وَضع كاي شرائِح اللحم المشويّ في صحنٍ كَبير مُذهّب وقد أعدّ حساء الكيمتشي الحار كما رَغِبت سومين ، وَضع الصحون فوقَ تِلك الطاولةِ التي توَسطت الحديقه الخارِجيه للقَصر.
إبتسم حالما وَجد عيناها تَتلألأ كالطفل الذي يَنتظر طعامهِ، هيئتها كانت لَطيفه تُجبرك على الإبتسام بتأمل.
جَلس أمامها وسَكب بَعضاً مِن النَبيذ العَتيق في كأسانِ لهُما، قرر مُشاركتها في تناول ما أعدّهُ خصيصاً لها.
"هيا تذوقي ما صَنعتهُ يداي الجَميله." بغرورٍ أردف لتضحك هيَ بِسُخريه مُصطنعه."مَغرورٌ نَرجسيّ."
ضَحك بِخفّه وهز كَتفيهِ بلامُبالاه."أياً يَكن هذه حَقيقه لا يُمكنكِ إنكارِها." رَفع نَظرهُ إلى الأعلى ليُحدِق بهذا الذي توّقف خَلف مِقعدها.
إلتفتت سومين برأسها في ترددٍ لتتفاجئ حين رأت يي هان يُحدق بِهُما بنظراتٍ فارِغه.
ألم يَقل لهُ ييشينغ بِمُلازمةِ فِراشهِ؟
"لِمَ نَهضت مِن فراشك؟" تسائل كاي بثباتٍ وبرود ليَتقدم يي هان واضِعاً يداه بحُضنِ جيوبه، إتخذ مِقعداً إلى جانِب سومين وتَفحّص الأطباق التي أمامهِ قائِلاً."رائحةُ اللحم أيقظتني، شَعرتُ بالجوع." حَدق بكاي ببرودٍ."هل سَتمنعني مِن تناول الطعام؟"
"أنتم تتناولون الطعام مِثلنا؟" تسائلت سومين بترددٍ وحَذر لتَقطع تواصل الأعين الذي كان قائِماً بينَ التوأمانِ ليُجيب كاي على الفور مُقاطِعاً ما كان يي هان على وشكِ قولهِ."في موسمِ الشَبع نتحوّل إلى نِصف بَشريين، يمكننا فِعل ما يَفعلوه؛ لذا أجل أحياناً نتناول الطعام مِثلكم."
أومأت سومين بِتفهُمٍ قبل أن تتفاجئ بشريحتانِ مِن اللحم تُوضع في صَحنها ولم يَكن سوى يي هان الذي تَحدث بهدوءٍ وغرور."هذه مُكافأه تطهيركِ لجَرحي."
نَظر لهُ كاي وقبضةِ يدهِ تكوّرت حينما بَدأ بالإشتعال، يَعلم ما يَجول داخِل عَقل توأمهِ ، وأياً كان سيُقبل على فعلهِ يجب أن يَمنعه.
أمسك عيدانهِ بيدهِ الأُخرى وإلتقط شَريحة لَحمٍ مِن صَحنِ سومين ليتناولَها سريعاً مما دفعها للتَحديق بهِ بِصدمه."إنها في ملكي !"
"أعلم." أجاب كاي ببرودٍ وقَلب عينيه ليُقلّص يي هان عينيهِ عليهِ ويَبتسم بِمَكرٍ.
إذاً شكوكهِ تأكدت ، كاي واقِعاً بِحُبِ تِلك الفتاةِ القابِعه إلى جانبهِ.
تَنهد يي هان بتمللٍ وبدأ في تناول طعامهِ ، تبادلت سومين النَظر إليهُما قبل أن تُصرف نَظرها إلى الطعامِ لتتناولهُ بِهدوءٍ كما فعلا التوأمان.
إلتقط لكاي كأس النبيذ الخاص بهِ ليَرتشف قليلاً مِنهُ، لم يُفكّر في تناول المَزيد ، هو ليس جائِعاً على كُلِ حال.
في الواقِع هوَ يَشعر بالشبعِ كُلما رأى سعادتها وهيَ تتناول الطعام بِمُتعةٍ لم يَجدها في أي شخصٍ بَشريّ مِن قَبل.
يُحب مُراقبةِ أفعالها وهيَ تنتقل بينَ الصَحن والآخر لتُجرّب الطعام بعدةِ طُرقٍ مُختلفه لعلها تَكتسب مذاقاً مُختلفاً ولذيذاً في كُلِّ مّره.
إبتسم إبتسامه جانبيه حِينما وجد خُصلة شعرها الأماميه تُعيقها عن تناول الحساء.
مدّ يدهُ ليُعيدها خَلف أذُنها لكن هُناك ما سبقهُ في فعلِ ذلك دون أن يَنظر إليها حتى.
أرجع يي هان خُصلةِ شعرها خَلف أذنها وهو يتناول الحساء الذي كان أمامهِ.
تَجمّدت ملامِح كاي لوهلةِ كما حَدث مع سومين التي توقفت عن تناول الطعام بِصدمه.
لم تتوقع رد فعلٍ كهذا مِنهُ.
نَظرت إليهِ بحذرٍ لتجده مُنشغلاً بتناول الطعام بلامُبالاه ، حَدقت بهِ لثوانٍ قبل أن تَبتسم بترددٍ وتَمتمت بإمتنانٍ."ش-شُكراً لكَ." ليُشير يي هان بالنفيّ وكأن هذا لم يَكن شيئاً يَستحقّ الشُكر.
قبضةِ كاي إشتدت لتَبرز عروق يدهِ وكذلك عُنقهُ بِشدّه ، إن كانت هذه حَرباً فعليهِ أن يخوضها بعقلانيةِ.
حوّل نظرهُ إلى الفراغ مُتجاهِلاً ما قد حدث للتو، إن ترك مشاعرهُ تتصرف لكانت تِلك الطاولةِ الآن مُحطّمه إلى أشلاء.
لا يُحب أن يَلمس أحدهم شيئاً يَخصّهُ، وسومين تَخّصه.
لا بأس رُبما يي هان يُحاول إستفزازهِ ليُعاقبه عن طردهِ من المملكةِ مُسبقاً.
أقسم بِداخله إن كان يي هان ليس مُصاباً لكان الآن خارِج أسوار المملكةِ كالملعونين.
إبتسم يي هان بِسُخريه حينما إستطاع قراءةِ أفكار توأمه ، هذا مُمتعاً قليلاً.
رَفعوا أنظارِهم عِندما ظَهر شابان وطِفلٍ صَغير مِن العَدم أمامهُم.
قَطّبت سومين حاجبيها بِغرابةٍ حينما شَعرت بوجهٍ مألوف ، سُرعان ما إتسعت عيناها بِشّده وهتفت بِصدمه."ب-بيكهيون؟" لتسرق أنظارهُم جميعاً، خاصةً كاي الذي بدا عليهِ التعّجُب مِما صَدر مِنها للتو، هل تَعرف بيكهيون؟
رائِع، فرداً جديد قد تَدّخل بالأمر، لكنهُ بالطبع ليس كما يَعتقد.
إستقيظ جون في تِلك اللحظةِ وكأنهُ كان مُنوّماً لوقتٍ مَحدود، إتسع فم بيكهيون بصدمةٍ وضَحك بعدمِ تَصديق قبل أن يُنزل جون ليَقِف إلى جانبهِ.
"بيك سومين! هذه أنتِ؟"
نَهضت سومين على الفور ولاتزال لم تستوعب الأمر كُلّياً كما حَدث معهُ.
"مهلاً أنتما تَعرفانِ بَعضكما؟" تسائل كاي بِحذرٍ ليتفاجيء بردٍ لم يتوقعهُ.
"كان إحدى زُملائي بالجامعه." أجابت سومين ولم تَقطع تواصل الأعين مع بيكهيون.
تَقدم بيكهيون ليَحتضن سومين بِخفه بعد أن ضَحكت بالمِثل." إفتقدتكِ."
بادلتهُ سومين هذا الحُضن ليَتسمر كاي بِمكانهِ، هوَ حتى لم يُفكر بإحتضانها إلا في تِلك الأوقات التي كان يَختفي بِها ، وبيكهيون إحتضنها بِتلك البساطه ، و ماذا ؟ هيَ أيضاً بادلتهُ الحُضن بِسعادةٍ.
حسناً، رُبما سيتعامل مَعها بشأن ذلك لاحِقاً، بالطبع لن يَغضب عليها أمامهُم ، كما أنه ليس هُناك عِلاقه واضِحه تجمعهما مَعاً ليتصرف كالعاشِق، لكنهُ لا يتحمل ببساطه.
إنهُ يَغار !
ضَحكت سومين بسعادةٍ قبل أن تبتعد عنهُ وتعابير الصَدمه لاتزال تَعتلي ملامحها."تباً، لم أتوقع بأنكَ مِثلهُم ، كيفَ إستطعت إخفاء الأمر؟"
فَرك بيكهيون عُنقهُ قبل أن يَبتسم بِتردد."هذهِ طريقة إختلاط مصاصو الدِماء معَ البَشر."
"لم أكن أُصِدق مُسبقاً تِلك المقالةِ التي تحدثت بِشأن مصاصي الدِماء ، كانت تَقول بأنك قد تُصادِف مصاص دِماءٍ بحياتك وتتحدث مَعهُم أيضاً، دون أن تَعلم حقيقتهم." ضَحكت ِبِصدمه وأضافت."لكنني أيقنتُ الآن أن الأمر حقيقياً."
"أجل إنهُ كذلك." تَحدث كاي بمللٍ ليُلفِت إنتباههما بالإبتعاد عن بعضهما البَعض.
إبتسم بيكهيون بتوترٍ وإبتعد عَنها حين إستطاع رؤية لمعانِ الغَضب يَبرق بعينيه.
إرتَشف يي هان كأس النَبيذ الخاص بِها ببرودٍ بينما يُحدِق بِهُما بهدوءٍ وملل.
تنحنحت سومين بعد أن أصبح الجوّ مُتضارِباً حولهم ، لَفت إنتباهها هذا الطِفل الذي كان يُحدِق بِهُم بِحذرٍ.
إبتسمت للطافةِ مظهرهِ وإقتربت مِنهُ لتتفحص ملامحهِ عن قُرب."مَن هذا الطِفل الجَميل."
إبتعد جون مِقدار خطوةٌ بِخوفٍ مِنها مما أجبر بيكهيون على الإبتسام ، ذَهب ليَقف خلفهُ وبَعثر خُصلات شَعرهِ بِلُطفٍ."إنهُ جون هي، وجدتهُ ضائِعاً في الغابةِ لذا أحضرتهُ إلى هُنا. رُبما ستدلنا البوابةِ السحريّه عن مَنزله."
إقترب كاي ليقف إلى جانبِ سومين وعيناهُ تتفحص نظرات الطِفل الخائفه، إبتسم بِخفّه وإنحنى بالقُربِ مِن جون ليُبعثر شعرهُ قائِلاً."هيي، ما رأيك بتناول بعضاً مِن الطَعام؟"
رَمقهُ جون بِترددٍ قبل أن يُجيب ببراءةِ الأطفال الخاصه به."أ-أمي أخبرتني بِعدم تناول أي شيءٍ مِن الغُرباء."
ضحك بيكهيون بِخفه ليُشاركهُ كاي وسومين الأمر، أمّا عن سيهون فَقد تمدد بهدوءٍ ليُحدِق في السماء بِشرودٍ ، يَرغب في أخذ بعض من الراحه لوقتٍ طَويل، لكنهُ ببساطه لا يَستطيع وكأن أحدهم يُطبِق على أنفاسهِ.
لا أحد يَلحظهُ سوى تِلك النجوم المُرصعه في سماء هذا الليل الحالِك، المَطر لم يَقترب مِن المملكةِ حتى ،وكأن تِلك التعاويذ المُحيطه بِها تَحجب أي سوءٍ عنها.
وَضع مِعصمه فوقَ عيناهُ بِهدوءٍ وتثاقل ، غير قادِراً على إستخدام قوّتهِ ليصعد إلى غرفتهِ ، لا يَمتلك تِلك القوّه التي قد سُلِبت مِنهُ عِندما إنكسر قلبه.
قرصت سومين وَجنتيّ جون بنعومه وسَحبتهُ لتُجلسهُ فوقَ إحدى المقاعد لتُساعدهُ على تناول الطعام.
"دعنا نوصلهُ بعد أن ينتهي مِن طعامهِ." قال كاي بعدما ربّت على كتفيّ بيكهيون الذي أومأ ببساطةٍ وذَهب ليجلس إلى جانب جون من الجهةِ الأخرى.
لاحَظ كاي هذا الشاحِب الطويل الذي كان مُتمدداً فوقَ حَشيشِ الحَديقه، شَعر بالغرابةِ تجتاحهُ ، سيهون لم يَكن بِذاك الهدوء مِن قبل.
عَلِم على الفور أن هُناك ما حَدث ولا يَعلمهُ، سَحب قدماه ليَجلِس إلى جانبهِ.
حَدق بِمعصمهِ الذي حَجب عيناهُ قبل أن يدفعهُ بِخفه."ياه، ما بِك؟"
لم يُجيب سيهون مما دفعهُ لدحرجةِ عينيه بمللٍ."أنت تتجاهل—"
"هيونغ، أنا مُتعب." تَمتم سيهون بِهدوءٍ مُقاطعاً حديث كايزقَطبّ حاجبيهِ بِغرابةٍ ، نَبرة صوتهِ كانت ضَعيِفه للغايه.
تفاجئ بِجلوس بيكهيون إلى جانبهِ بعد أن إسترق السَمع إلى حَديثهُما، تَنهّد وقال."هيونغ، لا تُحدّثه الآن."
"ماذا حَدث؟" تسائل كاي بقلقٍ وإلتفت نَحو بيكهيون، كِلاهُما يتصرفانِ بِغرابه.
نفى بيكهيون برأسهِ، يعلم كم سيغضب سيهون وتتزايد رَغبتهِ في التحوّل إلى مَسخٍ حقيقيّ بعد أن يُعيد ما حَدث في ذاكِرته ، هذا وإن لم يُعيده مراراً وتِكراراً بالفِعل.
لَعق شفتيهِ بِترددٍ قبل أن يَتحدث."هيونغ،" بالمُقابل نَظر كاي إليهِ بثباتٍ في إنتظار ما سيقولهُ، حكّ جبهتهِ بِتوتر قبل أن يُضيف."أُفكر بالعيش مَعكَ."