-شيزوفرينيا حادّه-

285 22 9
                                    


"أجل، إنهُ إبني."
هيَ أختارت أن تُلقي بِقلبها بَعيداً جِداً
تبادُل نظراتٍ مُبهمَه ومعالم تَعتليها الصَدمه والذهول، البَعض مُتحيّراً حولَ ما يَحدُث أمامها والبَعض الآخر مُنشغلاً بالتبادُل النَظري المُتواصِل.
كيورا لَم تَكن في حالةٍ قَد تَسمح لها بالإنخضاع إلى قَلبها ، بينَ القَلب والعَقل يُوجد وَترٌ واحِد هوَ مَن يَتحكّم بِكَ ويُسيّرك إلى الإختيار الصائِب، لكن ما بينَ هذا وذاك يُطمس شَقيقها ومصاصِ الدِماء الشاحِب القابِع أمامها بِمعالمهِ الحِسّيه الباهِته.
بداية الأمر قالت بأنها لم تَكُن تَنجرف مع أوه سيهون بالحديث في الجامِعه ، كانت هُناك بضع الأوقات التي كانا يتحدثانِ بها ويكون هوَ الشخص الذي يتخذ الخُطوةِ الأولى، لم تُفكر قَط بإتخاذ خُطوه جدّيه بالتَحدُث إليهِ.
رُبما كان مُجرّد إعجاباً كما كانت تَعتقد ، لكنهُ لم يَعُد هكذا عِندما كَشّر عن أنيابهِ وأظهر عيناهُ الحَمراء، لم تَكُن خائِفه مِنهُ في ذاك الوَقت، كُل ما إستطاعت إستنتاجهُ هوَ أنها شَعرت بِإحدى الخناجِر الذي يَسّنها الصَدأ يُحفر في عَقلها.
خوفَاً ، ولكِن خوفاً مِن أن تَكون حَقيقتهُ سبباً في الإبتعادِ عَنهُ.
لم تَكن خائفةٌ مِن حقيقتهِ بِقدر ما كانت خائِفه مما سَيحدُث مُستقبلاً وتِلك التَكهُنات التي أفرزها عَقلها.
فَقط في تِلك اللحظةِ أدرَكت أنها ليست مُعجبه بِ أوه سِيهون وإنما هيَ واقعةٌ تَحت تأثير حُبهِ.
الشَغف حولَ مُتابعة تفاصيل شخصٌ ما قَد تَجعلك في حالةِ مِن التِيه مُتناسياً عَفنُ الحياة الآخر، ماذا إن تَحولّت تِلك التفاصيل الفَنيّه إلى ملامِح دآمِيه وحاده تَسترسل الخَوفَ إلى أحشائِك؟
معَ ذَلِك، لَم يَكن مصاصُ الدِماء بِتلك البشاعه حَتى وإن كانت أعينهُم حورٌ قُرمزيه وشفاههُم مُعبّأه بِدماءٍ لَذيذه وأنياباً مُنحوته كإحدى التُحفات ، إنهمُ مُميزون ، يَمتلكون ما هيَ أعلى دَرجه مِن الجاذِبيه، قَد تَدفعُكَ الرَغبة لتُصبِح مِثلهُم يوماً.
لا يوجد شَخصٌ بِكامل قواهُ العَقليه لَم يتمنى يَوماً بأن يُصبِح مصاص دِماءٍ فَقط ليَحصُل على تِلك السِمات العَجيبه.
تَدرجات صَوتٍ مُتقَطِع دوى في طبقاتِ الهواء البارِده ، التي كانت تأخذ جَوله حولَ أجساد كُل كائِن مُختِلف بيَنهُم، وتِلك الشخصيات الميثولوجيّه هيَ مَن أعنيها بالحَرف.
أعُين قُرمُزيه ضَربتها التِيه والصَدمه تُناظِر ذات العَسليتان التي كانت تتَخذ أمرُ أبنها المُزيّف كَحُجه لِعدم تَدهور صِلةِ الدَم المَتينه لِشَقيقها الصَغير.
سيهون في حالَةٍ أشبَه بالتَجَمُد رُبما ؟ ما بَعد الصَدمةِ على الأغلب تَكون فَترة إشباعٌ للعَقل للتَمييز بينَ الواقِع والعَقلُ الباطِن الذي يَعمل بِدورِ مُحقق جِنائي يَبحث بِعشوائيه عَن رد فِعلٍ عَكسيّ ليُمحي ما قَد حَدث لِتوهِ.
يُمثلهُ تماماً، عَقلهُ لا يُريد أن يَستوعِب فِكرة الواقِع لذا؛ هوَ الآن يَلجأ لِعقلهِ الباطِن كي يَصنَع لَنفسهُ مَشهدٌ آخر وَهميّ يُخفي ذاك الألم الذي تَصدّع بِداخِلهُ.
عندما تَمتلك قَلباً نَقيّاً خالياً مِن الشوائِب الفاسِده ثُمَّ تُقرر بَعد عناء أن تُسلِمهُ لأحدهم بِكُلِ إخلاصٍ وَحُب، ليأخذهُ مِنكَ ثُم يَحمِل آلةِ حادّه ليُمثِل بهِ أمام عيناك، في تِلك اللحظةِ تَشعرُ وكأنكَ نَكِره!
كيورا تَعمَل جاهِده للثباتِ على حالتها الصامِده والبارِده ، غيرُ مُهتمه لتهشُماتِ قَلبها الضائِع الباكِي.
قَطعت التواصل البَصري لإنزلاقِ نَظرها للأسفل مُحدِثه رَعشه مؤلمه إلى قَلبهِ المُحَطم مِن جديد.
رُبما نَظره واحِده آسِفه مِنها قد تُريح قَلبهُ وتُنعِمهُ ، لَكِن هيَ لَديها وِجهة نَظرٍ أُخرى.
عُذراً أوه سيهون، هذا خطؤكَ مِن البِدايه.
"نَعم."
إهتّزت رأسهِ بإيجابٍ حالما إستعاد جُزءاً مِن وَعيهِ أخيراً وسَحب عقلهُ مِن خارِج دوامةِ الهَذيان والتِيه.
لَوزتيهِ الحَمراء أعادت ذبذباتِها مُرَدِده بِكلماتٍ هادِئه لَكنهُ فَقط لا يَعلم كَمّ الألم الذي تَلقتهُ المُراَده بِهذا العَذاب الداخِليّ."مَا الذي سَيُعجبُكِ في مَسخٍ مِثلي؟" شرايينُ عيناهُ الحَمراء نَذفت بِدمائِها الدافِئه وحَولّتها إلى عَبراتٍ ساخِنه ، تَوقف عَن التَكلُّم، في الواقِع ما الذي قَد يَقولهُ في موقفٍ كَهذا؟
أيُّ شَخصٍ يَفقد قُدرة الحَديث عِندما تبوحُ عيناهُ بِمآسيها، حالةِ الكِبر تنتابهُ إن بكى أمام أكثر شَخصٍ مِن المُفترض أن يكونَ هوَ صاحِب الفَضل بِتَجفيف تِلك الدموع التي هيَ بالأصل كلماتٌ تأبى الخروج مِن القَلب.
لَكنها هيَ السَبب في هذه الدموع مِن الأساس، تِلك الدموع التي لَم يراها أحدٌ بأعين سيهون مُطلَقاً.
الآن هوَ فَقط يُشبِه إحدى المخلوقات المُتَصِنمه التي قد تَجعلكَ راكِعاً أمامها مِن الألم لِدموعها الثَمينه.
قبضةِ يَدهُ قَد تَكورّت وعَضلةُ فَكِه الحاد قد قُبِضت، -مَن تبكي لأجلها لا تَهتم لَكَ، بل وأنها أيضاً تَحمِل طِفلها بيَن يديها، هل بِرأيك تَستحِق أن تَسحق قَلبُكَ لأجلِها ؟
الضَميرُ الشيطانيّ قد بدأ بإتخاذ الدَور بِرميّ كلماتِه الساخِره بِداخلهُ.
في أشَد المواقِف صعوبَه حينما تَبدأ رَوحكَ بالإستسلام ، يَصنع عَقلك شَخصيه وَهميه داعِمه.
تُصبِح دائِماً في مواجَهه بينَ طرفان وَهميان.
أنتَ وضميرُكَ الشيطانيّ، لا أُحِب إستخدام العَقل، لا يوجد ضَميرٌ عاقِل في تلك المواقف المَصيريه.
إنهُ خاطِئ تماماً ، فإنهُ يُحبُ الإنتقام ولا يَعمَل على تَخطي الأمر، مُطلَقاً.
إبتسامَة مَكرٍ لَمعت بِشفتيهِ المَخمليه ودموعهِ كما لو أنها سُحِبَت للداخِل مِن جَديد.
قَلبٌ مُحطَم يُصاحِبهُ ضَميرٌ شيطانيّ ، هل مِن السَهل أن تتعامل مَع صاحِب تِلك المزايا ؟
كلا ، إنهُ فَقط يُسَمى شيزوفِرينيا -فِصامُ العَقل-
نَظرَ إلى جانبهُ مُحَدِقاً بِنُسختهُ الوَهمِيه التي حَملت مَعالمُ الشَرّ، إنهُ شيطانٌ وَهميّ خَرج مِن نَسيج عَقلهِ الباطِن الذي فَقد القُدره على التَفكير بِشَكلٍ سَليم وواضِح.
حالةُ هذيان ، أومأت النُسخه الوَهميه بِشفاهِ شاحِبه وكأن الدِماء قد سُحِبت مِنها وأعين تَحوطها الكُحل الأسوّد الفاخِر ، ليسَ حقيقيّ لَكنهُ يراهُ كَذلِك تماماً.
"أوه سِيهون، يَجب أن تأخُذ قِسطاً مِن الراحه يا رَفيق." نبّهه نُسختهُ بِوقارٍ وثَبات والتَخطيط العَقليّ سيَبدأ يتَخِذ دورهُ أيضاً.
أومأ سيهون بإبتسامه ماكِره جانِبيه ليَنظُر إلى كيورا بأكَثر نَبرةٍ غامِضه وخافِته، نَبّس."عَزيزتي، أتمنى لو أن تَعتني بِطفلُكِ جَيّداً."
سارت كَلماتهُ بِبُطءٍ لتَسحب قَلبها خارِجاً بِقلقٍ واضِح، رَفعت نَظرها بِترددٍ لتَنظُر إليهِ لَكنهُ قَد إختفى.
الإرتباك سَلبها وَاقِعها لثوانٍ ، ما الذي يُعنيهِ بِتلك الكَلمات وما الذي كان يُعنيهِ بِقولهِ لِهذا ؟
أحكمت غَلق ذِراعيها حولَ جون بإرتجافٍ وكأنهُ قد أطلَق عليها تَعويذةٌ ما دَبتّ في قَلبها الخَوف والرُعب.
تبادل بيكهيون كاي النَظرات بِغرابةٍ مِن تَحولهِ المُفاجِيء، ما الذي جَعلهُ واثِقاً إلى تِلكَ الدَرجه؟
أما عَن يي هان فَقد كان يُتابِع ما يَحدُث بِثباتٍ ولامُبالاه ، في الحَقيقه هوَ لا يَهتم بِمَ يَحدُث حَولهُ ومَن هُم حولهَ ، لَكِن كُل هذا لا يَنطبِق على تِلك الفتاةِ التي إتضحت معالمِ الحُزن على وَجهها، ليسَ لها دَخلٌ بِمَ يَحدُث لَكن ما أخبرها سيهون بهِ عن كيورا كان كَثيراً وشَغف حُبهِ لها فاَض كُل المعاني ، وصَدمتهُ الآن لا تُقَدر بِثمن.
تَنهدت سومين بأسفٍ ورَفعت نَظرها تَدريجياً لتتقابل مَع عينا يي هان، لِسببٍ ما نَظرتهُ أربَكتها، لا يُحِدق بِها بِفضول بل أنهُ يُحدِق بِها بِتَمَعُن وتَركيز مُتابِعاً تفاصِيل أفعالها الخَفيفه التي تُصدِرها، رُبما مُنجذباً قَليلاً.
إرتَبكت مِن نظراتهِ فإبتسمت بِتَكَلُفٍ لَيلتقط كاي تِلك الإبتسامه التي جَعلتهُ يَنتبه لواقعهُ، تابع مسار نَظرها بِترددٍ ليَرمُق يي هان يَبتسم نَحوها بالمِثل.
مَشاعِر مُتحَجِره بِداخلهُ نَبضت بِتوترٍ وغموض ، هُناك ما آلمهُ ، رُبما إبتسامتها المُتبادله لِـ يي هان ؟ أم أنهُ يُضَخِم الأمر.
لَعق شَفتيهِ وسَحب عَقلهِ لِمكانٍ آخر بَعد أن إرتفع صَوتُ صَهيلٍ في الفراغ ليتفاجئ الجَميع ويَنتبهوا إلى شَيءٍ واحِد.
"ماكسِمس؟" تسائل كاي بِترددٍ وأدار بِوجهه إلى الجِهةِ الأُخرى ليَتفاجيء بصوتِ حوافِر قَويه تُدمدم الأرض وتَقترب ناحِيتهُ.
ماكسِمس يَركُض بِسُرعةٍ مهوله تِجاهه وجِناحيه البيضاوان يتطايران إلى جانبيهِ ، لَم يَكن على تِلك الحالةِ مِن قَبل.
قد يؤذي أيُّ شَخصٍ ، تَصلّب الجَميع في مكانَهُم وكيورا قَد إتسعت حَدقتيها بِذهولٍ مِن هذا المَخلوق السِحريّ الجَميل الذي سَطع أمامَهُم بِسُرعتهِ القُصوى، تَشعُر وكأنها قَد مَرّت عَن طريق الخَطأ بإحدى البوابات السِحريه لتستكشف خفايا وأسرارِ العالم الكَبير ، لا داعي للذكر أنها قد قَابلت تِلك الأفعى المُتكَلمّه لذا هذا شيءٌ عاديّ في هَذهِ المَنطقه الخَفيّه.
دَفع كاي سومين بَعيداً خَوفاً مِن أن يُصيبها ماكسِمس بِسُرعتهِ وكان يي هان سَعيد الحَظ في إلتقاطِ خِصرها ليُسانِدها.
إستَخدم كاي قوتهُ ليوقِف ماكسِمس حالما شارَف على الوصولِ إليهِ، لا يُحِب أن يَتحكم بهِ لكن إن بَقى على تلك الحالةِ سيتعرض الجَميع إلى الخَطر.
"ماكسِمس إهدأ." تَحدث كاي سَريعاً ليُهدِء مِن روَع ذلك المُهر الجَميل والخَلّاب ، تَنهد كاي بِراحةٍ عندما تَوقف مَاكسمِس عَن الحَركةِ العشوائيه بساقيهِ الأماميه ، تَقدم ناحيتهُ ليَمسح على شَعرهِ الحَرير المَتين في مُحاوَله لِتهدأتهُ، عِندما يَخاف ماكسمِس مِن شيء يُصبح على تِلك الحالةِ الهائِجه.
"لِمَ أنتَ هَكذا؟" تسائل كاي ويدهُ النَحيله لَم تتوقف عَن التَمسيد على جَسدِ ماكسمِس الحَليبي.
بالطَبع ماكسمِس لا يَتحدث ، مِن السخيف أن يَكون كُلِ ما بالمملكةِ سِحريّ وقادرٌ على التَحديث ، سواءً كان جماداً أو كائِن ميثولوجي، لَكن ما لَم يَتم ذِكرهُ مُسبَقاً أنَّ مَلِكَة السِحر وتِلك المُشَعوذه المَلِكه هيَ مَن قد ألقت عليهِ إحدى التَعويذات ليَفقِد حاسَة التَكلُّم ، دائِماً ما كان يَفضَح وجودهم لأنهُ قادِراً على رؤيةِ الكائِنات الغَير مَرئيه كالذِئاب.
وهذا بالطَبع يتخالف معَ أعمالُ الساحِرات الدَنيِئه.
ولأن لكاي هوَ مُروّضهُ فَهِم على الفَور مَقصدهُ فَنفى على الفَور قائِلاً."ماكسمِس، لن تجرؤن الساحِرات على تَخطي بوابةِ المَملكه. إهدأ أرجوك، أنا بِجانِبُكَ."
إرتسَمت بَسمه على شَفتيّ مُتجاهِله ما يَقولهُ كاي عَن الساحرات، كُل ما جَذب إنتباهها هوَ تعاملهُ اللَطيف مَعَ ماكسمِس وكيف أنهُ قد إستطاع تَهدِئتهُ بِحنانٍ ونَفسٍ مُطمَئِنه.
إلتفت في تِلك اللحظةِ عِندما شَعر بِها بالفِعل ليُحدِق بِشفاهها التي كانت على بُعدٍ مِنهُ لَكنهُ إستطاع رؤيتها بِجداره.
أذابت قَلبهُ بِتلك البَسمةِ الخافِته وأراحتهُ داخِلياً ليُلقي بإعتقاداتهِ الزائِفه عندما كانت تبتسم إلى يي هان.
"واه!" نَبرةُ فَتىً صَغير هَتفت بِتعجُبٍ وذهول وفمهُ إتخذ وَضع الدائِره، لَم يَكُن سِوى جون الذي إبتعد عن حُضن أمهِ كما يَعتَقد ليُحدِق بِالكائِن العَجيب الذي أمامهُ.
بِلَهفةٍ بَريئه سارَ تِجاه ماكسمِس بِفضولِ الأطفال الذي يَمتلكهُ لَكِن يد كيورا تداركتهُ سريعاً لتُقيّدهُ بِمكانهِ مُحذره."جون! ماذا أخبرتُكَ مُسبقاً؟"
لَمعةِ عيناهُ الفضوليه قَد إنطفأت بِحُزنٍ عندما قابل عينا كيورا المُحذِره والحادّه، دائماً ما تُلقي تعليماتها لتَطمئِن عليهِ ، وبِنظرها مُحرّم عليهِ أن يَلمِس أي شيء في هذا المكان العَجيب والعَتيق.
"لا بأس، إنهُ مُساِلم، لَن يؤذيه." تَحدث بيكهيون بِبساطةٍ ليوميء كاي بإتفاقٍ ويُعقِّب."إنهُ أليِف، لا تخافي."
نَظرت إليهُما بِترددٍ ، إنهما ودودان بِحديثهما ، على الرَغم أنها لا تَعلم عَنهُما شَيء لَكنها شَعرت بالإرتياح لِحَديثهما.
كما أن بَريق الشَجن بأعين صَغيرها جَعلها تتنهد بِقلةِ حيله ، تَكره نَفسها كُلما تَكون عاجِزه عن رَدعهِ مِن شَغفهُ الفضوليّ.
"حسناً،" تَركت يَدهُ بيأسٍ وإبتسمت في الثانيه التي تَليها."يُمكِنكَ رؤيتهُ عَن قُرب."
تِلك السعاده عِندما تُعطي طِفلاً حلوى كانت ذاتها عِندما سَمحت كيورا إلى جون بالإقتراب مِن ماكسمِس، لقد أحدَثت فَرحه عارِمه بِداخلهُ مما دَفعها للأبتسام بِتأمُلٍ.
هو الوَحيد على سَلبِ حُزنها بأفعالهِ البَريئه،"شُكراً، أُمي." تَحدث بِعشوائيةٍ ورَكض بأقدامهِ الصَغيره نَحوَ ماكسمِس الذي بدا مُستمتِعاً إلى حَدٍ ما بِمُقابلة أوجهٍ جَديده.
إنحنى كاي ليَلتقط خِصر جون بينَ كَفيهِ ورَفعهُ ليَجعلهُ قادِراً على النَظرِ إلى ماكسمِس بوضوحٍ.
"إمسَح على شَعرهِ." أمرهُ كاي بِلُطفٍ ليَفعل جون ما أمرهُ بِهِ، مَرر كَفهّ الصَغير فوقَ رأسِ ماكسمِس بإعجابٍ وعَدم تَصديق.
تَحدث جون سَريعاً بِحماسٍ."يُمكنني أن ألمِس جناحيهِ؟ يُمكنني صَحيح؟" أومأ كاي بإبتسامه واسِعه."أجل يُمكِنُكَ."
هذا حَقاً ما يَفتقرهُ مصاصو الدِماء وَ هوَ أنهُم قد ترعرعوا في بيئةٍ سِحريه عَجيبه تَمتلك كُل شرائِح الحياه الخياليه فيتعايشون على أنهُ شيءٌ عاديّ ، لا بأس بإمتلاك كائنات سِحريه ولا بأس أيضاً بالتَحدُث مع المخلوقات الأخرى.
هذا نَمط حياتهم على كُلِ حال، أمّا بالنسبةِ إلى إنسانٍ بَشريّ فهوَ يَشعُر بِتلك المُتعه الجامِحه لرؤية أشكال الحياة المُختلِفه لأوَل مَره.
تأمَلت كيورا شَقيقها وهوَ يصيح بِسعادةٍ كُلها تفاعل ماكسمِس مَعهُ وعلى ثَغرها إبتسامة حُزنٍ ، رُبما إن كان والدهُما حيّاً أو مُتواجِداً على قَيدِ الحياة لكان حالها أفضَل الآن.
قَطبّت حاجبيها بِغرابةٍ وإستفاقت مِن شرودها بِهمسةٍ يَصحبُها فحيحُ أفعى لَعينه."هل سأنتظر كَثيراً ؟"
نَظرت حَولها بِعشوائيةٍ لَكنها لَم تَجد أيُّ شيء قَد يَصدر مِنهُ مِثل هذا الصَوت العَميق، تَذكرت لِوهله أمر لقائها بِتلك الأفعى وما قَد تحدثا بشأنهِ ، وَ وعدها بالإلتقاء بَعد أن تَطمئن على شَقيقها.
لا يُمكِنها المُجازَفه بِحياة شَقيقها بِسبب خَوفها الغَبيّ.
"كّلا، ستفعلين." أجابت الأفعى بِثقه لتُضيف إلى جانِب أُذنيها بِهمسٍ وفحيحٍ غامِض."أو سأتي لمنزلكِ خصيصاً ، وبذاك الوَقت لن يكون لي مطلبٌ سِوى روحكِ أنت وَ شقيقكِ الصَغير. بِجانِب مُقاطعةِ تشانغ أليسَ كذلك، أيتها الشُجاعه؟"
تِلك الجُمله تَرددت دِاخل عُلبة رأسها وإرتطَمت برأسها ، تِلك الأفعى تَعلم مَنزلها جَيّداً بوصفٍ دَقيق، إذاً ببساطه لا يُمكنها أن تَهرب إليهِ ولا يُمكنِها أن تَترُك جون بِمفردهُ بالمَنزِل وتَذهب إليها، مَن يَعلم بِمَ قَد تَفعلهُ.
نَظرَت مُجدداً إلى الأمام لتَرمُق جون يَمرح بِرفقةِ شابّان -كاي وبيكهيون- يبدوَ سَعيداً للغايه وسيمفونية قهقهاتِهُم مَعاً أشعَرتها بالإطمِئنان ، لا تَعلم إن كانوا مصاصين دِماءٍ أو لا ، لَكِن حتى وإن كانوا فهُم مُسالمِين أمامها ، وإلا لَم تَكن لتتواجد بِرفقتهُم الآن ، كما أن تِلك الفتاه لا تُوحي بأنها مصاصة دِماءٍ، إنها عادّيه جِداً لِذا .. ؟
"عُذرَاً." تَردد صَوتها ليَجذب إنتباههم فإلتفوا نَحوها بِتساؤل وإنتظار ، و جون لايزال مُنجرفاً باللعبِ معَ ماكسمِس.
"هل تَصنعونَ لي مَعروفاً؟"
إبتعدا كُلاً مِن كاي وبيكهيون عَن جون وماكسمِس وإقتربا كما فَعلت سومين ويي هان فَقط كما هوَ بِمكانهِ يُراقِب دون أن يُبدي رَد فِعلٍ واحِد.
إبتسمت كيورا بإمتنانٍ وهيَ تَنظر إليهم."شُكراً لإعتنائكم بـ جون هي وحمايتهُ عندما كان ضالاً،" عَقدت يَديها خَلفَ ظَهرها وزَمّت شَفتيها لتُضيف."إن كان لا بأس بِذلك ، هل يُمكنني أن أأمن عليهِ بِرفقتكم إلى أن أعود ؟"
جَعّد بيكهيون حاجبيهِ بِغرابةٍ وإبهام."هل سَتذهبين إلى مَكانٍ ما ؟" نَظر حولهُ بِترددٍ."المملكه مُحاطه بأماكِن خَطيره، هل تَعلمين؟"
تَنهدت كيورا ونَفت بِرأسها مُبَرره."يَجب عليّ فِعل شيء، لا تقلقوا أنا سأعود لأخذهِ وسَنعود إلى ديارِنا ، لَن نَتطفل عَليكم، لَكن فَقط سأكون مُطمئِنه عليهِ بِرفقتكُم."
أومأوا بِتفهُم ليَقترح كاي بعد أن رَمق بيكهيون."يُمكنكِ أخذ بيكهيون مَعكِ كي لا تتعرضي مَكروه، هذه مَملكتي وأنا أعرفُ كُل إنشٍ بِها وما يعيشُ بِداخِلها، لذا فلتعتبري هَذا مَعروفٌ."
تَمعّنت كيورا بِكلماتهِ ، هوَ مُحِق هيَ لا تَعلم شَيئاً عَن هذه المَملكه ، مَهلاً لَحظه ، أليس مِن المُفترض أن تُعرِّف بِنفسها إليهم؟
إنها حتى لا تَعرِف مَن يكونوا كما أنهُ ليسَ مِن الجدير طَلبِ المَعروف بِهويةٍ مَجهوله.
قَبل أن تُجيب إبتسمت بِتكلفٍ وتمتمت."أعتذر عَن عَدم تَقديمي لِنفسي، فَقط إنشغلتُ بِ جون هي،" مَدّت يَدها لِتُصافِحُهم قائِله."أدعى كيو را ميون، سُررتُ بِلقاؤكم."
إبتسموا واحِداً تِلوَ الأخرى ليُعرفّوا بأنفُسِهم." بيون بيكهيون "
" كاي "
" يي هان "
" بيك سومين."
قَطبت سومين حاجبيها حالما تَلفّظ كاي بإسمهُ ، تَذكر أن إسمهُ هوَ كاي وليسَ كيم جونغ ان ، هذا غَريب لَكنها لن تتسائل في تِلك اللحظةِ.
وأخيراً أبعدت كيورا حاجِز الفضول عَنها لتُكمِل حَديثها."أنا أُقدِر حَقاً ما تقولهُ كاي -شي، مع ذلك أنا أعلم تماماً كيف سأتعامل مَع المخاطِر، فَقط سأكون مُمتنه إن إعتنيتم بِ جون هي."
بِترددٍ أومأوا لتقترب سومين مِنها بِحذرٍ قائِله."هل يُمكننا التَحدُث قَليلاً ؟"
أومأت كيورا بِحيره وتَتبعت سومين إلى الجِهةِ الأخُرى.
تَحيّر كاي عَن السبب الذي يَجعل سومين لديها ما تقولهُ إلى كيورا ، لم تُقابِلها مِن قَبل لِذا مِن الغريب أن تتحدث مَعها.
إستدار ليَنظُر إلى جون بِتفكيرٍ بِمَ قَد سَبق حدوثهُ مُنذُ قليل، سيهون بدا وكأنهُ يَعرفُها جَيّداً.
رُبما هيَ مَن كان يَتحدث عَنها دائِماً بِرفقتهُ، مُطلِقاً عنان خيالهُ كُلما ذَكرها؟ لم يكن يذكر أسمها لكنهُ دائماً ما كان يُلقِبها بِ فتاةِ العجائِب، لا يَعلم ما سِر هذا اللَقب لَكِن سيهون كان سعيداً كُلما ذَكر فتاةُ العجائِب تِلك وما فعلتهُ بِقلبهِ.
رُبما هوَ الآن في حالةِ صَدمه مِن معرفتهِ بِشأن طِفلها، هذا يُفسِّر تماماً شحوب وَجهه قبل أن تَحلّ كيورا عَليهم مِن الأساس.
رَبّت كاي فوقَ كتف بيكهيون وقال."سأذهب لأرى حالة سيهون، إعتني بِ جون هي."
أومأ بيكهيون بِتفهُمٍ وإقترب مِن جون هيَ ليَختفي كاي بِهالتهِ الساحِره.
جَلس يي هان على العُشب الآخر ليُناظِر الأُفق بِنجومهِ اللامِعه التي تَرصّعت في طَبقةِ السماء الحالكِه.
بِتفكيرٍ أغلق عيناهُ بهدوءٍ لِمَ شَعر بهِ عندما إبتسمت سومين نَحوهُ، إن كان توأمهُ يُحِبها، فما الذي قد يَحدُث إن إقترب مِنها؟
كاي غيورٌ لِدرجةٍ كَبيره ، ولَكِن يي هان يَتلذذ مِن إثارةِ غَضبهِ في الواقِع.
هوَ لا يَكرههُ لَكنهُ يَجد مُتعتهُ في إستنفاذ أعصاب كاي ، رُبما لأنهُ قَد طَردهُ مِن المملكةِ وَجعلهُ يُعانِي مِن تَحمُل عناء الإختلاط بينَ البَشر وبالوقتِ ذاته الحَذر مِن المُستكشفين.
مصاصو الدِماء لا يغفروا بِتلك السهوله.
=
صوتُ تَقليب الصَفحات كان واضِحاً في هذا القَبو العَتيق، أعيُن بِصفارٍ حاَد تَلمع في ضوءِ المِصباح الخافِت.
وَضع هذا الجَسد الطويل سبابتهُ على الصَفحةِ المُراده ليَتوقف هذا الصَوت الخافِت.
"ما يَحدُث عِند إختلاط دِماء مصاص دِماءٍ نَقيّ ، مَعَ مصاصُ دِماءٍ هَجين." بِمَكرٍ تَرنّم هذا الصَوت بِقراءة عُنوان إحدى المواضيع في كتابٍ قَديم بِجلدٍ قُرمزيّ صُنِع مِن جِلد أفعى مُتداخِلاً بِدم الغَزال ليُكسبهُ هذا اللون الفاخِر.
دُوِّن عليهِ مِن الخارِج كَلمةَ "Myth" وتُعني الأسطوره باللاتينيه.
حَمل الكِتاب بينَ يَديهِ وجَلس فوقَ مِقعدٌ صُنِع خِصيصاً مِن الخَشب الصاج مُزغرف مِن الأعلى بِعلاماتٍ أغريقيه قَديمه وعلى حافةِ أعلاه نُقِش وَجهُ التِنين الأسوّد، مصاصو الدِماء يَعتقدون أن التنين الأسوّد هوَ أوَل كائِن قَد إستَخدم السِحر على الممالكِ الخياليه ، لِذا هُم يَعتقدون أن ما هُم عليهِ الآن بِسببهِ هوَ، نَجد أن بَعض الرسومات المَنقوشه على جُدرانِ القصور بِها بَعض الرموز الأسطوريه عَن التنين الأسوّد.
لا يوجد قَصرٌ خالٍ مِن رَمزياتهِ على كُل شَيء.
"هَيرين رَحلت أم لاتزال بِالمَملكه؟" تسائل بينما يَتفحص الكَلمات اللاتينيه المُدوّنه بِحِرص ليُجيب خادِمهُ بِإحترامٍ."إنها في الطَريق إلى مملكة الشَمال، أيها الزَعيم."
"جيّد." هَزّ كيم تاي وو بإبتسامه جانِبيه ليَتنهد على آخِر ما وَقعت عيناهُ."إختفاء القوى الإثنى عَشر."
رَفع عيناهُ اللامِعه مُحدِقاً بالسرابِ بِإنتصارٍ، هوَ وَضع إبنتهُ كَ طُعمٍ ليَجذب أفعى البَحر.
=

دِماءٌ تسير بالوريد لا تُعني بأنها مُفيده.Where stories live. Discover now