍ حتى تأكدت مِن أنهُ أصبح سَميكاً ليمتص أي دِماءٍ قد تستمر بالنزيف.
تحركت بجسدها قليلاً ليتحرك مَعها وحصلت على اللاصق الطِبي وبذلك قد أنَهت تضميد الجَرح.

لاحظت ثباتِه وتَبلده وكأنه خالٍ مِن أي ردود فعلٍ قد تُجبرهُ على الحديث في تلك اللحظةِ.هُما الآن أشبه بوضعية عِناقٍ ويي هان يبدو أنهُ لا يُريد الإبتعاد.
توترت مشاعِرها لتُمسك بيديه اللتان تُحيطان بعُنقها لتبعدهُ برفقٍ عنها ليتمدد مِن جديد وكأنه مُستسلم تماماً لأي شيءٍ قد تفعلهُ لهُ.
حاولت النهوض لكنهُ أعاق حركتها حالما أمسك بيدها ليجعلها تَنظر لهُ، تَجمدت لثوانٍ لتعي ما يفعلهُ ونظرت إليه بتساؤل وغرابه خاصةً بعد أن رمقت يدهِ التي إحتضنت كفّ يدها للتو.
تمتم وهو يَتمعّن النظر إلى عينيها العَسليه."هل إلتقينا مِن قبل؟"

دِماءٌ تسير بالوريد لا تُعني بأنها مُفيده.Where stories live. Discover now