لوحة فنية متكاملة، جلوسها المتوتر وهي تقلب تلك الصفحات بين يداها، ملابسها السميكة المتمازجة بين الرمادي والاسود ليكون كاسر اللون شعرها الاحمر المرفوع بطريقة عشوائية متجمعاً اعلى رأسها بدائرة مبعثرة، نظراتها الخاصة بالقراءة ووجها الصافي ناصع البياض الذي تظهر عليه ملامح مختلفة، حزينة، ضائعة، كانت وحيدة في مكتبة الجامعة تضع السماعات، تستمع الى احدى الموسيقى الغربية الهادئة وهي تراجع دروسها قبل الامتحان بساعتين، لم تشعر سوى باحد ينكز كتفها برقة قاطعاً حبل افكارها، نظرت اليه لتجد ذلك الشاب مجدداً!!
اغلقت الموسيقى ونظرت له بحدة ظهرت في صوتها:
- ماذا تريد؟
- مرحباً ليلى كيف حالك؟
اعادت كلامها بحدة وجدية متزايدة:
- ماذا تريد؟
ابتسم وهو يجلس امامها:
- وانا بخير ايضاً
رفعت حاجبها مردفة ببرود:
- هل سمحت لك بالجلوس؟
تلفت حوله قائلاً بسخرية:
- لماذا؟ هل هذه مكتبة والدك؟
شعرت بجبينها يحترق غضباً لتقف وهي تلملم اغراضها فشعرت بيده تلمس يدها، تحرك داخلها شعور غريب لتسحب يدها مسرعة ناظرة اليه باستفسار:
- اجلسي .. ارجوكِ!
زفرت انفاسها وهي تجلس امامه مشابكة ذراعيها امام صدرها قائلة بغضب:
- ليس امامي الكثير من الوقت علي الذهاب الى قاعة الامتحان .. هلا تسرع؟
تنهد وهو يحرك رأسه للاسفل:
- بدايتنا كانت خاطئة .. انا اعتذر لم اقصد ان اصرخ هكذا لكنني كنت غاضب
قلبت عيناها، لتهمس:
- حسناً سامحتك .. هل اذهب؟
- لا .. اعني انتظري هنالك المزيد
لوت فمها بملل وهي تشير اليه ليكمل:
- الى اي قدر سامحتيني؟
صرخت دون وعي منها قبل ان تستدرك مكان وجودها:
- هل تمزح معي؟!!!
- حسناً لا تغضبي فوراً .. انا لا اشعر انكِ سامحتني لهذا هلا تعطيني فرصة لاجعلك تسامحين؟
وقفت وهي ترفع اغراضها بين ذراعيها وبرودها يتسلل مجدداً:
- افعل ما تريد ولكن لا اظن اننا سنلتقي
- سنفعل طبعاً .. كثيراً!
- هاه؟! على اي حال وداعاً
- بل الى اللقاء!
خرجت مسرعة الى الامتحان ولكنه لم يخرج من رأسها طوال تلك الفترة!! لماذا تفكر به الان؟!!! ليلى اجيبي عن الاسئلة واصمتي عقلك الغبي هذا! لم تستطع كان قد احتل افكارها وهي تحاول نسيانه لتركز ولكن عبث! سمعت صوت من خلفها يهمس لها:
- الدائرة الرابعة!
كانت ستستدير لترى ولكن ذلك الهمس عاد:
- لا تفعلي انها تراقبنا!!
تشنجت جميع اطرافها وكان حالها اسوء من ذي قبل ليعود ذلك الصوت مجدداً وهو ينقل لها جميع الاجابات العشرة امامها على الحاسوب! انهت الامتحان بعلامة جيدة جداً اثارت استغرابها! خرجت راكضة من تلك القاعة لتستند على الحائط خلفها وتتنفس بهدوء، سمعت صوت شاب امامها:
- هل اجبتي كل شيء؟
فتحت عيناها لترى ذلك الغريب الذي نقل لها الاجابات فقالت:
- شكراً لك! لماذا فعلت هذا؟
- ليس بسببك طبعاً هو طلب مني ذلك!
واشار على ذلك "المحتل" لتعقد حاجبيها بغضب وتسير باتجاهه:
- هل لي ان افهم باي صفة تفعل هذا؟؟
- كنتِ تدرسين قاطعتك .. كنت اعلم انك ستحتاجين بعض المساعدة من صديق
- لست صديقي!! ماذا تريد بالمقابل؟؟
- امم لم افكر بهذا من قبل .. ماذا اطلب؟
- اي شيء فقط دعنا ننهي الحساب الذي بيننا وليذهب كل منا في طريقه!
اعطاها ابتسامة جانبية خبيثة لتعدل مسرعة:
- اي شيء في الجامعة!!!
اطلق ضحكة صغيرة وهو يقول:
- لم اكن سأطلب شيء سيء .. انتِ لديكِ خيال قذر .. هذا جيد..
- بل انت القذر وابتسامتك كذلك!!
- حسناً يا زميلتي في الجامعة .. هل تعطيني دروساً خصوصية؟؟
- دروس خصوصية؟؟!! هل ابدو لك كمعلمة؟؟
- لا طبعاً .. انتِ اجمل من ان تكوني معلمتي ولكن لنقل انني ضعيف في مادة انتِ تجيدينها
- انا لماذا اقف معك هنا؟؟ اساساً لا دين لك عندي .. لنعتبر انني اقبل اعتذارك مقابل نجاحي في ذلك الامتحان!
- هذا رأيك؟
اجابته وهي تبتعد للعودة الى منزلها:
- نعم هذا!!
بعد ساعة ونصف توقفت الحافلة امام جانب الطريق لتنزل وتكمل سيراً الى منزلها البسيط، كان يتبعها منذ البداية وقف بعيداً يراقب نوافذ ذلك المنزل حتى رآها تقف الى جانب احدى النوافذ وتلك الدموع البريئة تسير على وجنتيها بالتزامن مع بدء الامطار الخفيفة بالسقوط تضامناً مع عيون تلك الحزينة الجميلة! همس:
- لو انني اعرف لماذا تبعدي الناس عنكِ! لستِ انسان سيء الى تلك الدرجة لتكوني منبوذة ووحيدة دون صديقات!
توالت تلك الايام وهو يقف كل يوم امام نافذتها يراقبها وهي تدرس، وهي تجفف شعرها، وهي تضع مكياجها الخفيف، وهي تبكي!!! كانت كل ليلة تبكي وكان اخيها الصغير يركض اليها يضمها وهي تربت على ظهره، دون ان يشعر تعلق! دون ان يشعر شعر! كان قلبه ينبض حزناً وهو يراقبها حتى انه نسي الجامعة والدراسة ووجوب انهاءه هذه السنة ليستلم مركز والده المريض في شركة العائلة..
احدى الايام المثلجة كان متمركزاً في مكانه يرتشف قهوته عندما سمع صوت صراخ يعلو داخل منزلها ثم فجأة هدأ كل شيء! او ربما هذا الهدوء ما قبل العاصفة، تلك الليلة لم تبكي امام النافذة ولم تدخل تلك الغرفة، بل رآها تخرج من ذلك المنزل مسرعة وما هي الا دقائق حتى وجد والدها الغاضب يلاحقها، وجد نفسه عاجزاً، وكل ما في رأسه "سيقتلها الان!!!"
كانت تركض في داخل تلك الزقة متجهة الى المجهول تسمع صوت صراخ والدها باسمها وهي تبكي ذلك الالم المتمركز داخلها، فجأة سمعت صوت بوق السيارة الرياضية الصفراء امامها، وتلك النافذة السوداء تُفتح وذلك الشاب يصرخ:
- ليلى! هيا اسرعي .. اركبي!!
أنت تقرأ
عاشق من ألماس
Lãng mạn(منتهية) انحنى نحوها وقبل وجنتها بينما لمعت دمعة في عينها قائلة بخوف: - هل سأكون وحدي؟؟ هز رأسه نافياً: - بل سأكون معك ولكن فقط عندما تحتاجينني --------- صمتت عندما رفع يده ليضع اصبعه على شفتيها قائلاً دون ان يفتح عينيه: - اصمتي .. سأنام ...